طلبة نيوز- أ.د نضال يونس
الانتقال الهادئ للقيادات الاكاديمية طبيعة تقليدية تشهدها مؤسسات التعليم العالي في كلياتها العلمية والانسانية وفي معاهدها ومراكزها البحثية، يحدث ذلك في كل الدول وعلى مر العصور، لان الاستقرار الاكاديمي وضخ دماء جديدة فى هذه المؤسسات عنصر اساسي لانطلاقة البحث والتدريس وتطورهما بما يخدم التطلعات والامال المعقودة على هذه المؤسسات المؤثرة فى حياة الشعوب.
قيادات الصف الاول التي تتسيد المشهد الاكاديمي فى الاردن، لم تأت من كواكب بعيدة عنا، فهي امتداد لمراحل تاريخية طويلة مارست خلالها العمل الاداري والاكاديمي حتى وصلت الى اعلى مواقع صناعة القرار، ولا يهمنا هنا الطريقة ولا الكيفية التى وصلت من خلالها، فالغاية لدي غالبيتها تبرر الوسيلة، ولكنها أخذت فرصتها وعملت لنفسها ولمؤسساتها، وآن لها ان تترك ورائها بصمة "ايجابية" وأن تهىئ الظروف لمن بعدها ، ولذلك حين نكتب عن أسلوب وتطوير الإدارة بإعطاء الجيل الثاني والثالث من الشباب المؤهل بمعارف خارجية تجيد التعامل مع ثقافات ولغات وتقنيات معاصرة، أجيال متنورة بأعمار شابة قادمة بديناميكية وأساليب ادارية حديثة، وإعطائها الفرصة للوصول الى المراكز القيادية، فإن ذلك يؤكد أننا نقطع مسافات بعيدة نحو الإدارة المعاصرة للجامعات العريقة والمجتمعات المتحضرة.
الشباب المتميز في القطاع الخاص، والمتفوقون واصحاب الفكر والكفاءة في العالم المتقدم، تستقدمهم الجامعات ومراكز البحوث لنقل تجاربهم في إعطاء دروس للأجيال القادمة، وتدعمهم فى الوصول الى مواقع صناعة القرار، ونحن بلد يعاني من ازمات اقتصادية وادارية وثقافية، وقضية الاستثمار فى هذه العقول والطاقات المؤهله تعني تسريع العمل، وقتل البيروقراطيات الثابتة والمعيقة، ومع هذه الكوكبة من الشباب هل نرى "العلاقات الشخصية" التى طبعت خياراتنا للمواقع القيادية تختفي وتتلاشى معها قصص المصالح الخاصة ، والتوازنات والكوتات وتأثير المناسف والصفقات؟ ثم الى متى ستبقى قوى "التدخل السريع" من اصحاب النفوذ واصحاب القرار من الدوائر العليا هي المؤثرة فى صناعة القرار الاكاديمي؟ هذا السلوك البدائي لا شك أنه ساهم فى تراجع المستوى، وأدى إلى أن تكون إنتاجية هذه القيادات متدنية وغير قادرة على المنافسة إلا على صفحات الجرائد والانجازات الوهمية !!
عملية تغير رئيس هنا وتبديل نواب رئيس هناك، واستبدال عميد باخر، وتشكيلة جديدة لمجلس التعليم العالي يجب أن تتزامن مع تحديث شامل لبنية التعليم وإخراجه من تقليديته، إلى التقنيات المعاصرة، وعلى نفس الوتيرة إخراج التعليم الجامعي من قوقعته وتباطؤه، وعدم جدواه في المنافسة على التصانيف العالمية والاقليمية ليكون التعليم الجامعي المحفز للفكر والابداع المتناغم مع النمط المتقدم فى عصر الانترنت وتكنولوجيا المعلومات..
الاردن الذى يسعى لان يكون لاعبا مؤثرا في الامن والسياسة، ومركز حركة إقليميا وعربيا ودوليا، ودولة تسعى للتحول من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المعرفي، وارتباط ذلك كله بمسيرة الاصلاح والتحول الديمقراطي التي يقودها الملك عبد الله الثاني ، تتعلق أسباب النجاح فيها بحسن "اختيار" قيادات الصف الاول والثاني والثالث ، وذلك بجعل الشباب الذي اكتسب المعارف والوعي، والفكر والخطط الخلاقة جيلاً طموحاً يقود النهضة القادمة واستشرافها ضمن اليات ديمقراطية تقوم على العدالة وتكافؤ الفرص ، فهذا البلد لا تنقصه الكفاءات، وإنما "سياسات" صحيحة في مبادىء الإدارة ، تجعل الاختيار يبنى على الكفاءة Meritocracy"" دون غيرها حتى نحقق دولة الحداثة بمعناها الشامل .
التعليقات
د. بسام النعامي (.) الاربعاء, 09/09/2015 - 10:02
الشكر الجزيل للاستاذ الفاضل :
و هذا كلام جميل, و للاسف ما كتب اصبح واقعا و لا ينظر للصورة الا من جانب او بعد واحد مع ان ابعادها كثيرة....
اضف تعليقك