TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
التل يكتب: العنف القادم إلى الجامعات
09/02/2023 - 11:15am

محمد حسن التل

يجب أن تشكل أحداث العنف المتكررة في الكثير من جامعاتنا حالة قلق واستنفار لدى كل المعنيين لدراسة هذه الظاهرة ومحاصرتها والحؤول دون اتساعها وتحولها إلى ظاهرة نسلم بها ، حيث تزدحم كثير من الجامعات لدينا بأحداث عنف بسبب تكرر حوادث الشجار بين مجموعات من الطلبة ونتيجة اختلال المفاهيم في مجتمعنا وتشوه معظمها، درج على السنتنا واستقر في تعبيرنا مصطلح "العنف الجامعي"، وهذا خطأ كبير وفيه ظلم لجامعاتنا وسمعتها ، حيث أن العنف في هذه الجامعات يصدر اليها من المجتمع الذي غرق في هذه الظاهرة نتيجة عوامل كثيره دخلت إلى حياتنا أو أدخلت إليها بالتوازي مع تراجع دور المؤسسات التربوية والاجتماعية والدينية والثقافية ، وتجذرت في نفوس النشأة مفاهيم الجهوية والعشائرية والمناطقية والتعصب الذي تكون نتيجته الطبيعية الصدام .

وللأسف تقف كل الجهات المعنية الثقافية والاجتماعية والسياسية وحتى الدينية ومراكز الدراسات والابحاث دون اي حراك لمحاربة ظاهرة العنف المجتمعي التي تنتقل إلى الجامعة عاجزة ومتفرجة دون العمل الجاد لتحديد أسباب هذه الظاهرة ووضع الحلول الفعلية لمجابهتها وبذلك فهي مدانة بموفقها هذا.

كان الطالب عندما ينهي دراسته الثانوية ويستعد لدخول الجامعة يكون محصنا بالأخلاق العامة ويمتلك رصيدا من الثقافة العامة بحد مقبول كذلك تربية عائلية ومجتمعية محترمة وتكون نظرته إلى الآخر إيجابية ، وينظر الى الحياة الجامعية والحرم الجامعي بكل احترام ونوع من القدسية ومقتنع تماما بأنه يدخل هذا الحرم الآكاديمي للدراسة والثقافة وصقل الشخصية والتعرف على ثقافة الآخرين من خلال زملائه الطلبة الذين من المفترض أنهم قادمون إلى الجامعة من بيئات مختلفة، الأمر الذي يدفع إلى امتزاج الثقافات المتنوعة لإنتاج حياة جامعية متميزة يدعم ذلك وجود ازدحام إيجابي من النشاطات الثقافية والسياسية والرياضية ، تغطي معظم الوقت الذي يقضيه الطالب داخل الحرم الجامعي ولا تعطي فرصه لفراغ قد يؤثر على سلوك وتفكيرالطالب بالاتجاه السلبي ، ولكن للأسف هذه الصورة ومفاهيمها تراجعت حتى كادت تختفي وحلت محلها مفاهيم أخرى تقطر عصبية وجهوية مغلقة حملها كثير من الطلبة من بيئاتهم

المختلفة القادمين منها أدت إلى وجود العنف ، ولعبت عوامل عديدة في تراجع المساحات الخضراء في الجامعات المليئة باستفزاز الطالب إلى التفكير والسلوك الإيجابيين نحو التعامل مع الأمور بروحية إيجابية لصالح تلك المساحات الجدباء التي تصدر الكراهية والتمترس خلف مفاهيم كما أشرت مثل الإقليمية والجهوية والمناطقيه الأمر الذي انعكس على الأمن الجامعي حتى وصلنا إلى هذه النتيجة .

وللإنصاف التفكير الأسود لدى مجموعات من الطلبة والذين يقدمون إلى الجامعة وهم يحملونه وما ينتج عنه من أمراض هي نفسها التي اجتاحت مجتمعنا في السنوات الأخيرة لأسباب كثيرة أهمها تراجع دور المدرسة والمنهاج في تهذيب شخصية الطالب وتهيئته للدخول إلى الجامعة بآمال كبيرة نحو المستقبل، تتملكه الرغبة بأن ينطلق إلى آفاق الحياة الجديدة بكل عزم وحيوية ، وانحسار التربية الروحية الى حد كبير في حياتنا ،بالتزامن مع انفتاح عشوائي كبير نحو ثقافات مشوهة وغريبة علينا عبر انفجار إعلامي وفضائي شكل جزءا كبيرا منه حافزا إلى العنف والكراهية..

كما كان السعي خلف تفريغ الجامعات من العمل السياسي الحزبي الذي يثقف الطالب وينمي فيه التفكير الايجابي بحجج واهية ضربة موجعة لاحدى مهام الجامعة الاساسية.

بالخلاصة ان جامعاتنا ضحية للتناقضات والتشوهات المجتمية التي نعاني منها والتي القت بظلالها الاسود على جامعاتنا التي سنظل نعتز بها والتي خرجت الاف الطلبة للاردن والعالم اصبحوا قيادات مهمة ومتميرة في كل التخصصات..

من الواجب علينا التوقف عن اغتيال مؤسساتنا الوطنية وتحميلها الاخطاء التي لا ذنب لها فيها..

حين نصدر لجامعاتنا طلاب مسلحين بالرغبة في العلم والتعلم والثقافة تعطينا المخرجات التي نريدها..

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)