TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
تصنيفات الجامعات: بين المصداقية وجودة التعليم
11/10/2024 - 5:15pm

بقلم: الاستاذ الدكتور سيف النوايسة- جامعة مؤتة

تعتبر تصنيفات الجامعات مثل تصنيف "Times Higher Education" و"QS World University Rankings" من الأدوات المستخدمة على نطاق واسع لتقييم أداء المؤسسات الأكاديمية. ومع ذلك، تثار الكثير من التساؤلات حول مصداقيتها وتأثيرها على جودة التعليم والبحث. من اهم هذه التساؤلات هو المؤشرات الكمية والرسوم حيث تعتمد تصنيفات الجامعات بشكل كبير على مؤشرات كمية، مثل عدد الأبحاث المنشورة، ونسبة الطلاب إلى أعضاء هيئة التدريس، والموارد المالية. كما أن هذه التصنيفات تتطلب في كثير من الأحيان دفع رسوم للتسجيل، مما يثير الشكوك حول موضوعيتها. فهل يمكن الاعتماد على تصنيفات تعتمد على أرقام قد تكون متلاعبة أو مضللة؟ اما فيما يتعلق باالتأثير على جودة التعليم و في ظل التركيز على تحسين التصنيفات، قد تتجه بعض الجامعات إلى اتخاذ تدابير قصيرة الأجل لتحسين أرقامها، مثل زيادة عدد الطلاب أو تقليل عدد أعضاء هيئة التدريس، مما قد يؤثر سلبًا على جودة التعليم. فالتعليم الجيد يحتاج إلى تفاعل مباشر بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، وهو ما قد يتأثر سلبًا عند زيادة عدد الطلاب بشكل غير متوازن.
اما بلنسبة لجودة البحث العلمي والذي يعد أحد أهم الاهداف والجوانب الاكاديمية في أي جامعة فأن التركيز على التصنيفات قد يؤدي إلى انحراف الجامعات عن هذا الهدف . فبدلاً من أن تركز على البحث النوعي والمشاريع الجديدة والتي يجب ان توجه الى اولويات البلد البحثيه اوالتي تهدف الى الاسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصحية، قد تتجه بعض الجامعات إلى التنافس في عدد الأبحاث المنشورة على حساب النوع والجوده والهدف ، مما قد يؤدي إلى نتائج أقل جودة.
وهنا يجدر القول انه من الأفضل للجامعات أن تركز على تحسين جودة التعليم والبحث بدلاً من الانشغال بالانجازات الورقية التي تبتعد عن ارض الواقع. الانجازات الحقيقية والتي تخدم الوطن وتحقق رؤى جلالة الملك المعظم وولي عهده الامين تتمثل في تحسين جودة التعليم في الجامعات من خلال التركيز على مجموعة من المعايير الأساسية التي تساهم في تعزيز تجربة التعلم. وهنا لابد من الاشارة الى الجهة المشؤولة عن تنفيذ هذه المعايير والمتمثلة بادارات الجامعات ومجالس حاكمياتها والتي يفترض ان يكون اختيارها على اساس الكفاءة بعيدا عن اي اعتبارات اخرى دون ان ننسى الدور الذي يجب ان تلعبه وزارة التعليم العالي ومجلس التعليم العالي من حيث حسن اختيار الادارات ومجالس الامناء على اسس مهنية وشفافة في المقام الاول وحسن تقييم هذه الادارات والمجالس في المقام الثاني من قبل لجان نزيهه تنشر تقاريرها بمنتهى الشفافية والاحترافية. وعودة مرة اخري لمعايير تحسين الجودة فلابد من التركيز على :
اولا: تطوير المناهج الدراسية من حيث :
- تحديث المحتوى: يجب أن تكون المناهج متجددة وتواكب التطورات العلمية والتكنولوجية.
- لتركيز على المهارات العملية: دمج المهارات العملية والتطبيقية مع النظريات الأكاديمية.
ثانيا: هيئة التدريس المؤهلة ويكون ذلك :
- اختيار أعضاء هيئة التدريس: يجب أن يتمتع أعضاء هيئة التدريس بخبرات أكاديمية ومهنية قوية.
- التدريب والتطوير المهني*: توفير فرص التدريب المستمر لأعضاء هيئة التدريس لتحسين أساليب التدريس.
ثالثا: تفاعل الطلاب وتعزيز المشاركة من خلال تشجيع الطلاب على المشاركة الفعالة في المحاضرات والأنشطة الأكاديمية. بالاضافة لتوفير بيئة تعليمية مفتوحة تعمل على خلق بيئة تشجع النقاش والحوار بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.
رابعا: البنية التحتية والتكنولوجيا:
- وفير مرافق حديثة: تجهيز الفصول الدراسية والمختبرات بأحدث التقنيات والمعدات.
- استخدام التكنولوجيا في التعليم: دمج أدوات التعلم الإلكتروني والتطبيقات التعليمية لزيادة تفاعل الطلاب.
خامسا : التقييم والمراجعة الدورية
- أساليب تقييم متنوعة: استخدام أساليب تقييم متعددة مثل الامتحانات، المشاريع، والعروض التقديمية.
- مراجعة المناهج بشكل دوري: تقييم فعالية البرامج والمناهج الدراسية بانتظام وإجراء التعديلات اللازمة.

سادسا: دعم الطلاب ويكون ذلك من خلال:
- خدمات الإرشاد الأكاديمي: توفير خدمات الإرشاد والدعم الأكاديمي لمساعدة الطلاب في تحقيق أهدافهم.
- توفير الموارد التعليمية: المكتبات، قواعد البيانات، والموارد الإلكترونية يجب أن تكون متاحة بشكل كافٍ.

سابعا: البحث والابتكار ويكون ذلك من خلال:
- تشجيع البحث العلمي: دعم المشاريع البحثية والمبادرات التي تعزز من التفكير النقدي والابتكار.
- التعاون مع الصناعة: بناء شراكات مع المؤسسات الصناعية لتطبيق الأبحاث في العالم الحقيقي.

ثامنا:تقييم رضا الطلاب:
- استطلاعات الرأي: إجراء استطلاعات دورية لقياس رضا الطلاب عن جودة التعليم والخدمات المقدمة.
- الاستجابة للملاحظات: استخدام ملاحظات الطلاب لتحسين البرامج والخدمات التعليمية.

ونهاية اقول بينما تظل تصنيفات الجامعات جزءًا من المشهد الأكاديمي، ينبغي أن تكون هذه التصنيفات أداة للتوجيه وليس الهدف النهائي. يجب على الجامعات أن تضع جودة التعليم والبحث في مقدمة أولوياتها، وأن تستثمر في تطوير القدرات الأكاديمية بدلاً من السعي وراء تصنيفات قد تكون غير موثوقة. إن جودة التعليم هي ما يصنع الفارق الحقيقي في حياة الطلاب والمجتمعات، وهذا هو ما يجب أن تسعى إليه المؤسسات الأكاديمية.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)