طلبة نيوز
كتب على العزام
تطالعنا الصحف اليوم بمقابلة لرئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور يتناول فيها كافة الملفات المحلية والإقليمية والتي تؤثر بشكل مباشر في الواقع الأردني .
النسور الذي أكد في المقابلة على عدد من الثوابت الأردنية اتجاه الأزمة السورية والقضية الفلسطينية تحدث عن بعض الملفات المحلية وبطريقة مختلفة وعلى غير عادته فالنسور الذي طالما كانت أجهزة الدولة تكبر فيه تحمله المسؤولية والحمل عن الملك بتصديه للدفاع عن كافة قرارات الحكومة ويتحمل تبعاتها دون الاختباء خلف الملك يزل لسانه هذه المرة ويقول " الملك لم يشر أو يلمح بإجراء تعديل وزاري " .
رؤساء الحكومات السابقين عندما كانوا يسألون عن إجراء تعديلات وزارية على حكوماتهم معظمهم كان يجيب بأن التعديل الوزاري هو صلاحيات الملك الدستورية وهو صاحب الولاية الدستورية . أما النسور وخلال مسيرته الحكومية فقد تحدث عن التعديل الوزاري ثلاث مرات حيث وبعد حصوله على الثقة من البرلمان العام الماضي خرج بتصريح وعلى التلفزيون الأردني وعبر أهم برنامج فيه بأن التعديل الوزاري سيعقب عودة الملك (كان جلالة الملك في زيارة عمل إلى الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك ) وأنه سيقوم بتوزير عددا من النواب وكان فعلا قد أجرى مشاورات مع النواب وأبلغ بعضهم بالحقائب التي سيتم إسنادها لهم وذلك من باب تفعيل الحكومات البرلمانية .فما الذي حدث بعد ذلك ؟
عاد الملك من زيارته لأمريكا ووجد لغطا في البلاد يكاد يهز البرلمان الوليد فالكتل النيابية الهلامية تكاد تنفجر على وقع مشاورات النسور وصراعات في أروقة مجلس النواب كادت تنهي عمر المجلس الذي جاء بعد تعديلات دستورية قادها الملك بنفسه فما كان من الملك إلا أن تدخل في إنهاء اللغط بعدم قناعة الدولة بتوزير النواب في تلك المرحلة .
وبعد ذلك بشهرين أي في حزيران من العام 2013 صرح النسور لصحيفة القدس العربي بأنه سيجري تعديل وزاري وشيك فتأخر ذلك الوشيك إلى نهاية آب من ذلك العام إلى أكثر من شهرين .
اليوم يخرج الدكتور النسور بتصريح لافت بأنه لم يطلب إجراء تعديل وزاري ( وهو ما يخالف تسريبات لبعض وزراءه شاورهم بالتعديل ) كما وأنه تجاوز التقاليد لرؤساء الحكومات السابقين وصرح بأن الملك لم يلمح له أو يشر عليه بإجراء التعديل في إشارة إلى أن التعديلات الوزارية تأتي من فوق وليس بتنسيب من رؤساء الحكومات .
أو أن النسور لم يعد يقوى على الدور الذي كان يلعبه سابقا أو أن البعض ألصقه به وهو أن قادر على تحمل المسؤولية دون الاختباء خلف الملك وفي الحالتين فزلة النسور ليست سهلة وهي مصطلح جديد في السياسة الأردنية قد يكون له ما بعده ...
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد فهل ما يقوله النسور سيتطابق مع ما ستتمخض عنه الأيام القادمة ففي المرتين السابقتين لم تتوافق النتائج مع تصريحات النسور حيث لم يجرى تعديل في نهاية نيسان من العام 2013 بعد عودة الملك من أمريكا ولم يدخل نواب الحكومة . كما وأن تعديلا وزاريا لم يجرى في حزيران الذي كان من المفترض ان يكون وشيكا .
لم تكن جزئية الحديث عن التعديل الوزاري هي الأهم في تصريحات النسور ولكنها لافتة لأنها غير مسبوقة كما وأنها دلالات بأن الرجل الذي كان قبل عام مصر على توزير النواب يتحدث اليوم بأن المجلس النيابي الحالي لا يشهد نضوجا لدخول النواب في الحكومات كون النواب يأتون وفقا للصوت الواحد فرادى دون برامج .فكم من الوقت سينتظر الشارع حتى تثبت رؤية النسور التي نتمنى هذه المرة أن تخالف سابقتها ولا يجرى التعديل الوزاري في المدى القصير الذي لا نعرف مدى قصره أو طوله لدى النسور ....