طلبة نيوز
الحكومة وكرامة الجامعات المهدورة
الأستاذ الدكتور أنيس الخصاونة
مريعة تلك الأحداث المتتالية التي تعصف بجسد التعليم العالي في الأردن فمن تراجع في مستوى التعليم إلى تآكل في جودة مكونات التعليم العالي إلى فجوات مفجعة بين القدرات المالية اللازمة للمحافظة على سوية مرضية لمخرجات التعليم وبين تراجع الدعم الحكومي للجامعات مما جعل عمل رئيس الجامعة غاية في الصعوبة .رؤساء الجامعات تحولوا إلى مدراء ماليين جل اهتمامهم يتركز على تدبير الرواتب واختصار النفقات وقضم بعض الامتيازات التي أصبحت حقوق مكتسبة للعاملين من إداريين أو مدرسين.
نعم أنا أشعر بالشفقة على وضع رؤساء الجامعات الذين تركوا في الساحة ليتدبروا أمورهم بعد تخلي الحكومة عن دورها في الحفاظ على سوية التعليم العالي لا بل يبدوا لي بأن شأن التعليم العالي لم يعد يشكل أولوية بالنسبة لحكوماتنا المتعاقبة لدرجة بدأت أظن أن الاعتناء بنادي اليخوت أو الإسطبلات الملكية أو سباقات تل الرمان أهم لدى الحكومة من إيلاء الجامعات ومؤسسات التعليم العالي الاهتمام الذي تستحقه.
ما حصل في عدد من جامعاتنا الرسمية على مدار الأيام القليلة الماضية هو بكل الموازين هدر لكرامة الجامعات وليس هدرا لكرامات رؤسائها فقط الذين هم في المحصلة عبارة عن أشخاص يأتون ويذهبون ويمكن أن يخلفهم من هو أفضل أو أسوأ نهم.نعم إنه هدر لكرامة الجامعات التي ترك رؤسائها ليتعاملوا مع عدد كبير من الطلبة الذين يدرسون دون أن يدفعوا الرسوم أو أن تدفع الجهات التي ابتعثتهم تكاليف دراستهم .ما ذنب الجامعات في تدريس الطلبة الذين حصل أبائهم على تصنيف طبي "جسيم" نتيجة خدماتهم في مؤسسات الدولة ولماذا لا تقوم الحكومة بدفع الرسوم عنهم؟لماذا لا يقوم الديوان الملكي بدفع الرسوم عن الطلبة المبتعثين على حسابه؟ لماذا تتدخل الأجهزة الأمنية في تعيينات رؤساء ونواب الرؤساء والعمداء في الجامعات؟كيف يمكن لرئيس الجامعة أن يسير شؤون جامعته ويعمل على تطويرها إذا لم يتوفر له المال الكافي لتمويل هذه الجامعة وإدامة منشآتها ومبانيها ومعداتها وكوادرها التدريسية والإدارية؟ هذه الظروف دفعت ببعض رؤساء الجامعات للتفكير في اختصار كثير من امتيازات العاملين وتأميناتهم الطبية وحقوقهم في مكافأة نهاية الخدمة من أجل تسليك الأمور وهذا الذي يخلق بيئة صدامية بين إدارات الجامعات والعاملين فيها نظرا لتعرض مصالح العاملين للتهديد.
ما نخشاه هو أن نصل إلى مرحلة يعتذر رؤساء الجامعات عن تقلد هذا الموقع الكبير والمهم في منظومة المؤسسة التعليمية في الدولة الأردنية وقد شهدنا قبل فترة ليست ببعيدة تعبير بعض رؤساء الجامعات عن عدم رغبتهم في التجديد لهم في دورة ثانية لقيادة الجامعات التي يعملون بها.ثلاث رؤساء جامعات ونوابهم يتعرضون للمنع من دخول مكاتبهم ويتم إخراج بعضهم عنوة من أماكن عملهم في حين أن أحد هؤلاء الرؤساء يغادر الجامعة ولا يستطيع العودة تحسبا لتعرضه ربما للعنف.
وزير التعليم العالي الجديد الدكتور لبيب الخضرا الذي نحترمه ربما يشكل ما يحصل من أزمات ألان تحديا كبيرا له شخصيا وللحكومة الغارقة في الترتيب لاحتفالات بانجازات وهمية عن تحسن الاقتصاد الأردني ومستقبل الأردن لعام 2025. واعجبي عن ماذا تتحدثون والأردن محاط بأزمات مرعبه من حوله تكاد تعصف بكل التنبؤات وتجعل هذا التنبؤات خيالا خصبا أقرب للأحلام وليس للحسابات الدقيقة.جامعاتنا في خطر شديد والأمور تتسارع بوتيرة غير مسبوقة وما لم تستدرك الدولة الأردنية الأمور وتتعامل معها من خلال الدعم والحزم والعدالة والحصافة فإن منجزاتنا التي تحققت على مدار العقود السابقة وكرامة جامعاتنا وليس فقط كرامة رؤسائها ستتعرض للتآكل والانحدار فهل من تفيق الحكومة لتفعل شيئا قبل أن يقع الفأس في الرأس؟
التعليقات
طارق القضاة (.) الخميس, 05/14/2015 - 08:30
كل الشكر دكتورنا الفاضل على طرح مثل هذه المواضيع الهامه
كلام جميل وفي صميم الازمه ولكن المشكله انها منظومه كامله يجب النظر فيها فكل شئ في بلدنا العزيز من مؤسسات ودوائر حكوميه بحاجه الى اعادة النظر في التشريعات والقوانين والهيكله وللاسف كل مشاكلنا هي الماده.
والعمل على تحسين الاقتصاد ولكن لا شئ ملموس على ارض الواقع المواطن بحاجه الى توفير حياه كريمه وقوت يومه والامن والامان
اضف تعليقك