TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
رئيس جامعة إربد الأهلية يكتب: مضامين خطاب الملك في مؤتمر القاهرة
27/10/2023 - 3:15pm

طلبة نيوز - أ.د أحمد منصور الخصاونة - رئيس جامعة إربد الأهلية

إنَّ خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، حفظه الله، في مؤتمر القاهرة للسلام يعتبر وثيقةً إنسانيةً صيغت حروفها بخبرة المُحَنَّكِ العارفِ بأصل القضية وجذورها، ابتدأها جلالته بتحية الإسلام مؤكدًا بذلك أن رسالة الإسلام السمحة أساسُها قائمٌ على الرحمة والسلام، والبحث عن الأمان وتحقيقه بأكثر الوسائل أمنًا واستقرارًا.فالخطاب الملكي أمام القادة والزعماء المجتمعين في القمة وضع الجميع عند مسؤولياتهم الإنسانية والأخلاقية والقانونية، وما يجب أن يكون لوضع حدّ للمأساة الفلسطينية وتجاه ما يجري الآن في قطاع غزة من عدوانٍ غاشمٍ استباح الأرض والإنسان.لقد خاطب جلالته المجتمع الخارجي تارةً خطاب العقلاء، وأخرى خاطب الضمائر المرتكزة على الحق وعدالة القضية وإرثنا العربيّ والإسلاميّ، وبلغتهم أوضح جلالته للغرب بشاعة ما يجري في قطاع غزة من اشتباكاتٍ للمدنيين من قتلٍ وتدميرٍ وتهجيرٍ في مقاربةٍ مع قواعد الاشتباك في الحرب في ديننا الحنيف.وموقف الأردنيين اختزله جلالة الملك في القمة بالمطالبة بوقفٍ فوريّ لإطلاق النار، وحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية من وقودٍ ودواءٍ وغذاءٍ، والرفض المطلق للتهجير القسري باعتباره خطًّا أحمر وجريمةً لا يمكنُ القبول بها.وقد جاء خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني في قمة القاهرة للسلام يجسد صوت الحق والحكمة، والذي حملَ رسائلَ مهمةً عبّرتْ عن وجدان الأردنيين والعرب حول الأوضاع في غزة، وأوضح جلالته رؤيته فيما يخص المنطقة والحفاظ على أمنها واستقرارها مؤكدًا أن غياب الحل الشامل للقضية الفلسطينية واستمرار العدوان على قطاع غزة سوف يجلب المنطقة إلى الهاوية.وجدّدَ جلالة الملك عبد الله الثاني الموقف الواضح والثابت في الدعوة لإطلاق عمليةٍ سياسيةٍ هادفةٍ وصولًا إلى سلامٍ عادلٍ ومستدامٍ على أساس حلّ الدولتين.وهكذا أعاد جلالته توجيه البوصلة نحو فلسطين وشعبها، ووضع العالم أمام مسؤولياته؛ إذ بَيَّنَ جلالته أنَّ المجاملة لم تَعد تجدي، كما أنها تضرُّ بالمجتمع كله حتى بالإسرائليين أنفسهم، وأشار إلى أن هذا الإسنادَ الغربيَّ غير المسبوق لإسرائيل يعطيها الضوء الأخضر للاستمرار بنهجها العدواني.فجلالته في مؤتمر القمة ضرب على العصب(عصب الضمير العالمي) يحاول إيقاظه، لكنَّ الحقيقة وما سمعناه وما انتهى إليه مؤتمر القاهرة للسلام كان بمواصلة الغرب دعمًا لإسرائيل، وهو دعمٌ كما قال جلالته يضرُّ بنا وبإسرائيل، ويضرُّ بالفلسطينيين، ويضرُّ بالسلام الإقليمي وبكل خطط التنمية.إنَّ جلالة الملك وهو يخاطب الضميرَ الإنسانيَّ العالميَّ أكَّدَ أنَّ الصمت العالمي أمام الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة، والتقاعس الدولي سيفضي إلى كارثةٍ تحلُّ بالجميع، وطالب بوضع حدّ فوري للعدوان الإسرائيليّ وتبني موقفٍ موحدٍ ضد استهداف المدنيين مؤكدًا جلالته أن فتح الممرات الآمنة لإيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة يجب أن يستمر.وأكدَّ جلالته أن ما يحدث من عدوانٍ على قطاع غزة يخالف كل الأعراف الإنسانية والقوانين الدولية، وأنَّ هذا العدوان يرتقي إلى مستوى جرائم الحرب والإبادة الجماعية.وقد تحدث جلالته بمنطق القانون الإنسانيّ الدوليّ؛ أنه لا يجوز في حالٍ من الأحوال أن نفرق بين مدنيّ فلسطينيّ ومدنيّ إسرائيليّ أو أي جنسيةٍ أخرى؛ عندما بَيَّنَ أن الكارثة الإنسانية في غزة واستباحة المدنيين هو عارٌ على كل الإنسانية، وأنه لا بُدَّ من حلّ سياسيّ لهذا النزاع، وليس حلًّا عسكريًّا ولا أمنيًّا، وأن ما يجري لن يكون حَلّهُ إلا من خلال مفاوضاتٍ واتفاقياتٍ، وطريقةٍ يعيش فيها الشعبان الفلسطينيُّ والإسرائيليُّ جنبًا إلى جنبٍ بسلام، وبغير ذلك فإنَّ مسلسل العنف سوف يستمر.وإنَّ جلالة الملك يؤكد دومًا على رفضه المسّ بالثوابت الأردنية؛ فقد أكَّدَ خلال المؤتمر أنَّ التهجير القسري أو النزوح الداخلي للفلسطينيين إنما يمثل جريمة حربٍ، وهو أمرٌ مرفوضٌ ولنْ يُقبلَ به؛ فمن حق الشعب الفلسطينيّ البقاء في أرضه المحتلة، وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطنيّ الفلسطينيّ وعاصمتها القدس الشرقية، وقد أعلن جلالته للعالم بأسره أنَّ إسرائيل يجب أن تدرك أنه لا حلٌّ عسكريٌّ للقضية الفلسطينية، وأنه لا يمكن لإسرائيل تهميش حقوق الفلسطينيين وتجاوزها.لقد تعودنا أن يكون جلالة الملك، حفظه الله، في مقدمة الركب دفاعًا عن فلسطين وقضيتها، وأن يكون على الدوام صوت الحكمة والعقل الذي يستمع إليه العالم.وختامًا، وفي هذه المناسبةِ، وفي هذه الأوقاتِ الحرجةِ ينبغي أن يكون الموقف الأمثل لنا بأن نكون شعبًا واحدًا وصفًّا واحدًا على قلبٍ رجلٍ واحدٍ خلف القيادة السياسية الحكيمة التي يمثلها جلالة الملك، لنثبت للعالم أجمع أننا دائمًا متوحدون بكافة أطيافنا وتوجهاتنا أيًّا كان الظرف.كما أنه إذا أردنا التعبير عما يحدث فينبغي التعبير بما هو محكومٌ بالدستور والقانون، بعيدًا عن التخريب والانجرار وراء الغوغاء بما لا يفيد، بل إن ذلك يشغل أجهزتنا الأمنية وقواتنا المسلحة بأمورٍ أخرى لا جدوى منها، في وقتٍ أكثر ما نحتاج فيه جميعًا إلى التماسك والوحدة خلف قيادتنا الحكيمة.ونقول سِرْ يا سيدي، وإنَّا على خطاك سائرون، وبوركت جهودك الساعية للحفاظ على مقدساتنا، والدفاع عن إخواننا في فلسطين، ودمْت لنا أمنًا وأمانًا وفخرًا ورمزًا للعروبة والمسلمين.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)