TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
رئيس " اليرموك " يقدم محاضرة دولية حول : ثلاث حالات مرضية في العصور الحجرية في شرقي المتوسط
23/04/2020 - 4:15pm

طلبة نيوز

شارك الدكتور زيدان كباقي رئيس جامعة اليرموك في ندوة علمية دولية عقدتها جامعة الكويت بتقنية التواصل الإلكترونية حيث تناولت محاضرة للدكتور الكفافي الحبات الوبائية والمرصية التي اجتاحت منطقة شرق المتوسط في العصور الحجرية

وفيما يلي نص المحاضرة

ثلاث حالات مرضية في العصور الحجرية في شرقي المتوسط

زيدان عبدالكافي كفافي - جامعة اليرموك
إربد - الأردن

ورقة عمل مقدمة للمؤتمر الدولي الإلكتروني الأول الذي يعقده قسم التاريخ والآثار بكلية الآداب بجامعة الكويت" في الفترة بين 20- 21/ 4/ 2020م بعنوان "الأوبئة عبر التاريخ"

9/ 4/ 2020م

ثلاث حالات مرضية في العصور الحجرية في شرقي المتوسط
زيدان كفافي - جامعة اليرموك
مقدمة:
وفرت البيئة للإنسان منذ بدء الخليقة مجموعة من الإمكانيات الطبيعية والمادية فتفاعل معها، وأخذ منها ما يلزمه باستخدام طرق ووسائل تعددت وتطورت عبر العصور حتى وصلنا في الوقت الحاضر للثورة الرقمية. وهنا يظهر أثر البيئة التي عاش فيها الإنسان في كيفية حياته اليومية، وتأثيره عليها ومدى تكيفه وتأقلمه معها. وكأي مخلوق على وجه هذه البسيطة يتعرض الإنسان لوعكات صحية وأمراض مستعصية، يكون أغلبها ناتجًا عن طبيعة المكان الذي عاش ويعيش فيه، فمثلاً تكثر الملاريا بين سكان المستنقعات. فهناك اختلاف في طبيعة معيشة الناس الذين يسكنون على شاطئ بحيرة أو ضفاف نهر ومستواهم الثقافي عن غيرهم من سكان الصحراء أو المناطق الجبلية. إن توفر المياه الدائمة والمواد الخام التي يحتاجها الإنسان لصناعة أدواته هي من العوامل الهامة التي تساعد الإنسان على الاستقرار في مناطق معينة والاستمرار فيه.
فكيف تعامل الإنسان الذي عاش في العصور الحجرية مع الأمراض، هل استخدم السحر أم ذهب إلى الطبيعة وحاول أن يستفيد منها في توفير دواء له، فجاء التداوي بالأعشاب. وبتقدم معرفة الإنسان بوسائل وطرق معالجة الأمراض مع مرور الزمان، أصبحت هذه تشكل جزءاً من الثقافة الإنسانية، لا يزال بعضها متوارثاً حتى الوقت الحاضر.
وحتى نستطيع فهم المظاهر الإنسانية الحضارية وتطوراتها، أو لنقل التطورات الثقافية وما واجهته البشرية من أمراض وأوبئة عبر العصور، يجب علينا دراسة وفهم البيئة التي نشأت فيها هذه الحضارات والطريقة التي تفاعل فيها الناس مع هذه البيئات. لكننا يجب أن لا ننسى التحولات البيئية الناتجة عن التغيرات المناخية عبر العصور. ففي عصور ما قبل التاريخ اختلف المناخ من فترة لأخرى، وأكبر دليل على هذا الزحوفات الجليدية في زمن البلايستوسين، حيث زحف الجليد من مناطق أواسط أوروبا إلى المحيط المتجمد الشمالي، وكيف أدى هذا إلى تغير بيئي كلي أثر بشكل كبير على طبيعة الحياة في منطقة البحر المتوسط. كذلك، فإن كثيراً من المناطق الطبيعية القديمة والتي كانت موئلاً للغابات الشجرية والحيوانات البرية، أصبحت قفاراً وتحولت إلى صحار إما نتيجة للعوامل الطبيعية أو البشرية. علماً أن انتقال العدوى بين الناس أصبح مختلف جداً في الوقت المعاصر لسهولة التواصل بين المجتمعات البشرية، وهذا مما يساعد في انتشار الأمراض الوبائية منها بشكل خاص. ولقد حاول بعض الباحثين وضع تصور لطبيعة حياة الناس والبيئة خلال العصور الحجرية (Butzer 1994: 266-278).
لكن وبعد أن استقر الإنسان في قرى ثابتة في أول الأمر تحول بعضها إلى مدن كبيرة في حوالي منتصف الألف الرابع قبل الميلاد، رافقه ظهور منظومات اقتصادية جديده، والتحول من مجتمع المساواة بين مجموعة من الأفراد عاشوا على شكل مجموعة متكافلة متضامنة في العصور الحجرية القديمة إلى ظهور المجتمعات المركبة (Complex Societies) في مجتمع المدينة. فبالإضافة لنظام زراعي متكامل مارسته الشعوب في شرقي المتوسط قبل عشرة آلاف سنة، أصبح هناك تبادل تجاري بين المناطق البعيدة، وهذا بدوره عامل هام في نقل وانتشار الأمراض بين الناس.
إن الشرق الأدنى القديم هو مهد الحضارات الإنسانية، وفيه تنوع بيئي كبير، فهناك البحار والأنهار والسهول والجبال والبوادي والصحارى (شكل 1). هذا التنوع أدى إلى تكدس الناس في مناطق وهذا ساعد على انتشار الأمراض بينهم، أو السكنى في البوادي والصحارى حيث تقل الأمراض، لكن بالمقابل تقل العناية الصحية والنظافة.

(شكل1) خارطة الشرق الأدنى القديم
وحيث أننا سنركز في هذا البحث على تقديم معلومات موجزة، لعدم تخصصنا بالأمراض، لكن اخترنا أن تكون من ثلاث بيئات وفترات مختلفة. الحالة الأولى من كهف شانيدر بجبال كردستان العراق (قبل حوالي 40 ألف سنة)، والثانية من تل السلطان/ أريحا بغور الأردن (قبل حوالي 12 ألف سنة)، والثالثة من موقع عين غزال بحوض نهر الزرقاء (قبل أكثر من تسعة آلاف سنة). كما أن الحالات المرضية الثلاث تختلف في طبيعتها، فالأولى مرض الشلل، والثانية نزيف في الدماغ، والثالثة والأخيرة مرض السل. لكن قبل أن نبحثها وجدنا أنه من اللازم أن نتحدث الخطوات الأولى للإنسان على وجه الأرض.

بداية الحياة الإنسانية:
شغل البحث في بدء الحياة الإنسانية على وجه الأرض كثيرًا من الباحثين، خاصة إذا ما علمنا أن هذا الأمر يتطلب دراسة شاملة للكون الذي نعيش فيه بقضه وقضيضه. ونتيجة لهذه الدراسات تم وضع مجموعة من التفسيرات والإجابات على أسئلة طرحت حول بداية الحياة الإنسانية من حيث نشأتها وطبيعتها، وجاء أغلبها في بداية الأمر أقرب إلى الأسطورة منه إلى الحقيقة وجانب الدقة.
وخير مثال على هذا أن بعض رجال الدين التوارتيين حاول كشف كنه الكون بالاعتماد على ما ورد في التوارة من معلومات حول بدء الخليقة. ونشر هؤلاء دراسة في القرن التاسع عشر مفادها أن الكون قد خلق في سنة 4004 قبل الميلاد. لكن هذه المعلومة لم تصمد طويلا أمام الأبحاث العلمية والتي قام بها علماء الجيولوجيا والذين لاحظوا من خلال نتائج أعمالهم الميدانية وجود بقايا ومخلفات إنسانية وحيوانية ونباتية سواء أكانت متحجرة أم غير متحجرة، وبعضها منقرض؛ في طبقات جيولوجية سحيقة القدم. كما رفض الجيولوجيون القول بأن انقراض بعض الأنواع سببه طوفان نوح معللين هذا بأن هذه البقايا وجدت في بعض الأحيان منفصلة عن بعضها بعضًا في طبقات وتكونات جيولوجية يختلف عمر الطبقة عن الأخرى آلاف أو ملايين السنيين، مما أكد لهم أنها لم تنقرض في نفس الوقت (Leakey 1962). ومهما يكن من قول، فإن العلماء في الوقت الحالي يعتمدون دراسة المستحثات القديمة (Fossils) من بين الأسس التي تتبع في تفسير كيفية ظهور الحياة وأشكالها وتطورها على وجه البسيطة. ومن المعروف أنه من الممكن أن تحافظ هذه المستحثات على تركيبها الكيميائي الأصلي ودون تبدل أو أن يدخل في تركيبها مواد رسوبية مما يؤدي إلى تحجرها مع مرور الزمن.
كذلك فإن لكل نوع من الأنواع الحيوانية أو النباتية المتحجرة دلالة على البيئة القديمة التي عاشت فيها. وهذا يعني أن لكل نوع من أنواع النباتات والحيوانات بيئة تناسبه وتساعده على العيش فيها ويعرفها العلماء، فإذا ما عرفوا نوع الحيوان أو النبات فإنهم يستطيعون تقرير شكل البيئة والمناخ والتقلبات المناخية التي عاشت فيها. وأكثر من ذلك، فإنه ومن خلال دراسة هذه المستحثات استطاع العلماء تحديد سلم زمني لتطور الحياة على وجه الأرض، فنجد أنهم يقترحون أن الانفجار الطبيعي الأول قد حصل منذ حوالي(15) مليار سنة، وأن المجموعة الشمسية قد تكونت منذ (5) مليارات سنة، والأرض قبل حوالي (5ر4) مليار سنة، ومنذ (5ر3) مليار سنة بدأ توزيع المحيطات واليابسة. كذلك يتابعون بأن الخلية الحية الأولى والنباتات البحرية والحيوانات اللافقارية قد بدأت منذ (2ر3) مليار سنة تبعها ظهور الزواحف ومن ثم الرئيسيات والإنسان ونتيجة لعوامل بيئية وطبيعية كثيرة، مثل الحركات الجيولوجية وانحسار البحار والمحيطات وظهور السلاسل الجبلية والصحارى انقرضت أنواع كثيرة من الكائنات الحية بسبب عدم قدرتها على التكيف مع البيئات الجديدة. لكن وفي الفترة الواقعة بين 245 إلى مليون عام أخذت الأرض شكلاً قريبًا من شكلها الحالي، كما سادت ظروف بيئية جديدة ساعدت على ظهور مجموعات حيوانية ونباتية جديدة. إن ما يهم الدارسين والمهتمين بدارسة الكون هو دراسة الحقبة الجيولوجية الأخيرة والمسماة السينوزي (Cenozoic)، والتي بدأت قبل حوالي 65 مليون عام ولا تزال مستمرة، وهي تقسم جيولوجياً إلى قسمين، هما:
1. الزمن الثلاثي (ويؤرخ للفترة الواقعة بين 65 وحتى 3 مليون سنة).
2. الزمن الرباعي (والذي بدأ منذ 3 مليون سنة ولا يزال مستمرًا)
(المحيسن 2001:21).

ظهور الإنسان (Origins of Mankind)
لقد حاول العلماء خاصة في القرن التاسع عشر فهم ظهور الإنسان بمعزل عن الدراسات الميثولوجية والتي كانت سائدة في حينه، علمًا أن الفلاسفة اليونان قد حاولوا في القرنين السادس والخامس قبل الميلاد سبر غور هذه المشكلة (المحيسن 2001:41). كذلك فإن كثيرًا من علماء المسلمين من أمثال إخوان الصفا وابن سينا وابن رشد وابن مسكويه قد نظروا للإنسان في إطار العلوم الطبيعية وقوانينها المادية.
لكن حال الدراسات المتعلقة بالإنسان اختلف في القرن التاسع عشر حيث ظهر تيار علمي أخذ على عاتقه إتباع منهج بحث علمي معمق يعتمد على الأعمال الميدانية والمخبرية. وكانت نتيجة هذه الدراسات أن خرج العلماء بنظرية التطور (Evolution)، أي أن الإنسان تطور بشكله وفكره عبر ملايين السنين حتى وصل إلى ما هو عليه، ومن الذين دعموا هذه النظرية العالم الفرنسي ج.لامارك (J.B. de Lamark) (1744-1829م). وبعد هذا وفي عام (1859) نشر العالم الإنجليزي تشارلز داروين (Charles Darwin) والذي عاش بين 1808 إلى 1882م كتابه المعروف باسم (أصل الأنواع) (The Origin of Species)، أتبعه بكتاب نشر في عام (1871م) عنوانه (سلالة الإنسان (Descent of Man، ونادى في هذين الكتابين بتطور شكل الإنسان عبر ملايين السنين وأن البقاء للأقوى والأفضل. وأن عالم الحياة غير ثابت كما أن الأنواع الحية تتبدل باستمرار وبشكل بطيء وتدريجي، علمًا أن الأحياء جميعها تشترك في أصل واحد. وقد قام المهتمون بهذه النظرية في العصور الحديثة بإعادة دراسة نظرية داروين وإجراء تصحيحات عليها ووضعوا مجموعة من التساؤلات حولها منها: تحديد كيفية حصول التطور على الأنواع وما هي العناصر المؤثرة فيها؟ وما هو دور الصفات الموروثه في عمليات التطور هذه؟
وعلى أية حال فإن هذه النظرية لم تجد قبولاً من جميع الناس خاصة رجال الدين، ولكننا نرى أن المعرفة بالشيء أفضل من الجهل به. كذلك لا بد من القول أن بعضًا من البقايا الإنسانية والتي خضعت للدراسة قد عثر عليها في عدد من المناطق في العالم مثل ما عثر عليه في عام 1856م في وادي نياندر (Neander) في ألمانيا وأطلق عليه اسم نياندرتال (شكل 2)، وفي عام 1868م في منطقة كرومانيون (Cro-Magnon) في جنوب غربي فرنسا، وفي عام 1890م في جاوا في أندونيسيا.

(شكل 2) خارطة توضح أهم مواقع العصور الحجرية القديمة في أوروبا
عثر عالم المستحاثات السويدي بيرغر بوهلن (Bürger Bohlin) في عام 1927 في كهف شوكوتيان (Chou-kou-tien) قرب العاصمة بكين في الصين على ضرسٍ إنسانيٍ متحجرٍ وأعطاه للطبيب الهولندي (ديفدسون بلاك) الذي أطلق عليه اسم (Sinanthropus Pekinses). كما عُثر على بقايا للإنسان أو للرئيسيات في مناطق إفريقية متعددة، نذكر منها جنوب افريقيا وأثيوبيا وكينيا وتنزانيا وآخرها تشاد. وهدفنا في هذا المقام أن نقدم المعلومة البسيطة، ونترك الصفات الإنسانية لدارسي الطب والأنثروبولوجيا العضوية.
ينتمي الإنسان إلى المملكة الحيوانية، والتي تتفرع عنها شعبة الفقاريات، ومنها صنف الثدييات التي تفرعت عنها الرئيسيات التي خرجت منها فصيلة الإنسانيات (Homonidae)، ومنها تفرع جنس الإنسان (Homo) الذي هو أصل الإنسان العاقل (Homo-sapiens-sapiens). ولتحديد طبيعة علاقة الإنسان مع الرئيسيات، قام العلماء بدراسة الصفات المشتركة بينهما، خاصة بين أحافير الرئيسيات القديمة والإنسان القديم. وتبين لهم بأن الرئيسيات المعاصرة وبخاصة الغوريللا أو الشمبانزي هي شديدة القرابة إلى الإنسان من حيث شكل الوجه وحجم الدماغ المتطور وبنية الأطراف والفكين والأسنان والهيكل العظمي والجهاز العصبي والزمرة الدموية ونظام نزول البويضة والقدرة على إظهار المشاعر النفسية كالفرح أو الحزن أو الغضب والتفاهم عبر الأصوات. ويعتقد العلماء أن القرد المصري (Aegyptopithecus) هو أحد أقدم الرئيسيات الحفرية، ووجدت بقايا من هيكل عظمي تخصه في الفيوم في مصر قدر عمرها بحوالي (30) ثلاثين مليون سنة، وأنه الجد الأعلى للقردة العليا المعاصرة (الشمبانزي والغوريللا والأورانجوتان والجيبون). ويذكر الباحثون أنه قد تطور عن هذا القرد قرد آخر يعرف بإسم )القرد الشجري (Dryopithecus، وكان هذا قبل حوالي (20) عشرين مليون سنة (الحداد والنجار 1987).
وعلى الرغم مما ذكر أعلاه، فإنه وفي رأينا ونؤكد على ما ذكره العالم سلطان المحيسن وعلى ضوء نتائج الأبحاث العلمية، فيجب أن نؤكد أننا نعتقد بأن الإنسان بصفته وشكله الحالي لم يتطور عن القرود، وأن هذه لا يمكن أن تكون نماذج إنسانية أو بشرية بدائية، وهي لن تتطور نحو الإنسان كما يظن البعض. ولكن للقرود والإنسان صفات متشابهة تشير إلى انحدارهما من أصل واحد مشترك، ليس قردًا ولا إنسانًا تفرعا عنه، وسار كل منهما في طريق منفصل (المحيسن 34 - 1989:30).
وحتى الآن لم يستطع العلماء تبيان العلاقة التطورية بين الأنواع الثلاثة، وهي Homo - habilis وHome-erectus وأخيرًا Homo-sapiens. ويعتقد علماء الإنسان القديم أن الهومو- إركتوس (Home-erectus) هو أقدم الأنواع التي خرجت من إفريقيا إلى آسيا وأوروبا. وعُثر على بقايا له في جزيرة جاوا في إندونسيا، وبعد ذلك في الصين، وأطلق عليه إنسان بكين. ويبدو أن هذا النوع قد تفاعل مع البيئة المحيطة به، فاهتدى إلى صناعة الأسلحة والأدوات الحجرية خاصة البلطات والفؤوس اليدوية التي تعرف باسم (Bifaces) لدى علماء ما قبل التاريخ، وربما صنع أيضًا أدوات من الخشب والعظام، لكن ولطبيعتها المتأثرة بالبيئة لم يصلنا منها أية أمثلة لفنائها. كما استفاد كثيرًا من الملاجئ والكهوف الصخرية الطبيعية، علمًا أنه عُثر على بقايا أكواخ بسيطة قام ببنائها في بعض المناطق العالية، مثل حوض نهر العاصي في سوريا بآسيا وفي تنزانيا بإفريقيا وفي فرنسا بأوروبا. كذلك عرف هذا الإنسان النار، حيث عثر على دلائل تشير إلى هذا الأمر في كينيا، وتؤرخ لحوالي مليون عام. ويبدو أن إنسان الهومو – إركتوس قد عاش في إطار الأسرة ضمن مجموعة قليلة العدد. ولقد أطلق العالم الهولندي يوجين دوبوا (Eugene Dubois) مصطلح القرد المنتصب القامة (Pithecan thropus) بعد أن عثر في عام 1891 على عظمة فخذ كاملة تشبه تلك التي عند الإنسان المعاصر، إضافة لعظام أخرى. وبعد ذلك أطلق العلماء اسم Homo-erectus على جميع المستحاثات التي عثر عليها في مناطق مختلفة من العالم، ومن ضمنها إنسان الصين. ويمثل إنسان نياندرتال (Neandertal) المرحلة الإنتقالية ما بين الإنسان الهومو-إركتوس والإنسان العاقل. ويبدو أن أقدم ظهور له كان قبل حوالي مائة ألف عام (000ر100) ويعد أكثر تطورًا من الهومو – إركتوس، سواء في تكوينه البيولوجي أو حتى في منجزاته الثقافية (شكل 3). وطبعًا اسمه مأخوذ من المنطقة التي وجدت فيها هياكله العظمية لأول مرة، وهي منطقة (Neanderthal) الواقعة قرب مدينة دوسلدورف الألمانية. وعلمًا أن العلماء قد اختلفوا في بداية الأمر حول علاقته بالسلالات البشرية المعاصرة، لكنهم اتفقوا على اعتباره دليلاً على وجود نوع بشري قديم يختلف عن الإنسان العاقل، ولكن تربطه معه علاقات تطورية معينة، ويمثل مرحلة أولى من مراحل Homo-sapiens، وأطلقوا عليه اسم Homo sapiens neanderthalensis (Leakey 1962).

شكل 3: مقترح علماء الأنثروبولوجيا العضوية حول تطور الإنسان والأدوات التي استخدمها

ولقد عثر على بقايا مماثلة لهذا الإنسان في عدة بلدان من العالم خاصة في فلسطين، حيث عثر على هياكل عظيمة تخصه في مغاور وكهوف السخول والطابون والزطية والقفزة والعامود وجميعها تقع في جبال الكرمل والجليل في شمالي فلسطين، وفي شانيدر في العراق، والديدرية في سوريا. كذلك عثر على هياكل عظمية له في أوروبا، وعلى هذا الأساس أطلق العلماء تسميات نياندرتال الأوروبي أو الكلاسيكي (البدائي) (Classical Neanderthal) على ما عثر عليه هنا، واسم نياندرتال الفلسطيني أو نياندرتال المتقدم(Progressive Neanderthal) على ما عثر عليه في فلسطين. ويبدو أن نياندرتال الأوروبي قد انقرض لأسباب ما، بينما تطور الفلسطيني إلى الإنسان العاقل حسب رأي العلماء.
ونتيجة للحفريات الأثرية في المواقع التي تؤرخ بين حوالي 000ر100 وحتى 000ر40 ألف سنة، وهي الفترة التي ساد فيها إنسان نياندرتال، فقد توفر لدينا الكثير من المعلومات حول طبيعة حياته الاجتماعية والاقتصادية وحتى معتقداته. ويبدو إن النياندرتاليين قد استفادوا من الطبيعة على أفضل وجه، حيث لجأوا إلى المغاور والكهوف الطبيعية بشكل خاص، إضافة للإقامة في العراء لبعض الوقت في أماكن أخرى واستخدموا الأدوات الخشبية والعظمية إضافة للحجرية. فمثلاً نجد أنهم قد صنعوا رؤوس الرماح والمكاشط والبلطات من مادة الصوان. وتشير رؤوس الرماح إلى وجود صناعة مركبة في هذه المرحلة، إذ لا بد من تثبيت رأس الرمح الحجري بعصا خشبية، وهذا يعني صناعة أداة مركبة. كما تدل هذه الصناعة على أن النياندرتاليين كانوا صيادين مهرة. إذ إنهم استطاعوا بواسطة الرماح قتل الحيوانات القوية والكبيرة الحجم، مثل الماموث ووحيد القرن والدببة، واستفادوا من لحومها وجلودها وعظامها، حيث عثر على عددٍ من إبر الخياطة المصنوعة من عظام هذه الحيوانات (كفافي 2000).
ومما يشير إلى التطور الثقافي لدى هذا الإنسان هو أنه قد دفن موتاه بعناية، إذ عثر على بعض من قبوره في بلاد الشام (مثلاً مغارة القفزه) وبلاد الرافدين (كهف شانيدر) وكانت فردية في معظمها. ومما يذكر أنه قد رعى جماجم الأشخاص المدفونين بعناية خاصة، إذ إنه قد قام بدهان عظام الموتى باللون الأحمر (المحيسن 1989:103). وقد يكون هناك نوع من طقوس العبادة، أو ربما لمعالجة مرض ما، والله أعلم. والسؤال الذي يطرح هنا: هل تشير هذه الأمور إلى الروحانيات لدى إنسان نياندرتال؟
ويعتقد العلماء أنه قبل حوالي 000ر40 أربعين ألف سنه ظهر الإنسان العاقل (Homo-sapiens-sapiens) وانتشر فوق معظم أرجاء العالم القديم، وبلغ هذا الإنسان درجة كبيرة من التقدم والرقي الفكري والاجتماعي والاقتصادي. إذ قام بابتكارات جديدة خاصة بعد التوصل إلى مرحلة الإنتاج والاستقرار في قرى زراعية، فبنى بيوتًا وحصن المدن وصنع أدواتٍ وأسلحة جديدة ومارس الفنون.
على أية حال، فلقد قدم العلماء عدة نظريات حول ظهور هذا الإنسان العاقل والتمايز العرقي بين أبنائه، فمنهم من قال إنه حلقة في سلسلة بدأت من الهومو- هابيل – الهومو – إركتوس – نياندرتال – الإنسان العاقل. أما بخصوص الاختلافات البيولوجية التي نراها الآن بين الجماعات الإنسانية المختلفة، فتعود إلى أنه، وبعد أن قامت هذه الجماعات بالانتشار في بيئات مختلفة من العالم، قامت كل منها بالتكيف مع البيئة الطبيعية الجديدة، كل حسب مقدرته البيولوجية. وبدأ منذ ذلك الوقت ظهور التنوع والتباين الإنساني (النجار 2004).
لكن التطور الأهم والذي حصل خلال المرحلتين الأخيرتين من العصر الحجري القديم هو الذي حصل في المجتمعات البشرية، وخاصة اتصالها مع بعضها بعضاً. فلقد عاش الناس على شكل مجموعات بشرية كبيرة، ودفنوا موتاهم بشكل مرتب، ووضعوا خططًا لصيد الحيوانات قبل صيدها. لقد أطلق العلماء اسم (العصر الحجري المتوسط (Mesolithic على نهاية عصر البلايستوسين، حيث صنّع الناس فيها أدوات حجرية، ومارسوا طرق معيشة تختلف كليًا عن طرق معيشتهم في المراحل السابقة. لكن لا بد لنا في هذا المقام من القول بأن المتخصصين بدراسة العصور الحجرية في منطقة بلاد الشرق الأدنى يرون أن الإنسان الذي عاش في نهاية مرحلة البلايستوسين كان له امتداده في مرحلة الهولوسين اللاحقة من حيث طرق المعيشة وتقنية صناعة الأدوات وبعض أشكالها، وأطلقوا على هذه المرحلة اسم (المرحلة الانتقالية بين المجتمعات الجامعة للقوت وغير المستقرة والأخرى المنتجة له والمستقرة Epi-Palaeoloithic"").
ومن أهم الظواهر الثقافية في المرحلة الانتقالية بين المجتمعات اللاقطة والجامعة للقوت والمجتمعات المنتجة له (Epi-Palaeolithic) هي زيادة عدد وحجم المجموعات البشرية، وظهور تقنيات جديدة في صناعة الأدوات الصوانية وأشكالها، وظهور صناعة أدوات الطحن والجرش، والمناجل، وصناعة الأدوات العظمية، وكذلك تخزين المواد الغذائية في حفر كما هو الحال في موقع عين الملاحة بشمالي فلسطين )1993 (Perrot. أما من الناحية الاقتصادية وطبيعة الغذاء، فقد تخصص الناس خلال هذه الفترة في صيد أنواع معينة من الحيوانات خاصة الغزلان، كما أصبحت الثروة السمكية تشكل جزءًا من وجبتهم الغذائية، بدلالة العثور على عدد من صنانير(سنانير) صيد السمك. كما عُثر على عدد من القطع الفنية خاصة المنحوتة، والتي تؤرخ لنهاية هذه المرحلة، وهي قد تشير إلى بعض المعتقدات الدينية.
إن هذا الإنسان العاقل والذي عاش في الفترة الانتقالية بين جمع الطعام وإنتاجه هو نفس الإنسان الذي عاش مستقرًا في قرى ثابتة راسخة ومارس الزراعة ودجن الحيوانات وصنع في مرحلة لاحقة أوانيه وأدواته من الصلصال والمعادن على التوالي. كذلك مارس طقوساً وعقائد وعبادات ربما لها صلة بالدين والتعبد، وتعرض لكثير من الأمراض والأوبئة.
أقدم بقايا الإنسان في بلاد الشرق الأدنى القديم:
اتفق الدارسون على أن إنسان (Homo-erectus) غادر إفريقيا قبل حوالي مليون ونصف المليون سنه لينتشر على أجزاء أخرى من العالم. وأنه كان جامعًا للقوت وصيادًا واستخدم أدوات بسيطة. كذلك ربما كانت عملية الاتصال بينه وبين أبناء جنسه تتم بواسطة لغة الإشارة، كما أن التنظيم الاجتماعي لديه كان بسيطًا. هذا مع العلم أننا لا نستطيع تقديم معلومات مؤكدة حول طبيعة التنظيم الاجتماعي لصعوبة الحصول على دلائل تثبت أو تشير إلى حدوث تغييرات جوهرية أو غير ذلك.
ومن أهم الشواهد التي حصل عليها العلماء من بلاد الشرق الأدنى القديم وأقدمها ما تم العثور عليه في موقع العبيدية بفلسطين. ويقع الموقع على بعد حوالي 5 كم جنوب غربي بحيرة طبريا وقد عثر فيه على مجموعة كبيرة من الأدوات الحجرية البسيطة الصنع والتي زودتنا بمعلومات حول طبيعة الحياة في هذه المنطقة في المراحل الأولى من العصر الحجري القديم وتؤرخ لحوالي مليون ونصف سنة من الآن على وجه التقريب.
لقد عاش الناس في هذا الموقع معتمدين على صيد الحيوانات التي كانت تردها لشرب الماء من بحيرة طبريا القريبة وعلى نباتات أخرى كانت تعيش في نفس المنطقة. ولم يقتصر وجود الإنسان في المرحلة الأولى من العصر الحجري القديم (Lower Palaeolithic). كما تعرف المتخصصون في دراسة العظام الحيوانية والذين درسوا مجموعة العظام من الموقع على عدد من أنواع الحيوانات كبيرة الحجم. وعلى أية حال، فإن وجود الناس خلال المراحل الأولى من العصر الحجري القديم لم يقتصر على سواحل المتوسط أو في منطقة حفرة الانهدام، ولكن نجد الأدوات التي استخدمها الإنسان منتشرة فوق مناطق أخرى من بلدان الشرق الأدنى القديم، كان منها ما اكتشف في منطقة وادي الزرقاء في الأردن (Parenti et al 1997). كذلك يجب التنبيه إلى أنه لم يعثر حتى الآن على أية بقايا لعظام إنسانية تخص الإنسان الذي عاش في المرحلة الأولى من العصر الحجري القديم في المنطقة الممتدة من حفرة الانهدام في الغرب وباكستان في الشرق.
وأما إذا بحثنا عن شواهد حول وجود الإنسان في المنطقة الشرقية من بلاد الشرق الأدنى القديم، فإننا نصل إلى أن البقايا التي عثر عليها حتى الآن جاءت متأخرة عن تلك التي وجدت في العبيدية وحوض نهر العاصي في الغرب. ولقد جاءت أقدم هذه البقايا من جبال زاغروس، حيث عثرت العالمة الإنجليزية دوروثيا غارود Dorothea Garrod (وهي بالمناسبة قد نقبت في عدد من المواقع في جبال الكرمل والجليل بفلسطين) في عام 1928 في موقع يسمى هزارمرد (Hazar Merd) في جبال كردستان على أدوات حجرية تؤرخ للمرحلتين الثانية والثالثة من العصر الحجري القديم (Middle and Upper Palaeolithic) . كما عثر في مواقع زارزي (Zarzi) في نفس المنطقة الجبلية في شمالي العراق على أدوات تؤرخ للمرحلة الثالثة للعصر الحجري القديم وكذلك المرحلة الانتقالية (Epi-Palaeolithic) (Solecki 1980) .
قامت بعثة أمريكية برئاسة كل من روبرت بريدود (Robert Braidwood) ورالف سوليكي (Ralph Solecki) بالتنقيب في كهف شانيدر الشمالي العراق، وبعثة أخرى بإشراف فرانك هول (Frank Hole) وكنت فلانري (Kent Flannery) بالبحث الميداني في منطقة خورام – أباد (Khorram Abad) في إيران (Hole and Flannery 1967).
استعرضنا في الصفحات السابقة موضوعات عدة قد يرى بعض القراء أن لا علاقة لها بموضوع البحث الذي يركز على إعطاء أمثلة حول بعض الأمراض التي وجدت خلال العصور الحجرية. لكننا نود أن نؤكد أن البيئة التي يعيش فيها الإنسان ربما تكون هي الداء والبلاء. فمثلاً ينتشر مرض الملاريا في مناطق المستنقعات، فإن تواجد الناس في بيئة كهذه، فإنهم معرضون وبطبيعة الحال للإصابة بهذا المرض. كذلك وجدنا أنه من الواجب أن نقدم لمحة بسيطة عن من هو هذا الإنسان الذي تعرض لهذه الأمراض، وكيف تعامل معها؟ وبهذا نستدل على مدى تقدمه الفكري. ومن أجل هذا كله، نقدم أدناه موجزاً لثلاث حالات مرضية من منطقة شرقي البحر المتوسط مرتبة من الأقدم فالأحدث.
أ. مرض شلل في كهف شانيدر:
يقع كهف شانيدر على السفوح الغربية لجبال بارادوست في إقليم كردستان (شكل 4) ، والمطلة على وادي شانيدر، وعلى مسافة غير بعيدة من نهر الزاب الكبير أحد روافد نهر دجلة. وتبلغ مساحة أرضية الكهف حوالي 1000 ألف م2، وأما سُمك التراكمات بداخله فهو حوالي 13م.

شكل 4: مدخل كهف شانيدر (عن الانترنت)
قام فريق من جامع كولومبيا الأمريكية بقيادة عالم الأنثروبولوجيا العضوية رالف سوليكي (Ralph Solecki) في الفترة بين 1951 - 1960م بالتنقيب في كهف شانيدر، وعثرت البعثة على بقايا لعشرة هياكل عظمية لإنسان نياندرتال، ثمانية منها لبالغين واثنان لطفلين، وتؤرخ هذه جميعها للفترة بين حوالي 65000- 35000 سنة من الوقت الحاضر، إضافة إلى عدد من الأدوات الصوانية. كما تم الكشف في مرحلة لاحقة على عدد آخر من القبور (بلغ عددها 35 قبراً) تؤرخ لحوالي 10600 سنة من الآن (Solecki et al 2004: 3-5). ويعدّ المدفنان شانيدر 1 وشانيدر 4 (المشهور باسم مدفن الزهور) متميزين عن بقية المدافن، لأن صاحبيهما تعرضا في حياتهما لإجراء بعض العمليات الجراحية.
بناء على دعوة من حكومة كردستان العراق قامت Graeme Barker من جامعة كامبرديج في عام 2011م بزيارة الكهف بهدف جمع عينات من التربة التي دفن فيها الناس للبحث فيها عن حبوب لقاح للتعرف على أنواع الأزهار والنباتات التي كانت موجودة.

شكل 5: تراكم الطبقات الترابية داخل كهف شانيدر (عن الانترنت)
بعد دراسة المخلفات التي عثر عليها بداخل هذه التراكمات والتتابع الطبقي لها (شكل 5)، قسمها المنقب سوليكي زمنياً إلى أربعة مستويات، وعلى النحو التالي من الأقدم فالأحدث:
- المستوى (د) Level D: عُثر في هذا المستوى على عدد من الأدوات الصوانية والهياكل العظمية، أرخت جميعها للمرحلة الثانية من العصر الحجري القديم(Middle Palaeolithic).
- المستوى ج (Level C): ويؤرخ للمرحلة الثالثة من العصر الحجري القديم (Upper Palaeolithic)، وأطلق على الأدوات التي عثر عليها في هذا المستوى اسم "البارادوستيه).
- المستوى (ب) (Level B) وقسمه المنقب إلى قسمين فرعيين هما: المستوى ب، (Level B): وقسمه المنقب إلى قسمين فرعيين هما:
1. المستوى ب2 (Level B2) وهو الأسفل وأرّخ للمرحلة الانتقالية (Epi-Palaeolithic) وهو معاصر للثقافة الزارزية.
2. المستوى ب1 (Level B1) وهو الأعلى ويؤرخ للمرحلة السابقة للعصر الحجري الحديث (Proto-Neolithic). كما عثر في المستوى (B1) على عدد من الحفر التي ربما استخدمت للتخزين، وعلى بقايا صف من الحجارة بني على شكل قوس، وعلى مقبرة بها ستة وعشرون (26) هيكلاً عظميًا.
- المستوى أ (Level A): وهذا المستوى يمثل الطبقة العليا من التراكمات بداخل الكهف وعثر بداخله على بقايا يتراوح تاريخها من العصر الحجري الحديث وحتى الوقت الحالي.

يعد الدماغ هو الذي يصدر الأوامر للجهاز العصبي الإنساني. فهو الذي يتلقى إشارات من أعضاء جسم الإنسان ومن ثم يصدر الأوامر للجهاز الحركي، أي العضلات. وتتعطل عضلات الجسم عن الحركة في الوقت الذي لا تتسلم فيه أوامر من الدماغ. ويمكننا القول أن السبب في عدم التواصل أو الانقطاع في إعطاء الأوامر بين الدماغ وبقية أجزاء الجسم هو خلل أو مرض في الجهاز العصبي للإنسان، وخاصة النخاع الشوكي. ومن الأسباب المؤدية للإصابة بالشلل: الجلطات، والضربات القوية، وجراحة الأعصاب، وشلل الأطفال "أي مع الولادة"، والتهاب الأعصاب الحاد، والشلل الدماغي، والاعتلال العصبي المحيطي، والتصلب الجانبي الضموري، وتشقق العمود الفقري، والتصلب اللويحي. واستطاع العلماء التعرف على أنواع من الشلل، وهي على النحو التالي:
1. شلل أحادي Monoplegia.
2. شلل نصفي عمودي Hemiplegi.
3. شلل نصفي أفقي Paraplegia.
4. شلل ثلاثي Trilegia.
5. شلل رباعي Quadriplegia.
وبناء على الدراسات العلمية التي جرت على الهياكل العظمية من كهف شانيدر، نقدم أدناه موجزاً لما نشره المتخصصون في الدوريات والكتب المتخصصة حول المدفنين شانيدر 1 وشانيدر 4:
تبين أن صاحب المدفن "شانيدر 1" هو أكبر المدفونين سناً، ويتراوح عمره بين 30 و45 سنة، وسعة تجويفه الدماغي 1600سم³، ويبلغ طوله حوالي 160سم، وكان يعاني من تشوه خلقي بسبب ضربة وجهت إلى جسده، وهو واحد من أربعة هياكل عظمية عانت من اعتلال جسدي بسبب العنف (Barry et al 2013). ويظهر أن صاحب المدفن رقم 1 عانى في حياته من ضربة على وجنته اليسرى (شكل 6) مما أدى إلى إصابة بليغة في حجرة العين اليسرى مما أدى إلى عماه بهذه العين إضافة إلى تهتك في الأسنان، وفقده للسمع في الأذن اليسرى(Lietava 1988). ويبدو أن هذا المدفون، والذي كان في العقد الخامس من عمره عند وفاته، قد عانى من شلل نصفي في جانبه الأيمن. ويذكر الأطباء أن الجسم، في العادة، يصدر إشارات للمنطقة المعرضة للإصابة بالشلل قبل حدوثه، مثل، التشنجات والوخز والتصلب في العضلات والنطق غير الصحيح، وصعوبة في المضغ والبلع، وضعف في العضلات، ويمكن أن تتطور الأمور بعدها إلى شلل في الجزء المصاب.

شكل 6: جمجمة وإستبناء لجسم إنسان شانيدر 1 (عن الانترنت)
وذكر المتخصصون في دراسة جسم الإنسان أن هذا المصاب بالشلل (شانيدر 1) كان قد أصيب في الفقرة الخامسة من عموده الفقري، إما خلقياً أو بسبب ضربة قوية، مما أدى ضمور وضعف في عضلات ذراعه الأيمن. كما لاحظ العلماء وجود آثار حزوز على بقايا عظام ذراعه الأيمن نتيجة لإجراء عملية قص العظام مما أدى لبترها (Lietava 1988: 183-196) . فإذا كان الأمر هكذا، ونجحوا في بتروها عن عمدِ، وسبق إصرار، فإنها ستكون أولى العمليات الجراحية التي أجريت على جسم النياندرتال (الإنسان) في العالم.
وعلى الرغم من تعافي الذراع الأيمن، إلاّ أن هذه العملية سببت شللاّ للجانب الأيمن لهذا الشخص، بعد أن تسلل الشلل بسبب الآثار الجانبية لقطع الذراع إلى رجله وقدمه. وأشارت الدراسات الحديثة التي أجريت على الهيكل العظمي أن الشخص نفسه كان قد عانى أيضاً من كسور في ساقيه (Barry et al 2013). كل هذه الأمراض تدل على أن هذا الشخص لم يكن قادراً على الاعتناء بنفسه وتأمين مأكله، وحتى يستمر على قيد الحياة كان لا بد من تضامن وتكافل أبناء مجتمعه معه، وكان هذا قبل حوالي خمسين ألف سنة (أقل أو أكثر).
يعدّ مدفن شانيدر 4، الذي اكتشف عام 1960م على يد سوليكي، أشهر مدافن هذا الكهف، وسمي ب "مدفن الزهور"، لأن الناس نثروا الورود على المدفون حين دفنه. ويؤرخ هذا المدفن لفترة تتراوح بين حوالي 80 ألف إلى ستين ألف سنة من الوقت الحاضر (Solecki 1975). ويخص الهيكل العظمي في هذا الكهف ذكرًا تراوح عمره بين 30 - 45 عامًا، وقد سجي على جانبه الأيسر في القبر، بوضع أقرب للقرفصائي (شكل 7). اقترح المنقب بعد اكتشاف المدفن، والتعرف على الإصابة في الهيكل العظمي وطريقة الدفن، وتغطية القبر بالورود (شكل 8)، أن هذا الأمر يعكس عقائد إنسان نياندرتال. إذ قام المنقبون بجمع كمية لا بأس بها من حبوب الطلع في محاولة لاستبناء البيئة القديمة في منطقة الكهف، وتم تحليلها بعد مضي ثماني سنوات على جمعها من المدفن والتعرف على أن جميعها تخص أنواعاً من الورود (Leroi- Gourhan 1998: 79- 88; Stewart 1963: 8-26). هذا أدى بالتالي إلى اقتراح المنقب بأن هذا الشخص المدفون ربما كان ذا قوة سحرية تساعد على شفاء المرضى (Shamanic Powers) Stewart 1963: 8-26) ).

شكل 7: الهيكل العظمي لمدفن 4 (عن الانترنت)
وعلى الرغم من هذا المقترح، فإن الدراسات الحديثة حول وجود حبوب طلع الورود داخل المدفن أشارت إلى أن وجودها كان عن طريق الجرذان والفئران، ولم تكن موضوعة بطريقة متعمدة (Sommer 1999: 127-129). وفي نظرنا، فإن الاعتناء بشخص مشلول ليعيش عمرًا يتجاوز الأربعين عامًا في مجتمع عاش قبل حوالي خمسين ألف عام يدل على تضامن وتكافل بين أفراد المجتمع.

شكل 8: تصور لنثر الورود فوق قبر المتوفى والذي عاش مشلولاً (عن الانترنت)
بهذا ننهي الحديث ليس فقط عن نوع المرض الذي ساد مجتمع النياندرتال في جبال كردستان العراق قبل أكثر من خمسين ألف سنة، وإنما أيضاً تم توضيح طبيعة العلاقات الإنسانية التي كانت سائدة بين أفراد المجموعة، من حيث التكافل في الضراء والسراء.
2. مرض النزيف الدماغي في تل السلطان/ أريحا(Brain hemorrhage) :
اهتم الآثاريون، وبشكل خاص التوراتيون منهم، بالتنقيب في موقع تل السلطان/ أريحا في فلسطين (شكل 9) وذلك لورود ذكر له في النصوص التوراتية. وبناء عليه، ومنذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين وحتى الآن جرت فيه مجموعة من الحفريات الأثرية من أهمها حفرية الضابط الانجليزي جون غارستنج الذي نقب في الموقع بين أعوام 1929- 1936م (Garstang 1935a; 1935b) ، وحفرية كاثلين كنيون العالمة الإنجليزية التي تابعت التنقيب في نفس الموقع في الفترة بين أعوام 1952 و1958م (Kenyon 1981)، كون أن القائمين عليهما قد عثروا على جماجم إنسانية، وأجزاء من تماثيل بشرية تعود بتاريخ للعصر الحجري الحديث ما قبل الفخار "أ" و "ب" (حوالي 8500 - 7000 قبل الميلاد)، علماً أن لورنزو نيجرو اقترح تواريخ مختلفة . (Nigro 2017:4) PPNA 9000-8000, PPNB 8000-6000 BC كما وعثرت البعثة الإيطالية من جامعة روما لاسبينزا في عام 2006م والتي تتابع التنقيب في الموقع منذ عام 1997م وحتى الآن على جمجمة أخرى، وبهذا يكون عدد الجماجم المفصولة عن الأجساد والمكتشفة في تل السلطان في أريحا 45 جمجمة وتخص رجالاً ونساءً (شكل 10) (Nigro 2009: 6, 34-35).

شكل 9: منظر عام لتل السلطان في أريحا (عن الانترنت)
ومن المعلوم أنه وقبل عام 1967م كانت أريحا واحدة من مدن المملكة الأردنية الهاشمية، وبناء عليه كان يتم نقل بعض المكتشفات الأثرية من مواقع الضفة الغربية إلى المتحف الوطني للآثار في عمان، وبناء عليه تم نقل خمس جماجم من بين الخمس والأربعين جمجمة اكتشفت في تل السلطان/ أريحا إلى هذا المتحف. واكتشفت هذه الجماجم في طبقات العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار "ب"، وتخص جميعها ذكوراً (Kenyon 1970: 51 - 54; Strouhal 1973: 231).

شكل 10: مجموعة من الجماجم التي اكتشفت في تل السلطان/ أريحا (بإذن من Lorenzo Nigro)
وكانت جميع هذه الجماجم الخمس مغطاة بطبقة من القصارة (البلاستر) كغيرها من الجماجم المكتشفة في كثير من مواقع العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار "أ" و"ب". ومن المعلوم أن عادة تغطية الجماجم بطبقة من القصارة قد تم التعرف عليها لأول مرة في موقع عين السلطان أثناء حفريات جون غارستنغ وبعدها في حفريات كاثلين كنيون وبعدها في مواقع أخرى في بلاد الشام (شكل 11).

شكل 11: خارطة تبين مواقع الجماجم في بلاد الشام (after Nigro 2017: Fig. 1)
وجاءت واحدة من بين هذه الجماجم، وبناء على ملاحظة شخصية من كاتب هذا البحث، مثقوبة بأكثر من ثقب في منطقة الرأس العليا (Parietal Lobe)، وهي معروضة في المتحف الوطني للآثار المبني على جبل القلعة بعمان. إلا أنه وللأسف وبعد مراجعة معظم، إن لم يكن جميع، ما وقع بين أيدينا من الأبحاث المتعلقة بدراسة هذه الجماجم، لم يشر أحد إلى هذا في دراسته. من هنا، فإننا نعتمد في المعلومات الواردة هنا على ذاكرة الكاتب عندما عمل أميناً للمتحف الوطني للآثار/ جبل القلعة عام 1972م. وقد سألنا أنفسنا سؤالاً: لماذا اضطر الناس لثقب جمجمة هذا الشخص؟ وفوراً خطر ببالنا النزيف الدماغي. لذا، فإن هذا الاستنتاج لا يقوم على أي أساس علمي. كذلك فإننا لن نتعرض في هذا المقام لدراسة الهدف أو الغرض الذي قام الناس في العصر الحجري الحديث بفصل الرأس عن الجثة وتغطية بعض الجماجم بطبقة من القصارة، فقد تمت دراسة هذه الموضوعات بالتفصيل (Nigro 2017; Bonogofsky 2001; 1999; Bienert 1991). لكننا نقترح أن ثقب الجمجمة كان بسبب نزيف حصل في الدماغ، والله أعلم. وبناء عليه نقدم أدناه موجزاً عن هذه الحالة المرضية.
يعدّ مرض النزيف الدماغي أحد الأمراض التي تسبب السكتة الدماغية الناتجة عن انفجار أحد الشرايين المغذية للدماغ والذي يؤدي إلى نزيف موضعي في الأنسجة المحيطة مما يسبب تلفاً لخلايا الدماغ. وهناك عدة أسباب للنزيف الدماغي، وأكثرها هي:
- ضربة على الدماغ.
- ضغط الدم العالي.
- توسع الأوعية الدموية في الدماغ.
- تشوهات خلقية في الأوعية الدموية.
- سرطان الدماغ.
- خلل في تخثر الدم.
- أسباب أخرى.
كما أن أعراض النزيف الدموي في الدماغ متعددة، وتعتمد على موضع النزف وحدته، ومساحة الأنسجة المتأثرة بعملية النزف. ويمكن أن تظهر أعراض النزيف الدماغي بشكل مفاجئ أو بشكل تدريجي. وتشمل هذه الأمراض الصداع الحاد، ولعيان النفس والاستفراغ، والتشجنات، وضعف في الأطراف، وتحول في الرؤية.
وأما المرض الثالث الذي نستعرضه أدناه هو "مرض السل".

3. مرض السل في العصر الحجري الحديث من موقع عين غزال Tuberulosis at 'Ain Ghazal, Jordan:
يقع موقع عين غزال المؤرخ للعصر الحجري الحديث على الطرف الشرقي للعاصمة عمان، مباشرة على الطريق الرئيسي الواصل بين العاصمة ومدينة الزرقاء. وخلال مدة ألفي سنة وأكثر تعرض الموقع لتطورات متعددة في العمارة والاقتصاد وصناعة الأواني والأدوات، وعدد السكان. واستطاع المنقبون التعرف على عدد من الفترات الفرعية، وهي المرحلة المتوسطة من العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار "ب" (حوالي 7250 - 6500 ق.م.)، والمرحلة المتأخرة من العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار "ب" (حوالي 6500 - 6000 ق.م.)، والعصر الحجري الحديث ما قبل الفخار "ج" (حوالي 6000 - 5600 ق.م.)، والعصر الحجر الحديث الفخاري (حوالي 5600 - 4500 ق.م.). (Rollefson and Kafafi 2013) .
بني الموقع على منحدرات ضفتي نهر الزرقاء الشرقية والغربية في منطقة ترتفع حوالي 720 متراً عن مستوى سطح البحر، وبالقرب من عين ماء "عين غزال" الدائمة الجريان(Rollefson and Kafafi 2013). ويتمركز الموقع في منطقة متوسطة بين البادية في الشرق والمرتفعات الجبلية في الغرب في منطقة تتوفر فيها عوامل الاستقرار الدائم (شكل 12). وأثبتت الدراسات الجيومورفولوجية لحوض وادي الزرقاء، حيث أسس الموقع، على تنوع في تضاريس المنطقة وطبيعة الأرض فيها، وهذا يعني بالتالي تنوع وتعدد الغطائين النباتي والحيواني (Simmons et al 1988).

شكل 12: منظر عام لموقع عين غزال في ثمانينيات القرن الماضي (أرشيف عين غزال)
تم العثور في أحد البيوت المؤرخة للمرحلة الأخيرة من العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار "ب" Late Pre-Pottery Neolithic B على كميات كبيرة من حبوب العدس والحمص، وثلاثة عشر قرن غزال. كما وذكر المنقبون في عين غزال أنه وخلال ثمانينات القرن الفائت تم العثور على 75 هيكلاً عظميًا بشريًا وعدداً من الجماجم البشرية المفصولة عن الأجساد (شكل 13) في المستويات التي تؤرخ للعصر الحجري الحديث ما قبل الفخار "ب" (Rollefson and Simmons 1988: 410). كما أضاف عيسى الصريع، أنه قد تم العثور

شكل 13: عدد من الجماجم المفصولة عن الأجساد (أرشيف عين غزال)

ش

شكل 14: ثلاثة جماجم مع العظام (أرشيف عين غزال)
في المواسم اللاحقة على 31 هيكلاً عظميًا آخر تؤرخ للعصر الحجري الحديث ما قبل الفخار "ب" ، أرخت لحوالي 9250 من الوقت الحاضر(El -Najjar; Al-Shiyyab and Al-Sarie 1997: 124; Al Sari 1995). ولقد تم التعرف من بين هذه المجموعة من الهياكل العظمية على ثلاث جماجم عثر عليها مجتمعة في المربع رقم 3681 في المنطقة المركزية للموقع (Central Field)، كما وجد في نفس المدفن بقايا عظمية بشرية أخرى من بينها فقرات لثلاثة أشخاص تحمل مرض السل (شكل 14). وتبرز أهمية تشخيص هذه البقايا العظمية البشرية على أنها ربما تمثل أقدم حالة سل في العالم تكتشف حتى الآن. كما أنها حصلت في الوقت الذي دجن فيه الإنسان الحيوانات لأول مرة في منطقة جنوبي بلاد الشام، وكان قبلها قد عرف الزراعة. أي أن مرض السل حدث في البدايات الأولى لمرحلة إنتاج الطعام والاستقرار الدائم في القرى، قبل حوالي أكثر من تسعة آلاف عام.
وجاءت الحالة الأولى تخص رجلاً بالغاً عمره 30 عاماً، وعند العثور على هيكله العظمي وجد بحالة جيدة، عدا فقرات العجز التي كانت متهتكة. وأما الحالة الثانية فكانت لشخص يبلغ من العمر بين 20 و25 عاماً من العمر ولم يستطع الباحثون تحديد جنسه. وتخص الحالة الثالثة والأخيرة أنثى زاد عمرها عن الأربعين عاماً (El-Najjar; Al-Shiyyab and Al-Sarie 1997:124).

الخاتمة:
قدمنا في هذا البحث معلومات موجزة عن ثلاثة أنواع من الأمراض التي تم التعرف عليها من عصور ما قبل التاريخ، الأول هو الشلل لشخص نياندرتالي (أي قبل ظهور الإنسان العاقل) دفن قبل أكثر من خمسين ألف عام في كهف شانيدرفي جبال كردستان بشمالي العراق، حيث تم بتر ذراعه وتعرض بعدها لشلل نصفي. وتدل هذه الحالة على معرفة متقدمة بكيفية التعامل مع الحالات المرضية الإنسانية، فكيف نسمي هذا الإنسان بغير العاقل.
وأما الحالة الثانية فكانت من موقع تل السلطان/أريحا في فلسطين، حيث تم العثور على عدد من الجماجم البشرية تعود لحوالي عشرة آلاف عام من الوقت الحاضر، والتي وجدت مدفونة دون أجسادها، وكانت واحدة منها تحمل ثقوباً في أعلاها مما جعلنا نعتقد أن حفر هذه الثقوب كان مقصوداً للتخلص من نزيف في الدماغ، والله أعلم.
أما الحالة الثالثة، فكانت اكتشاف ثلاث حالات سل تعود لما قبل حوالي تسعة آلاف عام في موقع عين غزال في شرقي العاصمة عمّان. وجاء هذا التشخيص بناء على دراسة قام بها ثلاثة من متخصصي الأنثروبولوجيا العضوية. وتعدّ هذه الحالات المكتشفة هي الأقدم في العالم، حتى الآن.
إن دراسة مل هذه الحالات تدلنا على أنواع الأمراض والأعراض المرضية التي شاعت بين أناس عصور ما قبل التاريخ، ففي الفترة التي عاش فيها الإنسان متنقلاً وجامعاً لقوته تعرض للعنف، مثل ضربة على وجه أحد الهياكل العظمية في شانيدر، لكننا لا نعرف ما هي الأمراض التي كانت سائدة في شرقي المتوسط في زمن الكائن نياندرتال.
على أية حال، الهدف من هذه الدراسة ومن شخص متخصص في الآثار ليس البحث في الأمراض وماهيتها، بل إعطاء فكرة حول المعرفة الإنسانية بكيفية التعامل ما يصيبة من أعراض مرضية. في الأولى بتر اليد وفي الثانية ثقب الجمجمة، أما الثالثة فربما تدل على أن مرض السل كان وباءً قبل حوالي تسعة آلاف عام انتشر بين الناس.
شكر وعرفان
أتقدم بالشكر الجزيل للاستاذ الدكتورة سعاد عبدالوهاب على دعوتي للمشاركة في هذا المؤتمر الذي يعد الأول من نوعه، ولولا إصرارها لما ظهر هذا البحث إلى النور. كما أتقدم بالشكر الجزيل للأستاذ الدكتور لورنز نيغرو (Lorenzo Nigro) من جامعة روما لتزويدي بالصور والمعلومات عن تل السلطان/ أريحا. ويستحق الثناء ووصل الشكر أخي وصديقي الدكتور عمر الغول الذي قرأ وحرر النص وأبدى الملاحظات عليه.

المراجع:
أ. المراجع العربية:
الحداد، محمد والنجار، محمود 1987؛ الأنثروبولوجيا. الكويت: مطبعة دار السلاسل.
كفافي، زيدان 2000؛ بلاد الشام في عصور ما قبل التاريخ. صص51-116في كتاب الوحدة الحضارية للوطن العربي من خلال المكتشفات الأثرية. المؤتمر الخامس للآثار والتراث الحضاري في الوطن العربي، دمشق 27/3-2/4 /2000. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
المحيسن، سلطان 2001؛ عصور ما قبل التاريخ. دمشق: جامعة دمشق.
المحيسن، سلطان 1989؛ بلاد الشام في عصور ما قبل التاريخ. الصيادون الأوائل.
دمشق: الأبجدية للنشر.
النجار، محمود 2004؛ التكيف والتنوع الإنساني. إربد: مؤسسة حمادة للدراسات الجامعية والنشر والتوزيع.
ب. المراجع الأجنبية:
Al-Sarie, Issa 1995; Subsistence and Diet of 'Ain Ghazal Inhabitants as Inferred from Analysis of Human Dentition. Unpublished MA Thesis Submitted to the Department of Anthropology, Yarmouk University.

Barry, Lewis, R., et al. 2013; Understanding Humans: Introduction to Physical Anthropology and Archaeology. Wadsworth.

Bienert, Hans-Dieter 1991; Skull Cult in the Prehistoric Near East. Jounal of Prehistoric Rel 5: 9-23.

Bonogofsky, M. 1999; A Radiometric Examination of Plastered Skulls from Jericho and Tell Ramad. Occident and Orient 4: 5-6.

Bonogofsky 2001: M. Bonogofsky, Cranial modeling and Neolithic bone modification at ‘Ain Ghazal: new interpretations. Paleorient 27, 2, 2001, pp. 141-146.

Butzer, K. W. 1994; Archaeology as Human Ecology: Method and Theory for a Contextual Approach. Cambridge: Cambridge University Press.

El-Najjar, Mahmoud: Al-Shiyyab, Abdl Halim and Al-Sarie Issa 1997; Cases of Tuberculosis at 'Ain Ghazal, Jordan. Paléorient 22/2: 123-128.

Garstang, John 1935a; City and Necropolis (Fifth Report). Liverpool Annals of Archaeology and Anthropology 22: 143-184.

Garstang, John 1935b; L’art neolithique a Jericho. Syria 16: 353-357.

Garstang, John; Ben-Dor, I. and Fitzgerald G.M. 1936; Jericho: City and Necropolis (Report for Sixth and Concluding Season, 1936).Liverpool Annals of Archaeology and Anthropology 23: 67-100.

Garstang, John B.E. 1948,The Story of Jericho. London.

Hole, F. and Flannery, K. V. 1967; The Prehistory of Southwestern Iran: A Preliminary Report. Proceeding of the Prehistoric Society 33: 147-170.
Kenyon, Kathleen, M. 1970; Archaeology in the Holy Land. 3rd Edition.London: Ernest Ben Limited.

Kenyon K.M. and Holland, Thomas.A. (eds.) 1983; Excavations at Jericho V. The Pottery Phases of the Tell and Other Finds, London.

Leaky, Lewis S. B 1962; Olduvai Gorge 1951-1961. Cambridge: Cambridge University Press.
Leroi-Gourhan, Arlette 1998; Shanidar et ses fleurs. Paléorient 24: 79-88.
Lietava, Ján (1988). "A Differential Diagnostics of the Right Shoulder Girdle Deformity in the Shanidar I Neanderthal". Anthropologie 26 (3):183-196.
Parenti, F. et allii 1997; Early Acheulean Stone Tools and Fossil Faunas from the Dauqra Formation, Upper Zarqa Valley, Jordanian Plateau. Pp. 7-23 in H. G. K. Gebel, Z. Kafafi and G. O. Rollefson (eds.), The Prehistory of Jordan II. Perspectives from 1997. Berlin: ex oriente.
Perrot, Jean 1993; 'Enan. Pp.389-393 in E. Stern, A. Lewinson-Gilboa and J. Aviram (eds.), The New Encyclopedia of Archaeological Excavations in the Holy Land. Vol. 2. New York: Simon & Schuster.
Rollefson, Gary and Kafafi, Zeidan 2013; The Town of 'Ain Ghazal. Pp. 3-29 in Denise Schmandt-Bessarat (ed,), Symbols at 'Ain Ghazal. 'Ain Ghazal Excavation Reports, Vol. III. Berlin: ex oriente.

Rollefson, Gary and Kafafi, Zeidan 2007; The Rediscovery of the Neolithic Period in Jordan. Pp. 211-219 in T. E. Levy, P.M. Michele Daviau, R. W. Younker and M. Shaer (eds.), Crossing Jordan. North American Contributions to the Archaeology of Jordan. London: Equinox.

Rollefson, Gary and Alan Simmons 1988; The Neolithic Settlement at 'Ain Ghazal. Pp. 393-421 in Andrew Garrard and Hans Georg Gebel (eds.) The Prehistory of Jordan. The State of Research in 1986. BAR International Series (396). Oxford.

Simmons, Alan; Köhler-Rollefson, Ilse; Rollefson, Gary; Mandel, Rolf and Kafafi, Zeidan 1988; 'Ain Ghazal A Major Neolithic Settlement in Central Jordan. Science 240: 35-39.

Solecki, R. S. 1980; An Early Village Site at Zawi Cheme-Shanidar. Bibliotheca Mesopotamica. Malibu: Undena Publication.
Solecki, Ralph S. 1975; Shanidar IV, a Neanderthal Flower Burial in Northern Iraq. Science, vol. 190, iss. 4217: 880-881.
Solecki, Ralph S.; Rose L. Solecki & Anagnostis P. Agelarakis 2004; The Proto-Neolithic Cemetery in Shanidar Cave. Texas A&M University Press.
Stewart, T. D. 1963; Shanidar Skeletons IV and VI. Sumer, vol. 19, pp. 8-26.
Sommer, D.J. 1999; The Shanidar IV 'Flower Burial': a Re-evaluation of Neanderthal Burial Ritual. Cambridge Archaeological Journal, vol. 9 (1): 127-129.
Strouhal Eugen 1973; Five Plastered Skulls from Pre-Pottery Neolithic B Jericho: Anthropological Study. In: Paléorient, 1973, vol. 1/ 2: 231-247.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)