طلبة نيوز -عن الغد  - يأخذنا الدكتور صلاح جرار إلى عالم الموشحات الأندلسية، في حالة استرجاع ما مضى من تاريخ العرب، يتسلق من خلال ذلك التاريخ جبال المشتهى غارسا في طريقه بذور الزعتر والزيتون، ليحلق في فضاء الشعر والموسيقى والكتاب.
* أي الأمكنة التي تجتاحك رائحتها الآن، وترغب في أن تقضي عزلة مؤقتة فيها؟
- سأختار مدينة صغيرة وادعة في جنوبي الأندلس تدعى "لوشة" أو "لوخا"، وتقع على بعد خمسين كيلومترا غربي غرناطة، مسقط رأس "لسان الدين بن الخطيب" صاحب موشحة "جادك الغيث إذا الغيث همى"، وأحب هذه المدينة الصغيرة بسبب جمالها الأخاذ، فقد وصفها القدماء بأنها عروس الأرض، ويعجبني فيها أنها تشبه قريتي ومسقط رأسي "كفرقود" في تضاريسها واحتضان الجبال الشاهقة لها، يكمن جمال "لوشة" في أنها غربية بنكهة شرقية.
* في مثل تلك العزلة، ثمة كتاب تحن إلى قراءته بهدوء، أي الكتب تود مرافقتك هناك؟
- أشعار الغرناطي "فديريكو غارثيا لوركا"، بسبب شعره الإنساني الجذاب والساحر ولا سيما الغزلي، ولقدرته على إثارة الحزن والأسى والشوق في نفس القارئ، ولأنه يملك نكهة شرقية في بلد غربي.
* في العزلة، نحتاج لصفاء تام. يقال إن الموسيقى تأخذنا إليه، فأي موسيقى تهدهد روحك هناك؟
- موسيقى أغنية "محمد عبد الوهاب"؛ "يا سماء الشرق"، وذلك لأنني لا أحب أن أنسى الشرق أينما ذهبت، وهذه الأغنية تذكرني بأيام أمجاد الأمة وأيام ثقتها بنفسها.
* ما هي أجمل الصور التي تحب أن تراها في عزلتك؟
- صورة أطفال رضع يضحكون، وصورة والدتي رحمها الله وهي تسبّح، فهي صور بعضها يفتح أبوابا للأمل وبعضها الآخر يشرع نوافذ على الأصالة والعراقة وجميل الذكريات، وكلتا الصورتين تذكران دائما بالنقاء والبراءة.
* ستكون وحيدا، لو جنت العزلة ورفضت بقاءك مع نفسك وكتابك وموسيقاك، فأي الأشخاص تختار أن يكون قريبا منك؟
- أي شخص مثقف وملم بالتاريخ والأدب الإسبانيين والعربيين وصاحب وعي وخلق وذوق وأفضل أن يكون إسبانيا كي يساعدني على التكيف مع المكان الأندلسي.
* نفترضها عزلة مؤقتة. أنت ماذا تفترضها، ولم؟
- أختار العزلة المؤقتة حتى مشارف الملل، لأن تغيير المكان بين الحين والآخر يجعل للعزلة معنى وجدوى.
* هناك، وأنت وحدك، ما الذي ترغب بأن تنجزه؟
- كثير جدا، أوله قراءة التراث الإسباني الأدبي والتاريخي بلغته الأم التي ألف فيها، وثانيها التنقيب عن الأسر ممن انحدروا من سلالات عربية، لأن من المؤكد أن لكل واحد منهم حكاية ورواية مثيرة، وثالث ما أود إنجازه في تلك العزلة أن أنجز ديوانا شعريا وسيرة ذاتية ومجموعة جديدة من المنامات على غرار ما أصدرته سابقا في كتابي "المنامات الأيوبية".

- د. صلاح جرار أستاذ في اللغة العربية ومختص في الأدب الأندلسي، تقلد منصب وزير لوزارة الثقافة الأردنية أكثر من مرة، كما وصدر له العديد من المؤلفات.