رحلة إلى المدينة الفاضلة

الدكتور يوسف ابو حميدان

هذه هي زيارتي الثالثة لدولة الإمارات العربية وبالأخص مدينة دبي، وفي كل مرة يزداد إعجابي وإنبهاري بما حققته هذه الدولة من إنجازات وإبداعات لم أشاهدها حتى في أوروبا. فالنظام تظهر أشكالة وتأثيره في كل مرافق الدولة. والإلتزام بالنظام صفة ظاهرة على كل من يسكن هذه الدولة من مواطنين وعاملين وزائرين. فلا تجد من يتمرد على هذا النظام وعلى هذه القوانين ، لأن من يفعل ذلك يعاقب فورا وبدون تردد أو واسطة. فالنظافة صفة سائدة في هذا المجتمع فلا ترى من يخالف التعليمات لأن الكاميرات في كل مكان ، ولا ترى من يدخن في أماكن غير مخصصة لذلك. تدخل إلى الحمامات فتجدها نظيفة فيها الصابون وورق الحمام وكل ما يلزم. ولا تجد ماء مسكوب على الأرض أو حمام معطل.
وعندما تناقش هذا الأمر مع أهلنا في الأردن فورا تجد الإجابة " يا عمي الفلوس بتعمل أكثر من هيك" و أكاد أن اقسم بأن هذا الأمر غير صحيح، لأن هناك دولا عربية مجاورة تملك البلايين ولا يوجد مثل هذه المدينة الفاضلة. أنظروا الى الحكومة الألكترونية والخدمات الذكية هناك إنجازات تبهر العقل.
فالابتكار والإبداع يسير على قدم وساق، ففي كل زيارة لدبي تجد هناك مشاريع جديدة، وتطور يبهر الناظر، أفكار بسيطة لها فوائد كثيرة، حتى أن بعضاً من هذه الأفكار كان قد طبق في الأردن قبل بضع سنين مثل القرية العالمية الذي وضع لها برنامجا استثماريا خاصا بها في دبي وباتت معلما مهما يؤمه الكثير من المقيمين والزائرين. فكرة هجرتها الأردن، حديقة الملك عبد الله في اردننا الغالي اصبحت موئلاً لأصحاب الأنحراف بدلاً من أن تكون معلماً سياحياً. والكثير من المشاريع والمعالم السياحية. كفانا استعراضاً وكذبا ولنعمل بصدق.
لو طبقت الأنظمة والقوانين دون محسوبية أو واسطة لوجدت الجميع يسير وفق الأصول ولكن لأننا نرى الفساد والمحسوبية والواسطة وعدم العدالة هي النهج الذي تسير عليه الأردن فقد عم الفساد والأهمال بين أفراد الشعب. ودعوني أروي لكم حادثة صادفتها في مطار عمان، فبعد أن هبطت الطائرة في مطار عمان وقام الباص بنقل الدفعة الأولى من الركاب إلى صالة القادمين، بقينا ننتظر الباص حتى يعود ونحن قريبون من سلم الطائرة وكان هناك تنك ديزل يفرغ حمولته أنذاك، و إذ بأحد الركاب يخرج سيجارته ويشعلها أمام الموظف المسؤول الذي لم يحرك ساكنا، فبادرته سائلاً لو كنت في مطار دبي هل تفعل ذلك، فنظر إلي ممتعضاً وهز رأسه وابتعد عني. حقاً لو كان في مطار دبي لسفر من هناك ووضع اسمه على قائمة الممنوعين من الدخول.
و أخير إنظروا إلى التصريح الأخير لرئيس مجلس الوزراء الإماراتي حيث طلب من الجامعات تزويده بأسماء المتفوقين من الخريجين أو الذين على مقاعد الدراسة من أجل اختيار وزير مناسب للمساهمة في الإبداع والتطوير.
سيدي صاحب الجلالة أعتقد أنه آن الأوان لكي نرسل الوزراء والرئيس أولهم ليأخذوا دورة في التطوير والإبداع في دولة الإمارات قبل أن يباشروا عملهم. ويا سيدي آن الأوان لكي تطبق الدولة القوانين والأنظمة بشدة حتى تمنع كل من تسول له نفسه أن يفسد في الأرض.
أ.د يوسف أبو حميدان
صورة 1