طلبة نيوز-

د. مفضي المومني- جامعة البلقاء التطبيقية- كلية الحصن الجامعية.

لا يختلف اثنان أن النظام التعليمي بمختلف مستوياته بحاجة إلى تطوير و إصلاح أو إعادة تشكيل وربما جراحة في بعض مواضعه، ومنذ فترة كثر الحديث عن التعليم التقني من أناس لا يعرفون من التعليم التقني إلا اسمه، وقد لا ألوم المتشدقين والمتحدثين بالأجرة نيابة عن قوى نعرفها هدفها المعلن التعليم التقني والمخفي أعظم فهنالك أجندات يدعمها رأس المال ألمصلحي وتجار التعليم، لكني ألوم قيادات التعليم العالي الذين ما زالوا في مركز صنع القرار أو الذين غادروه حين يقعون في مغالطات مفصلية تبين أنهم إما يعرفون ويحرفون أو أنهم مغيبون عن الواقع أو أنهم فقط يتكلمون ويصرحون دون أي معلومات علمية واقعية عن حال التعليم التقني في ظل جامعة البلقاء التطبيقية وفي كل الحالات فالوضع مؤلم ويدعو للتندر والحيرة والحزن أحيانا.
أما موضوع المقال وهو الرد والتوضيح لما جاء في مقالة معالي د. وليد المعاني وزير التعليم العالي الأسبق الذي اجل واحترم والذي حمل عنوان : إلى أصحاب الذاكرة الانتقائية..المشروع الذي لم يكتمل (( الأكاديمية الأردنية العليا للتعليم التقني((، حيث سارد بالوقائع والحقائق التي رافقت ما تفضل به معاليه وللحقيقة والتاريخ فقد قدت شخصيا مع زملائي في كلية الحصن الجامعية و كليات جامعة البلقاء التطبيقية في حينه الحملة المضادة لإفشال قانون الأكاديمية الأردنية العليا للتعليم التقني، وتكاتفنا جميعا ولنا أسبابنا التي سأوردها ونجحنا بذلك ولا نتمنى لهذه الفكرة أن تكتمل موضحا ما يلي:
1- أولى المغالطات التي وردت في مقال معاليه أن جامعة البلقاء حادت عن مسارها وهو الذي يجب أن يعلم دون غيرة أن قانون إنشاء الجامعة أورد نصا في المادة 3 من قانون جامعة البلقاء التطبيقية ما يلي:( تنشأ في المملكة جامعة رسمية تسمى جامعة البلقاء التطبيقية مركزها السلط وظيفتها الأساسية إعداد القوى البشرية المؤهلة أكاديميا وفنيا والمدربة عمليا على المستوى الجامعي والمستوى الجامعي المتوسط لمختلف احتياجات المجتمع ومتطلباته.) وهذا ما تقوم به الجامعة فهي جامعة تعنى بالتعليم التقني والتعليم الجامعي بدرجاته، ويعلم معاليه أن مدخلات ومتطلبات الالتحاق بالتعليم الجامعي والتعليم التقني مختلفة كما اقرها مجلس التعليم العالي، فجامعة البلقاء تقبل الطلبة في البرنامج الجامعي مثلها مثل الجامعات الرسمية الأخرى سواء في مركزها أو كلياتها المنتشرة ، وللعلم غالبية برامجها الجامعية هندسية تطبيقية متميزة غير تقليدية وتشكل قاعدة تدعم التعليم التقني من خلال أعضاء هيئة التدريس والمدربين والمختبرات والمشاغل، وأما التعليم الجامعي المتوسط والتعليم التقني فشروط القبول له لا تتقاطع مع التعليم الجامعي ومحكومة بتعليمات مجلس التعليم العالي وتوجهات الطلبة وغير ذلك، وللعلم معاليكم لولا وجود البرنامج الجامعي الذي يدعم التعليم التقني لانتهى التعليم التقني منذ زمن، في ظل تخاذل حكومي مريب عن توفير دعم مستحق للتعليم التقني الذي لا تغطي إيراداته 3% من كلفته العالية والذي تنوب جامعة البلقاء عن الحكومة في دعمه حيث وصلت كلفته السنوية 18 مليون دينار والمتحصل من الرسوم الرمزية للتعليم التقني لا يصل 3 مليون دينار.
2- أما ما أورده معاليه في السرد التاريخي والجهود التي بذلت في فترة وزارته وما قبلها فانا شخصيا اقدر لمعاليه غيرته على التعليم العالي وجهوده وأنا مع ما تم من ناحية تحديد ورفع معدلات القبول في حينه وبعض المعالجات الأخرى التي أوردها معاليه إلا أنني لا اتفق معه بتاتا مثلما لا يتفق معه العاملون في كليات جامعة البلقاء بخصوص فكرة الأكاديمية العليا للتعليم التقني، وهذه وجهات نظر واجتهادات، حيث كان مأخذنا الأساسي على هذه الخطوة أنها أولا كانت ارتجالية ولم تكن مدروسة وكانت تحمل أجندات للبعض ربما معاليه كان مغيبا عنها، وإذا كان معاليه ما زال يذكر حديثي الخاص معه على هامش مؤتمر التعليم العالي في حينه حين واجهني غاضبا بأنني من يقف ضده وضد مشروعه فأجبت نعم إنا ولي أسبابي أن شئت أن تسمعها وتحدثنا لأكثر من نصف ساعة وشرحت له سلبيات ما هو مطروح وان الأكاديمية المقترحة ستعيد الكليات إلى المربع الأول كوحدة تابعة لدائرة حكومية ولنظام الخدمة المدنية بعد أن اتبعت الكليات لجامعة البلقاء ويطبق عليها قانون الجامعة وأنظمتها الأكاديمية، وبينت له سوء ما حدث من تنكيل وإضاعة لحقوق العاملين في الكليات عندما اتبعت الكليات لجامعة البلقاء عند تأسيسها دون التفكير بوضع مؤسسيها والعاملين فيها في حينه، وإننا نرفض أن نصبح فئران تجارب لصناع القرار في وزارة التعليم العالي، وان القضية ليست قضية إدارة ومسميات وتبعيات بل قضية دعم وتمويل وتطوير حقيقي وهذا ما يلزم التعليم التقني.
3- يعلم معاليه أن ما كان مقترحا هو هيئة للتعليم التقني، وعندما استشعرتم في وزارة التعليم العالي في حينه رفض مجلس النواب لاستحداث أي هيئة جديدة في ظل ألهيئات سيئة الذكر والتي أصبحت تأخذ نصف ميزانية الدولة في حينه وتفصل بالمقاس لشخوص بعينهم وأضحت مكانا للفساد والإفساد وتوظيف أبناء الذوات وصناعة هيئات تقوم بعمل الوزارات ، تذاكت وزارتكم وذهبت إلى مسمى الأكاديمية العليا للتعليم التقني من باب التفخيم وسحر الاسم مع أن كل ذلك ارتجالي وليس له مسوغ منطقي، لكن الهدف تمرير ذلك على النواب إلا أنني قابلت لجنة التربية في مجلس النواب في حينه وزودتهم وشرحت لهم بكل ما يدور وتم تبني رأينا ورفض مشروع القانون، ومع محاولة معاليكم تجميله في حديثك الشخصي معي كما أسلفت بأنه سيكون هنالك رتب أكاديمية ونظام وأعراف جامعية للأكاديمية، وقد أجبتك في حينه إن هذا موجود الآن في جامعة البلقاء فما الجديد ؟ وطلبت من معاليكم في حينه باسم من ستصدر الشهادة للخريجين سيما وان الأكاديمية ستتبع لوزارتكم؟ ونحن نعرف أن الشهادة الأكاديمية لها مصدر واحد هو الجامعات والكليات والمعاهد الأكاديمية بنص القانون والأعراف الأكاديمية، ولم أجد ردا على ذلك.
4- والمأخذ الأهم ومن فمك أدينك فقد عرض معاليه ما تم من دراسات كلها كانت خارجية ولم نتشرف في الكليات حتى بسؤال أو إشراك العاملين في الكليات وهم القاعدة في اتخاذ القرار بشأنهم وشأن كلياتهم وهو قرار مصيري وله أبعاد تم تجاهلها سابقا من نفس الوزارة ولا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين.
5- ثم ما أورده معاليه عن النية لإنشاء ثلاث كليات في الشمال والجنوب والوسط مع أن الكليات التقنية موجودة أصلا وبحاجة لتطوير ودعم فقط أي أن الأكاديمية لن توجد تعليم تقني جديد موجود أصلا ولا ندري أي تخطيط هذا.
6- ما أورده معاليه من أرقام الملتحقين في التعليم الجامعي المتوسط والتعليم التقني بين عامي 2002 والعام الحالي أرجو أن أوضح أن الأرقام غير ذلك مستندا إلى تقرير اللجنة المشكلة من قبل مجلس التعليم العالي لدراسة واقع التعليم الجامعي المتوسط منذ فترة قصيرة وكانت كما يلي:
1995/1996 22,645 طالبا، 1996/1997 23,949 طالبا،2000/2001 27,744 طالبا، 2001/2002 29,177 طالبا، 2003/2004 23,920 طالبا،
2006/2007 26,215 طالبا، 2009/2010 29,414 طالبا، 2011/2012 26,487 طالبا، 2013/2014 29,362 طالبا، وبمعدل سنوي 26,947 طالبا من العام الجامعي 1995/1996 وحتى تاريخه وإنا مع تطور وزيادة الملتحقين في التعليم التقني إلا أن الأرقام أعلاه تشير إلى ثبات نسبي لأعداد الملتحقين في التعليم الجامعي المتوسط منذ سنين وربما يعود ذلك إلى محدودية المقاعد في الكليات التقنية والكلفة العالية لهذا النوع من التعليم وكذلك إحجام الكليات الخاصة عن طرح برامج تقنية لكلفتها العالية إضافة إلى التوسع في الجامعات الخاصة ولا ننسى الثقافة المجتمعية بتفضيل الشهادة الجامعية وكذلك الخلل في سلم الرواتب والتوظيف والسياسات وتامين سوق العمل وغير ذلك من المحددات.
7- ينكر معاليه وجود اثر لخريجي التعليم التقني في الاقتصاد الوطني! وأسال معاليه من يدير ويشغل المصانع والأعمال في مختلف التخصصات في سوق العمل لمستوى التقني ؟ حتما هم أجيال من خريجي الكليات التقنية في الأردن منذ إنشائها، وأما ما نراه من عماله وافدة فهي في مجالات مهنية محددة تتركز في المجال الزراعي وقطاع الإنشاءات والعمالة محدودة المهارة، مع العلم ان خريجي التخصصات التقنية لا يعانون من البطالة وبعض الحقول تصل البطالة فيها إلى الصفر.
أما واقع التعليم التقني في ظل جامعة البلقاء فسأنقل ما أوردته الدراسة التي أعدتها اللجنة المشكلة من قبل مجلس التعليم العالي لدراسة واقع التعليم الجامعي المتوسط والتعليم التقني في الأردن بشكل مختصر على أن افرد في مقالات لاحقه هذا الواقع والذي يشير إلى تغيرات جذرية على التعليم التقني بأعداده ونوعية تخصصاته وتطوره على حساب التخصصات الإنسانية، وانه يسير في الاتجاه الصحيح وجامعة البلقاء بدأت خطوات تنفيذيه لفصل التعليم التقني إداريا وماليا عن التعليم الجامعي، وتدعمه ضمن إمكاناتها المحدودة، ولا نقول أن الأمور تمام فهنالك الكثير من الأمور تدركها الجامعة بإدارتها وكوادرها وتستطيع حلها لتطوير التعليم التقني، وقصص النجاح في التعليم التقني كثيرة ونتمنى على أي شخص يريد الحقيقة أن يشرفنا بزيارة لكلية الحصن الجامعية كنموذج من نماذج جامعة البلقاء التطبيقية في مجال التعليم التقني، ليرى بأم عينه التخصصات التقنية الواعدة والتي يطلبها سوق العمل والشراكات مع القطاع الخاص ومع المؤسسات العالمية والعمل المتواصل لتطوير التعليم التقني رغم محدودية الموارد، لكن يبقى الجانب المادي وانعدام الدعم الحكومي هو السؤال الأكبر الذي يجب أن يعمل الجميع باتجاهه، فالإدارات الكفؤة موجودة والبنية التحتية موجودة والبرامج والخطط موجودة والأفكار الخلاقة موجودة ونستطيع التطور للأفضل إذا توفرت الموارد المالية ، ولا ننسى سياسات التعليم العالي وإرادة التطوير الحقيقية، أما البحث عن مسميات وتبعيات فهذه حلول حمقاء لو تمت لبقينا ندور في دائرة مغلقة لا توصلنا لشي.
في النهاية لمصلحة الوطن نطلب من كل من يريد التحدث عن التعليم التقني أن يزور الكليات التقنية ويفهم ما هو التعليم التقني ليعرف على الأقل انه موجود وبقوة وينتظر الدعم المادي فقط في ظل جامعة البلقاء الحاضنة الأفضل لهذا النوع من التعليم بشهادة اللجنة التي ذكرتها سابقا،
كل المحبة لمعالي د. وليد المعاني وليعذرني فربما تحيزي للحقيقة ولجامعتي ولبلدي وللتعليم التقني كوني متخصص فيه، يجعلني ابدوا قاسيا في طرحي، نختلف في الرأي ونجتمع على محبة الوطن......حمى الله الأردن.