TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الهدر الدوائي .... من المسوؤل؟
27/10/2022 - 4:00am

طلبة نيوز - بقلم: أ.د. عدنان مساعده
أن تبلغ قيمة الهدر الدوائي بأشكاله المتعددة التي تشمل صرف الأدوية في غير مكانها الصحيح وبكميات تفوق حاجة المرضى، والاشتراك في التأمين الصحي لدى أكثر من جهة وغيرها من أشكال الهدر مبلغ 250 مليون دينار سنويا، ولا يقل الرقم عن ذلك فيما يتعلق في هدر المستلزمات الطبية كما أعلنت دراسة أعدتها جماعة عمان لحوارات المستقبل يعتبر مؤشرا خطيرا يجب التوقف عنده ومعرفة أسبابه والسعي للسيطرة عليه وهذا ليس بالأمر الصعب أو المستحيل وليس يركن وضع حلول له في عالم الفضاء.
وأتساءل هنا كما يتساءل الكثيرون هل ما زالت الجهات المسؤولة عن ادارة الدواء غائبة عن المشهد خلال السنوات الماضية دون أن تضع الحلول أو هل هي عاجزة عن ضبط هذا الهدر الذي ينتهي الى سلة المهملات دون فائدة في الوقت الذي نجد فيه فئة من أبناء مجتمعنا غير قادرين على شراء الدواء أو توفيره لحالات مرضية مزمنة أو طارئة.
ونحن نعيش عصر تكنولوجيا المعلومات والأرقام فهل ما زالت الجهات التي تدير الدواء غير قادرة على إيجاد ضبط الكتروني مركزي لصرف الأدوية التي تصرف، وربط المراكز الصحية والمستشفيات التي تقدم الخدمة الطبية للمرضى بنظام رقابة محوسب وفاعل من أجل تلك توفير المبالغ المهدورة والاستفادة منها في انشاء مستشفيات أو مراكز صحية شاملة أو شراء أجهزة طبية حديثة أو تطوير البنية التحتية للنظام الصحي أو توجيه هذا المبلغ لتعيين كوادر طبية عاطلة عن العمل؟ أسئلة كثيرة نطرحها بألم لترتيب هذا الأمر.
وللأنصاف فإن جانبا من المسؤولية يقع على كاهل بعض المواطنيين الذين يسئيون إستخدام أخذ الأدوية وتكديسها بمراجعة أكثر من جهة للحصول على كميات أكثر من حاجتهم الحقيقية من خلال صرف الأدوية أكثر من مرة من المراكز الصحية والمستشفيات، وأحيانا يخضع الصيادلة الى ضغط المريض ويكون للصيدلي دور بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في هدر الأدوية التي يقوم بصرفها دون الرجوع الى الطبيب.
وللخروج من هذا الهدر المؤرق للمنظومة الصحية والانعكاس السلبي على أدائها من جهة وللاقتصاد بسبب زيادة الأنفاق الصحي بنسبة 8% من الناتج المحلي الاجمالي الذي قد ترافقه زيادة في السنوات القادمة من جهة ثانية، وتردي الرعاية الصحية في القطاع الخاص من جهة ثالثة بسبب التأمينات الصحية للأفراد في القطاع الطبي الخاص الذين لديهم تأمينا ايضا في القطاع الطبي العام. إضافة الى تقديم خدمة علاجية للمرضى في القطاع الطبي الخاص لا ضرورة لها مما يترتب على ذلك زيادة الأجور وقيمة فاتورة العلاج بحجة أن الشخص لديه تأمين صحي.
ثم، لماذا لا يتم تأهيل الكوادر البشرية التي تعمل في الحقل الطبي بشكل فعال وادارة الموارد البشرية بأفضل الطرق، وكذلك ضرورة تفعيل نظام محوسب مركزي للسيطرة وضبط أسباب الهدر، وتطبيق نظام الحوكمة ونظام مراقبة بشقيه الاداري والمالي يضبط ذلك، اضافة الى وجود مساءلة قانونية ووضع تشريعات تحاسب من يسهم في هدر الدواء والمستلزمات الطبية .
إنها دعوة لدولة الدكتور رئيس الوزراء الأكرم ولمعالي وزير الصحة ولكل الجهات المسوؤلة عن المنظومة الصحية والدوائية في القطاعين العام والخاص أن تولي هذا الملف القديم الجديد الذي عقدت عدة ورشات ومؤتمرات حوله ونتج عنه توصيات مهمة لم تر النور ووضعت في الأدراج دون تطبيق، فهل نبدأ وبدون تأخير وأعتقد أن تشخيص الأسباب أصبح واضحا وكذلك فإن العلاج ووضع أنجع الحلول ليس بالأمر الصعب أو المستحيل فهل نحن فاعلون أم نبقى نرحل ذلك للزمن ليتفاقم الأمر ويصبح علاجه أكثر كلفة وأشد إيلاما. وسأتناول في المقال القادم موضوع الهدر الغذائي.
كاتب وأكاديمي/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية حاليا
عميد كلية الصيدلة سابقا/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية وجامعة اليرموك
رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقا

الهدر الغذائي .... من المسوؤل؟
بقلم: أ.د. عدنان مساعده *
تصريح معالي وزير الزراعة حول الهدر الغذائي الذي تصل نسبته الى 40% يعكس أننا نعيش في عالم فضائي خيالي لا يلامس الواقع الحقيقي الذي يجب أن يكون .... فهل الهدر بشتى أنواعه وثقافة الاستهلاك لا الانتاج أصبحت ثقافة نمارسها أفرادا ومسوؤلين على حد سواء؟ في ظل عالم تجتاحه ظروف اقتصادية صعبة ومنها اختلال توازن سلة الغذاء العالمية التي تتأرجح هبوطا ولا تستقر على حال بسبب سياسات صنعها العالم المجنون بيديه ورافق ذلك غلاء عال في الأسعار الأمر الذي يؤرق كاهل المجتمعات.
وكنت أتمنى أن يكون تصريح معالي الوزير أكثر تفصيلا وشمولية مبينا تلك الفئات التي أوصلت نسبة الهدر الى هذا الحد الخطير؟ هل طبقة الفقراء وعامة الناس الذين يعيشون خط الفقر هم الذين يهدرون الغذاء؟ أم هم طبقة ميسوري الحال والاغنياء؟ أم هم غالبية المجتمع الذين يهدرون الغذاء كل بطريقته وحسب الدخل الذي يأتيه بسبب غياب الثقافة لدى الأسر التي استمرأت ثقافة الاستهلاك والتقاعس ولم تعود نفسها على ثقافة الانتاج والعطاء؟ وهل عجزت السياسات الزراعية والغذائية على تغيير هذا النمط الحياتي لدى الناس رغم الظروف الصعبة التي تواجه الكثيرين؟ وهل عجزت مناهجنا الدراسية التي كانت تدرس الاقتصاد المنزلي لتغير نمط الاستهلاك لدى جميع أفراد الأسرة؟ وهل أن هناك نقصا في التشريعات القانونية التي تحاسب كل من يهدر الغذاء الذي هو ملك لكل الناس وللمجتمع بصرف النظر عن مستوى دخلهم الاقتصادي؟ حدثني صديق سافر الى المانيا حيث أن أحد الاشخاص قام بدعوة عدد من أصدقائه الى وجبة عشاء في أحد المطاعم هناك، وكانت كمية الأكل التي قدمت للمدعوين أكثر بكثير مما يحتاجون وفي نهاية الدعوة جاء مسوؤل التأمينات الاجتماعية الى الشخص الذي دعى الى العشاء وأصدر غرامة مالية عليه...فأستهجن الشخص الأمر وكان من مسؤول التأمينات الأجتماعية أن قال له: أن هذه الموارد التي زادت عن حاجة المدعوين من الأكل هي ليست ملكا لك للتصرف فيها كيفما تشاء حتى وإن كانت من ميزانيتك الخاصة، بل هي ملك للدولة الألمانية ولكل فرد فيها ... نعم هكذا تدار الموارد بطريقة حكيمة وراشدة وخصوصا فيما يتعلق بأمر يهم عامة الناس.
نعم، ان الهدر الغذائي قد لا تتحمله الأسرة وحدها، فقد يرتبط بمراحل الانتاج والتخزين غير الفعّال كما أشار معالي الوزير الأمر الذي يؤدي الى تلف وفساد المواد الغذائية، ولكن ذلك لا يعفي المسوؤلية لتكون البنية التحتية مناسبة وملائمة لقواعد السلامة والصحة العامة، لأن هذا النوع من الهدر الغذائي يكلف خزينة الدولة كما يكلف المؤسسات والشركات المصنعة والمستوردة مبالغ كبيرة من جهة وينعكس سلبا على جودة المنتج من جهة، وعلى نقص توفر هذه المواد بشكل مناسب من جهة ثانية ، ويؤدي الى ارتفاع الأسعار التي تتحملها الدولة والمواطن على حد سواء.
الموضوع شائك وهو بحاجة معالجة ادارية وقانونية وثقافية وحوكمة، ومحاسبة كل جهة تقصر لنحافظ على مواردنا الغذائية بتوازن واتزان دونما هدر أوتبذير، اضافة الى ترسيخ ثقافة الأنتاج لا الاستهلاك والهدر في مؤسساتنا التعليمية والتربوية في المدارس والجامعات وان يكون الأعلام ذراعا يساند كل الجهات بالتوجيه والارشاد وبث البرامج الهادفة للأسرة والمجتمع لتكون المعالجة شاملة وذات جدوى.
كاتب وأكاديمي/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية حاليا
عميد كلية الصيدلة سابقا/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية وجامعة اليرموك
رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقا

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)