TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
ترطيب اللسان بأحب الكلام إلى الله تعالى (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)
22/01/2021 - 6:00am

 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فعن سلمان الفارسي  قال: سمعت رسول الله  يقول: (إنَّ في الجنَّةِ قيعانًا ؛ فأكثِروا من غَرْسِها . قالوا : يا رسولَ اللهِ ! وما غَرْسُها ؟ قال : ( سُبحانَ اللهُ ، والحمدُ للهِ ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ ، واللهُ أكبرُ) رواه الطبراني.

وعن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم : (إنَّ ممَّا تذكرونَ من جلالِ اللهِ التسبيحَ والتهليلَ والتحميدَ ينعطِفْنَ حولَ العرشِ لهنَّ دويٌّ كدويِّ النحلِ تُذكِّرُ بصاحبِها أمَا يُحبُّ أحدُكم أن يكونَ له أو لا يزالَ له من يُذكرُ به)
وفي رواية له رضي الله عنه عند ابن ماجه أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: (إِنَّ مِمَّا تَذْكُرُونَ مِنْ جلالِِ اللَّهِ؛ التَّسْبِيحَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّحْمِيدَ، يَنْعَطِفْنَ حَوْلَ الْعَرْشِ، لَهُنَّ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ تُذَكِّرُ بِصَاحِبِهَا، أَمَا يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَوْ لا يَزَالَ لَهُ مَنْ يُذَكِّرُ بِهِ).
ومتى ما وصلت هذه التسبيحات إلى العرش بهذه السرعة دل على أن أبواب السماء فتحت لها.
فرطب لسانك بهذه الكلمات الأربع العظيمة تنل بها الثواب الجزيل ففيها فضائل جمة والتي منها:

أولا: أنها أحب الكلام إلى الله تعالى بعد القرآن الكريم
فعن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ رضي الله عنه أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: (أَحَبُّ الْكَلامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، لا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ.... الحديث). ‌

ثانيا: أنها تحتُّ الخطايا من صحيفتك
روى أَنَسٌ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم  أَخَذَ غُصْنًا فَنَفَضَهُ فَلَمْ يَنْتَفِضْ، ثُمَّ نَفَضَهُ فَلَمْ يَنْتَفِضْ، ثُمَّ نَفَضَهُ فَانْتَفَضَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، تَنْفُضُ الْخَطَايَا كَمَا تَنْفُضُ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا).
ولذلك رغبنا النبي  صلى الله عليه وسلم  على قولها حين نأوي إلى فراشنا لتغفر ذنوبنا، حيث روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: (مَنْ قَالَ حِينَ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ أَوْ خَطَايَاهُ، شَكَّ مِسْعَرٌ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ) ، ومِسْعَرٌ أحد رواة الحديث.

ثالثا: أنها تثقل ميزان حسناتك
فعن ثوبان رضي الله عنه عن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: (بخٍ بخٍ لخمس ما أثقلهن في الميزان: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، والولد الصالح يُتوفى للمرء المسلم فيحتسبه) .

رابعا: أنها وسيلة يمكن بها الإكثار من غرس الشجر في الجنة:
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : (لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلامَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ، عَذْبَةُ الْمَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا؛ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ) .
وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي  صلى الله عليه وسلم  مَرَّ بِهِ وَهُوَ يَغْرِسُ غَرْسًا فَقَالَ: (يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا الَّذِي تَغْرِسُ)؟ قُلْتُ: غِرَاسًا لِي، قَالَ: (أَلا أَدُلُّكَ عَلَى غِرَاسٍ خَيْرٍ لَكَ مِنْ هَذَا)؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (قُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، يُغْرَسْ لَكَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ)، فأكثر من مزروعاتك وحدائقك في الجنة، ولا تدع الوقت يضيع عليك فيما لا ينفعك.

خامسا: أنها تقي قائلها من النار
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: (خذوا جنتكم من النار، قولوا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإنهن يأتين يوم القيامة مقدمات، ومعقبات، ومجنبات، وهن الباقيات الصالحات) . ‌

سادسا: أن النبي  صلى الله عليه وسلم  أمرنا أن نقولها دبر كل فريضة خمسا وعشرين مرة
لقد حثنا النبي  صلى الله عليه وسلم  أن نسبح الله تعالى ونحمده ونكبره دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة، حيث روى أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم  قال: (مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ).
وفي مرة أخرى حثنا  صلى الله عليه وسلم  أن نجعل التسبيح والتحميد ثلاثا وثلاثين مرة ونجعل التكبير أربعا وثلاثين مرة، حيث روى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه أن رَسُولِ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم  قَالَ: (مُعَقِّبَاتٌ لا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ أَوْ فَاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ، ثَلاثٌ وَثَلاثُونَ تَسْبِيحَةً، وَثَلاثٌ وَثَلاثُونَ تَحْمِيدَةً، وَأَرْبَعٌ وَثَلاثُونَ تَكْبِيرَةً).
ثم حثنا  صلى الله عليه وسلم  أن نقول تلك التسبيحات خمسا وعشرين مرة ونجعل فيها التهليل، حيث روى زيد بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ: أُمِرُوا أَنْ يُسَبِّحُوا دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَيَحْمَدُوا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَيُكَبِّرُوا أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ، فَأُتِيَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ فِي مَنَامِهِ فَقِيلَ لَهُ: أَمَرَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم  أَنْ تُسَبِّحُوا دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وَتَحْمَدُوا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وَتُكَبِّرُوا أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاجْعَلُوهَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ وَاجْعَلُوا فِيهَا التَّهْلِيلَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ  صلى الله عليه وسلم  فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: (اجْعَلُوهَا كَذَلِكَ).
قال السندي رحمه الله تعالى: قوله فقال: (اجْعَلُوهَا كَذَلِكَ)، هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ الأولى لَكِنَّ الْعَمَل عَلَى الأَوَّل لِشُهْرَةِ أَحَادِيثه وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم . اهـ.
وقال محمد الأيتوبي الولَّوي معلقا على قول السندي رحمه الله تعالى: قوله: "لكن العمل الخ"، إن أراد عمل كثير من الناس فمُسلّم، ولكن لا قيمة له، وإن أراد العمل بالسُنة، ففيه نظر؛ لأن الحديث صحيح، فلا ينبغي الاقتصار على الأحاديث الأخرى، بل يعمل بهذا أيضا أحيانا فيجعلها كلها خمسا وعشرين، ويزيد التهليل كذلك والله تعالى أعلم . اهـ.
أقول: ويحتمل أن الذكر الأخير هو الأولى كما قال السندي رحمه الله تعالى؛ ولما فيه من تكرار قول: "لا إله إلا الله" خمسا وعشرين مرة، وهي أفضل الحسنات كما جاء في حديث أبي ذر رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي، (قَالَ: إِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَأَتْبِعْهَا حَسَنَةً تَمْحُهَا)، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمِنْ الْحَسَنَاتِ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؟ قَالَ: (هِيَ أَفْضَلُ الْحَسَنَاتِ).

سابعا: أننا أُمرنا أن نكثر منها دون غيرها في عشر ذي الحجة
ذكر النبي  صلى الله عليه وسلم  بأن أفضل الأعمال الصالحة عند الله عز وجل تلك التي يعملها العبد في عشر ذي الحجة؛ وأن ثوابها سيزيد على ثواب الجهاد، ثم بين  صلى الله عليه وسلم  بأن أفضل تلك الأعمال المرغوب الإكثار منها هي التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير، فتأمل.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: (مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ)، وفي رواية الطبراني أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر، فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير).

ثامنا: أن دعاءً من أدعية الاستفتاح يقوم عليها
فقد روى عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ رحمه الله تعالى قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ بِمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم  يَسْتَفْتِحُ قِيَامَ اللَّيْلِ، قَالَتْ: لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم  يُكَبِّرُ عَشْرًا، وَيَحْمَدُ عَشْرًا، وَيُسَبِّحُ عَشْرًا، وَيُهَلِّلُ عَشْرًا، وَيَسْتَغْفِرُ عَشْرًا، وَيَقُولُ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي، وَعَافِنِي، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

عاشرا: أنها تجزئ عن قراءة الفاتحة في الصلاة لمن لا يعرف القرآن، وقراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة.
فعَنِ عبد الله بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ  صلى الله عليه وسلم  فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لا أَسْتَطِيعُ أَخْذَ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ، فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِئُنِي، قَالَ: (قُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ)

الحادي عشر: أن النبي  صلى الله عليه وسلم  حث الناس عموما وكبار السن خصوصا على إعمار أوقات فراغهم بها
عن أُمِّ هَانِئٍ بنتِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنها قالت: مَرَّ بِي رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم  ذَاتَ يَوْمٍ فقلت: يا رَسُولَ اللَّهِ، إني قد كَبِرْتُ، فَمُرْنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ وأنا جَالِسَةٌ فقال: (سَبِّحِي اللَّهَ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ، فَإِنَّهَا تَعْدِلُ مِائَةَ رَقَبَةٍ من وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاحْمَدِي اللَّهَ مِائَةَ تَحْمِيدَةٍ، فَإِنَّهَا تَعْدِلُ مِائَةَ فَرَسٍ مُسْرَجَةٍ مُلْجَمَةٍ، تَحْمِلِينَ عليها في سَبِيلِ اللَّهِ، وكبرى اللَّهَ مِائَةَ تَكْبِيرَةٍ، فَإِنَّهَا تَعْدِلُ مِائَةَ بَدَنَةٍ مُتَقَبَّلَةٍ، وَهَلِّلِي اللَّهَ مِائَةَ تَهْلِيلَةٍ، فَإِنَّهَا تَمْلأُ ما بين السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَلا يُرْفَعُ لأَحَدٍ عَمِلٌ أَفْضَلُ منها، إلا أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِ ما أَتَيْتِ).
وعن عبد الله بن شداد رحمه الله تعالى عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: جاء ثلاثة رهط من بني عُذْرَةَ إلى النبي  صلى الله عليه وسلم  فأسلموا فقال النبي  صلى الله عليه وسلم : (من يكفيني هؤلاء)؟ فقال طلحة: أنا، قال: فكانوا عندي، قال: فضرب على الناس بعث – أي أرسل النبي  صلى الله عليه وسلم  سرية - فخرج فيه أحدهم فاستشهد، ثم مكثوا ما شاء الله، ثم ضرب آخر، فخرج فيه الثاني فاستشهد، قال: وبقي الثالث حتى مات على فراشه، قال طلحة: فرأيت في النوم كأني أدخلت الجنة فرأيتهم أعرفهم بأنسابهم وسيماهم، قال: فإذا الذي مات على فراشه دخل أولهم، وإذا الثاني من المستشهدين على إثره، وإذا أولهم آخرهم، قال: فدخلني من ذلك، فأتيت النبي  صلى الله عليه وسلم  فذكرت ذلك له، فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : (ليس أحد أفضل عند الله عز وجل من مؤمن يعمر في الإسلام؛ لتكبيره، وتحميده، وتسبيحه، وتهليله).
فأعمر وقتك - يا رعاك الله - بهذه الكلمات الطيبة، فليس أحد أكثر ثوابا عند الله عز وجل من مؤمن يشغل وقت فراغه بها.
الثاني عشر: أنها بديل لمن تقاعس عن قيام الليل والتصدق والجهاد في سبيل الله -عز وجل-
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (إن الله قسم بينكم أخلاقكم، كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله تعالى يعطي المال من أحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب، فمن ضن بالمال أن ينفقه، وخاف العدو أن يجاهده، وهاب الليل أن يكابده، فليكثر من قول: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر).

الثالث عشر: أنها مقدمة لإجابة دعائك حين طلبك المغفرة والرحمة والرزق
إذا سألت الله عز وجل المغفرة والرحمة والرزق، وأردت أن يقول الله لك: قد فعلت، فَقَدِّمْ بين دعائك الباقيات الصالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فستجد الإجابة بإذن الله، وهذه سُنَّة يجهلها كثير من الناس، فقم بإحيائها ونشرها بينهم.
فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ  صلى الله عليه وسلم  فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِي خَيْرًا، فَأَخَذَ النَّبِيُّ  صلى الله عليه وسلم  بِيَدِهِ فَقَالَ: (قُلْ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ)، قَالَ: فَعَقَدَ الأَعْرَابِيُّ عَلَى يَدِهِ، وَمَضَى فَتَفَكَّرَ ثُمَّ رَجَعَ فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ  صلى الله عليه وسلم  قَالَ: (تَفَكَّرَ الْبَائِسُ) فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ هَذَا لِلَّهِ، فَمَا لِي؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ  صلى الله عليه وسلم : (يَا أَعْرَابِيُّ إِذَا قُلْتَ: سُبْحَانَ اللهِ قَالَ اللهُ: صَدَقْتَ وَإِذَا قُلْتَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ اللهُ: صَدَقْتَ، وَإِذَا قُلْتَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ قَالَ اللهُ: صَدَقْتَ وَإِذَا قُلْتَ: اللهُ أَكْبَرُ قَالَ اللهُ: صَدَقْتَ وَإِذَا قُلْتَ: اللهُمَّ اعْفِرْ لِي قَالَ اللهُ: فَعَلْتُ وَإِذَا قُلْتَ: اللهُمَّ ارْحَمْنِي قَالَ اللهُ: فَعَلْتُ وَإِذَا قُلْتَ: اللهُمَّ ارْزُقْنِي قَالَ اللهُ: قَدْ فَعَلْتُ)، قَالَ: فَعَقَدَ الأَعْرَابِيُّ عَلَى سَبْعٍ فِي يَدِهِ ثُمَّ وَلَّى. السلسلة الصحيحة (3336)

الرابع عشر: أنها وسيلة سهلة ومجانية لتسديد الصدقات اليومية التي على جسمك
روى أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه  صلى الله عليه وسلم : ((على كلِّ نفس في كلِّ يوم طلعت فيه الشمسُ صدقةٌ على نفسِه))، قلت: يا رسول اللَّه، من أين أتصدَّق وليس لنا أموال؟ قال: ((لأنَّ من أبواب الصدقة: التكبير، وسبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إلا اللَّه، وأستغفر اللَّه، وتأمرُ بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتعزلُ الشوكة عن طريق الناس والعَظْمةَ، والحجَر، وتَهدي الأعمى، وتُسمع الأصمَّ والأبكم حتى يفقهَ، وتدُلُّ المستدلَّ على حاجة له قد علمتَ مكانها، وتسعى بشدةِ ساقيْكَ إلى اللَّهفان المستغيث، وترفع بشدَّةِ ذراعيْكَ مع الضعيف، كلُّ ذلك من أبواب الصَّدقة منك على نفسك، ولك في جماعِك زوجتَك أجرٌ))، قال أبو ذرٍّ: كيف يكون لي أجرٌ في شهوتي؟ فقال: ((أرأيتَ لو كان لك ولد، فأدركَ ورجوتَ خيرَه فمات، أكنتَ تحتسبه؟))، قلت: نعم، قال: ((فأنت خلقتَه؟))، قال: بل اللَّهُ خلَقه، قال: ((فأنت هديتَه؟))، قال: بل اللَّه هداه، قال: ((فأنتَ ترزقُه؟))، قال: بل اللَّه يرزقُه، قال: ((كذلك فضعْه في حلالِه، وجنِّبْه حرامَه، فإن شاء أحياه، وإن شاء أماته، ولك أجر)) رواه الإمام أحمد

فمن تأمل فضائل تلك الكلمات الأربع وكيف أجزل الله تعالى مثوبة من رطب لسانه بها، لا يستغرب أن يكنَّ أحب الكلام إلى الله تعالى، وأن أبواب السماء تفتح لها، كما لا يستغرب من حب رسول الله  صلى الله عليه وسلم  لها، فهل نحبها كحبه  صلى الله عليه وسلم ؟
فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: (لأَنْ أَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ) رواه مسلم

جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

د.محمد بن إبراهيم النعيم -رحمه الله-

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)