TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
دور الترجمة في التقدم العلمي والحضاري
26/07/2021 - 10:45am

أ‌. د. أيمن سند القرالة
جامعة الحسين بن طلال

من إحدى ركائز نهضة الأمم هي العودة إلى نماذج سابقة في مختلف المجالات، وذلك ليس لهدف محاكاتها فقط، وإنما لتطويرها والبناء عليها بطريقة تراعي خصوصية بعص الثوابت التي لا يمكن تجاوزها. على سبيل المثال، حاكت النهضة الإنجليزية في فترة من الفترات الكثير من النماذج الإغريقية واللاتينية، بل عدلت وطورت على تلك النماذج. فالترجمة هي تلك الوسيلة التي تساهم بشكل أو بآخر في ذلك التفاعل الثقافي واللغوي الذي يسهل عملية محاكاة وتطوير تلك النماذج سالفة الذكر.
وبناء على ذلك، تعد الترجمة إحدى أهم الأدوات الثقافية عبر التاريخ. فهي تلعب دورا بارزا في التلاقح الثقافي بين الشعوب. فهي تساهم بشكل أو بآخر في تطور الحياة بجوانبها المتعددة. وقد برز ذلك الدور جليا فيما يسمى بالعصر الذهبي للحضارة الإسلامية وخاصة في فترة الخلافة العباسية. فقد كان الاهتمام بالترجمة غير مسبوق من خلال تأسيس بيت الحكمة في عهد الخليفة هارون الرشيد، الذي كان بمثابة مركز متميز للترجمة. فقد ترجم المسلمون الكثير من المخطوطات والكتب من لغات الحضارات المختلفة كاللغة اللاتينية إلى اللغة العربية. وساهمت الكتب المترجمة في تطور العلوم كالطب والهندسة وحتى الأدب. فعلى سبيل المثال لا الحصر، استفاد العالم المسلم ثابت بن قرة من الكتب والمخطوطات في مجالات الطب والفلك والهندسة والرياضيات التي ترجمها من لغات متعددة كاليونانية إلى العربية، مما كان له الأثر الذي لا يمكن نكرانه على صقل مهاراته وتعدد إنجازاته. حتى أن أوروبا سارعت إلى ترجمة الإرث الإغريقي من اللغة العربية إلى اللغات الأوروبية مما ساهم في تقدم الأوروبيين في مجالات العلوم المختلفة. فكثير من أدبائهم – كويليم شكسبير وآخرين - تضمنت أعمالهم ترجمات من اللغة العربية دون الإشارة إلى مصادرهم العربية.
هذا ما يبرر أهمية العودة إلى إحياء الدور الذي تلعبه الترجمة في نهضة الشعوب والثقافات عبر التاريخ؛ فهذه هي أقصر طرق التفوق العلمي في حقول العلم المختلفة. فيمكن للعاصمة التي تتبنى الترجمة، أن تصبح مركزا ثقافيا عالميا. ويمكن أن يتجسد الاهتمام بالترجمة من خلال ما يلي:
- تأسيس مركز وطني للترجمة أو ما يمكن تسميته ببيت الترجمة بحيث يعمل وفقا لرؤية ومهمة وأهداف وخطة استراتيجية واضحة. يكون ذلك (أيا كان المسمى) تحت مظلة وزارة التعليم العالي، أو المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا.
- تأسيس جائزة سنوية لأفضل كتاب مترجم على المستوى الوطني والإقليمي.
- اعتماد امتحان وطني للترجمة لاعتماد الناجحين فيه مترجمين معتمدين ومخولين لممارسة مهنة الترجمة.
- ترجمة كتاب واحد في الأقل كشرط للترقية في جامعاتنا من رتبة إلى رتبة أعلى. ويمكن أن يكون ذلك تشاركيا بين أعضاء الهيئة التدريسية من الأقسام الأكاديمية المختلفة، لتفادي معضلة عدم إتقان البعض للغة معينة.
- أن يعاد تسمية مركز اللغات (إن وجدت) في جامعاتنا إلى مسمى مركز اللغات والترجمة: يمكن استثمار ذلك في عدة جوانب ومن بينها المساهمة في خدمة المجتمع المحلي للترجمة. علما بأن الأستاذ الدكتور إبراهيم العرود نوه على صفحته في الفيسبوك إلى ضرورة إنشاء مراكز للترجمة في جامعاتنا.
- تعديل الخطط الدراسية لتخصصات اللغات بحيث تتضمن تلك الخطط مساقات ترجمة يتم إعداد توصيفاتها وأهدافها ومخرجاتها التعليمية بطريقة تحقق الفائدة المنشودة ويضاف إليها مشروع تخرج في الترجمة.
- تأسيس كلية الترجمة في الجامعات حيث تتخصص في طرح برامج الترجمة على مستوى البكالوريوس والماجستير والدكتوراه وطرح برامج توأمة مع جامعات اجنبية مرموقة على مستوى البكالوريوس والماجستير والدكتوراه.
- إبراز دور الترجمة عمليا ونظريا أثناء تطوير مناهج اللغة الإنجليزية في مدارسنا.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)