في مطلع التسعينيات من القرن ( الفارط )على طريقة إخواننا في المغرب العربي ، كانت جامعة آل البيت حلما كادت أن تعصف به زوابع اقتلعت دولا وأنظمة في المنطقة ، حروب الأغبياء ، ولا تكون الحروب إلا غبية ، كادت أن تئد الحلم بجامعة إسلامية عالمية تعتمد الوسطية والاعتدال ، تحاور الآخر وتحافظ على خصوصية إسلامية عروبية يمكن أن تقدم منتجا معرفيا يضيف للإنسانية شيئا ، وحين ضاق الأفق وغطت سحب دخان المعارك سماء العراق والخليج العربي أدرك أصحاب القرار في الأردن أن علينا تحويل الجامعة إلى جامعة ( وطنية) لتكون رابعة الجامعات الوطنية الثلاث ، الأردنية واليرموك ومؤتة ، وبمناسبة الحديث عن الجامعات الأردنية لا أستريح إلى إطلاق تسمية جامعات حكومية مقابل الجامعات الخاصة ، فالحكومة جهاز تنفذي لا يملك ، ولا يجوز أن ننسب المؤسسات الوطنية له ، كما أن تسمية ( جامعات وطنية) لا ينفي الوطنية عن الجامعات الخاصة .
مرت السنون والأعوام على الجامعة ، كبرت وكبرنا معها ، تخرج فيها عشرات الآلاف من الطلبة ، فرحنا بهم فرحتنا بتخريج أبنائنا ، كبرت شجيرات النخيل التي غرسنا فسائلها قبل عقدين من عمر الزمان ، ،،، قبل سنوات قلائل توارت أخبارها الطيبات ، ولم نعد نسمع فيها غير حديث ( عبدة الشياطين ) وصراعات القبائل ، عادت حروب داحس والغبراء ، كنت ظهيرة أحد الأيام في المحاضرة حين سمعت تناخي القوم ، رشق الحجارة يدخل قاعة الدرس ، صوت إطلاق نار ، يا الله ما الذي يجري ، قال طالب صيني ، " حروب قبائل يا أستاذ؟ " خبأت وجهي خجلا وغادرت لا ألوي إلا على وجع
أكتب اليوم لأَنِّي أرى الأمل يعود من جديد ، خاصة ما أشاهده من مبادرات طلابية رائدة ، كم هو غامر فرحي حين أشاهد فكرة " خبز وملح " وحين أشاهد هذا التصرف الحضاري للاحتجاج على وضع المواصلات ، خاصة حين أرى الطالبات يشاركن في تلك المسيرة والشباب يحموهن من أي متطفل أو متحرش ، آه ما أقسى وطأة تقدم السن والمرض ! ليتني معكم .
بالأمس ،العشرين من نيسان ، ٢٠١٦ اختتمت فعاليات مؤتمر " دور الأردن في إحياء التراث العربي والإسلامي " التقيت عددا من أساتذتي الكبار ، قال أحدهم : في جامعة آل البيت سحر وجمال لا يسلمك نفسه بسهولة ، جمال يحتاج منك جهدا لاستكناهه ، كجمال قصيدة لشاعر مرهف الحس ، لا أستطيع إلا أن أقول : هي ألق على ألق .