كتب الدكتور علي العزام
قبل ثلاث سنوات اعفى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الأمير محمد بن نايف ولي العهد الأول انذاك وعهد بولاية العهد في المملكة العربية السعودية لولده الأمير محمد بن سلمان ليس لأنه أكبر أولاده سنا وإنما لغايات ا٨رى بدأت تتكشف تفاصيلها خلال ما مضى من السنوات الأخيرة ولعل الاسباب كثيرة إلا أن القناعة التي ترسخت لدى دوائر صناعة القرار وأركان الدولة العميقة في السعودية الشقيقة هي بأن الوقت حان لأحداث تغييرات جوهرية في البنى والهياكل في النظام السعودي وإعادة صياغة رؤية الدولة هناك بشكل مغاير لما تم انتهاجه في العقود الأربعة الأخيرة و النهوض بالدولة نحو مسار الانفتاح ضمن التغييرات التي أصابت معظم أنظمة العالم السياسية بحيث لا يتأخر النظام السياسي في الشقيقة السعودية عن التغيير الحاصل في العالم خاصة وما جعل تلك القناعات تتوثق لدى النظام السياسي السعودي هو أن الأمير محمد بن نايف حافظ خلال سنوات تعيينه في موقع ولي العهد الأول على خط محافظ لا يتناسب مع التغييرات الحاصلة في كل دول العالم وعلى جميع الأصعدة...
تغييرات شاملة في أولويات الدولة السعودية
منذ العام ٢٠١٧ شهدت سياسات الدولة السعودية تغييرات شاملة في كافة الجوانب حيث أن السعودية بدأت تفكر بعقلية جديدة في نظام سياسي ينفتح على المجال الحيوي الذي يعيش فيه حيث أن الأمير محمد بن سلمان ووفقا للتاريخ الطويل بالتعامل مع مؤسسات الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية التقط بأن الإدارة الأمريكية للرئيس الأمريكي دونالد ترمب سياساتها تختلف وبشكل كبير عما تعودت عليه المنطقة العربية من سياسات تحافظ على جزء ولو بسيط من خيادها اتجاه قضية الشرق الاوسط الرئيسية وهي القضية الفلسطينية وأن إدارة ترمب ليست كالادارات الأمريكية السابقة والتي وضعت دائما هامش من تلمس مخاوف الأنظمة الحاكمة في المنطقة العربية ولم تعلن انحيازها الكامل لإسرائيل على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في أرضه ومقدساته وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم ...هذا الإدراك بالإضافة إلى دراسة واضحة لسلوك الإدارة الأمريكية غير العادل اتجاه قضايا العرب والمسلمين دفع الأمير بن سلمان للسعي نحو استيعاب إدارة الصقور الأمريكية التي يوازيها حكومة صقور إسرائيلية وما كانت المشاريع او الصفقات التي ابرمتها المملكة السعودية مع الإدارة الأمريكية وانعقاد القمة الأمريكية الإسلامية في الرياض الا محاولة من النظام السياسي السعودي لكبح الانحياز الأمريكي والعمل على التخفيف من الآثار الكارثية لذلك الانحياز من خلال قنوات عربية تظهر المكاسب التي تجنبها أمريكا من تحالفهم مع العرب واعطاء فرصة للفاعلين من الدول العربية والاسلامية لايصال رؤيتهم لتلك الادارة الامريكية ....
الرؤية الاقتصادية ٢٠٣٠ و مكان الاردن والعرب منها
الرؤية الاقتصادية ٢٠٣٠ التي أعلنها ولي العهد السعودي في الإطار المحلي والإقليمي ما هي إلا خطة تؤكد أن النظام السياسي السعودي هو نظام منحاز لأمته العربية والاسلامية من مشروع نيوم إلى المشاريع الضخمة التي تم الإعلان عن المباشرة فيها في الشقيقة السعودية هي مشاريع لو قدر لها أن ترى نهايتها المخطط لها فإنها ستكون بمثابة حل منطقي لاقتصاديات دول المنطقة ومنها الاردن ولعل أهم تلك المعضلات هي خلق فرص عمل لجيوش من الشباب في دول المنطقة بعد أن أصبح من المستحيل بمكان أن تستطيع الاقتصادات المحلية لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الشباب المتعلم وتوفير فرص عمل كريمة لهم فالمشاريع الكبرى التي لها صبغة إقليمية ستكون الخل الأمثل للجميع ....ولا بد من الاعتراف أن اقتصادات الدول المجاورة المملكة السعودية لن تكون قادرة بمفردها على التوسع بحيث تستطيع التغلب على كل تلك المعضلات كما وأن بقاء الاقتصاد السعودي قويا سيكون مفيدا للدولة السعودية و دول الجوار خاصة وأن الاقتصاد السعودي يستوعب حاليا مئات الكوادر البشرية لدول الحوار وان اي تأثيرات سلبية يشهدها اقتصاد الشقيقة السعودية سيكون له آثاره السلبية والكبيرة على الاقتصاد الاردني واقتصادات دول عربية أخرى ما يجعل البحث عن دعم رؤية السعودية ٢٠٣٠ والجانبين المحلي والإقليمي منها على حد سواء أمر حيوي وضروري لتبقى تلك الاقتصادات متماسكه وقادرة على النهوض بشعوبها ....
أن ما ولدته أزمة تفشي فيروس كورونا من آثار اقتصادي كارثية أثبت بأن الرؤية السعودية للتحول الاقتصادي بالاعتماد على مصادر أخرى غير النفط هو أمر صحيح وسيكون لها فوائده الكبرى في المدى القريب والمتوسط والذي سيجعل الاقتصاد السعودي القوي عونا لاقتصادات الدول المجاورة منها الاردن
أن العلاقة الأردنية السعودية القوية والمتينة والمتجذرة من خلال علاقة النظام الهاشمي الأردني والسعودي يجب أن تقوم على مزيد من التعاون وأن تقوم الحكومة الأردنية بتقديم ما يلزم لدعم الرؤية السعودية لولي العهد محمد بن سلمان لان عشرات الآلاف من فرص العمل الكوادر البشرية الأردنية مرتبطه بقوة الاقتصاد السعودي فنحن والسعودية لسنا متنافسين وإنما متكاملين وأن سياسات ولي العهد السعودي السياسية والاقتصادية هي مجال حيوي مهم للاردن كما هو للسعودية
اضف تعليقك