TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
حاجة ملحة لمعالجة الأمراض السياسية العربية
15/09/2021 - 11:00am

حاجة ملحة لمعالجة الأمراض
السياسية المزمنة في العالم العربي

الدكتور عارف بني حمد / أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك
بعد مرور عشر سنوات على إندلاع أحداث الربيع العربي، لم تنجح ولا تجربة عربية واحدة لتكون نموذجا للإنتقال الديمقراطي، لإخفاق حركات الإسلام السياسي في إدارة الحكومات لأسباب خاصة فيها ولإسلوب عملها . ولقوة الأنظمة السياسية وأجهزتها والدعم الخارجي، والتي نجحت بإجهاض نتائج الربيع العربي في بعض الدول العربية إما بإجراءات أمنية أو من خلال تشريعات وقوانين وصناديق الإقتراع، بينما لا تزال بعض الدول الأخرى تعيش حروبا أهلية . وأصبحت العديد من الأنظمة السياسية العربية تشعر بنشوة النصر والغرور في بعض الأحيان ،حيث تمارس سياسات داخلية متشددة وغير متسامحة ، ولم تعالج الأسباب التي كانت وراء إندلاع أحداث الربيع العربي .
على ضوء ذلك مطلوب من الأنظمة السياسية العربية الإستفادة من تجربة الربيع العربي، ما دامت أسبابها المولّدة لا زالت قائمة ولم تُحلّ ويمكن أن تعود بصورة أكثر عنفا . فالمطلوب من هذه الأنظمة معالجة الأمراض السياسية المزمنة،التي كانت سببا في إندلاع أحداث الربيع العربي، والذي تتشارك فيه معظم الأنظمة السياسية العربية ،وإن بدرجات متفاوتة من بلد الى آخر. وأبرز هذه الأمراض :
1. الجمود وعدم قدرة الأنظمة العربية على التكيف السياسي مع الظروف والمستجدات الداخلية والإقليمية والدولية ، فالدولة العربية ضحية عالم لم تتأقلم معه ولم تخطط له .
2. إضفاء الطابع المقدس على السلطة، وتضخيم الإسلوب التسلطي في إدارة الدولة.
3. إخفاق هذه الأنظمة في تحقيق إنجازات معتبرة لدعم شرعية الإنجاز لأنظمتها ، إذ لم تحقق سوى إنجازات متواضعة على صعيد التنمية السياسية والإقتصادية .
4. هدر المال العام والإنفاق المالي المبلغ فيه، والإقتراض المتهور من المؤسسات المالية الدولية لتمويل ذلك .
5. الإخفاق في التضدي للفساد الذي يؤثر سلبا على شرعية الأنظمة السياسية .
6. تصدع النخب والتناحر والصراع الداخلي بين أقطاب مختلفة وأجنحة مختلفة في النظام السياسي، وإنهماكها في الصراع على السلطة ، وتقاسم المناصب والمكاسب على حساب المصالح العليا للدولة ، ووجود فجوة في التواصل بين هذه النخب والقواعد الشعبية.
7. إعطاء أولوية للولاء الشخصي على حساب الكفاءة في المناصب العامة ،وضعف دورة التجديد السياسي والإدمان على الإحتكار السياسي ، من خلال تدوير المناصب والماكسب وإسناد المناصب في الغالب لشخصيات محددة وضعيفة تفتقر للكفاءة والخبرة ، فالشرط الأبرز هو الولاء الشخصي لشخصيات محددة ضمن النظام السياسي وهو ما يتناقض مع الولاء للمؤسسة وللدولة ومبدأ الكفاءة .
8. التبعية وإرتهان شرعية الأنظمة السياسية للخارج، مما أدى الى تآكل شرعيتها، الذي تفقد كل يوم المزيد من قواعدها الشعبية وتحالفاتها المجتمعية السابقة. فكلما فقد النظام من رأسماله السياسي، تعززت أزمة الثقة بين النظام والمجتمع، والذي يصاحبه اللجوء للحلول الأمنية والتضييق على الحريات العامة.
9. سياسة الإنتقام والتهميش والإقصاء والعناد السياسي وغياب لغة الحوار وعدم قبول الرأي الأخر والخوف من سماع الحقيقة يعكس مدى ضعف مناعة الدولة وهشاشتها ، فالسلطة العربية لا تريد أن تسمع أي حقائق حول الأوضاع السياسية والاقتصادية والإجتماعية، وأصبح قول الحقيقة للنظام السياسي هو الأصعب. فلم تعد الدولة الآن في ظل الإعلام المفتوح وثورة الإتصالات تحتكر المعرفة وتوجيه الرأي العام ، فقدرة الدولة على وضع سياج حول شعبها وحدودها لم تعد ممكنة ، كما أن قدرتها على إحتكار الواقع الاجتماعي والسياسي لم تعد ممكنة أيضاً، إذ أصبحت التجارب والأفكار تنتقل بسهولة عبرالفضاء الإعلامي غير المسيطر عليه .
10. الترويج لإنجازات وهمية والمديح المفرط بالدولة ونظامها السياسي، في كل صغيرة وكبيرة، فالمديح مطلوب حين تحقيق الإنجازات الحقيقية ، والنقد ضروري عند الفشل، وكلاهما ضروري لإصلاح وتقوية النظام السياسي وتطويره.
والله من وراء القصد

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)