يواجه أصحاب عمل، ينطبق عليهم نص المادة (72) من قانون العمل، المعنية بإنشاء حضانات، تخدم أبناء عاملاتهم، إشكالات، بينها الحصول على تراخيص للحضانات، كحال قائمين على فندق، حصل على ترخيص حضانة لعاملاته، بعد إجراءات طويلة ومعقدة.
ووصف مختصون بهذا الشأن، بأنه لولا إصرار أصحاب العمل، لما حصلوا على تراخيص، جراء تعدد الجهات المشرفة على الترخيص، وارتفاع تكاليف انشاء الحضانة، وتعارض اشتراطات ومواصفات وزارتي العمل والتنمية الاجتماعية في توصيف "المكان المناسب" للحضانة.
ويتطلب ترخيص حضانة بمكان العمل، نيل موافقة وزارات: الصحة والأشغال العامة والتنمية الاجتماعية، وأمانة عمان ومديرية الدفاع المدني، فـ"كل جهة على حدة، قد تتطلب من المتقدم لنيل الترخيص، قرابة العام، وفق الناشطة من "تحالف 72" رندا نفاع، وحملة مؤسسة "صداقة".
وبشأن ترخيص حضانة الفندق، فمرت بتحديات عديدة، وفق نفاع، ففي عامي 2015 و2016، لم تسمح "التنمية الاجتماعية" بترخيص موقع للحضانة فيه، كونها تقع بالطابق الأول، لكن "صداقة" ووزارة العمل والدفاع المدني، تمكنوا من انتزاع ترخيص للموقع، على ان يلتزم الفندق بعمل مخرجين للطوارئ، والالتزام بالتعليمات الواردة في شروط الترخيص.
كذلك، واجه الفندق في وزارة التنمية، تحديات خلال الترخيص مرة أخرى، فبعد استيفاء شروط المكان في نيسان (ابريل) العام الماضي، عمل المجلس الوطني بالتواصل مع الوزارة على حلها، وفي كانون الثاني (يناير) العام الحالي، حصلت الحضانة على ترخيص.
الإطار الوطني الذي انجزته الحملة؛ طالب بتخصيص نافذة موحدة لإجراءات الترخيص؛ "تعفي أصحاب العمل من اعباء الحصول على موافقات الجهات المرجعية"، كما أسهمت هذه العقبات؛ بتجاوز أصحاب عمل للقانون، بعدم فتح حضانات مقابل ما يقع عليهم من عقوبات، في حين تتدرج العقوبات من الإنذارات إلى دفع غرامة؛ حدها الأقصى 500 دينار عند إنشاء اي منهم حضانة، أو التأثير على الحق في العمل.
ولتصحيح الوضع القائم؛ قدم ائتلاف 72؛ توصياته ومقترحاته بتعديل المادة (39) في قانون العمل المؤقت الساري المفعول، وناقش مجلس النواب الحالي مواد منه، بخاصة (72)، والتي تشير الى أن "على أصحاب العمل الذين يستخدمون ما لا يقل عن 20 عاملة، تهيئة مكان مناسب ليكون في عهدة اشخاص مؤهلين لرعاية اطفال العاملات، الذين تقل اعمارهم عن 4 أعوام، على ألا يقل عددهم عن 10 اطفال".
أما نص المادة التي قدمها الإئتلاف بهذا الشأن، فتضمن تعديلات، ابرزها إلغاء شرط أن يكون عدد الإناث، الحاسم والفيصل في إنشاء الحضانة، أو المكان الذي يجب تهيئته لرعاية أطفال العاملات، ليصبح الشرط وجود 15 طفلا للعاملين، ذكورا وإناثا.
عضو الائتلاف مستشار سياسات العمل ورئيس مؤسسة بيت العمال حمادة أبو نجمة، بين أن "نجاح التعديل، يخرج الجميع من مأزق تأثير النص القانوني على استخدام العمالة النسائية"، لأن أصحاب عمل، كانوا يلجأون لعدم تشغيل 20 عاملة قبل التعديل، وبذلك يستفيدون من نص القانون.
وأفاد مقترح تعديل المادة (72) التي قدمها ائتلاف 72، بالتزام صاحب العمل الذي يستخدم عاملين في مكان واحد، ولديهم على الأقل 15 طفلا لا تزيد أعمارهم على 4 أعوام و8 شهور، تهيئة مكان مناسب ليكون في عهدة مربية مؤهلة أو أكثر لرعايتهم، كما يجوز لأصحاب العمل الاشتراك بتهيئة هذا المكان في منطقة جغرافية واحدة.
أما الفقرة الثانية من المادة المقترحة، فتفيد بأن يصدر الوزير تعليمات لتنفيذ أحكام الفقرة السابقة، بشرط تضمنها مواصفات للمكان المطلوب، والخيارات المطلوب من صاحب العمل تقديمها، في حال عدم إمكانية تهيئة المكان في موقع العمل نفسه، أو اذا كان عدد الأطفال أقل من 15 طفلا.
وبموجب هذا النص؛ تصبح الخيارات امام أصحاب العمل متنوعة، فعبر التعليمات التي يفترض صدورها بموجب المادة (72) فقرة (ب)، فإن الوزير يصدر تعليمات لانشاء حضانات مؤسسية، يحدد شروط ومواصفات الحضانة فيها، اذ تقدم هذه الفقرة الخيارات، اذا لم يتمكن صاحب العمل من انشاء حضانة لأسباب مبررة، كأن يكون المصنع قرب مصدر تلوث، أو وجود ضوضاء، أو عدم وجود مكان مناسب، وفق أبو نجمة.
وتشمل ما قدمه الائتلاف من خيارات، أنه إذا تعذر على مجموعة مؤسسات في حيز جغرافي متقارب إنشاء حضانات مؤسسية، فتنشأ حضانة مشتركة (مثل: مدينة الحسن الصناعية، مدينة سحاب الصناعية)، وحين يتعذر على صاحب العمل انشاء حضانة مؤسسية، يمكنه الاستعانة بحضانة قريبة من موقع المؤسسة، أو صرف كوبونات للعامل، لاستخدامها حسب مصلحة الطفل، بشرط استخدام الكوبون بدل حضانة فقط، في موقع يراه العامل مناسبا لرعاية طفله.
وأكد اعضاء في الائتلاف "بأن اللجان التي عرضوا عليها المقترح في مجلس الأمة، قبلت بالنص واعتمدته، لكن نقاش المادة تحت القبة، قد يجد من يؤيده أو يعارضه"، مشيرين إلى أنهم يسعون لإقناع النواب بجدوى التعديل وأهميته.
بدورها؛ وصفت عضو ائتلاف 72 المحامية نور الإمام، موافقة أعضاء لجنة العمل النيابية على تعديل المادة بـ"الإيجابية"، مؤكدة أهميتها لدعم حقوق العمال والنساء، وأنها تصب في مصلحة تحسين بيئة العمل، وتراعي حقوق العمال ذوي المسؤولية العائلية، موضحة "أن التعديلات تمتد ليستفيد منها العمال والعاملات، على أن يلتزم صاحب العمل بإيجاد مكان مهيئ لأبنائهم".
في هذا النطاق، يشير تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي في موضوع القوى العاملة، إلى أن ترتيب الأردن وصل إلى 142 من أصل 144 دولة، بسبب ضعف مشاركة المرأة اقتصادياً، وبنسبة لم تتجاوز خلال آخر 10 اعوام حاجز الـ14 %.
ويعود ذلك بحسب "صداقة" لعوامل رئيسة ثلاثة: قلة الأجور وعدم تكافئها، عدم وجود منظومة نقل عام متوافرة للجميع، عدم وجود أماكن مناسبة ومخصصة لرعاية الأطفال، فـ"إذا ما اجتمعت هذه الأسباب، فسيؤدي ذلك لانسحاب المرأة من سوق العمل"، بحسب نفاع.
الى ذلك؛ أشارت نتائج دراسة مساهمة المرأة في سوق العمل، إلى أن احتمالية مشاركتها في القوى العاملة، تزداد بمقدار 3.25 مرة في حال توافر حضانة، بينما أظهرت دراسة للمجلس الأعلى للسكان للعام 2015، أن 34 % من النساء المنسحبات من سوق العمل، تركن عملهن بسبب ظروف عائلية وأسرية.
وتقدر الخسارة التي يتكبدها الاقتصاد جراء تدني مشاركة الإناث في سوق العمل بنحو 46٪ من الناتج الاجمالي المحلي، أي ما يعادل 11 مليار دينار في العام 2013، بحسب ورقة موقف صادرة عن منتدى الاستراتيجيات الأردني.
نفاع بينت في سياق قبول مجلس النواب بتعديل المادة (72) والتعليمات المنتظر إقرارها بعد صدور القانون، أن "لدينا فرصة كبيرة اليوم، ويجب عدم تفويتها"، فالخيارات متاحة لأصحاب العمل، والمادة بشكلها الحالي في القانون المؤقت، لا تستفيد منها غالبية الشركات الصغيرة والمتوسطة، وحجمها 98 % من الشركات العاملة.
المحامية هالة عاهد، أكدت أن اتحاد المرأة الأردنية، استهدف قانون العمل بتوصياته، وقدم مقترحا لتعديل المادة (72)، وقد استجابت الحكومة للمقترح جزئيا بإلغاء عبارة متزوجة في نص القانون المعدل العام 2010.
وبينت انه بقبول مقترح الاتحاد في لجنة العمل النيابية بالمجلس السابع عشر، فلا تكون الحضانات لأبناء العاملات فقط، وهذا يؤكد أن دور رعاية الأطفال ليست للمرأة، كما تبنت اللجنة مقترحا تقدم به الاتحاد آنذاك، نص على إنشاء حضانات مشتركة، لتضييق تهرب أصحاب العمل من الالتزام بإنشائها، وفي الوقت نفسه؛ تخفيف العبء المالي عليهم.
واعتبرت عاهد أن المادة بتعديلاتها الحالية هي انجاز، ويجب متابعة الامر بفتح مواد القانون بشأن النزاع العمالي والنقابات والتقاضي، اذ يمكن حدوث نزاع عمالي لعدم وجود حضانات، وبالتالي سيكون للنقابات دور بالدفاع عن حقوق منتسبيها.
ويسجل اتحاد المرأة، تحفظه على رفع عدد الأطفال المنتفعين من الحضانة إلى 15، خشية أن يكون عائقا في إنشائها، بينما تطبيق المادة وفق مقترح الائتلاف، يوسع من قاعدة المستفيدين منها.
وقد وصل عدد الحضانات المؤسسية والتطوعية والخاصة المرخصة في سجلات وزارة التنمية حتى تموز (يوليو) العام الماضي إلى 1100 حضانة، منها 91 فقط مؤسسية، والمسجلة منها 81.
ولا يسمح لصاحب العمل استيفاء أي مبلغ مقابل الحضانة، بينما تتفاوت قيمة ما تدفعه العاملات من مؤسسة لأخرى مقابل خدمات الحضانة بين 50 الى 100 دينار، بحسب عاملات استطلعنا آراؤهن، لذا أكد الإئتلاف بأن النص المعمول به والنص المقترح، وحتى في المعايير الدولية، لا يوجد فيه ما يشير لالزام العامل بدفع أي مبلغ مقابل رعاية طفله في الحضانة المؤسسية.
وتشير الدراسات بحسب أبو نجمة، إلى أن "ثلث العمال الأردنيين يتقاضون 300 دينار فأقل"، عليه لا يمكن لهم تحمل نفقات الحضانات، إذا ما نظرنا لتآكل الأجور وارتفاع نفاقات الأسرة، مشددا على وجود دور للدولة بدعم برامج رعاية أطفال العاملين.
وزارة العمل؛ خصصت 3 ملايين دينار في الأعوام 2014 – 2016 لدعم المؤسسات الراغبة بإنشاء حضانات، ما أثمر بإنشاء 100 حضانة مؤسسية في حينه، وهي "مدعوة اليوم لاستكمال المشروع، فهذا المبلغ لن يثقل الخزينة"، يقول أبو نجمة.
وسبق لـ"صداقة" أن طالبت وبدعم من المكتب الإقليمي لمنظمة العمل الدولية في الدول العربية، بتشجيع انخراط المرأة في سوق العمل، عبر توفير حضانات مؤسسية، تتمثل "باستثناء الكلف ذات العلاقة بالحضانات مرتين من الدخل الخاضع للضريبة، أو توفر إعفاءات ضريبية عليها، أو أن تقدم الحكومة دفعات نقدية مباشرة، للشركات التي توفر الحضانات".
اضف تعليقك