طلبة نيوز- يجد الكثير من العائلات في لواء الغور الشمالي، أنفسهم في مثل هذا الوقت من كل عام، أمام مأزق الاستعداد للعام الدراسي الجديد، حيث يعد اللواء ضمن أشد المناطق فقراً في المملكة، وتصل نسبة الفقر فيه إلى 37 %، فيما تتقاضى 4300 أسرة رواتب شهرية من صندوق المعونة الوطنية، من مختلف الفئات سواء من ذوي الإعاقة والفقراء والمطلقات والأرامل، ناهيك عن الفئات الأخرى.
لذلك، تلجأ العديد من الأسر إلى ما يعرف بـ "رثي" الملابس و"ترقيع" الحقائب المدرسية، كون أوضاعهم المالية لا تسمح بشراء أخرى جديدة، ووجود مصاريف أكثر إلحاحا.
ووفق المواطن محمد الرياحنة، وهو ولي طلبة مدارس في المرحلة الابتدائية، فإن "أغلبية العائلات في لواء الغور الشمالي تعاني من ظروف مالية صعبة، تفرض عليها معيشة صعبة لا تستطيع معها توفير أبسط المستلزمات الموسمية، ومنها على سبيل المثال مستلزمات بداية العام الدراسي وشراء الكتب المدرسية، خصوصاً كتب الأول ثانوي والتوجيهي".
وأضاف الرياحنة، أن "هناك العشرات والكثير من الطلبة يستقبلون العام الدراسي الجديد بملابس وحقائب قديمة، ومنها ما لا يصلح للاستخدام لولا اللجوء لرثي الملابس وترقيع الحقائب".
وفي إشارة منه لحجم المعاناة التي تعيشها بعض الأسر، يقول الرياحنة إن "هناك أسرا تعيش على دخل لا يتجاوز 150 ديناراً شهرياً، فيما أصبح في مثل هذه الأوضاع ثمن قلم أو دفتر المدرسة أمراً يرهق الآباء ويتعس الأبناء أو حلماً من الصعب أن يتحقق في ظل الالتزامات المالية الصعبة من فواتير كهرباء وماء وأجرة منزل ناهيك عن الأقساط الجامعية والالتزامات المالية الأخرى".
ولفت إلى أن "هناك العديد من العائلات والأسر تفكر أحياناً بإخراج أبنائها من المدارس، ودفعهم للعمل كي يتحولوا من مصدر إنفاق إلى مصدر يدر دخلا والعمل على تشغيلهم في الشوارع أو المدن الصناعية أو المحلات التجارية".
أما المواطنة علياء البشتاوي، وهي ربة منزل، فتوضح من جهتها مدى ما تواجهه أسرتها من صعوبات مالية، قائلة، إن "موضوع عودة الطلاب إلى المدارس أصبح يشكل كابوساً موسمياً، خصوصا أن بدء العام الدراسي يأتي متزامناً مع إعلان نتائج التوجيهي وتخريج طلبة الجامعات مما يزيد من معاناة الأهل".
وبحسب المواطنة أم نزار، "بعد صرف راتب زوجي الذي لا يتجاوز 200 دينار على شراء مواد غذائية لأسرتي وتسديد فواتير الكهرباء والمياه التي تصل أحياناً إلى 60 ديناراً، لا يتبقى من الراتب شيء".
وأضافت أم نزار، "لدي 6 أبناء، بينهم 3 على مقاعد الدراسة، هم لا يدركون معنى الذهاب لعام دراسي جديد بملابس وحقائب قديمة، حتى يشاهدوا أقرانهم، أو يسمعوا قصص العام الدراسي الجديد والتحضير له".
وقالت، إن "أطفال الغور، يعتبرون الأقل حظاً على كافة الصعد"، مشيرة في الوقت ذاته إلى لجوء العديد من الأسر الفقيرة بالأغوار للجمعيات الخيرية من أجل الحصول على ما يعرف بـ "دعم العودة للمدارس".
وتقول أم محمد من منطقة الشونة الشمالية، إنها تتقاضى من صندوق المعونة الوطنية مساعدة مقدارها 130 ديناراً شهرياً، مضيفة، "أبنائي لن يذهبوا للمدرسة هذا العام لعدم مقدرتي توفير مصاريفهم الدراسية في ظل موجة غلاء تفوق قدرات الأسر الفقيرة التي تعيش أوضاعاً مأساوية".
أما أم خالد التي تقطن بمنزل تبلغ أجرته الشهرية 100 دينار، فتقول، "أعتبر نفسي وفق حسابات الإنفاق المعيشي، خارج المعادلة، إذ لا يتبقى بعد دفع التزامات المنزل ما يوفر لي شراء مستلزمات تحضير وجبة أو وجبتي طعام".
وأضافت، "في مثل هذه الظروف، تصبح حتى القرطاسية مواد ترفيه، لا يمكن حتى التفكير في شرائها، ويعني ذهاب الأولاد وأياديهم فارغة من قلم أو حقيبة إلى المدرسة، شيئاً لا يذكر مقابل بطونهم الفارغة".
ويرى المواطن علي الدبيس أن "أسباب انتشار الفقر بين العديد من الأسر، يعود إلى غياب أي مشاريع استثمارية، والتي تمكن أرباب الأسر والشباب من العمل الدائم"، موضحاً أن "غالبية الأسر بالأغوار يعمل أربابها في العمل الزراعي الموسمي، وكثيراً ما يجدون أنفسهم بعد انتهاء موسم الزراعة بلا أي عمل ولا أي مصدر دخل، وحتى مع أيام العمل، فإن الأجور بطبيعة الحال متدنية وتنحصر ضمن العمل بالمياومة".
ويطالب الناشط الاجتماعي خالد العربي، "الجهات المعنية مثل التنمية الاجتماعية والمؤسسات والشركات الخاصة والجهات الخيرية، بالالتفات أكثر إلى المناطق المهمشة، لتخطي الوضع المعيشي المتردي فيها"، مشيراً إلى أن "فرحة العودة للمدارس تغيب عن بيوت طلبة وذويهم في الأغوار لعدم مقدرتهم على توفير الاحتياجات الأساسية لأبنائهم ولا حتى لديهم القدرة على توفير القرطاسية التي أصبحت تشكل عبئاً كبيراً على الطلبة وذويهم".
وأكد العربي، أن "هناك العشرات من الطلبة يتهربون من الذهاب إلى المدرسة جراء تعرضهم للإحراج من قبل المعلمات والمعلمين حال الطلب منهم إحضار المستلزمات المدرسية، ما يؤدي إلى ارتفاع نسب التسرب المدرسي في المنطقة وزيادة المشاكل الاجتماعية في ظل انتشار المشاكل الاجتماعية والاقتصادية".
بدورها، تؤكد مديرية التنمية الاجتماعية في الأغوار الشمالية حرصها على متابعة أوضاع الأسر الفقيرة في اللواء، وتقديم كافة وسائل الدعم ضمن الإمكانات المتاحة.
ووفق ما ذكره مصدر في المديرية لـ "الغد" فإن "المديرية وتحت بند مساعدات طارئة تقوم في بعض الأحيان بدراسة ومتابعة حالات تتطلب المساعدة الفورية"، مشيراً في هذا الخصوص إلى أهمية الدور المساند الذي تقوم به بعض الجهات الأهلية في مساعدة الأسر الفقيرة.
الغد
اضف تعليقك