TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
تحديث المنظومة الإدارية: هل آن أوانه؟!
18/07/2021 - 10:15am

    د. أحمد بطّاح

إذا كان تحديث المنظومة السياسية مهماً للأردن وقد بدأ بالفِعل من خلال تشكيل لجنة ملكية لإنجازه، فإنّ تحديث المنظومة الاقتصادية لا يقل أهمية، وحيث أننا تعرضنا له في مقال سابق، فإننا سوف نركز اليوم على تحديث ثالث لا يقل أهمية عنهما وهو " تحديث المنظومة الإدارية " متجنبين استخدام مصطلحات كبيرة قد لا يمكن تطبيق مفهومها على أرض الواقع       " كالثورة الإدارية "، والتي تتناقض في الواقع مع طبيعة النظام السياسي في الأردن الذي آمن مُنذُ بداياته بالنمو التدريجي الذي يراكم الإنجاز عبر الزمن، ولا يؤدي في سياق تنفيذه إلى " ضحايا " أو " أثمان اجتماعية " غير مرغوبة.

ولعلّ أول ما يجب توضيحه في هذا الإطار هو أن الإصلاح الإداري لا يمكن أن يسبق الإصلاح السياسي فالإدارة هي ذراع تنفيذي يطبق الرؤية السياسية، أو التوجه السياسي، وهذا لا يقلّل من أهمية الإدارة فهي إما أن تنفذ بشكل صحيح وفعال وبذلك تتحقق الرؤية السياسية، وإما أن تطبق بصورة خاطئة أو مشوهّة، وبذلك تفشل الرؤية السياسية وتحُول دون تحقيقها.

ولكي نحدّث المنظومة الإدارية ( أو الإصلاح الإداري بعبارة أخرى ) فإننا يجب أن نعمل على مستويين: الجهاز الإداري القائم،  والجهاز الإداري المستقبلي، وفيما يتعلق بالجهاز الإداري القائم يمكن إجراء ما يلي:

أولاً: إنجاز تقييم واقعي دقيق لمستواه وبأسلوب منهجي يُطبق على جميع العاملين.

ثانياً: تحفيز المتميزين من أفراد الجهاز الإداري القائم مادياً ومعنوياً.

ثالثاً: إعادة تأهيل الجهاز الإداري القائم الذي ثبت من خلال التقييم العلمي أنهُ بحاجة إلى تطوير على مستوى المعارف، والمهارات، والقيم المهنية.

رابعاً: إشاعة ثقافة الرقابة والمساءَلة (Accountability  ) في المؤسسات لكي يعي كل موظف أن أداءَه مراقب، وأنه مُساءَل عن عمله فإن أجاد كوفئ، وإن قصّر حُوسب.

أمّا فيما يتعلق بالجهاز الإداري المستقبلي فإن المقصود به ذلك الجهاز الذي نهدف إلى إيجاده مستقبلاً بحيث يستطيع مواكبة المتغيرات والمستجدات، ولتحقيق ذلك فلا يجب الاكتفاء بتعيين موظفين أكفياء جدد لرفد الجهاز الإداري وضخ دماء جديدة فيه على أهمية ذلك بل لا بدّ من تأسيس " معاهد " أو " مراكز " معينة تؤهل الموظفين (من خلال برامج أو دورات وظيفية متخصصة بعد التخرج من المؤسسات الأكاديمية ) بفلسفة وطنية معينة وبحيث تراعي ما يلي:

أولاً: تزويد الموظفين بالمعارف، والمهارات، والاتجاهات الإيجابية اللازمة.

ثانياً: توعيتهم بفلسفة المجتمع، وتعريفهم بجغرافية الوطن وتاريخه وصولاً إلى تكريس انتمائهم، وتعميق فهمهم للخدمة العامة.

ثالثاً: تطوير نظام حوافز ( مادي ومعنوي ) لهم بحيث يكون دافعاً وملهماً لهم لأداء مستقبلي فاعل ومتميز.

رابعاً: تكريس مفهوم التنمية المهنية المستدامة (  ( Sustainable development لديهم، بحيث يعون أن مجرد تخرجهم والتحاقهم بمؤسسات العمل لا يعني أنهم ليسوا بحاجة إلى تنمية مهنية   (Development  Professional ) مستمرة.

إن هذا التصور الآنف الذكر يتعامل مع الوضع القائم ( Current Status ) بكل ما فيه من ضآلة إنتاجية، وهدر، وقلة فعالية، وترهل، ويتعامل كذلك مع المستقبل الذي يجب أن يكون عليه الجهاز الإداري فالهدف ليس الإصلاح الجزئي أو الترقيع لتمرير مرحلة، وإنما الوصول إلى جهاز إداري كفُء، وفاعل، وقادر على الاستجابه للتحديات المُستقبلية، وبخاصة أننا نعبر إلى المئوية الثانية من عمر الوطن.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)