
طلبة نيوز - كتب الدكتور عادل الطويسي
قبل اثني عشر عاما (2012)، حددت منظمة اليونسكو يوم الثامن عشر من الشهر الأخير من كل عام يوما عالميا للغة العربية، وقبل عشرة أعوام أقرت الدولة الأردنية قانونا لحماية اللغة العربية (القانون رقم 35 لسنة 2015).
اهتمام اليونسكو، وهي المنظمة الدولية المعنية بالتربية والثقافة والعلوم، باللغة العربية لم يأت من فراغ؛ فاللغة (أي لغة انسانية) مكون رئيس من مكونات ثقافة الشعب الذي يتكلمها كلغة أم، لابل ربما تكون المكون الأهم. فاللغة هي وسيلة التواصل بين أبنائها ، وهي الوسيلة التي يعبر من خلالها الأدباء والشعراء والكتاب وغيرهم عن نتاجهم "الثقافي"، وهي التي يتعبد بواسطتها المتعبدون في محاريبهم، ويتناجى االملوعون بها، ويعبر الحزانى عن أحزانهم بكلماتها، الى آخر القائمة من استخدامات اللغة في كل دقيقة من حياتنا.
كما أن اهتمام اليونسكو باللغة العربية تحديدا جاء من كونها اللغة الأم لما يقرب من نصف مليار انسان في العالم، وهي لغة التديّن لحوالي ملياري مسلم. والدين مكون رئيس آخر من مكونات الثقافة لأي شعب في العالم.
لقد عبرت الدولة الأردنية عن اهتمامها، وربما قلقها، باللغة العربية كونها اللغة الرسمية للدولة بموجب الدستور الأردني من خلال سن قانون لحمايتها وتشجيع استخدامها. لقد شاركت شخصيا من خلال موقعي الرسمي كوزير للثقافة ومن خلال تخصصي الأكاديمي في اللغويات في صياغة القانون المذكور وادخال بنود ومواد في تحصينه.
لقد قادني تحيزي الفطري للغتي الأم، وعلى الرغم من تخصصي في لغويات اللغة الأنجليزية، الى اقتراح أول مسودة لقانون حماية اللغة العربية عام 2007، الا أن القانون لم يرى النور الا عام 2015. وكان من محاسن الصدف أن كنت عضوا في احدى غرفتي التشريع (مجلس الأعيان).
ورغم مرور عشرة أعوام على اقرار القانون، الا أننا لانلمس حضورا له في التطبيق، لابل أكاد أجزم أن نسبة عالية جدا من المختصين والمعنيين باللغة العربية لاتعلم بوجوده.
أمرّكل يوم في شوارع مرج الحمام (القريبة من الحي الذي أقطن فيه) وأنظر الى الآرمات على المحلات التجارية بكل أصنافها، فأجد معظمها باللغة الأنجليزية فقط، على الرغم من أن مرج الحمام لايوجد اكثر من نصف بالمئة من الناطقين بغير العربية فيها!
أين تكمن المشكلة؟ هل يمثل ذلك عدم اعتزاز بمكون أساسي من مكونات ثقافتنا؟ أم هو "البرستيج" الذي يعتقد البعض بأنه يتحقق من خلال استخدام اللغة الأجنبية؟ أم ماذا؟
ان عدم تطبيق قانون حماية اللغة العربية النافذ يسهم في عدم حمايتها. واذا كان تطبيق هذا القانون يشكل مشكلة لأشكاليات في بعض بنوده، فلماذا لايتم تعديله بحيث يصبح ممكن التطبيق.
اضف تعليقك