TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
انقلاب في السودان.. العسكر يعطِّل الانتقال الديموقراطي
25/10/2021 - 8:00pm

طلبة نيوز - انتشار للجيش واغلاق جسور وأنفاق وانقطاع في خدمة الإنترنت والكهرباء، وإغلاق المطار وتعليق الرحلات الدولية.. في المقابل مئات آلاف الجماهير خرجت إلى الشوارع مشعلة إطارات السيارات هاتفة «الشعب أقوى».. هكذا بدا حال السودان منذ فجر اليوم.

ففيما كان الشعب ينتظر مرحلة جديدة من الانتقال السياسي تفضي إلى الوصول إلى حكم مدني ديموقراطي، انقلبت الأمور رأساً على عقب في ظل تطورات متسارعة شهدها السودان أخيراً بسبب توترات بين المكونين العسكري والمدني، وضعت البلاد مجدداً أمام مصير مجهول وسط تحذيرات من مواجهات جديدة بين القوات المسلحة والشعب والعودة إلى المربع الأول.

وبعد ساعات من تقديم المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان اقتراحات من شأنها أن تخرج السوادن من أزمته الراهنة خلال لقاء جمعه مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، نفذت قوة من الجيش سلسلة اعتقالات طالت المكون المدني في السلطة وفي مقدمتهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ووزراء في حكومته وقيادات من قوى «إعلان الحرية والتغيير»، وسط حديث عن انقلاب عسكري.

في صفحتها على «فيسبوك» أفادت وزارة الإعلام والثقافة أن رئيس الوزراء اقتيد إلى مكان مجهول، مشيرة إلى أن القوات العسكرية احتجزت حمدوك داخل منزله ومارست عليه ضغوطاً لإصدار بيان يؤيد الانقلاب، لكنه رفض.

ونقلت الوزارة عن حمدوك دعوته السودانيين في رسالة من مقر إقامته الجبرية إلى التمسك بالسلمية واحتلال الشوارع للدفاع عن ثورتهم.

مكتب رئيس الوزراء أكد أن قوة عسكرية اختطفت حمدوك وزوجته فجراً واقتادتهما إلى جهة غير معلومة، وشدد على أن ما حدث يمثل تمزيقاً للوثيقة الدستورية وانقلاباً على مكتسبات الثورة.

كما اقتحم العسكر مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان واحتجز عددا من العاملين.

زوجة وزير: أخذوه بالقوة

أكدت زوجة وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني خالد عمر يوسف اعتقاله من قبل قوة لا تعرف هويتها. وقالت «وصلت قوة كبيرة وحاصروا المنزل بشكل مفاجئ في 3:30 من فجر الاثنين، كانوا يعتقدون أن لدينا حراسة».

وأضافت «فتح لهم خالد الباب، فأخذوه معهم حتى إنه طلب تغيير ثيابه وارتداء أي شيء في رجله، لكنهم رفضوا وأخذوه بالقوة».

وأشارت الزوجة إلى أن القوة كانت عبارة عن عربات بوكس نصف نقل (مركبة للنقل الأمني) بدون لوحات معدنية ولا أرقام، بالإضافة إلى سيارة من نوع لاند كروز. كما كان الأفراد يرتدون لباساً مدنياً.

حالة طوارىء

وعقب حملة الاعتقالات هذه، أطل رئيس المجلس السيادي الفريق عبدالفتاح البرهان ليعلن حالة الطوارئ وتعليق العمل ببعض مواد الوثيقة الدستورية، وأكد في بيان بثه التلفزيون الرسمي حل مجلس السيادة الانتقالي ومجلس الوزراء وإعفاء الولاة وتجميد عمل لجنة إزالة التمكين إلى حين مراجعة أعمالها.

في المقابل، وعد البرهان بتشكيل حكومة كفاءات إلى حين انتهاء المرحلة الانتقالية وإجراء انتخابات عامة في عام 2023، مؤكداً التزامه بالوثيقة الدستورية، ومتعهداً بإشراك الشباب في «برلمان ثوري» يحقق مطالب الشعب.

كما أكد مُضي القوات المسلحة في إكمال التحول الديموقراطي حتى تسليم قيادة الدولة لحكومة مدنية منتخبة، على حد وصفه.

من جانبه، اعتبر الفريق في الجيش السوداني حنفي عبدالله أن ما جرى من اعتقالات تصحيح للمسار الديموقراطي. مؤكداً أنه سيتم تشكيل حكومة مدنية جديدة تضم كفاءات حرة ونزيهة، وأن البرهان سيتشاور مع السياسيين لتنفيذ التحول الديموقراطي.

إلى الشوارع لحماية الثورة

وفيما كان التلفزيون الرسمي يتلو بيان البرهان، كان مئات آلاف السودانيين يتدفقون إلى شوارع العاصمة الخرطوم ومدينة أم درمان احتجاجاً على ما اعتبروه انقلاباً عسكرياً، مطالبين بحماية الثورة وتسليم الحكم للمدنيين.

وأظهرت لقطات مصورة متظاهرين يغلقون الشوارع ويشعلون الإطارات، بينما استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. وسُمع المتظاهرون يهتفون «الشعب أقوى» و«الانسحاب ليس خيارا»، في حين ملأت أعمدة الدخان الهواء.

كما شهد محيط مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم اشتبكات بين المتظاهرين والقوى الأمنية أدت إلى إصابة 12 شخصا.

وقال أحد المواطنين: «نرفض سيطرة العسكر ولن نعود إلى منازلنا ما دام هذا الوضع مستمراً، البلاد كلها مغلقة وننشد الدولة المدنية التي ترعى مصالحنا».

وأوضح آخر: «نزلنا إلى الشوارع لرفع صوتنا لا لحكم العسكر ومدنية حتى النصر».

وكان تجمع المهنيين وقوى حزبية قد دعوا السودانيين للنزول إلى الشوارع وقطع الطريق على تحرك العسكر.

ووصف تجمع المهنيين، أحد المحركين الأساسيين للانتفاضة التي أسقطت عمر البشير عام 2019، الاعتقالات بـ«الانقلاب»، داعيا إلى «المقاومة الشرسة للانقلاب العسكري الغاشم». وناشد «الجماهير الخروج إلى الشوارع واحتلالها وإغلاق كل الطرق بالمتاريس والإضراب العام عن العمل ورفض أي تعاون مع الانقلابيين والعصيان المدني في مواجهتهم».

وتابع «لن يحكمنا العسكر والميليشيات، الثورة ثورة شعب.. السلطة والثروة كلها للشعب».

ودعا الحزب الشيوعي السوداني إلى عصيان مدني وإضراب.

وأعلن اتحاد الطيارين الإضراب العام والعصيان المدني. كذلك فعلت نقابة الأطباء معلنة التوقف عن العمل في المستشفيات باستثناء التعامل مع الحالات الطارئة وقررت الانسحاب من المستشفيات العسكرية مطالبة القطاعات المهنية بالنزول إلى الشارع. كما دخل تجمع المصرفيين في عصيان مدني مفتوح.

انقلاب مرفوض

وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي أكدت أن أي انقلاب مرفوض، وسيقاوم بكل الوسائل المدنية، وأضافت أنّ وزراء الحكومة غير المعتقلين سيجدون طريقة للتواصل وترتيب الأمور محذّرة الجميع من إراقة قطرة واحدة من دماء الشعب، وأن الشراكة بين المدنيين والعسكريين أصبحت في وضع خطير.

وتابعت المهدي: «احتجاز حمدوك أمر خطير وغير مقبول»، مؤكدة أنها تتحدث بصفتها نائب رئيس حزب الأمة.

من جانبه، أكد عضو المجلس السيادي محمد التعايشي رفضه للتحرك العسكري وقال: «الانقلاب خيانة وأدعو الشعب إلى المقاومة السلمية».

أما عضو ما تسمى لجنة إزالة التمكين صلاح مناع فطالب الجيش بالانحياز للشعب ومدنية الدولة.

وأكد حزب المؤتمر السوداني أن ما يجري «انقلاب عسكري وعودة إلى العهد المظلم».

تنديد وقلق

دولياً، أعربت واشنطن عن قلق بالغ إزاء هذا الاستيلاء العسكري على السلطة، معتبرة أنّه مخالف للإعلان الدستوري. وقال فيلتمان:«هذا مخالف للإعلان الدستوري والتطلعات الديموقراطية للشعب وغير مقبول بتاتاً»، مؤكداً: «كما قلنا مراراً إنّ أي تغييرات في الحكومة الانتقالية بالقوة تعرض المساعدة الأميركية للخطر».

الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل دعا جميع المعنيين والشركاء الإقليميين لإعادة العملية الانتقالية السودانية إلى مسارها الصحيح.

من جانبها، أعربت الجامعة العربية عن قلقها أيضاً ودعت جميع الأطراف إلى الالتزام باتفاقات الفترة الانتقالية. في وقت قالت وزارة الخارجية المصرية، إن القاهرة تتابع عن كثب التطورات وأن «أمن واستقرار السودان جزء من أمن واستقرار مصر والمنطقة»، ودعت الأطراف السودانية كافة إلى الالتزام بـ«ضبط النفس، لتغليب المصلحة العليا».

أما ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس فشدّد على أنّه قلق جداً بشأن محاولات تقويض عملية الانتقال السياسي، واعتبر أنّ الاعتقالات التي طالت رئيس الوزراء والمسؤولين الحكوميين والسياسيين غير مقبولة، داعياً إلى الإفراج الفوري عنهم.

ويرى مراقبون أن ما حدث من تطورات وضع مؤسف يضرب التسوية السلمية في السودان ويعيد الفوضى والعقوبات الدولية.

وعلق آخرون أن هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها أطراف الأزمة للجماهير من أجل الضغط على الطرف الآخر وتحقيق مكاسب سياسية؛ لكن اللجوء إلى الشارع هذه المرة ليس بالضرورة أن يكون لمصلحة الغالبية، فالسياقات مختلفة عما كانت عليه قبل عامين، وقد لا ينجح في ترجيح كفة المحتجين على العسكر.

شرق السودان يؤيد الجيش

بعد إعلان حالة الطوارئ في السودان، أكد مجلس نظارات البجا في شرق البلاد تأييده للتحركات التي اتخذتها القوات الأمنية وانحيازه للجيش.

وأوضح أمين الشباب في المجلس كرار عسكر أن حكومة عبدالله حمدوك حزبية، متهماً إياها بتجاوز الوثيقة الدستورية، وأكد أن فريقه يريد تشكيل حكومة مدنية وليست حزبية.

لقاء سري سبق الانقلاب

قبل ساعات من اعتقال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، كان قد التقى الأخير رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان ليل الأحد- الاثنين، لمناقشة المقترحات التي قدمها المبعوث الأميركي إلى القرن الأفريقي جيفري فيلتمان.

وقد طلب حمدوك من البرهان مهلة حتى 30 من الشهر الجاري من أجل الرد على تلك المقترحات. (القبس)

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)