من أجل (كوناني) اقام العالم تحالفا ضم عشرات الدول , وتم الضغط على تركيا لإدخال مساعدات إليها ...ومن أجل كوناني , غضب رئيس الوزراء البريطاني , والرئيس الفرنسي أيضا , وأرسلت أستراليا طائرات ,وتم إدخال قوات (البيشمرقا) ولا أنسى أن الإعلام تفنن في عرض بطولات المرأة الكردية وقتالها إلى جانب الرجل ...
دول منسية أيضا تحركت من أجل كوناني , والأهم أن مسيرات هائلة عبرت شوارع لندن وأخرى في ألمانيا ..وأخرى في النمسا , والغريب أن أحدا لا يعرف تلك البلدة نهائيا , ولم يسمع بها ..هي الأخبار التي جعلتها تتصدر عناوين الصحف .
بالمقابل القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين , ومعراج الرسول ..والوطن الذي يضم تاريخ المسلمين والمسيحيين ...تستباح من  قبل المستوطنين , وثمة إدانات خجولة , ومن تحرك فقط هو الأردن ...
العالم كله لم يغضب على مدن سورية التي إحتلتها داعش , لم يغضب على الرجم والقتل وسحل الناس وقطع الرؤس في الشوارع بالمقابل إستفزته (كوناني) ...والإعلام أحيانا يقول كوناني , وأحيانا يقول :- (عين العرب) ..هل بقي عيون لدى العرب أصلا  ؟ ربما في كوناني , بقيت ...وكل هذه الغضبة تمت من أجل الحفاظ على مدى الرؤية للعرب .
الغرب كان يمارس إزدواجية المعايير بين الدول الان اصبح يمارسها بين المدن وربما ستمتد بين الحارات , ولو أن كوناني كانت مدينة عربية ...وسكانها من عشائر سوريا لإحتلتها داعش منذ فترة طويلة ...ولكن لأنه عالم غريب تقوده الفوضى ...كل شيء يصبح فيه عاديا حتى الاشياء الغريبة .
في هذا الزمن تبين أن أقدس بقاع  العالم لدى المسلمين لا تحظى بفزعة المؤتمر الإسلامي ولا جامعة الدول العربية , ولا حتى عواصم القرار العربية , وقرية في شمال سوريا ...إستفزت وجدان العالم كله , لدرجة أن أحد الإقتصاديين قال أن ثمن القذائف ووقود الطائرات وصيانة الطائرات والإستطلاع ...والقصف على كوناني تعدى المليار بكثير ...بالمقابل تكلفة كل البناء والعمران والأرض الزراعية وإنتاج كوناني منذ خمسين عاما من القمح ومشاريع التنمية كله لا يعادل ...تكلفة أسبوع من القصف عليها ...إذا لماذا كل هذا الغضب ؟
كوناني إذا هاجمتها داعش فالعالم كله معها , والقدس لم يبق لها إلا الله ...ونحن .