طلبة نيوز
د. نضال يونس
عاصفة هدى.. قمة الاختبارات الصعبة..
حتى نابليون وهتلر لم يسلما من العواصف الثلجية التى كانت سببا فى هزائهم فى روسيا، وما ان يذوب الثلج هنا فى الاردن حتى نكتشف اماكن الخلل والضعف وعورات مشاريعنا وطرقنا واستعداداتنا، فالزائر الابيض ليس به حياءاً كديوان المحاسبة لا يبالي بالصارخين والمحتجين، ولا يعرف المجاملات والمحسوبيات أياً كان مصدرها وقوة تأثيرها..
اربعة ايام حرجة عاشها المواطنون الاردنيون اثناء عاصفة " هدى" جاءت كاختبار صعب للاستعدادات الوجستية والبنية التحتية لكل المدن والقرى الاردنية، وعلى الاخص العاصمة عمان، التي شُلت فيها الحركة بسب تراكم الثلوج وما تبعها من حدوث الانجماد لعدة ايام، وهنا لا بد من الاعتراف بوجود بعض الاخطاء الهندسية والتنفيذية فى انشاء الشوارع والجسور، وكأن من قاموا بهذا العمل في حالة غياب عن مفاجآت الطقس وهطول الثلوج بشكل يغاير كل التوقعات في مثل هذه الاوقات من السنة، ونحن حين نكتب فى هذا الموضوع ليس بغرض المحاسبة والمعاتبة، وإنما الرؤية التي تفترض أن مدينة حديثة كعمان من المفترض أن تكون مثالية في جغرافية المدينة المتطورة التي تحسب حساب كل الاحتمالات و المفاجئات المناخية.
اربعة ايام من تساقط الثلوج على معظم المدن والقرى الاردنية، كانت كفيلة فى توقف عجلة الحياة والعمل فى كافة ارجاء المملكة، فالشوارع و ان تم فتحها الا انها غيرصالحه لحركة السير، المحلات و البنوك والمدارس والجامعات مغلقة، مواقع الرصد الجوى على راسها طقس العرب كانت قد حذرت من عاصفة "هدى" وتداعياتها، والجميع كان على اهبة الاستعداد لمواجهة هذه العاصفة: وزارات ومديريات امن ودرك ودفاع مدني وأمانة العاصمة وغيرها،والكل بذل ما فى وسعه وفي حدود طاقته، و لكن مثل هذه الظروف تحتاج استعدادات بصورة دائمة و على فترة طويلة بحيث يكون هناك مخزون كافي من "المواد التى تمنع الانجماد"، والتاكد من "تصريف المياه" من الشوارع، وتحديد ا"لنقاط الخطرة للانزلاقات"، كى لا تصبح الشوارع المنحدرة والجسور والانفاق مصائد لحوادث السير التى قد تتسبب فى حدوث وفيات لا قدر الله.
بالمقابل هناك صورة جميلة للتعاون والتلاحم جسدها القطاع الخاص هذه المرة ممثلا بمجموهة المناصير التى خصصت 150 اليه للمشاركه فى فتح الطرق، ونقابة المهندسين والمقاولين، وبعض الشباب الذين تطوعوا لفتح الطرق بمختلف الوسائل رغم برودة الطقس، وساعدوا في دفع السيارات المتوقفه، أو إسعاف العائلات في هذا الجو العاصف ودلّلوا على أن شبابنا ليسوا أصحاب (الفزعات)، ولعل هذه التلقائية بروح الشهامة تؤكد أن لدينا نشامى لا يحتاجون لأكثر من التوجيه، ولو قُدر أن نظموا ودُربوا على حالات الطوارئ لأوجدناهم ذراعاً أخرى تضاف إلى كافة الأجهزة في أي وقت نحتاجهم.
لا نقلل من حجم الدور الكبير الذى قامت به مرتبات الامن العام والدرك والدفاع المدني و القوات المسلحة والاشغال العامة والبلديات والامانه، فلهم جميعا كل الشكر و التقدير والعرفان، ولا ننسى ايضا وسائل الاعلام المختلفة وعلى راسها قناة رؤيا التى كانت مميزة فى متابعتها للعاصفة حتى قبل وصولها، وهذا يؤكد على أن دعم وترسيخ هذا السلوك يمكنهما أن يضعانا على نفس الدرجة من المسؤولية الاجتماعية، والمواطنة الحقة..
ما يشاع عن التغيرات المناخية والاحتباس الحرارى وعواصف الخماسين واحتمالية حدوث الزلازل، يستدعى الكثير من الاستعداد والتدريب، فنحن مرشحون لأنْ نتعرض لمثل هذه العواصف والكوارث، ولعل ما جرى في عاصفة "اليكسيا" العام الماضى وعاصفة "هدى" هذا العام يفتح عيوننا وآذاننا على كل الاحتمالات، وهنا يأتي دور المختصين والخبراء فى تخطيط المدن والبلديات بأنْ يقفوا من هذه الحوادث بإعادة النظر في تداعياتها وانعكاساتها ، وربما لا تحتاج لأمور تعطل حواسنا عن العمل، بل إن تلافي الأخطاء البسيطة والاهتمام ببعض التفاصيل الصغيرة واتخاذ التدابير اللازمة قد يغير الشكل إلى مضمون أكثر إيجابية، خاصة وأننا نملك العديدمن القدرات البشرية القادرة على احداث المعجزات
اضف تعليقك