طلبه نيوز

الدكتور شفيق علقم

استجابة لمواجهة التحديات الحضارية العالمية ، والتطورات المتسارعة الضخمة في ميادين العلوم وتطبيقاتها، والاكتشافات العلمية المتلاحقة بصورة مذهلة، وتحديات ثورة المعرفة والمعلوماتية التكنولوجية، والتحولات العالمية في عصر المعرفة؛ كالتطورات التقنية المدهشة في مجال صناعة الحواسيب والأقمار الصناعية، وبناء الشبكة الدولية للمعلومات ،وتحدي الانفجار السكاني الذي أدت إليه التطورات الطبية والصحية، كما ادّت إلى ارتفاع مستوى المعيشة وخفض معدلات الوفيات، وزيادة النمو السكاني في شتى البقاع، وتحدي ذوبان الهوية الوطنية في ظل معطيات العولمة، وما يمكن أن يؤدي إليه إلى أحداث توتر بين ما هو عالمي وما هو محلي، أو تذويب الدور التقليدي للدولة، وتهديد الهوية الثقافية، وتوسيع سطوة المؤسسات والوسائط الثقافية والإعلامية والتربوية بدور مؤثر في تثقيف الإنسان وتعلمه، والتحدي البيئي الذي سببه التقدم العلمي والتقني الهائل ،وانعكاساته على البيئة الإنسانية.
واستجابة لمواكبة التحولات في بنية المجتمع والتعليم الاردني، الذي يستشف من قراءة الواقع الاجتماعي وتحولاته التي طرأت على التعليم، فالمجتمع الاردني ليس مجتمعاً منعزلاً وإنما هو مجتمع متفاعل، ينتمي إلى دوائر حضارية متعددة ومؤثرة، كالدائرة العربية، والدائرة الأسيوية، والدائرة الإسلامية، ثم الدائرة العالمية بمعناها الواسع، فكافة هذه الانتماءات تنعكس على شخصية مجتمعنا، وتؤثر في سياساته وأنظمته وتوجهاته وأهدافه وطموحاته ، مع الإدراك الكامل بثوابت مجتمعنا ومرتكزاته التي لا تخضع لأي تبديل أو تغيير ،والمتمثلة في مصادر التشريع الإسلامي: الكتاب والسنة النبوية المطهرة.
ان هذه التغيرات والتحديات تتطلب ضرورة وجود القيادة المدرسية الرشيدة القادرة على الابداع والضبط والتوجيه، وفي اطار من الايمان بقيمة المهنة ، والالتزام باداء الادوار واتخاذ القرارات على جميع المستويات ، بحيث تحقق كفاءة وفعالية للمؤسسة التربوية. وتعتبر القيادة من اهم الوظائف التي يمارسها الفرد ، ويعتبر القادة من اهم فئات مجتمعاتنا؛ ذلك لانهم يملكون ناصية المستقبل، فقراراتهم تؤثر الى حد كبير في تحديد مستقبل الامة ، بل ومستقبل الحضارة الانسانية؛ فهي تشكل الفرق بين السلم والحرب ، وبين التضخم والاستقرار، وبين النجاح والركود، وغير ذلك من القضايا المصيرية. وانه من الاهمية بمكان ان يكونوا على قدر عال من الوعي والرؤى الثاقبة ؛ فهم المؤثرون الرئيسون في صنع قرارات نظمنا الاجتماعية، وهم يلعبون الدور الحاسم في تحديد اهداف هذه المجتمعات ، ورسم سياساتها ومساراتها وسبل انجاز اهدافها.
لذلك كله؛ كان لا بد أن يقف المسؤولون لمراجعة مسيرة القيادية الإدارية التربوية في مؤسسات التعليم بشكل خاص ،ويتجهون بها نحو القيام بعملية تحول حضري عميقة وشاملة، عنوانها التحديث والسعي العالمي المشترك للتقدم والانتفاع بثمراته، والانفتاح الواعي على الثقافات الإنسانية، والولوج بأمان إلى القرن الحادي والعشرين ،وتهيئة متطلباته. وتمشياً مع ذلك نحت المملكة منحى تطويرياً في تحديث التعليم بكافة مستوياته، وتحديث القيادة الإدارية التربوية التعليمية المدرسية بكافة انماطها؛كي تواكب التطور التكنولوجي الكبير في هذا العصر، وتحقق احتياجات التنمية الشاملة في البلاد.
فعلى صعيد التحديث التربوي الذي أصبح واجباً حتمياً ، وليس خياراً تربوياً في ظل التحولات التقنية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية لمواجهة تحديات المستقبل مع التركيز على رفع مستوى الجودة والنوعية في كافة المجالات، قامت الجهود المخلصة للعاملين في حقل التعليم ببعض التجديدات التربوية المهمة ، مثل المشروع الشامل لتطوير المناهج الدراسية ،والمدارس الاردنية الرائدة، وتقويم طالب التعليم العام، والمركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي، ودمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس العادية، والتقويم الشامل للمدرسة .
إن الارتقاء بالمؤسسات التعليمية في المملكة الذي تسعى وزارة التربية والتعليم جاهدة للوصول إليه عن طريق تحديث وتطوير مؤسساتها التربوية والتعليمية والمدرسية؛ لتصبح ذات كفاية عالية يديرها قادة وفنيون على مستوى عال من القدرة القيادية، يعني أساساً تطوير نوعية التعليم، وتحسين مهاراته، ولكي يتحقق هذا لا بد من توفر قادة تربويين ناجحين، ولا بد من عصرنة الإدارة التعليمية المدرسية لتصبح عنصراً حاسماً في رفع سوية نظام تعليمي معاصر، لان القيادة التربوية الذكية المعتمدة على تكنولوجيا المعلومات واتباع أساليب إدارية حديثة، وتتسم بالدقة والإبداع والمرونة، هي التي تقود المؤسسات التعليمية لتواكب تطورات العصر.
الدكتور :شفيق علقم