TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
جامعات تبحث عن رئيس أم أساتذة يبحثون عن رئاسة؟
07/01/2018 - 6:30am

بقلم: الاستاذ الدكتور فراس علعالي، جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية

خيراً فعل مجلس التعليم العالي بتفعيل إستراتيحية الموارد البشرية من خلال إرساء مبدأ تقييم رؤساء الجامعات الحكومية، وإن كانت العملية تحتاج إلى المزيد من المأسسة والعمل المنهجي والشفافية. فعمل المؤسسات الحكومية بما فيها مجلس التعليم العالي لا سر فيه يجب أن نخفيه، فهو يدار من جيب دافع الضرائب أكثر من أي وقت مضى، وحق أن تكون جميع التقارير الخاصة به في العلن، وعليه يجب أن نعلم الأسباب التي أوجبت إعفاء عدد من رؤساء الجامعات من مناصبهم من ناحية، ولكي يستفيد الجميع من التغذية الراجعة من ناحية أخرى. وكلنا أمل أن يمتد ذلك النهج لتقييم الجامعات ليشمل تقييم مدى تقدم الجامعات في تحقيق رسالتها عبر خططها الاستراتيجية. وفِي اللحظة التي استشعر بها الجميع أننا ندخل ربيعاً اصلاحياً شمولياً ونهجاً جديداً يؤطر لإصلاح حقيقي في قطاع التعليم العالي، وإذ بمجلس التعليم العالي يفاجئنا ويخيب أمالنا بتشكل لجنة لاختيار رؤساء الجامعات تنتهج نفس نهج سابقاتها من اللجان، وبأدوات وآليات لم تعد تصلح لهذا القرن، وذلك بالإعلان عن الموقع الشاغر وبشروط فضفاضة تقلل من قيمة وأهمية موقع الرئاسة، واستجلاب سير ذاتية لمن يتوسم بنفسه القدرة والكفاءة، ومن ثم تقوم اللجان بوضع مصفوفة ما، ومراجعة تلك السير الذاتية، واستخلاص أرقام والخروج بقائمة مصغرة، نقدم شخص على الآخر بكسر من رقم صحيح أحياناً، وكأنه علماً وقياساً دقيقاً، ومن ثم تتم دعوة المرشحين لمقابلة سطحية أشبه بالشكلية لا عُمق فيها، تمتد من ١٠ دقائق إلى نصف ساعة في أحسن الأحوال، يُجيب فيها المرشح على أسئلة أعدت سابقاً. واللافت في الأمر أن الرئيس المنتظر لا يُسأل عن استراتيجيته لإدارة الجامعة خلال الأعوام الأربعة القادمة على الأقل، وما هي نجاحاته السابقة التي تضمن الاختيار السليم، وكيف سيعالج المشكلات وينقل الجامعة لمصاف أعلى وفضاءات أوسع. ما رَشُح من أسماء كمرشحين لرئاسة جامعة العلوم والتكنولوجيا، يُنذر بخطر ولا يبشر بخير، لقلة من يمتلكون الحد الأدنى لقيادة هذا الصرح في الألفية الحالية من مواصفات يجب توفرها في رئيس الجامعة من خبرة إدارية ناجحة حققت انجازات سابقة، وشخصية متزنة وحكيمة وقوية وقيادية، ، وشخصية تؤمن بعمل الفريق وحسن اختيار الفريق الإداري، كما ويجب ان يتمتع بثقافة عالية ومعرفة واسعة ومواكبة للتوجهات العالمية في التعليم والتعلم والبحث العلمي وضمان الجودة والجودة الشاملة بالاضافة الى ذكاء حاد وسرعة بديهة في فهم المشكلات وطرح حلول خلاقة ابداعية. يتمتع رئيس الجامعة في الأردن بصلاحيات واسعة، وأوسع في التطبيق والواقع مما نص عليه القانون، وذلك لضعف المجالس من مجلس الأمناء ومجلس الجامعة، وعدم إنفاذ صلاحياتها التي تشمل المشاركة في رسم السياسات ومتابعة تقييم أداء الجامعة وفريق إدارتها. لذا لا بد لمجلس التعليم العالي أن يتمتع بالشجاعة الكافية والرؤية الثاقبة واستشعار المتغيرات وقراءة الواقع واستشراف المستقبل وأن لا يخاف النقد وتوجيه الاتهامات من قبل من يتذرعون بتكافؤ الفرص والنزاهة بل يحرص على تعيين الافضل ولو بغير الطرق المعتادة، وذلك بالطلب من تلك اللجان العمل على استقطاب الكفاءات والقيادات الأكاديمية الأردنية من داخل المملكة وخارجها، وإعداد قائمة مصغرة بأسماء المرشحين، والطلب منهم إعداد تصور شمولي عن رؤيتهم في كيفية نقل الجامعة إلى المكان المأمول، ومن ثم دعوة كل منهم ليوم كامل لعرض رؤيته وفكره، والإحتكاك المباشر معه للإطلاع على الكاريزما التي يتمتع بها، ومدى قدرته على القيادة، ومعرفة منطقه وأسلوب تفكيره، وعمق ثقافته، ونبل أخلاقه وذلك بأخذ رأي العديد ممن يحتكون به ويناقشونه. ولا مانع من إعادة العملية إن لم تفرز الجولة الأولى الرئيس المنشود، كما واقترح تعديل مدة الأربع أشهر في القانون لملء الشاغر بحيث تصبح سنة. نحن بحاجة لمجلس ووزير تعليم عالي قوي يدعم هذا النهج ويضع إطار واضح محدد لعمل تلك اللجان وبصلاحيات أوسع ومرونة أكبر، وفي انتهاج اُسلوب مغاير عما سبق من ادوات واساليب الماضي، ولا تتبعه اليوم أي من الجامعات المرموقة في اختيار رؤسائها.
إن جامعاتنا ومثال ذلك جامعة العلوم والتكنولوجيا، قادرة إن أُحسن اختيار إدارتها أن تكون عاملاً مهماً ومحفزاً في مشروع التنمية الوطنية المستدامة، وبناء الاقتصاد القائم على المعرفة، وخلق حالة جديدة في التعليم العالي تنتهجه بقية الجامعات. كما ولا بد من العمل على المحافظة على المكانة العالمية المرموقة التي وصلت اليها، ولكن يجب أن ندرك أيضاً ان مشوار الجامعة ما زال طويلاً من ناحية ربط مخرجات البحث العلمي بمشكلات الوطن، وبتطوير نهج ضمان الجودة والجودة الشاملة والتقييم الشامل والتطوير المنهجي المستمر وإرساء العمل الجماعي والاستراتيجي وربط الدخل والمكافئات لكل العاملين بالأداء والإنجاز، والسعي لاستقلالية الجامعة والخروج بنظام خاص بها. وفي النهاية، أهيب بوزير التعليم العالي أن يعيد النظر في مرجعية عمل اللجنة قبل فوات الأوان، وما تصنيف الجامعات والأثر السلبي عنا ببعيد.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)