TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
رؤساء وزراء سابقون: تماسك الجبهة الداخلية أساس قوة ومنعة الأردن
17/03/2014 - 9:00am

طلبه نيوز
- تتفق شخصيات سياسية رفيعة على خطورة المرحلة الحالية التي يمر بها الأردن والمنطقة، فيما تجمع على أن ثمة حالة استقطاب سياسي حادة في الشارع الأردني، تحتاج الى مقاربات وطنية لترشيدها، وبما تستند أساسا الى حوار وطني حقيقي ومنتج، ينطلق من الثوابت الوطنية، ويتسم بالوضوح والشفافية، ويحسم جدل عدد من القضايا والملفات الشائكة محليا.
"الغد" استضافت رؤساء الوزراء السابقين أحمد عبيدات وطاهر المصري وفيصل الفايز، في ندوة، ناقشت فيها تزايد حدة التجاذب والاستقطاب السياسي والوطني، في مناقشة تحديات وتداعيات متوقعة لتحركات وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وما يدور من معلومات وتسريبات حول مفاوضات السلام، وارتباط ذلك أيضا ببعض القرارات والإجراءات الداخلية، وجدل إشكالية العلاقة الداخلية.
ويكاد يجمع السياسيون الثلاثة على غياب ما يمكن تسميته بـ"الحوار الوطني"، عما يدور من نقاشات وتجاذبات، فيما يجمعون على الحاجة اليوم لإعادة إنتاج توافقات وطنية، تستند الى القواسم الوطنية المشتركة، للعبور الى مستقبل أمن، وبما يمكن من الاشتباك مع التحديات والأخطار المحدقة بالوطن، بأقل الخسائر الممكنة، وبكفاءة وتماسك.
ويستعرضون في الندوة، رؤيتهم وتشخيصهم لانعكاس المفاوضات الفلسطينينة الإسرائيلية، ومصير الحل النهائي للقضية الفلسطينية، بمختلف احتمالاته، فشلا ونجاحا، على الواقع الأردني، وكيف يمكن حسم التعامل مع إشكالية العلاقة الأردنية الفلسطينية على المستوى الداخلي.
وفيما يحمل عبيدات والمصري "غياب" التدفق الرسمي للمعلومات، حول قضايا مصيرية، كمفاوضات السلام وتحركات كيري، المسؤولية الأساسية لارتفاع حدة التجاذبات في الشارع الأردني، والانزلاق، أحيانا كثيرة، الى مساحات مقلقة، وتنذر بالفتن، فإن الفايز يرى أن تأكيد الثوابت الأردنية من تحركات كيري وقضايا الحل النهائي، أمر محسوم أردنيا، وعلى أعلى المستويات.
لكن الشخصيات الثلاثة تتفق، مع ذلك، على ضرورة توفير المعلومات الرسمية الموثوقة لتمكين المجتمع من التحاور بأجواء مطمئنة وصحية ومنتجة.
تختلف الشخصيات الثلاثة وتتفق وهي تناقش في محاور الندوة، لكنها تكاد تجمع، على ضرورة الحوار الوطني اليوم، وضرورة تركيزه على الثوابت والقواسم المشتركة، تجنبا لحمى الخلاف.
فيما تتكرر الدعوات الى تعزيز فكرة السلم الأهلي، وتماسك الجبهة الداخلية، والسعي لتحقيق توافقات وطنية، تتحمل السلطات الثلاث المسؤولية الأولى عن توفير ظروف مثل هذا الحوار والتوافقات.
ويدفع هؤلاء السياسيون الى بلورة خريطة إصلاح شامل، تعيد الثقة الضعيفة، بين المواطنين وبين المؤسسات الرسمية، باعتبار ذلك "مصلحة حيوية".
الاردن في محيط ملتهب
عبيدات: ينطلق عبيدات في تشخيصه لواقع الأردن اليوم، حيث يلفت الى الموقع الجغرافي والسياسي للمملكة، والذي "له تبعات كثيرة جدا"، حيث فلسطين غربا، بكل أثقال قضيتها وظلالها علينا، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، فيما تراجع العراق شرقا، عن أن يكون عمقا وجدارا استراتيجيا للأردن والعرب. أما شمالا فثمة سورية، الغارقة في أزمة وحرب أهلية طاحنة، حيث باتت مصدرا للخطر علينا اليوم، وخلق وضعها أعباء كبيرة جدا.
في الحدود الجنوبية لا تقل تحديات، حيث مصر، التي باتت اليوم مشغولة بنفسها، فضلا عن انقطاع الغاز المصري ما زاد من عبئنا الاقتصادي، أما خليجيا، فلا نصيب اقتصاديا حقيقيا للأردن من دوله.
ويرى عبيدات؛ أن هذا الوضع الحساس للأردن، الواقع بين هذه التيارات والأزمات المتضاربة، والذي يصفه بنقطة "تقاطع النيران سياسيا وعسكريا وأمنيا وماليا"، يلقي على المملكة والقيادة والمؤسسات الدستورية مسؤولية، بأن يتمكن الأردن من أن يمر من حقل الألغام هذا بأقل الخسائر.
الحوار يحتاج لتدفق رسمي للمعلومات
وبعد أن يتساءل عبيدات، عن فرص تجاوز هذا الواقع عبر الحوار، يقول إنه لا يشعر بوجود حوار بين الناس والمؤسسات الرسمية. ويعلل الأمر بوجوب أن يكون أمام أي حوار بين تلك المكونات معلومات رسمية موثوقة.
وهو يعتقد أن مثل هذه المعلومات "غير المتوفرة" الى الآن، هي "ما يعيق قدرة المجتمع على التحاور، بأجواء مطمئنة".
ويؤكد عبيدات أهمية الحوار، بوصفه ضروريا عندما يتعلق الأمر بقضايا الوطن والمستقبل، للوصول لرؤية وطنية، تحدد كيف نتعامل مع التحديات الداخلية والخارجية.
ويرفض عبيدات المبالغة بالتخوف مما يدور من "تجاذبات وجدل" وطني اليوم، ويعتبر بأنها "مسألة طبيعية". لكنه يتساءل: "لماذا لا يكون هناك جدل، يوفر صورة أوضح، ويخرج بأفكار منتجة، وحلول رشيدة للمشاكل الداخلية والخارجية؟!" حتى في ظل تعدد الاجتهادات.
مربط الفرس عند عبيدات لإنجاح الحوار والقدرة للتصدي للتحديات الوطنية، هو بتدفق المعلومات على المستوى الرسمي، ويؤكد ان هذا الأمر "أساسي"، و"من حق الناس أن تصل لمعلومات في قضايا مصيرية".
وفيما يؤكد عبيدات أهمية تحمل السلطات الدستورية الثلاث لمسؤولياتها، كل ضمن اختصاصه في هذا الظرف؛ فإنه يرى أن هذه الحالة "غير قائمة"، فالسلطة التشريعية تعيش واقعا مفارقا للمجتمع، والتنفيذية ما تزال تراوح في أزمتها مع الثقة الشعبية.
ويلفت عبيدات الى "حقيقة أن الرأي العام لا يسأل عن التفصيلات، عندما يكون قناعة عن مؤسسة أو حكومة أو قرار أو شخص"، ويضيف: "الثقة إما أن تكون موجودة أو غير موجودة عند الرأي العام".
ويخلص عبيدات الى أنه امام التحديات المذكورة، وأمام أزمة غياب المعلومة، فإن حواضن الحوار والنقاش الوطني، مثل مؤسسات المجتمع المدني، قد لا تنجح بمهمتها، كما أن الإعلام المرعوب، الذي هو مستجيب لكل الإخفاقات الحاصلة، لا يمكن أن يدعم حوارا، فهو إما يقدم مدحا او هجوما على الطرف الآخر، وإما إعلاما لا يحترم الناس، ولا حقهم بالمعلومات.
مصطلحات فضفاضة والحوار غائب
المصري: أما المصري فينطلق في مداخلته حول قضية الحوار الوطني، من وصفه لتعبير الحوار الوطني بـ"العام والفضفاض." ويقول إنه "وفق المعايير والظروف القائمة اليوم يمكن القول إنه لا يوجد حوار وطني حقيقي".
ويرى أن الحوار الوطني جرى سابقا، عبر قنوات متعددة بالمفهوم الأردني، من خلال لجنة الميثاق الوطني، والأجندة الوطنية، ثم لجنة الحوار الوطني، لافتا الى أنه "تم التوافق ولو جزئيا على بعض القضايا والأمور الأساسية، لكن ذلك لم يبدد القلق العام".
ويزيد المصري "الآن الأمور أصبحت أكثر تعقيدا، والناس قلقة أكثر، لذلك نرى محاولات على مستوى النقاش العام، لكن ليس على مستوى حوار، وذلك عبر ندوات ولقاءات مبعثرة، أما الحوار الوطني، فيجب أن تكون له "أسس".
ويقترب المصري من طرح عبيدات، في مسألة أهمية تدفق المعلومات، "حتى تنضج طروحات النخبة والشارع، وتكون على قدر مسؤولية المرحلة، والتخوفات التي تلفها"، ويقول: "لحد الآن لا أعرف، وأعتقد أن غيري لا يعرف، ما هو الموقف الأردني الرسمي من قضايا الوضع النهائي، المتعلقة بالقضية الفلسطينية. هل نحن شركاء بالمفاوضات؟ على الطاولة أم من خلفها؟ يجب أن نعرف ما هو الموقف الرسمي حتى نستطيع وتستطيع المؤسسات أن تبدي رأيها ويصبح هناك حوار".
في موضوع اللاجئين مثلا، يتساءل المصري: "ما هو الموقف الرسمي؟ لأن هناك لاجئين في الأردن، ولاجئين في فلسطين، ونحن نقول إن اللاجئين مسؤوليتنا في الأردن، لكن هل سيكون هناك سلطتان لتحديد مصير اللاجئين، باعتبار أن لهم قرارهم ولنا قرارنا؟ هل سيكون هناك خلاف بين السلطة الفلسطينية والأردن، على هذا الأمر؟ من سيقرر مصير اللاجئين؟! هذا ليس واضحا".
كذلك الأمر ليس واضحا فيما يتعلق بقضية حدود الدولة الفلسطينية.
ويصف الجدل الأردني الداخلي حول إطار الاتفاق لوزير الخارجية الأميركي جون كيري كمن "يتحزر (يخمن) تحزيرا".
برأي المصري، فالحوار الوطني اليوم "يجب أن يركز على الثوابت والقواسم المشتركة، تجنبا لحمى الخلاف، خاصة ونحن نناقش في التفاصيل".
ويضيف "يجب أن نعزز فلسفة وفكرة السلم الأهلي، ونحن بصدد مناقشة أي شأن من شؤوننا الداخلية. وبالاستناد لرؤيته للأوضاع الداخلية والإقليمية، يرى المصري أنه "يجب أن يكون مهما لنا جميعا تماسك الجبهة الداخلية، وأن يكون هناك موقف وطني بالمعنى الصحيح، له روافع شعبية، ويتضمن موقفا جليا من الدولة، وهذا التكامل في المواقف هو السبيل لمواجهة أي ضغط".
حوارات وتوافقات سابقة تبخرت توصياتها!
لكن سبق أن تم الوصول الى توافقات وطنية، كما في الميثاق الوطني ولجنتي الأجندة والحوار الوطني، فما الذي يمكن أن يكون جديدا؟ يجيب المصري ان "المشكلة أمام كل الجهود والتوافقات الوطنية السابقة لم تكن في المجتمع، فقد كان هناك جهد حقيقي وصادق في اللجان الوطنية المختلفة، وجميعها أقرت، بموجب رسائل وتوجيهات ملكية". ويضيف: "بصرف النظر عن توصيات تلك اللجان، نتفق معها أو نختلف، لكن لم يتم الأخذ بها، لا كلا ولا جزءا".
ويستذكر المصري الأجندة الوطنية، التي طلب جلالة الملك بأن تمثل خطة عمل إصلاحية لعشر سنوات، "لكن لم تطبق توصياتها وقتها.. ولا بعد عشر سنوات".
ويرد المصري على سؤال حول معيقات تنفيذ هذه الخطة، بالقول "لست أنا من يجيب عن ذلك، وعلى من يقف وراء إعاقة التطبيق، التوجه من جلالة الملك توجها صادقا، ووضعت الأوراق أمام السلطة التنفيذية، فكان للحكومات رأي، وكان للإعلام رأي، لكن النتيجة لم يطبق شيء".
برأي المصري، فإن الحوار الوطني إذا لم تشارك به مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب بشكل صريح، وضمن التوجيهات العريضة للملك، فلن يأخذ واقعه الصحيح". لافتا الى أن محاولات الحوار والنقاش العام اليوم "مبعثرة لا تؤدي إلى الغرض".
ويؤيد المصري أن هناك "نقصا في المعلومات"، ويقول "نحن بحاجة لفهم الموقف السياسي الأردني أكثر، خصوصا ونحن في قلب الحدث بين فلسطين وسورية"، وزاد "على الأقل، بالنسبة لي، فإن المواقف الأردنية تحتاج لتوضيحات رسمية وحكومية أكثر".
المطلوب من الأردن.. والممكن
الفايز: في سياق ما تحدث به نظيراه، ينطلق الفايز في تشخيصه للواقع الأردني اليوم من منطلقين، الأول هو أن السياسة "فن الممكن"، أما الثاني فهو الوضع الجيوسياسي للأردن.
وبعد أن يؤكد الفايز ضرورة مراعاة واقع الأردن كدولة متواضعة القوة ومحدودة الموارد، يرى أن الدبلوماسية الأردنية، بقيادة جلالة الملك، تراعي المصالح الأردنية كأولوية.
ويشدد الفايز على أن النظام السياسي كان قادرا دائما على حماية مصالح البلاد، منذ تأسيس الإمارة في عهد الملك عبدالله الأول، الذي استطاع حماية المصالح الأردنية رغم شح الموارد.
ويستطرد انه في العام 1948 استقبل الأردن آلاف اللاجئين، دون أن تتأثر الهوية الأردنية، فقد استوعبت الجميع، لأنها هوية جامعة.
ويعيد الفايز التأكيد على أن الدبلوماسية الأردنية "قوية"، وأن الملك "يتحرك بكل الاتجاهات".
ولا يؤيد الفايز مقولة أن الدبلوماسية الأردنية غير قادرة على أن تشرح للناس الموقف الأردني الرسمي، ويؤكد "الملك قال بوضوح: الأردن هو الأردن، وفلسطين هي فلسطين، وكذلك تحدث وزير الخارجية عن ثبات الموقف الأردني باتجاه المصالح الأردنية".
ويجزم الفايز أن الأردن "قادر على حماية مصالحه"، إذا راعى مسألتين مهمتين، وهما: ان السياسة فن الممكن، إضافة لمراعاة موقعنا الجيوسياسي".
مشكلة غياب الحوار الوطني عميقة مجتمعيا
ويجيب الفايز عن سؤال هل لدينا حوار وطني؟ بالقول متأسفا "لا يوجد لدينا في المجتمع الأردني ثقافة الحوار، ولا تقبل الرأي والرأي الآخر". لافتا الى التراشق بتهم "مجانية" للمخالفين بالتفكير أو تخوينهم. كما يستشهد بتجربة الجبهة الوطنية للإصلاح، التي "فرط عقدها على خلفية الموقف من الأزمة السورية، بعد ان كانت موحدة عند انطلاق الربيع العربي.
ويؤكد على ضرورة أن ينطلق أي حوار من الثوابت الوطنية، فالعرش هو صمام الأمان للمجتمع وللنسيج الاجتماعي الأردني، كما أن استقرار المملكة واستقرار النظام السياسي فيها هو صمام أمان لكل دول الخليج، وأن أي فوضى عندنا، بالضرورة ستنتقل، لا سمح الله، إلى الخليج، كما أن الأمن وحمايته وإدامته واجب على كل أطياف المجتمع الأردني، وضرورة تغليب الأجندة الوطنية.
الفايز يؤكد أن جلالة الملك "واع لمصلحة الأردن، في أي حل نهائي للقضية الفلسطينية، وعند حدوث أي مفاجآت، يجب أن نكون حاضرين على مستوى الجبهة الداخلية، وملتفين حول العرش الهاشمي، في موضوع حماية المصالح العليا".
وأمام هذا التشخيص، يعتبر الفايز أنه نتيجة لغياب ثقافة ديمقراطية في الأردن "تجذرت العشائرية أكثر، وهذا لا يعني أنها سيئة، بل هي مهمة جدا، ويجب تطويرها وتعظيم الإيجابيات فيها، وتقليص سلبياتها، التي ظهرت متأخرة، وبمستويات اجتماعية مقلقة، من بينها العنف في الجامعات مثلا".
ويعرب الفايز عن تفاؤله بمستقبل المملكة "ما دام العرش يحافظ على التوازن الداخلي، فجلالة الملك هو الحامي والحافظ للأردن".
وحول الواضح والملتبس في الخطاب السياسي الأردني، يرى الفايز أن الملك "جمع أعضاء المكتب الدائم في مجلسي النواب والأعيان ورئيس المحكمة الدستورية ورئيس المجلس القضائي وتحدث بإسهاب عن كل ما يجري"، لكنه يضيف "قد يكون هناك تقصير من قبل الإعلام الرسمي في شرح الخطاب الرسمي وأبعاده للمجتمع، ضمن معادلة سياسية توضح ما يجري"، لذلك يشدد الفايز على ضرورة "توفير استراتيجية إعلامية تساعد في التذكير بالثوابت".
ويرى أن خريطة الطريق لإجراء أي حوار وطني "يجب أن تستفيد من الأوراق النقاشية للملك، والتي غطت كل القضايا الداخلية". معتبرا أن ثمة تقصيرا في فتح نقاشات وطنية حول الأرواق الملكية.
*مستقبل العملية السلمية واستقرار الأردن، في المحور الثاني للندوة، دفع الضيوف للتعليق على التصريحات الرسمية بشأن إطار كيري، وموقف الأردن من قضايا الوضع النهائي، وموقع الأردن من تلك التسريبات حول مستقبل القضية الفلسطينية، وسط تباين في وجهات النظر، تحديدا عن "نواقص" تمكين الجبهة الداخلية بالموقف الواحد:
عبيدات: يبادر عبيدات، عند التطرق الى إطار وحراك كيري، للتساؤل: "هل نحن شركاء في المفاوضات أم فقط متلقون؟"
من وجهة نظر عبيدات، فالموقف الرسمي ما يزال قاصرا في إمداد الرأي العام الأردني بالمعلومات وشرح ما يجري بالمفاوضات، وبما يطمئن الأردنيين على المستقبل.
ويؤكد عبيدات موقفه بالقول: "نحن ضد كل من يثير فتنة"، لكن الأهم، برأيه، "هو أن المجال ما يزال مفتوحا لكل من يريد إثارة الفتنة".
ويحاجج عبيدات بأن غياب المعلومة الدقيقة بشكل شامل عن الناس "يجعل كل واحد يبدأ بالتفكير والتحليل بطريقته الخاصة، سواء بحسن او سوء نية".
ويشدد على ان هناك قضايا "غاية في الأهمية وتشكل فعلا أخطر فصول القضية الفلسطينية، التي لا نستطيع وضع رأسنا في الرمال تجاهها وتجاه استحقاقاتها".
وفيما يتعلق بملاحظة أن الإعلام الرسمي عاجز عن تقديم الموقف الرسمي، يرى عبيدات أن الإعلام عاجز، لأنه في جانب مرعوب، وفي جانب منه منافق، فيما يقف آخر بين الرعب والنفاق، وثمة قلة قليلة تستطيع أن تعطينا الحد الأدنى من المعلومات، التي يجب أن تكون واضحة، لأن غيابها يشكل وقودا للفتن.
وحول سبل إنهاء هواجس الحديث عن الوطن البديل، والموقف الأردني من قضايا مهمة، مثل اللاجئين والقدس والحدود ووجود الجيش في الضفة الغربية، يرى عبيدات وجوب توفر كلام محدد وواضح، حتى لا يكون مثل "حديث الإفك"؛ الذي اختلط فيه حسن النوايا بسوئها".
فتّش عن الإرادة السياسية
ويقول عبيدات "الهواجس والأوهام سببها غياب المعلومة، والمعلومة حق للمواطن، ويجب على المؤسسات الرسمية توفيرها، فإذا أردنا أن نصل إلى نتيجة يجب أن ندق على الفخار حتى ينكسر، ونتوقف عن طرح أسئلة لا إجابات لها".
ويتطرق عبيدات لحوارات وطنية سابقة ومخرجات التوافق الوطني، وتحديدا الميثاق الوطني، فيلفت الى أن "المؤسسات الدستورية الثلاث بقيت بعيدة عن مخرجات الميثاق، فلم تقر تشريعات ولا سياسات بموجب مضامينه".
ويخلص عبيدات الى القول إنه "على الرغم من أن الميثاق شكل محطة حوار بناء ومنتج، وخرج بمعادلات توافقية، وبوثيقة صالحة للدخول للمستقبل، لكنه، مثله مثل كل المواثيق الأخرى، تم تجميده، والسبب وراء عدم تفعيل مثل هذه الجهود هو غياب الإرادة السياسية".
راهنا، يعود خلط الأوراق على الساحة السياسية المحلية، واشتباك الجميع بجدالات قد تصل حدود القطيعة، الى أن الجميع "عندما يتكلم عن الثوابت الوطنية فكل يفصلها على مقاسه" حسب رأي عبيدات.
ويقدم عبيدات شعار الوحدة الوطنية كمثال في هذا السياق، حيث يتحدث الجميع عنها، "حتى أصبحت مقولة باهتة جدا، وأصبحت مشكلة من مشاكلنا، وبعد قليل ستصبح "شتيمة"".
يقول عبيدات ذلك، وهو يؤكد، في ذات السياق، أن الوحدة الوطنية هي "أساس الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي"، ويؤكد قناعته بأن "تماسك الجبهة الداخلية وسلامة النسيج الاجتماعي أساس القوة والمنعة للبلد"، لكنه يتساءل: عن التشريعات والقرارات التي تعزز هذا الثابت الوطني؟
ويضيف أنه "في ظل غياب سيادة القانون معظم الأحيان، التي نتحدث عنها في المناسبات، لأنها سيادة انتقائية، حيث أغلقت بعض قضايا الفساد، وبعضها بيد مجلس النواب".
كما يرى عبيدات أن "الجميع يعرف أن الدولة غائبة في مواقع كثيرة من البلد، وما هو ممنوع على الناس جميعا مسموح لآخرين، لأن هؤلاء لديهم القدرة بالتجاوز على القانون ودون أن يتخذ أحد موقفا منهم".
لكن هل نحن بحاجة الى خريطة طريق جديدة وميثاق لولوج المستقبل؟ يرد عبيدات جازما "لسنا بحاجة لخريطة طريق. نحن لدينا فائض من المواثيق، وجميعها مهمة، ومفيدة بالمضمون الذي أنتجته، في السياق والمرحلة التي جاءت فيها، لكن الأهم من ذلك كله، أن تطبق على أرض الواقع، فهذه مشكلتنا".
وبعد أن يؤيد عبيدات أن ثقافة الحوار باتت غائبة عن الناس، فإنه يحمل الدولة والحكومات "مسؤولية رئيسية عن ذلك".
ويقول "الشعب الأردني لم يخلق مثقفا ديمقراطيا، لكن في بدايات الدولة كانت الثقافة موجودة، عند من كانوا يوصفون بالعشائريين، لأن قيادات هذه العشائر كانت تفرز إفرازا طبيعيا، ولم تكن تُعين براتب آخر الشهر وبقرار.. كان المجتمع يفرزهم، وكانت تلك الزعامات الاجتماعية تتحدث عن رأيها بصراحة أمام الدولة بالحق. انقلبت هذه الصورة بالتدريج، أصبحت الزعامات العشائرية تصنع صناعة (...)".
الوقت مناسب لبناء مجتمع متماسك وقوي
المصري: يزيد المصري على ما تقدم به عبيدات، بأنه يعتقد أن هناك نقص معلومات بالتأكيد، لكن يضيف، أن هناك "نقص موقف أيضا، فالدولة الأردنية مهمة، ولها تأثير في كثير من القضايا"، وبرأيه، وأمام الأحداث الكبيرة في المنطقة، فإن على الحكومة أن تحدد موقفها من تلك القضايا.
وييتساءل عند الحديث عن الثوابت الأردنية في المفاوضات: "هل نحن شركاء في بحث قضية اللاجئين، ومن سيقرر عن اللاجئين؟ وما هو موقفنا من التواجد على الحدود؟ وما إلى ذلك من قضايا. هناك قضايا يجب فتح ملفاتها، وأن نسمع موقفا حكوميا واضحا ومعلومات وافية".
ويجد المصري أن هذا هو الوقت المناسب في الأردن لبناء مجتمع قوي متماسك، وعدم السماح بحدوث أية اختلالات فيه، فيما تعيش المجتمعات المحيطة بنا التفكك والصراع والقتال، ويحيطنا سوار ملتهب من الصراعات الإثنية أو الإقليمية أو الطائفية أو المذهبية أو السياسية.
ويرى المصري أن هناك ضرورة اليوم للإجابة عن الكثير من القضايا، كقضايا المواطنة والانتخابات والصوت الواحد، وإصلاح السلطات الثلاث، "لذلك لا نريد أن نبقى نبدو أننا كدولة حائرة، لا تعرف ماذا تفعل".
وزاد "آن الأوان بكل شجاعة أن نزيل أي ضبابية، أو حيرة، بشأن مثل هذه القضايا، وبالتالي نبني أردنا جديدا على أسس جديدة ومتينة، وأن ننهي مواضيع الخلافات التي كانت موجودة، وفتح ملفاتها بصراحة".
لكن المصري يستدرك بالقول: "هذا لا يعني أننا كدولة منهارون، لكن هناك وضع جديد، وتحالفات جديدة، وجيل جديد يمثل ثقلا في المجتمع، ينمو في ظل عصر تكنولوجيا المعلومات، ولديه معلومات، وسقف عال من الحرية، لا يجب أن نبقى جامدين أمام هذه التغييرات".
ويرى المصري أن التغييرات المطلوبة "يجب أن تكون جذرية لا شكلية"، لذلك نحتاج إلى "إعادة تقييم لكل سياساتنا، في التعليم والأمن والبطالة والأسعار والاقتصاد، إعادة النظر بها، واستخلاص العبر، لنسير وفق التطور الطبيعي، الذي سرنا عليه منذ تأسيس الإمارة، وأن لا نخاف من التغيير، فهناك شباب وجيل، يجب أن يأخذ موقعه، لذا فعليه ان يكون على قدر جيد من الفهم والحاكمية والإدارة، واستيعاب مفهوم المصالح العليا للبلاد".
ويطالب المصري بالتوقف عن الحديث في العموميات، ويجد ضرورة للبدء بالإجابة عن الأسئلة، باتخاذ إجراءات واضحة، من خلال المؤسسات الدستورية، وبقانون انتخاب جديد، وبتقوية المجتمع المدني، وغيرها من إصلاحات جذرية.
الكل مسؤول لا الحكومات وحدها
الفايز: يجد الفايز نفسه معارضا للرأيين السابقين، ويتساءل: "لماذا نضع دائما الحق على الدولة؟ ويتساءل أيضا: "مؤسسات الدولة من أين أتت؟ ويجيب: "هالطينة من هالعجينة"، فالسلطة التنفيذية، عندما تشكل الحكومة يؤخذ بعين الاعتبار التوزيع الجغرافي، أيضا السلطة التشريعية هي اختيار الشعب الأردني، أيضا مجلس الأعيان يمثل كل المحافظات.
ويعترف الفايز بأن هناك "تقصيرا من قبل بعض أجهزة الدولة الرسمية، لكن أيضا هناك تقصير من الناس، فللأسف المنظومة الأخلاقية الأردنية تأثرت كثيرا، خلال آخر عشرين عاما، فالآن لا يوجد كبير، فالعادات والتقاليد لا التزام بها، وللأسف تأثرت المنظومة الأخلاقية". مرجعا الى أن تطور الاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي جزء من أسباب هذا التغيير في القيم.
وبرأي الفايز، "فما يجب التركيز عليه، هو تطبيق القانون على الجميع دون استثناء، وأن تكون الدولة صارمة في تطبيق القانون بما يعيد هيبة الدولة، التي يجب أن لا تفرض بالقوة وحسب، بل أيضا بالاحترام المتبادل بين أجهزة الدولة ومواطنيها".
ويؤكد الفايز مسؤولية الحكومة بتطبيق القانون، وإلغاء أي بؤر لانتشار المخدرات وسرقة سيارات وغيرها من خروقات للقانون"، مشيرا الى أن هناك "خطة تم تطويرها مؤخرا للتشدد بتطبيق القانون، لأن الدولة تستطيع تطبيقه دون أن تستأذن أحدا".
في المحور الثالث، يشير المتحدثون إلى ضرورة تبني الدولة الأردنية موقفا رسميا واضحا من إطار الاتفاق الذي يجري وزير الخارجية الأميركية جون كيري مباحثات بموجبه، بما في ذلك التدقيق في المعلومات المسربة عن تلك الجولات، وانعكاساتها على الأردن، على أن يحدد المقصود بالمصلحة الوطنية العليا للبلاد، والابتعاد عن الأحاديث العامة.
عبيدات: يعتقد عبيدات أنه لا بد من موقف أردني ثابت متكامل، وهذا ما يمثل المصلحة العليا للبلاد.
ويرى ان المصلحة الأردنية العليا تتمثل في ضمان حصول الشعب الفلسطيني على حقه في تقرير مصيره على أرضه، وفي قيام دولة فلسطينية مستقلة، وان تكون القدس عاصمة لهذه الدولة، هذه من أهم الثوابت.
ويعتبر عبيدات ان قضية اللاجئين وحق العودة "في صلب المصلحة العليا للأردن"، كما ان أمن الأردن بهذه المرحلة يجب أن يكون ثابتا للأردنيين والفلسطينيين، وسلامة هذه الأرض مصلحة عليا. يجب أن لا نساوم في هذه القضايا حتى لو لم نكن دولة عظمى.
ويتساءل عبيدات "عن الأسباب التي قد تدعو الدولة للتخلي عن ثوابتها اليوم"؟ في الوقت الذي استطاعت فيه الصمود منذ العام 1948.
ويتابع "بصراحة أكثر، علينا أن نتساءل: لماذا يعيش الشعب الأردني حالة القلق هذه، وهو أول شعب عربي شارك الفلسطينيين في صراعهم ونضالهم ضد الصهيونية، منذ أن بدأ الصراع؟ وعلينا أن نسأل لماذا يجري تلويث هذه البيئة بهذا الشكل، وتصبح هناك قابلية لدى بعض الأردنيين وبعض الفلسطينيين للحديث خارج شرعية التفكير، بقضية فلسطين، باعتبارها قضية الأردن، وهو ما يقودنا للحديث عن الخلل، الذي أصاب المواطنة، والتصدع في علاقة الدولة بمواطنيها.
وفي غير هذا السياق، يرى عبيدات، أن ما تبقى من قضايا يندرج في خانة التفصيلات، كقانون الانتخاب والأحزاب والحصول على المعلومة وغير ذلك"، ويضيف: "هذا بيت القصيد، هناك خلل وقع يجب أن يصلح، ونحن فعلا بحاجة إلى إصلاح شامل، وضعت أكثر من مرة نقاطا لهذا الإصلاح لكن هناك تردد وتراجع، وهناك ارتباك".
ثمة حديث عن ضغوطات على الأردن، ليكون له دور عسكري في أي حل للقضية الفلسطينية. مطلوب من الحكومة أن توضح هذا الموقف. متسائلا عما يمنعها "من مصارحة الشعب بالمعلومات الدقيقة حول جولات وإطار كيري؟ فالمصارحة تعزز الوحدة الوطنية، وعلاقة المواطنين بمؤسسات الدولة، وهذا ليس حاصلا".
ويعتبر أنه في ظل هذا الغموض "لن تتلاشى هذه الهواجس او تنعدم، ويرتاح الناس وينظرون للمستقبل بشيء من الأمل، وسيبقى الوضع يقلقني جدا كمواطن".
ويؤكد عبيدات أنه ليس مطلوبا أكثر من هذا من الأردن، وليس عليه أن يخترع موقفا جديدا من القضية الفلسطينية، وإذا أراد الأردن أن يتساهل في ذلك، فستنطبق عليه مقولة "أكلت يوم أكل الثور الأبيض"، فالشعب الفلسطيني يتعرض للعدوان باستمرار، والشعب الأردني ليس محصنا أمام المطامع الإسرائيلية.
برأي عبيدات فمن يريد سلاما يجب أن ينجز سلاما حقيقيا مع الشعب الفلسطيني، هذه بديهيات يجب أن لا نختلف عليها، ويجب أن تكون واضحة.
لا غموض في الموقف الأردني تجاه المفاوضات
الفايز: يختلف الفايز مع عبيدات في رؤيته حول غموض الموقف الرسمي حيال القضايا الأساسية، المتعلقة بما تسرب عن إطار كيري، خاصة في قضية الأمن والحدود، وقال "أختلف مع أبو ثامر (عبيدات) بشأن الموقف الرسمي من الأمن، جلالة الملك كان واضحا، وقال إننا لن نستبدل الدبابة الإسرائيلية بالدبابة الأردنية. ما هو المطلوب أكثر من ذلك؟ رأس الدولة يؤكد ذلك.
ويقول "نعم هناك هواجس لدى الشعب الأردني، وهناك تقصير في الإعلام، لكن الملك، وأكثر من مرة كان واضحا، وأكد أنه لن يكون هناك أي جندي أردني في الضفة الغربية. مشيرا إلى ما تم نشره من حديث ملكي مؤخرا مع أعضاء المكتبين الدائمين في مجلس الأعيان والنواب، بحضور الفايز، والذي يضيف هنا: نشر الإعلام ما تضمنته جلسة جلالته مع المكتبين الدائمين في مجلسي الأعيان والنواب، هؤلاء ممثلو الشعب".
ويضيف الفايز "كان كلام جلالته بالنسبة للأمن واضحا، لم يكن هناك تردد بنفي أن يكون للأردن أي دور أمني في حماية المصالح الإسرائيلية، أما لماذا لا يقدم المسؤولون موقفا ومعلومات، بهذا الشأن، فهي رغبة في الابتعاد عن الإعلام".
ويستطرد الفايز: "أنا حضرت الاجتماع بجلالة الملك، وهو قال بالحرف الواحد، إن الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني يريدان الابتعاد عن الإعلام، رغم التسريبات، لكن هم يرغبون بالابتعاد عن الإعلام خشية فشل المفاوضات".

المصري: ويعزو المصري غياب المعلومات الدقيقة إعلاميا ورسميا، بشأن إطار كيري، إلى "عدم وجود مبادرة محددة بالفعل للإطار"، ويقول: "بالنسبة لي، أحد أسباب عدم وضوح الموقف الرسمي أنه لا يوجد مبادرة محددة لإطار كيري، والموقف الأميركي ليس ثابتا، فلا زال الإطار العريض غير واضح المعالم تماما، حتى لو رافقته أجواء محددة، لكنها قد تتغير"، ليخلص المصري الى أن "هذا يدفع للاعتقاد أن الشرعية الدولية لم تعد مرجعية لتحرك كيري، فقد انتهت وأصبحت المرجعية اليوم هي المرجعية الكيرية، والولايات المتحدة".
ويتابع المصري؛ إن تبدل الأطر المرجعية للشرعية الدولية في التفاوض، أصبحت تحمل مقاييس مختلفة، يتم بموجبها إعلان مواقف بالموافقة أو الرفض من الأطراف المعنية، بموجب المرجعية "الكيرية" او الإطارية الأميركية. ويقول: إن "هذا خطر".
ويضيف المصري "صحيح أننا لا نستطيع أن نرفض، لأننا لسنا دولة عظمى، لكنه كلام جديد وخطر، لأن القضية باتت متذبذبة، اليوم يتفاوض كيري مع نتنياهو على شيء، ويصبح هو الشرعية"، ويزيد "لذلك نسأل كمواطنين أردنيين: هل هناك مواقف تنسيقية بيننا وبين السلطة الفلسطينية؟ أم هل لنا آراؤنا ولهم آراؤهم؟ وهل هناك تنسيق في موضوع اللاجئين أو الحدود أو غيره؟ على الحكومة أن تحدد الثوابت، حتى نسير ضمن الإطار العريض الخاص بنا، ومن ثم نخوض بالقضايا الأخرى.
الحذر من أوسلو جديد
عبيدات هنا، يرى عبيدات أن على السلطة الفلسطينية "تحمل المسؤولية" عن غياب تلك المعلومات، مسترجعا ما حصل قبيل إعلان اتفاقية أوسلو، التي اعتبرها تجربة يجب الاتعاظ بها.
ويوضح متسائلا "من أين نحصل نحن على معلوماتنا عن المفاوضات؟ إما من الإدارة الأميركية، أو السلطة الفلسطينية او اسرائيل. ويضيف "لنا تجربة سابقة مع السلطة، تحديدا تجربة أوسلو، حيث توصلت اليه القيادة الفلسطينية، من دون علمنا، فيما كان الوفد الأردني الفلسطيني المشترك يفاوض بمدريد. وفوجئ الأردن كما فوجئ الشعب الفلسطيني والعالم العربي بأوسلو، بكل ما فيها من آثام، ومنذ ذلك التاريخ اختلفت المرجعيات وأصبح لا علاقة لها بالشرعية الدولية ولا بالقانون الدولي ولا بالحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني".
ويزيد عبيدات "تبدل المرجعيات ليس جديدا، لم تعد الشرعية الدولية هي العامل الحاسم".
ويجدد عبيدات رفضه لـ"التعاطي مع التصريحات الإعلامية، التي تنشر للاستهلاك المحلي، خاصة ما يصدر عن الجانب الإسرائيلي، الذي لا يمكن أن يكون محل ثقة". ويقول: "الإسرائيليون لا يمكن أن يكونوا محل ثقة، ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار سياسات الإدارة الأميركية البراغماتية المتغيرة في العالم".
وعليه ينصح عبيدات الحكومة والدولة الأردنية بأن تدقق المعلومات التي تصلنا بشأن المفاوضات، وإلى أين وصلت في القضايا الأساسية. وبوضوح يقول "أنا ليس عندي ثقة بهؤلاء، وهذا حال معظم شعبنا، يجب أن تكون هناك معلومات دقيقة، ونتحقق مما يردنا من المصادر الثلاثة، حتى لا نصحو على لدغ من الجحر ذاته، وهذه مصلحة وطنية عليا للشعب الأردني، لأنه يجب أن لا يفاجأ الشعب الفلسطيني والأردني بأوسلو ثانية".
ويلفت عبيدات الى أن "المناعات التي أحاطت بالقضية الفلسطينية قبل عشر سنوات لم تعد موجودة الآن، وهذا يخيفنا أكثر"، ويزيد "كان هناك جدار عربي قائم، ورأي عام عربي وإعلام عربي.. كما كان هناك برنامج وطني فلسطيني موحد إلى حد ما".
أما اليوم، يؤكد عبيدات، "فلا يوجد مناعات، لا على المستوى الفلسطيني، ولا على المستوى العربي ولا الدولي، فإذا كان المشهد يرتكز على مزيج بين الإيجابيات والسلبيات، فإن الموقف الفلسطيني منقسم انقساما عموديا وأفقيا، والتنسيق الأمني الفلسطيني والإسرائيلي يجري على قدم وساق". للأسف الموقف الفلسطيني في الداخل اليوم "هش ضعيف ممزق ومنقسم"، والموقف العربي "أشد انقساما" والموقف الأردني جزء من الموقف العربي، شئنا أم أبينا.
ويخلص عبيدات الى ان المرجعيات "اختلفت وأنا بحاجة لمن يطمئني على المستقبل".
الفايز: يؤكد الفايز، مرة أخرى، أن موقف الأردن "واضح" من قضية اللاجئين الفلسطينيين المتواجدين في الأردن، دون الدخول في تفصيلات، ويقول: إن "حق العودة للاجئين يجب أن يبقى مقدسا، وإن اللاجئين الذين يحملون الجنسية الأردنية، هم من مسؤولية الدولة الأردنية".
ويزيد "قضايا اللاجئين والحدود والأمن والمياه والقدس تهمنا، وكموقف أردني فإن حق العودة والتعويض للاجئين هو حق مقدس، ويجب أن تقر به إسرائيل، وما يهمنا كأردن، في المفاوضات بقضية اللاجئين، أن الأردنيين من أصول فلسطينية، الذين يحملون الجنسية الأردنية، هم أردنيون، والدولة الأردنية هي المسؤولة عنهم".
ويزيد الفايز "بالنسبة للمباحثات الإسرائيلية الفلسطينية، فيجب أن تنص بوضوح على حق العودة كحق مقدس ضمن أي اتفاقية قادمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
أما عن قضية الأمن والحدود أردنيا، فيرى الفايز أن تصريحات الملك "كافية حول التأكيد بعدم الموافقة على تواجد أي جندي أردني في الضفة الغربية"، ويضيف: إذا كانت هناك رغبة بأي تواجد لقوات، فلتكن من حلف الناتو مثلا، أو من أي دولة أخرى، على أن يكون هناك تنسيق أمني في بعض المواضيع".
وبشأن القدس، يرى الفايز أن الموقف الأردني "تم الحسم فيه، وهو أن تكون القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة، وليس كما تم ذكره عبر التسريبات، بأن تكون عاصمة دولة فلسطين عاصمة في القدس، وهو قول فضفاض".
ويقول الفايز: "وحسب ما سمعته عن إطار كيري، وما تم طرحه في مسألة الانسحاب الكامل من حدود 67، فإن هناك مستوطنات، وسيتم تبادل للأراضي، هذا ما سمعته، لكن حتى الآن لا يمكننا اتخاذ موقف من تسريبات".
وبعد ان يؤيد الفايز ان أوسلو شكلت مفاجأة مغضبة للأردن العام 1994، فإنه يعتقد "شخصيا" اليوم انه "لن يكون هناك أوسلو آخر"، لأن الطرفين "يتحدثون اليوم عن حل نهائي، وليس حلا جزئيا، فأوسلو كانت حلا جزئيا".
أين نحن من تحرك كيري
المصري: يعود المصري للتساؤل حول القضايا الأساسية بالحل النهائي، وعما إذا كان الأردن سينتظر الإعلان النهائي، حتى يعلن مواقفه؟
ويقول المصري: إن موضوع المصالح الأردنية في الحل "متشعب"، وتساءل: قبل أن أجيب، هل المصالح الأردنية ستؤخذ بعين الاعتبار، عندما يقرر كيري أو تعلن السلطة الفلسطينية قبولها بالإطار إذا تم الاتفاق عليه طبعا؟ هل سيؤخذ الموقف الأردني بعين الاعتبار أم أننا سنقبل فقط بما سيقررون؟ وهل هناك تفاهم أو نظرة مشتركة بين السلطة والأردن، خاصة أن الأردن سيوقع على بعض هذه القضايا، فمثلا الأردن لن يوقع على قضايا مثل الحدود، وبشأن القدس أتصور أن التوقيع سيكون معنويا، أما بشأن اللاجئين فنعم سيكون لنا دور، وعلى هذا الأساس هل نحن متفقون مع السلطة على نظرة مشتركة إذا قرر كيري الاستمرار ووصلنا إلى مفاوضات! هذا مهم، لأنه في هذه الحالة قد تتكرر أوسلو مرة ثانية، يجب أن نحدد المصالح الأردنية.
ويسهب المصري "لنفترض غدا انه قيل لنا ما علاقتنا كأردن بقضية القدس أو موضوع تبادل الأراضي؟ لنعرف أين نحن من هذا الأمر، والحديث بأفق عريض جدا قد لا يتحقق، لذلك يجب معرفة الموقف الأردني ولو مبدئيا. أين دوري في المفاوضات، هل سأدخل على قاعة اللاجئين في المفاوضات النهائية فقط؟ "، ويضيف "من المهم لهذه الضبابية والحيرة أن تتوضح".
عبيدات: أما عبيدات فيذهب الى التشكيك بأن ما طرحه كيري للآن هو مجرد تسريبات، أو طروحات أولية شفوية، قائلا إنه من "الصعب أن أصدق أن كيري لم يصل للآن لإطار مكتوب، ولو في معظم النقاط، وربما هو فقط بحاجة إلى لمسات أخيرة"، وليس معقولا ان يكرر كيري كلامه في أكثر من 12 جولة.
عليه يؤكد عبيدات مرة خرى، أن واجب الحكومة التأكد من دقة المعلومات التي تصلنا، فإذا كنا لا نستطيع أن نقوم بأي شيء تجاه موضوع القدس سوى اتخاذ موقف معنوي، فأعتقد أننا أصلا سجلنا نقطة سلبية بهذا الموضوع في "وادي عربة"، حيث نصت على أن لنا حق الإشراف على المقدسات، وتحت عباءتنا اليوم، نجد أن اسرائيل ارتكبت كل الموبقات في القدس وغير القدس.
ويتفق عبيدات مع ما أشار إليه الفايز، من أن أهمية التصريحات الملكية بشأن رفض استبدال الدبابة الاسرائيلية بالأردنية، قائلا إن "هذا أمر جيد". لكن بالمقابل، يرى عبيدات بأن قضية اللاجئين لا تتوفر حولها معلومة موثوقة رسميا. ويقول: هناك تفاصيل كثيرة جدا، والحديث فقط عن مصالح أردنية عليا، دون أن نوضح ما هي هذه المصالح، وإذا استمر الغموض حولها فستكون هي الوقود لمشاكل وفتن.
وفيما يعتبر عبيدات أن "لا فصل" بين تلك القضايا، والحديث عن العلاقة الأردنية الفلسطينية، فإنه يشكك بفرصة الاتفاق على إطار كيري بين الأطراف المعنية، في ضوء ما يتسرب من معلومات.
ويقول: "في الوقت الذي كان فيه هناك موقف فلسطيني متماسك، وموقف عربي قوي كليا أو جزئيا، ووسط توفر مناعات ضد فرض تسوية مذلة (فترة توقيع أوسلو)، لم يستطع العالم أن يجبر إسرائيل على تقديم حل منصف للقضية الفلسطينية! الآن الصورة مقلوبة تماما، على كل المستويات. كيف يمكن الوصول إلى حل في ظل كل هذا التراجع، وعوامل الضعف! كيف يمكن أن تشكل قوة للوصول إلى حل نهائي؟ باعتقادي انه إذا كان هناك حل نهائي ممكن اليوم فسيكون حلا مخيفا".
ويضيف عبيدات: "لا يوجد حل نهائي في تاريخ الشعوب لمثل هذه القضايا، إلا في حالة أن يقاتل الشعب، وأن يتوفر له الدعم من خارج حدوده، بالتالي يحرر أرضه ويفرض إرادته، وطبعا هذه ظروف ليست متوفرة، لذلك قد يفرض اتفاق نهائي لكن هل سيكون ذلك حلا نهائيا؟! ليس هناك فرصة لمثل هذا الحل، لن يأتي ضمن الإخفاقات الموجودة، حتى لو هدأت الأمور وهدأ القتال والنضال، لكن بعد فترة، الأمور ستعيد إنتاج نفسها، وبالتالي، لا يوجد ضمانة لإسرائيل إلا بسلام حقيقي. مطلوب منا في الأردن أن لا نتوهم أن وادي عربة هي الضمانة لمستقبلنا.
ما هي ضماناتنا للمستقبل
إذن ما هي ضماناتنا للمستقبل؟ يرى عبيدات أنها تكون بتوحدنا والتفافنا بالفعل حول الشرعية، مع الحرص على سلامة النسيج الوطني، وأن يكون هناك تطبيق للقانون، وأن تكون هناك خريطة إصلاح شامل، تعيد الثقة المنعدمة، او الضعيفة، بين الناس وبين المؤسسات الرسمية، هذه هي المصلحة الحيوية الأردنية، وهي التي تشكل المناعات للبلاد.
المصري: من جهته، يرى المصري أن ما يقدمه نتنياهو من شروط وما يتجاوب معه كيري، واعتمادهما على الظروف الحالية المواتية، في التعامل مع القضية الفلسطينية، بما فيها من ضعف وصراعات، تجعل من المستحيل على الفلسطينيين والعرب والأردن أن يقبلوا بما يقدمه كيري، أو بسقف نتنياهو، لذلك قد لا تنتهي الأمور إلى حل جذري.
أما عن الضمانة للمستقبل، فيؤيد المصري عبيدات، في أن الإصلاح الداخلي هو الضمانة. وبرأيه أن الخطوة الأولى في التعامل مع الثوابت على الجبهة الداخلية، يجب أن تكون عبر امتصاص تلك الهواجس والمخاوف، من التلاعب في القضايا المطروحة كالوطن البديل واللاجئين.
وبرأي المصري أيضا، فإن الصدمة عند الأردني والفلسطيني، قد تكون في التلاعب بمفهوم حق العودة، حيث بات اللاجئ الذي كان يعتقد أنه سيعود لأرضه، بات يعتقد أنه لن يعود، ومن ينتظر أن يعود لأرضه سيجد أن ذلك قد لا يتوفر.
وعليه، نجد أنه إذا صح هذا الكلام، فستتولد أجواء رفض وتمرد، فهناك جيل، عمره 25 و30 سنة، تعود على وضع معين، وهو جيل متمرد، وليس واثقا من مستقبله. لا أريد إضافة عامل ثالث، هو الظروف المعيشية الصعبة، التي ترسخ قناعات مختلفة تماما عن السابق. كل هذه أمور تجتمع في قلب الأردن، وفي جوانب مهمة من حياتنا، قد تولد مشكلة حقيقية، نعاني من بوادرها الآن.

الفايز: أما الفايز فيقول إنه "قد يكون هناك اتفاق نهائي وقد لا يكون"، وهذا يعتمد على الضغط الأميركي، وعلى ما سيقدم للفلسطينيين، وما إذا كان سيلبي طموحات الشعب الفلسطيني. لا أدري هل يمكن للرئيس محمود عباس أن يغامر، ويوقع على ما فيه تضييع للحقوق الفلسطينية. كل ذلك يعتمد على ما سيقدم الإطار أو اتفاق كيري.
جدل المواطنة والهوية
في محور المواطنة والهوية، والجدل الدائر حوله أردنيا، سألنا عن المتطلبات الآنية، لحسم جدل الهوية، وكيف يمكن ان نخرج من أحاديث الغرف المغلقة؟
عبيدات: يعيد عبيدات التأكيد على أنه لم يعد كافيا التصريح بأننا شعب واحد، وأن القانون ينطبق على الجميع، وأننا كبلد ندعم القضية الفلسطينية والكفاح الفلسطيني. فالموضوع، برأيه اليوم، مختلف، ويضيف: "إذا كان بعض الإخوة في الشارع الفلسطيني يتحدث عن حقوق منقوصة، فأعتقد أن كثيرا من الأردنيين في الشارع، إذا صح التعبير، يعتبرون أن حقوقهم أيضا منقوصة، وحقوق الشعب كلها منقوصة، مادام غير حر، في أن يختار من يمثله في مجلس النواب. هذه واحدة من القضايا التي يجب أن تحسم، وهي قضية آنية".
ويزيد عبيدات؛ "لا يجوز استمرار "جرجرة" الناس، تحت عنوان قانون، وصفوه بالصوت الواحد، وهو عبارة عن قانون يزيد من شرذمة الشعب الأردني، حتى داخل البيت الواحد، وداخل القرية والمدينة والمخيم. ويقدم الولاء المعلن تحت عنوان النفاق على الكفاءة في التمثيل، وعلى الفرص المتكافئة، وذلك على حساب قانون عادل منصف، متوجه لتوحيد الشعب، وليس منصاعا لتقسيمه وتفتيته". ويؤكد عبيدات أنه آن الأوان للتخلص من هذا الموضوع، الذي مضى عليه نحو عشرين عاما، وفي ذلك هدر من عمر الشعب الأردني، وهدر من حقوقه ومن مناعته ومن وحدته الوطنية.
ومن ضمانات الحسم في جدل الهوية والمواطنة، يؤكد عبيدات، ضرورة سيادة القانون على الجميع، كمناطق وكبؤر، وبما يعطي انطباعا إيجابيا، ويعزز انتماء المواطن للدولة وللنظام.
ومن زاوية ثالثة، فيجب أن تمثل الحكومات مصالح الناس فعلا، ليس فقط تمثيلا نيابيا، بل حكومات تكون قادرة على أن تبني ثقة بينها وبين مجموع الشعب، وهذا لا يجب أن يصدر ببيان من رئيس الحكومة، بل بتشريعات، وعلى رأسها، تشريع ضريبة الدخل، الذي يجب أن يكون وسيلة لإعادة التوازن في المجتمع، بتضييق الفوارق، والحد من تكريس الطبقية والصراع الطبقي.
عن الفساد، يقول عبيدات، لم نعد نتحدث به، لأنه أصبح لدينا إحباط، وانقطاع أمل، من ان تكون هناك آلية لمحاربته، بل أنا محبط حتى من جدية محاربته. ومكافحة الفساد تعطي ضمانات للناس، وتهدئ المجتمع، لأنه يولد شعورا بالعدالة.
وتتعزز قيم الهوية والمواطنة، يقول عبيدات، بمعالجة الوضع الاقتصادي، والأعباء المترتبة على الناس، والتي تجعلهم غير قادرين على العيش بكرامة. ويتساءل في هذا السياق: "لماذا لا نتوجه لاستغلال الصخر الزيتي سريعا واستراتيجيا في ظل فقرنا بالنفط؟ فيما يستغرب الاندفاع في الترويج لخيار الطاقة النووية السلمية رغم كلفتها المرتفعة (20 مليار دينار) وحاجتها لفترة طويلة للعمل".
والسؤال الأبرز بالنسبة لعبيدات هو "لماذا نبتعد عن هذه السياسات ونلجأ إلى سياسات تزيد من أعباء الناس؟" الناس، عندما تطبق السياسات المطلوبة ستتحمل حينها، وتنشغل في ان تحسن أوضاعها، لكن الآن سيبقى المواطن يشكو.
لن تتشكل عند المواطن أي قناعات بالثقة، عبر خطابات وبيانات ولا تصريحات للمسؤولين، بل بالعمل على الأرض، ولا أرى هذا العمل. تستطيع أي حكومة قادمة ان تفعل السياسات المطلوبة، وعبر تقديم أمثلة عملية لحلول بديلة ولو كانت مؤقتة.
ويشير عبيدات إلى أن كل هذه الظروف مع بعضها قد تفعل المصالحة الداخلية مع الذات، بين المواطنين والدولة.
مطلوب حوار وطني وحسم للجدل
المصري: برأي المصري فإن عنوان المواطنة، يجب أن يصبح راسخا، ولا يجوز أن نستمر في الحديث عمن هو الأردني؟ ومن يسحب رقمه الوطني، أو من يتجنس، فهي مواضيع مر عنها العالم وتجاوزها، ويجب البت بها.
لكن يجب أن يكون هناك تناغم بين الموقف الرسمي وإدارة ما يجري على الأرض.
فموضوع الوطن البديل، الذي أخذ منا جدلا، وصفه جلالة الملك بـ"وهم"، لكنه موضوع ما يزال مطروحا عند البعض.
ويشير المصري إلى أن هناك تناقضا في موضوع الحقوق المدنية لأبناء الأردنيات المتزوجات من أجانب، والتي أصبحت الآن "مزايا خدمية"، ويتساءل: لماذا يحدث ذلك؟
كما يلفت الى ضرورة الإجابة عن سؤال وجهه رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي أخيرا، حول المديونية، وهو "لماذا تتسع هوة المديونية؟ ولماذا زادت خلال عام واحد (2013) مليارين، وخلال عشر سنوات زادت مليارا واحدا؟ من حق المواطن أن يسأل كيف تصرف هذه الأموال".
ويقول المصري: "كلها قضايا متداخلة مع بعض ولا أحد يجيب عنها".
وعن الفساد، يشير المصري الى الحاجة الى بعض الاجابات ايضا لاسئلة ما تزال تطرح من قبل مواطنين.
الفايز: من جهته، يرى الفايز، فيما يتعلق بالهوية الأردنية والمواطنة، ضرورة أن ينشأ حوار واضح وصريح، لوجود هواجس تتعلق بالوطن البديل، وهو ما يجب تجاوزه بعد تصريحات جلالة الملك الأخيرة، التي قال فيها: إنه "لا مخاوف من الوطن البديل، وإن الأردن هي الأردن وفلسطين هي فلسطين".
ويدعو الفايز إلى حوار صريح، يخلص إلى فكرة، أننا كلنا أردنيون، وأن كل من يحمل رقما وطنيا هو أردني، وينطبق عليه القانون ودون استثناء، والمواطن عليه واجبات وله حقوق.
ويؤكد الفايز ضرورة "تجاوز هذه المخاوف"، وبرأيه، فإذا استمر الحديث عن الوطن البديل والتجنيس، فلن يكون هناك حوار صريح، لتجاوز مشكلة الهوية والمواطنة.
عبيدات: يقول عبيدات إنه ما يزال هناك خلل في فلسفة الدولة، ونظرتها إلى المواطن، ويوضح "هو خلل ينسحب على الاقتصاد والسياسة والاجتماع"، ويضيف؛ لفترة طويلة مضت فإن الدولة لم تسلم بأن علاقتها مع المواطنين ليست علاقة منح، بل علاقة حقوق، هذا المفهوم ليس مترسخا بعد في عقلية الدولة.
ويدعو عبيدات لأن تكون هذه العلاقة مبنية على فهم مختلف كليا، بأن الحقوق المدنية والسياسية والثقافية والاقتصادية هي حقوق للمواطن في الدولة.
كما يدعو الى تجاوز أزمة "انعدام الشفافية"، ويقول: "بالمقدار الذي نتكلم فيه عن الشفافية فهي ما تزال منعدمة، وعندي أمثلة كثيرة، والمثل الأحدث هنا قضية أموال الضمان الاجتماعي وبنك الإسكان، لم نسمع بعد معلومة رسمية واضحة حولها.
ويرى عبيدات على صعيد الخطوات السياسية المطلوبة آنيا، أن على النخب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني أن تبذل في هذه المرحلة جهدا حقيقيا، في رأب هذا الصدع، الآخذ بالتعمق بالمجتمع الأردني، وأن تكون هناك مبادرات لحماية الوحدة الوطنية من هذه الفيروسات.
كما يدعو السياسيين، الذين يطرحون أنفسهم على أنهم سياسيون، لأن ينهوا حالة التناقض، بين أحاديثهم في الغرف المغلقة، وبين العلن وللصحافة وغيرها.
ويؤكد عبيدات أن هذا خلل اجتماعي لا بد من الإشارة إليه، ويجب أن تكون هناك مبادرات بأشكال مختلفة، بسيطة ومتوسطة وكبيرة، ونحن اليوم بحاجة إلى مبادرات للخروج من هذه الحالة.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)