طلبة نيوز - د. نور صلاح العقيلي
قسم الادارة السياحية/ الجامعة الأردنية.

عصفت جائحة كورونا (كوفيد-١٩) بمختلف الجوانب الإقتصادية والإجتماعية والسياسية عالميا. فضلا عن تأثيرات تلك الأزمة السلبية على القطاع السياحي بأشكاله المتعددة. السياحة ببعدها العملي هى صناعة بشرية تعتمد في طبيعتها على أنتقال الأفراد بين الدول وداخلها، وما يرافق ذلك من تفاعل بشري ممتد بين السائح وكافة الأطراف التي تدخل في تقديم الخدمات السياحية. وكون الأزمة الصحية محورها البشر، كان القطاع السياحي الأكثر والأسرع تراجعا تحديدا عندما لوحظ أن هذا النشاط البشري يساهم في تخطي الوباء لمختلف الحدود الجغرافية. هذه المعطيات تكبد الاقتصاد السياحي خسائر فادحة وتضع ذوي العلاقة في حالة من القلق والتوتر، خاصة أن السبل لتعافى القطاع  السياحيعلى المدى القريب لا يخلو من التحديات.

وليكن الاحتمال أنة من الممكن أن يشهد القطاع السياحي نشاطا نسبيا في الأشهر القادمة. هذا التاؤيل يستند على عدة أسباب في طليعتها فهم لدوافع وسلوكيات السائح. الدوافع من منظور سياحي هي مجموعه من العناصر النفسية التي تشكل قوة دافعة للقيام بسلوك معين. وتختلف الدوافع نظرا لتنوع حاجات الأفراد، فمن أشكالها الدوافع الدينية و الاجتماعيه والحاجة إلى تنشيط الجسم والذهن. هذة الأبعاد النفسية الأساسية قد تكون المحرك الرئيسي لتعافي القطاع قريبا، أذ أن طول مدة الحجر الصحي وما رافقها من أخبار لا بد أن تركت تلك الحاجات النفسية غير مشبعة وما ينتج عنها من حالة انعدم للتوازن النفسي، والتي ستشكل لاحقا الدافع القوي لممارسة أنشطة مختلفة منها ما يتصل بالسياحة بهدف النهوض بالتوازن والصحة النفسية.

الطرح المبسط أعلاة يهدف إلى توضيح علاقات التأثر والتأثير بين جائحة كورونا والقطاع السياحي، التي قد تشكل الأسس للتعامل مع تداعيات الأزمة الصحية. أضف إلى ذلك الأرضية الصلبة التي يقف عليها الأردن حاليا بتوجيه حكيم من القيادة الهاشمية وجهود خلية إدارة الأزمات في احتواء الاوباء رغم محدودية الإمكانيات المحلية. هذا وضع الأردن في خارطة طليعة الدول التي أثبتت قدرتها على التعامل مع المخاطر بكفاءة عالية. هذة الجهود تحمل في طياتها قيم أضافية واعدة اذا تم تسويقها بنجاح باتجاه تعزيز الانطباعات والأفكار الإيجابية عن الأردن عالميا كبيئة اقتصاديه آمنة و مرسى ثابت، بما يعمل لاحقا على استقطاب اكبر للسياح والاستثمارات على حد سواء.

بناءا على ما سبق، أرغب بطرح مجموعه من التصورات والحلول التي من شأنها تنشيط القطاع السياحي المحلي على المدى المتوسط والبعيد. بداية، تركيز الاستراتيجيات التسويقية حاليا على ما بعرف بالرحلات الافتراضية، لترويج المقومات السياحية الاردنية وما تحوية من خصائص فريدة بما يسهم في تعزيز دافعية السائح لزياره الأردن لاحقا. ثانيا، وضع قوائم وتصنيفات للدول المصدرة للسياح حسب درجة الخطر، وتركيز الجهود التسويقية السياحية حاليا على البلدان التي ينعدم أو ينحسر فيها الوباء بهدف استقطاب السياح تدريجيا. ثالثا، تحديد دقيق للطاقة الاستيعابية للمواقع السياحية والسماح لدخول السياح إليها بعدد محدد. أن مما لا شك فيه أن ميزة المواقع السياحية الاردنية ذات طبيعة مفتوحة الأجواء، وهذا بالتالي يساعد على تحقيق عنصر التباعد الفيزيائي بين السياح والحد من فكرة التزاحم. أضف إنعكاسات ذلك على تحقيق التوازن والصحة النفسية لدى السائح. رابعا، تحديد القطاعات والخدمات السياحية التي من المتوقع زيادة الطلب عليها سريعا وذات التعامل المباشر مع السائح، بهدف إعطائها الأولوية في عمليات التدريب والتأهيل لكيفية التعامل المهني مع السائح بما يخدم تباعا فكرة السياحة المستدامة. خامسا، وضع ضوابط صحية محددة لتجربة السائح مثل طلب شهادة خلو من الأمراض رسمية والتركيز على عنصر التباعد والتعقيم في كل مراحل تجربة السائح. سادسا، يمكن انتهاج سياسة تعزيز تنافسية الأردن من خلال الاستراتيجيات التسعيرية لمحاولة استقطاب شرائح مختلفة من السياح، على أن لا يتعارض ذلك مع جودة وسلامة الخدمات السياحية المقدمة. اخيرا، انتهاج أسلوب التسويق الاستباقي للحد من تقيم السائح لنسبة الخطر المتوقع من التجربة السياحية، من خلال تسليط الضوء على الإجراءات الوقائية المتبعة في المواقع السياحية وخارجها.

أن الاستفادة من المعطيات التي نجح فيها الاردن للتعامل مع الوباء وتبني استراتيجيات تسويقية مدروسة سيعمل على تعزيز صورة نموذجية للاردن كبلد سياحي أمن محليا وعالميا، وهذا تباعا سيعمل على رفد البلد بزخم سياحي على المدى الأبعد لما سيشكل لدى السائح وقطاعات أوسع من شرائح الأفراد رسائخ عن مبادرة السبق للاردن في احلك الظروف.