طلبة نيوز-أ.د يوسف ابو حميدان
نحب نحن العرب بشكل عام والأردنيون بشكل خاص وبشتى أصولهم ومنابتهم " لا أستثني منكم أحداً" أن نظهر دائما بمظهر الشخص العارف بكل شيئ الذي قرأ كثيرا وشاهد وسمع ما قد يخطر على بال مخلوق. فنحن نعرف بالسياسة والإقتصاد والحرب وفنون القتال وعلم الذرة والطب بل خبيرون بأشياء لم تكتشف أو تخترع بعد. حدثني صديق لي وهو طبيب متخصص في جراحة القلب، قال كنت في عزاء أحد الأصدقاء فسألني أحد الحضور عن مرضه وعن العلاج الذي يأخذه وعن ضرورة العملية الجراحية، فقال عندما وصلني الدور للحديث كان رقمي عشرة فقد سبقني تسعة أشخاص في الإجابة فقلت له أعتقد أن الأخوة الحضور قد أجابوك فكفى. وطبعا كانت إجاباتهم معظمها تنطبق على أمراضهم وليس على مرض السائل.و أذكر اننا عندما كنا طلبة ندرس الدكتوراة كان بيننا أحد الأصدقاء الذي كان يبدي معرفة خلاقة غير مسبوقة في المعرفة، فاتفقنا على أن نبتكر أختراعا غير موجود وطرحنا الأمر أمامه وسرعان ما انطلق في تعليقاته حول ذلك الموضوع وعن قراءاته المتعددة التي فاقت الخيال ووالله كان الأمر تأليفاً".
نحن نعرف كل شيئ وحتى نؤكد أحاديثنا التي نخوضها مع الآخرين فنحن نكذب وندعي أننا قرأنا هذا في آخر إحصائية وكم تمنيت من هؤلاء أن يدلوني على هذه الإحصائيات ومن أين حصلوا عليها. وحتى نؤكد أكثر على أهمية كلامنا فيجب أن نتحدث بصوت عال وأن نشبر ونهز رؤوسنا أثناء الحديث. وعلى الحضور أن يهزوا رؤوسهم مؤكدين صحة الكلام . وغالبا ما يكون الأمر هكذا خصوصا إذا كان المتحدث شخص معروف أو صاحب منصب. وكم نسعد حينما نطلب من هذا الشخص المسؤول أن يبدي رأيه في مواضيع لا قدرة له في الحديث عنها ومرة أخرى نهز رؤوسنا طربا لإبداعه التافه .
ما أحبنا للظهور والاستعراض فهذا هو السبب وراء ذلك، وللظهور والاستعراض دور كبير في حياتنا سأتحدث عنه في حلقة منفصلة. أعود لأتحدث عن الموسوعات المتحركة. ففي مجتمعنا تزول كل التخصصات مهما بلغت أهميتها فالمسؤول في بلدي يعرف ويفتي في كل شئ. والمهم أن يبدي رأيه حتى و إن كان غير متأكد مما يقول.
جعلنا من السفيه شيخا ومن الجاهل عالما ومن الوضيع رفيعا قتلنا النفاق حتى بات نبتة تكبر يوما بعد يوم في أعماقنا.لا يعترف المسؤول في بلدي إلا بقدراته وعلمه ومعرفته بكل شيئ حتى انتقل هذا الوباء وانتشر في مجتمعنا. ولا أخال أن هناك دواء شافيا ولا مطعوماً يقينا من هذا الوباء.
أقول لكم ولنفسي ولك مسؤول في بلدي كفاكم إدعاءاً و أقرأوا وتثقفوا واتركوا الخبز لخبازه فوالله ما نجحت أمة ولا نهضت بالكذب والإدعاء.
اضف تعليقك