طلبة نيوز- بقلم الكاتبه : إيمان نعمة

بالامس كنا نصرخ انقذوا دبين وما زلنا نصرخ انقذوا الرميمين واليوم ها نحن نصرخ انقذوا برقش وغدا سوف نصرخ انقذوا آخر شجرة سنديان ما زالت صامدة فوق جبال جلعاد الاردنية . مذبحة الاشجار .. ! لا انها مذبحة الانسان لان حماية البيئة والمحافظة عليها هي حماية للانسان .. وهي ايضا مذبحة الوطن لان البيئة والمناطق الجمالية السياحية هي من ممتلكات الوطن الثمينة التي لا تعوض !!! . الآلاف من الاشجار المعمرة في غابات عرجان محافظة عجلون شمال الاردن ، يتم الان اغتيالها من اجل اقامة كلية عسكرية تابعة لأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية البريطانية ، من الممكن ان تقام في مكان آخر دون الحاجة الى قتل الرئة التي تنتج اوكسجين الهواء للشعب الاردني . ويقف الجيش الاردني الحامي والمدافع عن ارض الوطن حارساً على مشروع تقطيع الاشجار ومانعاً المعترضون من وزارة الزراعة ونشطاء حماية البيئة وجمعياتها من الاقتراب او التوثيق او التدخل ، بحجة انها منطقة عسكرية !!! .

يحدث هذا في غياب القوانين الصارمة وغياب تفعيل القوانين الموضوعة القائمة التي تحمي البيئة الاردنية وتدافع عنها .. يحدث هذا في غياب محاسبة المسؤولين عن فساد قراراتهم المسيئة للوطن .. يحدث هذا في غياب دور الحكومة التي تثبت كل يوم عجزها وعدم ممارستها لمسئوليتها واهمالها لواجباتها الاولية والاساسية اتجاه الوطن . يحدث هذا ونحن لا نملك الا ان نبكي عليك يا وطن اصبحت تغتال فيك الاشجار ويقتل فيك الجمال وتهان فيك الطبيعة التي منحها لنا الله !!! . اوقفوا هذه المهزلة !!! اوقفوا هذه الجرائم البشعة !!! اوقفوا هذا الظلم الواقع على ارض الوطن الذي يعاني من التصحر ونقص المياه وقلة المساحات الخضراء ومحدودية الغابات التي لا تزيد مساحتها عن 0.4 % من مساحته فقط . المحافظة على البيئة واجب وطني مطلوب من الجميع ، واهمال هذا الواجب والسكوت على هذه الجرائم هو خيانة كبرى سيذكرها التاريخ ولن تغفرها لنا الاجيال القادمة التي سوف يقال لها .. كانت هنا يوماً غابة اسمها عرجان واغتيلت من اجل بناء كلية عسكرية ، وكانت هنا يوماً بلدة جميلة يعشقها التراث وتسكنها الينابيع والشلالات اسمها الرميمين واغتيلت من اجل بناء سجن لاحتواء المجرمين .. وكانت هنا يوماً اشجار من السنديان عاشت فوق هذه الارض مئات من السنين ، تم قطعها لاقامة مشاريع كان من الممكن اقامتها في اماكن اخرى ! .. كما يقال لنا اليوم كانت هناك اراضي تنتج قمحاً وخبزاً واصبحت طرقاً معبدة ومقابر للموتى ومساكن للوافدين .. وكنا نصدر القمح لانه كان يفيض عن حاجتنا ، واليوم نحن نشحد القمح ونشحد الماء وغداً سوف نشحد الهواء الذي نتنفسه !!! .

انقذوا برقش قبل فوات الاوان فالكلية العسكرية ان تم بناؤها لن تكتفي بما خصص لها من مساحة وهي كما يبدو من المصادر الموثقة مساحة كبيرة ( 981 دونما ) . احتلت عملية قطع الاشجار لغاية الان كما يظهر في الصور قمة جبل كامل من اجمل المواقع الطبيعية من الاراضي الحرجية في المملكة ، وسوف تتوسع تدريجياً في المستقبل كما هي العادة ، وسوف تقام ابنية اخرى بحجة الخدمات او السكن وشيئا فشيئا سوف تتحول غابات عرجان الى طرق معبدة وابنية من حولها وتختفي مع الوقت وتموت . عندها لن ينفع الندم !!! .

الذين سوف يقبضون ثمن القرار وثمن اخشاب الاشجار المعمرة الثمينة من البطم والسنديان وغيرها والتي اصبحت نادرة ويمنع قطعها في الدول المتحضرة ، سوف يذهبون في رحلات ترفيهية الى الدول الاجنبية حيث الطبيعة والخضرة والماء .. ويتركون الوطن يحتضر من ارتفاع درجات الحرارة الذي يزداد عاماً بعد عام مع تغيرات المناخ في العالم من دون نسمة هواء عليلة تهب عليه او ظل شجرة يظلله . الحقوا ما تبقى من مناطق حرجية وزراعية وطبيعية خضراء !!! .

الحقوا الرميمين البلدة التي تحتضر بسبب بناء سجن فوق اراضيها الحرجية والذي تسبب هو ايضا بتشويه المنطقة الحرجية ونشر التلوث من حوله فلم يعد هناك مياه ينبوع صالحة للشرب ولا بيئة مناسبة للاستثمار والسياحة .. خنقت البلدة ببناء السجن البشع فاصبحت سجينة الحزن والكآبة ، اختير لبناء سجن الرميمين اجمل موقع من البلدة .. تلة حرجية اشبه ما تكون بلوحة فنية لو انها وجدت في بلد آخر لكانت مكانا لحديقة للطيور والزهور او منتجعا للاستجمام والعلاج او على الاقل لكانت تركت على طبيعتها الحرجية الخلابة ، لكنهم اختاروا اغتيالها فكانت شهيدة الانجازات والقرارات الفاشلة !!! .

ماذا ننتظر بعد كل هذا وماذا سيكون مستقبل البيئة الاردنية بعد ضياع الثقة في القائمين على حمايتها من مسؤولين وحكومة ؟؟ !! لا تتوقفوا عن الصراخ والاعتراض بكل ما ملكتم من وسائل ومقدرة .. فان الارض اليوم تناديكم وتصرخ في اعماق ضمائركم " انقذوا برقش !!! الحقوا الرميمين !!! "