TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
حالة "إخوان" الأردن
23/06/2014 - 2:30am

طلبة نيوز- د.باسم الطويسي

يوم السبت الماضي، ثبتت محكمة مصرية حكمها بإعدام 183 من قيادات وكوادر تنظيم الإخوان المسلمين في مصر، وفي مقدمتهم المرشد العام للجماعة محمد بديع، الذي صدر بحقه أكثر من حكم إعدام. هذا إضافة إلى أحكام إعدام أحيلت أوراقها إلى المفتي لنحو 600 شخص، جميعهم من الإخوان.
في اليوم نفسه، كان إخوان الأردن يعقدون مؤتمرهم في وسط العاصمة عمان، بحضور واسع من النخب الأردنية الرسمية وشبه الرسمية. وعلى الرغم من السلوك الحكومي غير المبرر بمنع عقد المؤتمر في إحدى قاعات المراكز العامة، تبقى حالة إخوان الأردن خاصة، والإسلام السياسي الأردني عامة، هي الأفضل في المنطقة من حيث تصالحها مع المجتمع والحياة العامة. وأمام هذه التيارات فرصة غير متوفرة لغيرها لمراجعة وتطوير نموذجها المختلف في التصالح مع الذات والوطن، وسط لحظة من أصعب اللحظات التاريخية التي يشهدها الإسلام السياسي منذ أكثر من خمسة عقود.
تمثل جماعة الإخوان المسلمين أكبر حركة للإسلام السياسي من حيث الانتشار والقدرة على الاستدامة. فقد شهد العالم الإسلامي في القرون الأخيرة حركات عديدة، مثل الوهابية والمهدية والسنوسية وغيرها، معظمها انحصرت في مهمة أنجزتها ثم توارت، وبعضها بقي مرتبطا بعائلات سياسية ولم يحقق الانتشار والجاذبية اللذين حققتهما حركة حسن البنا وإخوانه على مدى تسعة عقود مضت. ويعود ذلك إلى نمط أو حد ما من الرشد الذي تمتعت به جماعة الإخوان في بعض المراحل، وقدرتها على التضحية. لكن الأفكار المؤسسة لهذه الجماعة لم تتوفر لها الفرص الحقيقية للتطبيق لفترة طويلة. وهذه مسألة خلافية؛ إذ بقيت دوما في دور الناقد السياسي والاجتماعي للنظم السياسية وللمجتمعات.
لذا، فما حدث ويحدث اليوم في ساحات مصر وليبيا وسورية، يجب أن يدفع الجماعة إلى ممارسة النقد الذاتي، وفتح المنافذ لحركة إصلاح ديني وسياسي عميق، ينزل فكر الدولة لديها من السماء إلى الأرض، إذا ما أراد الإخوان المحافظة على حصة في المستقبل.
الفرصة أمام إخوان الأردن وطنية بالدرجة الأولى؛ بالاستفادة من القيمة المضافة لوسطية المجتمع الأردني ونظامه السياسي. إن خطوات سريعة وجريئة تتبناها الجماعة في الانفتاح على المستوى الوطني -وهو ما لا يتم من دون مراجعة إصلاحية ذاتية، تذهب نحو تطوير خطابها السياسي، ودفعه نحو المزيد من التوطين- قد تؤهل الجماعة للعب دور توفيقي دولي لإنقاذ إخوانها في الفكر في أكثر من مكان في المنطقة، وتخفيف حدة الاستقطاب والاستهداف التي باتت تحيط بهم في أكثر من مكان.
أما المستوى الثاني من المراجعة بعد كل هذه الصدمات، فسيكون حتما موجها إلى عمق الخيبات التي واكبت تجربة الجماعة في الحكم وممارسة السياسة؛ إذ لا فائدة من القفز على حقائق العصر في بناء السياسات العامة وفي تأهيل من يصنع السياسة، كما لا يمكن للمقولات الدينية التراثية التي أنجزت بفعل تجارب البشر قبل قرون طويلة أن تبقى صالحة لكل العصور. أما المستوى الثالث، فأن تتنبه الحركة إلى أوطانها، وتكف عن الخطاب الأممي الشامل، كما أن تراجع فكرة أسلمة المجتمع على طريقتها.
في المحصلة، ثمة فرصة أمام إخوان الأردن تحتاج إلى ذكاء تاريخي من نوع خاص، يخرجهم من جلباب الآباء والآخرين.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)