TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
المبادرة النيابية لتطوير التعليم العالي والإرادة السياسية الغائبة
18/04/2015 - 7:45am

طلبة نيوز-الأستاذ الدكتور أنيس الخصاونة

شاركنا يوم الخميس في مؤتمر التعليم العالي الثاني برعاية وزير التعليم العالي والبحث العلمي والذي خصص لمتابعة ومراقبة الخطة التنفيذية لتطوير التعليم العالي التي تم التوافق عليها في العام الماضي من قبل عدة جهات أكاديمية ونيابية وقطاع خاص. والحقيقة فإننا إذ نقدر لمنسق وأعضاء المبادرة النيابية هذا الجهد الذي يجسد انخراط بعض أعضاء المجلس النيابي في شأن عام حيوي ومحوري مثل التعليم العالي فإن مداولات المؤتمر والتشخيصات الواعية والحلول الناضجة التي اقترحها الذوات المشاركون فيه تضع الدولة الأردنية والإرادة السياسية للحكومة والقيادة العليا على المحك. لم يكن في أذهان الأكاديميين ورؤساء الجامعات ومجالس الأمناء وخبراء التعليم العالي وأعضاء مجلس النواب المنضويين تحت المبادرة النيابية لتطوير التعليم العالي لم يكن في أذهانهم أية أوهام ولم تساورهم أية شكوك بأن إصلاح وتطوير التعليم العالي في الاردن يحتاج الى نوايا حكومية حقيقية وإرادة سياسية صادقة لترجمة مقترحات المؤتمر الى واقع فعلي. التعليم العالي وما يشوب جامعاتنا من مظاهر خلليه حولت هذه المؤسسات الى مدارس كبيرة همها الاول الكم لا الكيف ومنح الشهادات والتراخيص في حين أن جودة مخرجاتها باتت تتراجع بشكل مخيف ويستدعي الإنقاذ ووقف التدهور.
نعم بث المشاركون في المؤتمر همومهم وشجونهم وتفاؤلهم وتشاؤمهم حيال مستقبل التعليم العالي في الاردن إذا ما استمرت الدولة الاردنية تقف موقفها السلبي تجاه هذا القطاع وإذا ما استمرت الحكومة في اعتبار التعليم العالي ليس في مقدمة أولوياتها . تطوير التعليم العالي لا يتم بالتنظير وممارسة علم الكلام وخلق الانطباعات الشخصية بقدر ما يتطلبه هذا التطوير من ولوج في العمل وترجمة للأفكار ورصد للأموال اللازمة لإنعاش الجامعات التي ترزح تحت مديونية ثقيلة، وتعاني من تهالك بنيتها التحتية وتسرب أفضل أساتذتها وأطبائها ومهندسيها الى القطاع الخاص والجامعات الخليجية.
مصداقية الحكومة اليوم محل اختبار تماما مثلما هي فعالية القائمين على المبادرة النيابية محل اختبار أيضا لما تمثله هذه المبادرة والقائمين عليها من حلقة وصل بين السياسيين والأكاديميين الذين لا يجدون من يسمع لهم أو يرثي لحال الجامعات التي يقودونها أو كما أسماها أحد المشاركين بأن الأكاديميين لا بواكي لهم. تطوير الجامعات يحتاج الى رؤى وإبداع وخروج عن المألوف في التفكير النقدي وحل المشكلات تماما كحاجته الى الابتعاد عن الأسلوب البيروقراطي في التعامل مع قضايا الجامعات وأعضاء هيئاتها التدريسية والإدارية وطلبتها. تطوير التعليم العالي بقدر حاجته الماسة الى المال فهو أيضا بحاجة الى أن تقوم الحكومة باحترام استقلالية الجامعات التي منحتها إياها التشريعات. إن تسلل الحكومة الى منظومة الحاكمية في الجامعات من خلال تعيين رؤساء الجامعات ومجالس الأمناء ونواب الرئيس والعمداء استنادا لاعتبارات سياسية وأمنية ومخابراتية يعكس مدى الخراب والتدهور الذي ألم بهذه الجامعات حيث أصبح رؤساء الجامعات موظفين يسيرون الجامعات ولا يديرونها ،يتلقون أوامر وتوجيهات وينفذون قرارات غيرهم في حين أن أيديهم ،كما هي أفكارهم ،مكبلة بقلة الحيلة والإذعان لرغبات وقرارات من اختارهم للتعيين في هذه المواقع.
كم كنت أتمنى أن يعتبر رئيس الحكومة واولي الأمر الجامعات الاردنية قطاعا منكوبا ويستأهل خطة طوارئ وإنقاذ عاجلة لاستدراك ما يمكن استدراكه وإنقاذ ما يمكن إنقاذه. صحيح أن العطب في هذه الجامعات انتشر واستفحل ولكننا نعتقد بقوة بأنه يمكن انقاذ هذه الجامعات حيث أن الجسم العام ما زال يحتوي على إمكانات وعناصر إيجابية وبذور الخير الأولى التي جعلت من مؤسساتنا الجامعية تحتل موقع الطليعة في الجامعات العربية خلال الثمانينات والتسعينات من القرن المنصرم. حضور الدكتور لبيب الخضرا وزير التعليم العالي والبحث العلمي ورعايته لهذا المؤتمر والانفتاح والتفهم الذي أبداه لكافة الأوجاع والانتقادات والهموم التي تداولها الحضور تشكل مؤشر طيب على استيعاب ضرورات الإصلاح والتطوير ولكنه غير كاف اذا لم يتم ترجمة ذلك الى استراتيجية حكومية شاملة وبرامج تنفيذية فاعلة لإنقاذ مؤسساتنا الجامعية.
جامعاتنا ومدارسنا مؤسسات بناء حقيقية وهي تعادل في أهميتها إن لم تزيد أهمية المستشفيات وقواتنا المسلحة نظرا لكونها هي التي تصنع الكوادر وتؤهل الكفاءات التي تشغل كافة القطاعات بما فيها الجيش والصحة .إن التراجع الكبير الذي شهده قطاع التعليم العالي في الاردن خلال العقدين الماضيين كان من أهم أسبابه ضعف الإرادة السياسية وعدم جعل شأن التعليم العالي ضمن قائمة أولويات الدولة فهل يقرع حال الجامعات اليوم جرس الانذار لاستعادة هيبتها المهدورة ومكانتها الضائعة وحالها الذي لا يسر صديق !!! المبادرة النيابية وتقاريرها تتيح فرصة ذهبية لعمل ما كان ينبغي عمله وفعله منذ ربع قرن فهل من مدكر؟؟؟؟

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)