TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
تقييد ممارسة الحق في حرية الرأي والتعبير 
15/02/2020 - 11:30am

عريب هاني المومني

يبدو أن الحكومة لم تعِ بَعدْ خطورة الظروف والوضع الراهن الذي يمر به الأردن والمنطقة ككل، فمنذ بداية العام الحالي نُلاحظ تزايد حالات الاعتقال والتوقيف لنشطاء سياسيين وحراكيين ذو مكانة في الحراك الأردني، بالإضافة إلى إصدار وزارة الداخلية مؤخراً قراراً بتعذّر عقد المؤتمر العام الثاني لحزب الوسط الإسلامي وذلك قُبيل ساعاتٍ من عقده دون إبداء الأسباب والذي كان يحمل عنوان "الإصلاح السياسي واقع وتطلعات" وقد تضمن رد الحزب على هذا القرار أنه قرر مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة، كل هذه الأحداث الداخلية تترافق مع ما يُسمى "بصفقة القرن" وما نتج عنها من توتر العلاقات الدوليّة ما بين المؤيدين لهذه الصفقة والمعارضين لها وتغيّر في التحالفات الدوليّة.
إذ إن ما تقوم به الحكومة من أفعال يتعارض مع الحق في حرية الرأي والتعبير والحق في الاجتماع السلمي الذي ضمنته منظومة التشريعات والقوانين الوطنية وعلى رأسها الدستور الأردني، وكذلك يتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها الأردن والتزم بما جاء بها وأهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. فقد نصت المادة (15/1) من الدستور الأردني على أن: "تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون". كما تضمنت المادة (16/1) من الدستور الأردني النص على الحق في حرية الاجتماع السلمي إذ نصت على أن: "للأردنيين حق الإجتماع ضمن حدود القانون". 
وبخصوص الإعلان العالمي لحقوق الانسان فقد نصت المادة (19) منه على أن: "لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود"، ونصت المادة (20/1) من الإعلان على أن: "لكلِّ شخص حقٌّ في حرِّية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية". أما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فقد نظّم هذه الحقوق في المادة (19) التي نصت على الحق في حرية الرأي والتعبير وكذلك المادة (21) التي نصت على الحق في التمجع السلمي.
وما تقوم به الحكومة حالياً من تقييد لهذه الحقوق والحريات يُساهم في تأجيج الشارع الأردني وزيادة غضبه، ويزيد من الفجوة الحاصلة ما بين المواطنيين من جهة والحكومة من جهة أخرى، بالإضافة إلى أنه يشكك في نوايا الحكومة للإصلاح الحقيقي خاصة في ظل الاستحقاق الدستوري المرتقب في الربع الأخير من هذا العام وهو الانتخابات النيابية. وكذلك يتعارض مع أفكار ورؤى جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين وبالأخص تلك المتعلقة بالإصلاح الحقيقي الشامل، ووجود أحزاب ذات برامج وأفكار قوية وضرورة انخراط الشباب بها، وهذا ما أكّد عليه جلالته في الورقة النقاشية الثالثة التي حملت عنوان "أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة" وما زال يُؤكّد عليه في معظم لقاءاته. 
وقد ركّز جلالة الملك في العديد من لقاءاته على ضرورة الاستماع للمشاكل والتحديات التي تواجه الأردنيين والحلول المقترحة من جانبهم كما أكّد على ضرورة اتباع النهج التواصلي ما بين الحكومة والمواطنين، بالإضافة إلى ممارسة الضغط من القاعدة لإحداث الإصلاح والتغيير المطلوب وأن على الشباب مساعدته في ذلك، وهذا ما تحدّث به جلالته خلال احدى اللقاءات مع مجموعة من الشباب في كلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للدراسات الدولية في الجامعة الأردنية إذ خاطبهم قائلاً " إذا أردتم التغيير والإصلاح فارفعوا صوتكم ولا تصمتوا واضغطوا على السياسيين والنواب والمسؤولين، فعليهم أن يتعلموا منكم". إلا أنه من الواضح أن الحكومة تَمُرُّ على رسائل وإشارات جلالة الملك مرور الكرام ولا تسعى لتنفيذها على أرض الواقع.
فمن الواجب على الحكومة في الوقت الراهن أن تعمل على تقليص الفجوة ما بينها وبين المواطنيين وأَنْ تُعيد بناء الثقة فيما بينهم، لتكون قادرة على احتواء الظروف والتحديات التي تواجه الأردن وبالأخص تلك الضغوطات الخارجية المترتبة على صفقة القرن للخروج من هذه المرحلة الصعبة بشكل سليم، وكذلك يقع على عاتق المواطنين استخدام هذا الحق بالشكل الصحيح وبما يتناسب مع المواطنة الصالحة ففي هذا الوقت الأردن أحوج ما يكون للتماسك الداخلي والالتفاف حول القيادة الهاشمية، فحرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي حق وواجب في ذات الوقت. وختاماً يجب التأكيد على ما ذكره دولة طاهر المصري مؤخراً أننا في هذه الظروف العصيبة نحن بحاجة إلى تحصين رأس الدولة وإلى وجود قيادات قوية وذات كفاءة.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)