TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
د.محمد القضاة يكتب : تحصين الجبهة الداخلية
21/03/2015 - 5:30pm

طلبة نيوز

تحصين الجبهة الداخلية بالحذر والانتباه
أ.د. محمد القضاة
حين شاهدت العملية الإجرامية في تونس ضد السياح الأجانب والعملية الثانية في مطعم في السويد قلت في نفسي لا بد يجب ان يكون عنوان المقالة الحذر والانتباه وعدم التراخي في مراقبة كل شيء في بلدنا لكي نحافظ على الأمن والاستقرار؛ لان أعداء الوطن والخلايا النائمة لايجب أن تغفل عين عنهم بل ومتابعتهم ومراقبتهم بالوعي والحذر والانتباه والحزم والقوة، وهذا يتطلب تعاون أبناء المجتمع وتماسك الجميع وتفويت الفرصة على اي خلل حتى يبقى بلدنا محجا لكل طالب استقرار وآمان.
إن قراءة المشهد في المنطقة العربية وتحديدا العراق وسوريه، تؤكد ان الكل مستهدف ، وان السنة العرب في الدولتين يتعرضون لإبادة جماعية بيد المتطرفين من الدواعش وجماعات الحشد الشعبي وقوات الأسد وحزب الله، خاصة اذا عرفنا ان تنظيم داعش صنيعة أمريكية إسرائيلية إيرانية، وهذا يعني انه لا دولة عربية تسلم،وبالتالي هذا الوضع يفرض علينا مزيدا من الحذر والانتباه؛ لأن من يتابع نشرات الأخبار، ويتأمل الصورة بعمق يدرك ان الجميع مقصود بالعنف، ولعل مدن السنة في العراق وسوريا هي المقصودة الان في مخطط التدمير وان نسيجها وأهلها هم طعام القتل والتهجير والدمار بسبب المؤامرة الكبرى التي اتقنتها القوى الاستعمارية بعد صناعة داعش وتسليحها وتركها تتمدد في العراق وسورية ،وهنا علينا ان نفهم ما قاله الرئيس التركي مؤخراً بعمق من ان بشار الأسد، وتنظيم داعش الإرهابي، وجهان مختلفان لمفهوم ومنطق واحد، وهما رأسان لكماشة واحدة يستخدمها عقل مدبر واحد.وتساءل "تنظيم داعش لا يتردد في ارتكاب أبشع المجازر باسم الدين الذي يتخذه ظاهريًا فقط، كل يوم يقوم بحرق وهدم الآثار التاريخية القديمة النادرة، والكتب، والمكاتب، والأضرحة، والمساجد".وأن نظام الأسد يقوم بما تقوم به داعش تمامًا، قائلًا: "وبالمثل أيضًا يستخدم الأسد الأسلحة الكيميائية، والبراميل المتفجرة، والأسلحة التقليدية ضد شعبه، ويبذل الجهد من أجل تعذيبه واضطهاده، قتل 350 ألف شخص، وتسبب في نزوح ولجوء ستة ملايين شخص آخر"، هذه التصريحات يحب ان تقرأ بجد فمن احتل العراق وترك ايران تتمدد وآثار الشوارع العربية هو المقصود فيما يحدث الان في المنطقة من دمار وتشريد ودماء وها نحن لم نشهد داعشي يقاتل النظام السوري ولم نر اي اشتباك بين الدواعش وجنود الاسد مما يؤكد ان الهدف الأبعد هو تدمير القوى السنية في العراق والشام وما ان تم الاستيلاء على ثلث العراق وشمال شرق سورية حتى تم بذلك رسم السيناريو الاول، ثم بدأت الماكينة الإعلامية بضخ الصور المؤلمة التي تقوم بها عصابات داعش ضد الناس والمسالمين والاسراء في عمليات إجرامية وهي عمليات تحتاج الى قوة رادعة ، وها هو السيناريو الثاني تحت التنفيذ والهدف البعيد تدمير النسيج السني بأيدي السنة وإدخال ايران شريكا أساسيا في إدارة ملفات العراق، وها هي بغداد كما دمشق وصنعاء وبيروت كلها تأخذ بركات الولي الفقيه الذي بات على حدودنا في الشرق والشمال، وللأسف باتت الثورة السورية في مهب الريح بسبب التعاون الامريكي الإيراني والضربات المتكررة على الثوار السوريين ؛ وكأن العرب لا يعرفون هذه المخططات الخبيثة التي تم بها احتلال العراق، وتم بها تثوير الشارع العربي في ربيعهم القاني، واليوم تتمد ايران ويتسع نفوذها بمباركة الأمريكان واتباعهم، والمحصلة انتهاء الثقل العربي وغيابه، ومباركة الدور الإيراني، والمشاهد تتابع والأمة من لطمة الى كارثة، وهكذا؛ وكأننا امام السؤال اليومي الذي لا ينتهي؛ أسئلة المذابح والدماء وأصوات الثكلى، ولكن دون أدنى احساس دولي بالمسؤولية تجاه كل هذه المذابح التي قال فيها ذات يوم صاحب أغاني الرحيل السابع،عبد الرحيم عمر: يموتون ذبحا، يموتون خوفا، يموتون قصفا، يموتون تحت الركام، يموتون تحت سنابك خيل الغزاة، يموتون... والأمهات... فأنت غريم الأرامل والأمهات، وأنت عدو الحياة.كنت أتأمل قصة زكريا تامر»الجريمة» التي كتبها في مجموعته «دمشق الحرائق»، وفيها ما فيها من أهوال وآلام ودروس وعبر، وقد لخص زكريا تامر اسئلة الدم مبكرا وراح يقص علينا أحلام سليمان الحلبي الذي ذاق طعم الموت مبكرا على حلم شاهد فيه نفسه يقتل الجنرال كليبر وينتهي الى الاعدام حين قال له الرجل الاسود: ستعدم في الساعة السادسة، فألقى سليمان نظرة سريعة على ساعته، فألفاها توشك أن تصبح السادسة، فانتابه الهلع، ورفض تصديق ما حدث حوله، وعَدَّه مجرد حلم سيصحو منه بعد لحظات، وقال الرجل الأسود بتشف: ستعدم، ألن أحاكم ؟! فضحك الرجل الأسود، وقال: انتهت المحاكمة. أنا القاضي، وتناهى إلى سمع سليمان صفير قطار. لا بد أن القطار يهدر الآن مارّا تحت الجسر، قاذفًا دخانه في سحابة صغيرة لن تعيش طويلاً، وستضمحل إثر ابتعاد القطار.هل سأموت شنقًا؟ لا- هل ستطلق النار علي؟ لا .هل سأحرق؟ لا ؟هل سأدفن حيا في التراب؟ لا وأشار إلى الرجلين قائلاً: هيا.. نفذا الحكم بالإعدام... نعم الإنسان العربي في رأي زكريا مدان ما لم يضبط حتى أحلامه، ولعل في قراءة القصة بتفاصيلها ما يجيب عن الأسئلة الحيرى التي يعيشها العربي صباح مساء في عالم تتقاذفه الدماء، وهي تقول هل من مزيد؟هل من دماء طازجة تعبق في تزاحم الشهداء؟ وكأن المقابر تجيب: لقد سئمت كثرة الزائرين؛ سئمت حاصد العمر لا يبقي ولا يذر، وما جدوى الأسئلة في زمن كثر فيه الذابحون وقل فيه الرابحون، وما جدوى الصمت أمام عربدة الموت وسيل الأسئلة؟ إنها مذبحة العصر العربية بامتياز أمام سمع العالم وبصره، الجرائم لا حدود لها ، والأسئلة تزكم الأنوف ويجب أن تقال بعيدا عن لغة العاطفة والمشاعر الكاذبة.هل يعتبر العرب من هذه المذابح، وهل تكفي هذه الدماء للإجابة عن صرخات الأطفال والأمهات والثكلى، وهل يعتبر العرب من هول الكارثة وأتون المذبحة؟ إن شلالات الدماء لن تسامح هذه الأمة، ودماء العرب هل تشبع نهم المتفرجين والمتخاذلين في العالم الحر؟ أين الإرادة العربية؟ لماذا يراهن العرب على وعود كاذبة؟ لماذ يسمحون بهذه المحارق؟ ماذا بعد الدمار والاحزان في هلالنا الخصيب؟ ألا تكفي دماء العراق منذ ثلاثة عقود؟ ألا تكفي دماء السوريين منذ اربع سنين؟ ألم يذق لبنان طعم الدمار والمحارق؟ الا يكفيهم ليبيا كيف تحولت لدولة فاشلة؟ الا تكفي الأوضاع في مصر واليمن ان تقرأ الأمة بعقلها مآلاتها الكارثية؟ أين الكرامة العربية من كل هذه الدماء ولمصلحة من؟ من يجيب عن أسئلة القتلى وآهات الجرحى وأصوات الثكلى؟ ماذا يفعل العربي الغاضب حد القهر على هذه المحارق ؟ لقد أصبح العرب فرجة يثيرون عطف الأمم؟ لماذا كل هذا التخبط العربي وكل هذا الربيع الأسود؟ لماذا فقد العربي بوصلته؟ ولماذا وصل الأمر إلى حد العجز والاستهتار والشفقة؟ لماذا تتمدد ايران يوما تلو اخر وتزرع مخالبها بذكاء دون ان يتحرك العرب؟ ولماذا لا نرى المال العربي في مواجهة الخطر الايراني ؟! ولماذا ينصاع العرب ويتصدقون الراعي الامريكي الذي يركلهم ليل نهار ويتحرك بتجاه ايران ًيتذرع بين حين وآخر بتصريح لا يغني ولا يسمن من جوع!وامام هذا السيناريو الامريكي الإيراني الاسرائيلي هل يبقى العرب ألعوبة بأيديهم ام لا بد من حركة جادة تعي كل صغيرة وكبيرة وتتحرك بسرعة حتى لا نفقد البوصلة وتضيع الأمة في الخراب والدماء؟ وعندها لا قيمة للعطش الشديد للسلطة والحكم؟ لكن اذا بقي الامر على ما نحن فيه سيبقى الأخوة يتأمرون على بعضهم بعضاَ؟ ويتصارعون على الكراسي في زمن يحتاجون فيه إلى موقف واحد يعيد للأمة هيبتها؟ فلماذا لا ينتهي هذا الانقسام العربي ولماذا تبقى حملات التخوين والاتهام بين الإخوة لكي يرسموا إطارهم ويحرروا شعوبهم من هذه الكارثة؟ ومتى تستخلص أمتنا العبر والدروس من هذه المحن؟! وهل نتذكر قول الشاعر اليمني عبدالله البردوني: فظيع جهل ما يجري وأفظع منه أن تدري، نعم منطقتنا امام كوارث لا حد لها ومشاهد صادمة ، وهنا علينا ان نترجم هذه التحديات الى مزيد من الحذر والانتباه؛ لان وطننا وأهلنا وضيوفنا يحتاجون جميعا الى رص الصفوف لتحصين الجبهة الداخلية من اي اختراق .
mohamadq2002@yahoo.com

Sent from Yahoo Ma

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)