
طلبة نيوز-أ.د. امين المشاقبة
تزداد ازمة اللجوء السوري على الارض الاردنية تعقيداً وصعوبة مع ازدياد الاعداد والاثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية الى غير ذلك من اثار اخرى مرتبطة بالموضوع، فقد وصل عدد اللاجئين السوريين على الارض الاردنية من جابر والرمثا وحتى العقبة ما يزيد عن مليون وثلاثمائة الف لاجئ، يقطن منهم ما نسبته 20% في المخيمات والباقي ينتشرون في ارجاء الوطن دون رقابة او ضبط، ناهيك عن طرق وآليات التسرب من المخيمات بطرق رسمية واخرى غير رسمية.
ان الاردن ومن منطلق عروبي انساني لا يستطيع الاغلاق الكامل لحدوده امام هذا الزخم المتزايد من اعداد اللاجئين فلدينا في الدولة الوطن مبادئ اخلاقية اصيلة تجاه كافة العرب وغيرهم، على الرغم من ان الاردن لم يوقع على أي اتفاقية دولية تتعلق باللجوء الانساني وآليات حماية اللاجئين وكانت اول اتفاقية دولية عام 1951 وما بعدها من اتفاقيات في نفس السياق لم توقع عليها الدولة الاردنية، والأسباب سياسية بحتة.
ان المتابع للأرقام التي تدخل يوميا الى الاردن يرى انها في تزايد مستمر وقد تابعت عبر شهر كامل الارقام وكان المتوسط الحسابي ما بين 450-600 لاجئ يوميا وعليه، فان الرقم في ضوء هذا المتوسط سيصل مع نهاية العام الى ما يزيد عن مليون وثمانمائة الف مواطن أي قرابة 2 مليون لأن الارقام في تزايد، وجاءت الارقام لعدد السكان الآن في الاردن ما يقارب من 9ر9 مليون نسمة، اذ قبل سنتين وتقديرياً ظهرت الارقام في اعداد السكان ما يقارب من 2ر6 مليون مواطن، وعبر ثلاثة عقود من الزمن سعت المؤسسات المتخصصة في هذا المجال الى تقليص معدل النمو السكاني السنوي من 4ر3% الى 8ر2% ومعدل حجم الاسرة الاردنية من 8 افراد الى 8ر5 فرد حسب الاحصائيات المنشورة، وعليه التساؤل ما الذي جرى في سياسات ضبط النمو السكاني؟ الاجوبة كثيرة على هذا السؤال، لكن ببساطة نقول ان ازمة او ازمات الاقليم تشكل ضغطاً متزايداً على الدولة الاردنية منها تكلفة اللجوء التي وصلت الى 2ر2 مليار دولار كأثار مالية على الاقتصاد الوطني غير المتعافي، ناهيك عن الآثار المترتبة على الأمن، البنية التحتية، المياه، الكهرباء، الصحة، التعليم، والمواد الاساسية ذات الطابع الاستراتيجي بعيداً عن الحديث عن الآثار الاجتماعية والامراض ذات العلاقة والقيم الاجتماعية، وبناء عليه، فان هناك اثراً نفسياً كبيراً على المواطن الاردني الذي زاد من تذمره واحباطه، تذمراً واحباطاً جديدين.
وبالأمس تم الاحتفال بافتتاح مخيم الازرق الجديد لاستقبال ما لا يقل عن 130 الف لاجئ، والتساؤل الكبير الذي يطرحه المواطن الاردني ما هي استراتيجيتنا في مواجهة ازمة اللجوء هذه؟ ازمة اللجوء السوري فقط لأن هناك لجوءاً لجنسيات عربية عديدة لسنا في صدد الحديث عنها.
كيف لنا ان نضبط هذا التدفق البشري الذي اثر على حياة كل مواطن اردني؟ مع الاخذ بعين الاعتبار دون الانتقاص من كرامة الانسان أي انسان على الارض الاردنية لأنني اؤمن بقيمة الانسان كانسان. وفي السياق العام تنادت العشرات من منظمات المجتمع المدني العالمية والعربية في الاسهام بالمعالجة التي تقدم فقط للاجئين السوريين, اذ اضحى المستوى المعيشي لاي اسرة سورية لاجئة افضل بكثير من المستوى المعيشي للمواطن الاردني القاطن في المناطق التي يقطنها اللاجئون, ناهيك عن تجارة اللجوء والفساد والاثراء السريع وتحرك المنظمات الاجنبية دون رقيب أو حسيب, فهناك غياب للتنسيق الكامل في اطقم العمل الاجتماعي الميداني, واكبر تساؤل جاء لذهني هو غياب كامل لما يسمى «بالهلال الاحمر الاردني» اين هذه المؤسسة التي يجب ان تكون فاعلة ومظلة في الازمات؟! هذا غيض من فيض في هذا السياق وعليه فإنني اقترح استراتيجية وطنية لمعالجة الازمة قبل تفاقمها وربما تكون مقترحاتي قد جاءت متأخرة «وأن تقول قولك خير من ان لا تقول ابداً» وباختصار ما يلي:
اولاً: التأكيد على موقف الاردن المعلن بعدم الانخراط في اي عملية عسكرية تنطلق من الاراضي الاردنية باتجاه الحدود السورية مهما كان الثمن.
ثانيا: ضبط الحدود الاردنية من النواحي الامنية وعدم تسرب اي اسلحة او مجموعات عسكرية, او سيارات مهربة بالاتجاهين.
ثالثاً: منع وضبط اي انتشار او حمل او اقتناء لاي نوع من الاسلحة مهما كانت داخل المخيمات السورية في الاردن, ومتابعة القاطنين خارج هذه المخيمات في البادية الاردنية والمدن والقرى والمزارع بهذا الخصوص.
رابعاً: اتباع سياسة التقليص التدريجي للاجئين في مخيم الزعتري من حيث الاعداد ونشرهم بعيداً عن مواقع التجمعات السكانية والمواقع الاستراتيجية ذات الطابع الأمني أو العسكري.
خامساً: ابعاد جميع من لهم صلة تنظيمية رسمية بالنظام السوري من الديار الاردنية.
سادساً: رفض مبدأ دمج اللاجئين السوريين في المجتمع الاردني مطلقاً كما تنادي به بعض المنظمات الدولية.
سابعاً: تحديد الحالات الانسانية للدخول فقط من فئات النساء, الاطفال, الشيوخ والمسنين والمرضى والمصابين.
ثامناً: منع دخول الفئات العمرية الشبابية من سن 14 سنة ولغاية 50 سنة بالمطلق.
تاسعاً: متابعة الوجود السوري في المدن الاردنية وضبطه وحصره للوصول الى بيانات رقمية دقيقة, وتحديد اماكن الاقامة.
عاشراً: وقف تشغيل العمالة السورية على الارض الاردنية دون الحصول على تصاريح عمل من الوزارة المختصة, ومحاولة الحد من هذا النوع من العمالة لمنافستها العامل الاردني في لقمة عيشه.
حادي عشر: فرض ضريبة اقامة على كل من يتواجد خارج اطار المخيمات المحددة.
ثاني عشر: الغاء مبدأ التملك للاراضي والعقارات وعدم السماح بذلك على الرغم من ان ذلك يؤثر على الاستثمار الا ان السماح به له اثار سياسية كبيرة.
ثالث عشر: تحسين مستوى الخدمات في مناطق اللجوء وهي المحافظات المنكوبة, اربد, لواء الرمثا, المفرق, لواء البادية الشمالية الغربية والشرقية.
رابع عشر: تقديم المساعدات الانسانية وتحسين مستوى المعيشة للاردنيين في المناطق المتضررة بالوجود السوري.
خامس عشر: حصر المنظمات الدولية والاقليمية والجمعيات الخيرية وضبطها ومراقبتها ومعرفة كيفية تقديم انواع الدعم المادي والعيني للاجئين السوريين.
سادس عشر: منع اللاجئين السوريين من المتاجرة بالمساعدات العينية التي يتلقونها.
سابع عشر: ضبط ومراقبة التجار الاردنيين والمستفيدين من الأزمة السورية «أثرياء الحرب الجدد».
ثامن عشر: وقف سياسات التكفيل لاخراج اللاجئين من المخيمات، وتقليص سياسات الزواج من السوريات بحدود معقولة.
تاسع عشر: ضبط ومراقبة عملية تهريب السوريات للزواج من الجنسيات العربية الاخرى من خلال سماسرة اردنيين.
عشرون: منع حالات التسول من السوريين والسوريات في الاسواق الاردنية والاشارات الضوئية وغيرها بمعنى انهاء حالة التسول بالمطلق ومحاربتها.
واخيراً هذه ملاحظات نضعها بين يدي متخذ القرار علّ وعسى ان تكون حلولاً عملية من ضمن رؤية استراتيجية واضحة للتعامل مع ازمة اللجوء السوري على الارض الاردنية وهناك ملاحظات اخرى لم يتسع المقام والمقال بابرازها.
اضف تعليقك