TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الطب البديل أو "طب الشعوذة الأكاديمية"
16/06/2014 - 5:15am

طلبة نيوز
جسني عايش
أزاح الدكتور واستشاري أمراض القلب والشرايين القدير إياس نهاد الموسى، الضغوط عن صدري بمقاله الأدبي العلمي الرائع ("الرأي"، 30/ 5/ 2013)، عندما تحدى دعاة الطب البديل وممارسيه للإتيان بالبيانات العلمية الأصولية اللازمة لإثبات صوابه.
لقد هاجمت هذا الطب بمرارة في مقال سابق بعنوان "أوقفوا هذا الدجل الطبي" ("الرأي"، 1 / 1/ 2013) لادعائه ما يشبه المعجزات في الشفاء من أشد الأمراض. ودعوت الحكومة إلى فرض كفالة حسن تنفيذ على طب الأعشاب إذا لم تتطابق النتائج مع الادعاءات الكاذبة في الصحافة والإذاعة والتلفزيون.
لقد قرأت أخيراً في إحدى أعظم المجلات العلمية المختصة بالدفاع عن العلم وتفنيد الخرافات والخزعبلات والبحوث المدعية للعلم "Skeptical Inquiry" نقداً علمياً للطب البديل، وأنه ليس ببديل على الإطلاق للطب المعروف، بل هو مجرد شعوذة أكاديمية أو علم زائف، وأن ما كان يوصف بالطب غير العلمي قبل أربعين سنة، صار يسمى الطب البديل في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، أو الطب المُكمِّل في تسعينياته، أو الطب المتكامل الآن، والتي يمكن وصفها جميعاً بحاصل جمع العلم مع السحر.
ويحزن الأطباء العلميون الملتزمون لما آل إليه حال الطب عند كثير من الأطباء وكليات الطب، حتى في أشهر الجامعات الأميركية. فقد جرف التيار جامعة هارفارد، وصارت تدرسه في كلية الطب فيها، مدعية صدقه. وكذلك فعلت جامعة ميريلاند وجامعة جورج تاون، وعيادة كليفلاند، لما لهذا الطب المشعوذ من شعبية جارفة وعائدات زائدة. كما أضيف إليه طب جديد هو طب "الطاقة البيولوجية" الذي يسمح بتعليم مفاهيم غير علمية، مثل "القوة الحيوية" بحجة معالجة المريض ككل، مع أنه لا حاجة للشعوذة لمعالجة المريض ككل كما يفيد الأطباء العلميون الاستقصائيون. ومما يزيد المشكلة حدة عدم تصدي بقية الأطباء في العالم لهذه الشعوذة الطبية.
ويفسر أحد الأطباء في المجلة بأن ما يحدث في الجامعات وكليات الطب انعكاس لما يحدث في المجتمع، وأن "غوغل" يكفي؛ أي إن الجامعات صارت تُقاد ولا تقود. وتستشهد الطبيبة الاستقصائية هنرييت هول، بطبيب متقاعد خضع للعلاج بالإبر الصينية (التي لا يختلف أثرها عن أثر الدواء المهدئ أو الكاذب، كما أفادت البحوث الطبية العلمية بحسب المجلة)، وأنه اكتشف أن الطب البديل مفيد لكل علّة، مدعياً أن لا بحث ولا علم يفوق التجربة الشخصية في الصدق، على الرغم من وقوعه في أخطاء عدة في هذا الادعاء: الاتكاء على المصادر المتحيزة، وعدم الإدراك لتأثير الكاريزما في وجهات النظر، وانتقائية البيانات والمعلومات، وعدم فهم خسارة العلم بالاعتماد على الخبرة الشخصية أو خبرة الآخرين الشخصية، ومغالطة العلة والمعلول القديمة، بالإضافة إلى الاستخدام السيئ للغة، من قبيل إيراد مثل هذه الكلمات في ثناياها: بديل، وكلّي، وتكميلي، وتكاملي... وإصدار أحكام قيمية على البيانات والمعلومات.
وعليه، يجب أن لا تتم التضحية بالتفكير الصحيح لحساب تكلف الأدب؛ فلا ينبري الأطباء العلميون الاستقصائيون بالتصدي علمياً لزملائهم أطباء الطب البديل. إن هذه الممارسات "غير أخلاقية".
يطالب أستاذ الأعصاب في جامعة "ييل" الأميركية ستيفن نوفيك، بإخضاع الأعشاب الطبية اللاصيدلانية أو الطب البديل، للشروط البحثية والعلمية الصارمة نفسها التي تخضع الأدوية الصيدلانية والممارسات الطبية العلمية لها للاعتراف بها. ويأخذ على الحكومة الأميركية ترك هذا الطب (البديل) خاضعاً لقوى السوق أو العرض والطلب، وكأنه مجرد سلعة عادية، لدرجة أن مبيعاته قدرت بـ5.3 مليار دولار في أميركا العام 2012.
ويضيف أن هذه الأعشاب هي صناعة طبية أخرى؛ أي صناعة من نوع آخر، بمعنى أنها ليست كصناعة الأدوية الصيدلانية. إلا أن الخداع فيها قيامها على المغالطة الطبيعية، بمعنى أن ما هو طبيعي (من الطبيعة) آمن وساحر وفعّال، مع أن الأعشاب ليست مقننة كالأدوية؛ فالشركات التي تصنعها وتتعامل بها تستطيع تسويقها من دون موافقة وكالة الدواء الأميركية، كما لا تُجبَر على تقديم إثباتات بالسلامة والفعالية، مما أدى إلى انفجار أو فيضان في سوق الأعشاب إلى جانب الادعاءات الزائفة بقوتها الطبية.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)