TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
التل: التعليم الجامعي يعاني من مشكلتين ..نوعية التعليم الجامعي، وربط هذا التعليم بحاجات المجتمع.
05/06/2014 - 3:15am

طلبة نيوز-

قال وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي الأسبق سعيد التل، إن التعليم العام في الدولة الأردنية بحاجة إلى «إصلاح شامل»، مضيفاً أن «الحلول الترقيعية» لا يمكن أن تؤدي إلى الإصلاح المنشود.
وأضاف التل في جلسة حوارية نظمها مركز «الرأي» للدراسات، إلى أن وزارة التربية والتعليم تقوم بجهود جبّارة في تطوير التعلم وإصلاحه، داعياً إلى دعم هذه الجهود بقرارات سياسية، وإلى استقلالية الجامعات في الشؤون الإدارية والمالية والأكاديمية حتى تؤدي وظائفها بكفاية.
وأكد التل أن استراتيجيات التعليم لا بد أن تكون من القضايا الرئيسة في الدولة، مبيناً أن الرأي الفردي ليس على صواب دائماً، وأنه لا بد من الرأي الجماعي في القضايا التي تتعلق بالتعليم واستراتيجياته وفلسفته.
تالياً أبرز ما طرحه التل في الجلسة التي أدارها الزميل الباحث هادي الشوبكي، وحاوره فيها الزملاء حاتم العبادي وبثينة جدعون وعناية حجازي.

مؤشرات
حول المؤشرات العامة للتعليم العام، قال التل إن تبايناً ظهرَ بين نوعَي التعليم؛ العام والخاص، كما أصبح لكل منهما فلسفته ومنطلقاته. وأوضح أن التباين يبرز عند المقارنة بين المدارس الخاصة التي يتجه إليها أبناء الموسرين، وتلك الحكومية التي غالباً ما يكون طلبتُها من أبناء الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.
وكشف أن حوالي 13 % من طلبة المدارس الحكومية يذهبون إلى مدارسهم من دون وجبة إفطار، وأكثر من نصف الطلبة في هذه المدارس يقتصر إفطارهم على الخبز والشاي.
ورأى أن الجامعات الحكومية لا تستند في قبول الطلبة على «نظرية جديدة» تأخذ في الحسبان التباين بين المدارس، وأيضاً التباين بين الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشون بها.
ومن المؤشرات التي أوردها التل، شيوع ظاهرة العنف في أوساط طلبة الجامعات، رادّاُ ذلك إلى «تقصير» الهيئات التدريسية، إذ إن وظيفة الأستاذ الجامعي لا تقتصر على التعليم، بل تتعداه إلى المساهمة في بناء شخصية الطالب؛ عقله وفكره وثقافته وأسلوبه في معالجة المشكلات والقضايا.
ورأى التل أن من المؤشرات عدم التزام المدارس الحكومية والخاصة بفلسفة التربية والتعليم في الأردن، وبأهدافها، وبالمناهج المطورة على أساسها، وبالكتب التي تقررها وزارة التربية والتعليم. وهو ما من شأنه في حال تحقّقه أن يعمّق الوحدة الوطنية ويسهم في بناء المجتمع الموحد في قناعاته واتجاهاته.
ولفت إلى مؤشر يتمثل في غياب الاتساق بين التعليم في الأردن بجميع مراحله وأنواعه العام والعالي والجامعي، وبين حاجات المجتمع من القوى العاملة والمؤهلة. وهو ما يقود إلى تفاقم ظاهرة البطالة.

التعليم العام
وصف التل التعليم العام بأنه قاعدة الثقافة الوطنية التي تشكل من الإنسان مواطناً ينتمي إلى الدولة التي يحمل جنسيتها عبر تطوير مهاراته الإنسانية والأساس العام للمعرفة. وأضاف أن التعليم العام في الأردن يعاني من «مشكلات كبيرة» تهدد وحدته الاجتماعية والوطنية، فالتعليم بالمستوى الجيد هو لأولئك الناشئين الذين تستطيع أسرهم دفع نفقاتهم التعليمية الباهظة في المدارس الخاصة.
وقال التل إن هناك ظروفاً معيشية متميزة توفَّر لبعض الطلبة، وظروفاً صعبةً وقاسيةً على البقية، لافتاً إلى أن بعض المدارس تشهد «فرزاً إقليمياً» أحياناً، في الوقت الذي ينبغي أن تكون المدرسة فيه «البوتقة التي تشكل المجتمع الموحد المتماسك المتعاون والمتحاب».

التعليم والوحدة الوطنية
وصف التل الطلبة بـ»الثروة» التي يمتلكها الأردن، داعياً إلى تقديم الدعم لهم في جميع أنواعه ومراحله. ولفت إلى أهمية الوحدة الوطنية في التعليم، لبناء مجتمع موحد متماسك متعاون متشارك في القناعات الوطنية العامة والاتجاهات الاجتماعية، عادّاً هذا واجباً رئيساً للمؤسسة التربوية، وبغير ذلك فإن هذه المؤسسة كما يرى، ستساهم –وإن من غير قصد- في تمزيق المجتمع في ظل الاختلافات بين المدارس الخاصة والتباين في تطبيقها للمناهج.
وفي الوقت الذي أكد فيه أن المدراس العامة في الولايات المتحدة هي التي صنعت المجتمع هناك، لفت إلى أن واقع التعليم في الأردن بحاجة إلى «تصويب»، وذلك بالتزام جميع المدارس بفلسفة وزارة التربية والتعليم المحددة بالقانون، وبمناهجها، وبالكتب المقررة من قبلها، كما كان معمولاً به في الثمانينات. فأن يكون لكل مدرسة أهدافها وبرامجها وفلسفتها الخاصة، ليس في صالح الدولة أو المجتمع. مستدركاً أنه يجوز للمدارس الحكومية والخاصة أن تغْني برامجها بعد موافقة الوزارة على ذلك، وإنه إذا كان هناك نقص في المناهج يمكن تصويبه.

امتحان التوجيهي
أوضح التل أن الامتحانات «ضرورة تربوية وطنية» لقياس مدى ما حققه الطالب من أهداف التعليم، وهي أداة لتشخيص ما يحققه الطالب، إضافة إلى أنها أداة لتقييم كفاءة ومقدرة المعلم أو المدرسة.
ورأى التل أن هناك عدداً من الأسباب التي جعلت من التوجيهي «رعباً»، مما دفع بعضهم إلى السعي لإلغائه، مبدياً رفضه لهذا التوجّه، ومبيناً أن البديل الأفضل هو تطوير امتحان التوجيهي والاستفادة من التجارب العالمية، بخاصة في فرنسا وسوريا ولبنان ومصر، فهنالك امتحان للمرحلة الابتدائية، وثانٍ للمرحلة الإعدادية، وآخر للثانوية، إذ إن الغاية من هذه الامتحانات هي تشخيص نواحي القوة والضعف عند الطالب، وليس معاقبته.

الغاية من التعليم
رأى التل أن الطلبة في الأردن غالباً ما يتابعون تعليمهم الجامعي للحصول على الشهادة، وليس من أجل التزود بالخبرة والمعرفة، كاشفاً أن الأردن فيه نحو مليون عامل وافد، في حين أن الشباب الأردني متعطل، رادّاً سبب ذلك إلى كون التعليم غير المخطَّط له يُحدث خللاً في مخرجات التعليم من القوى البشرية المؤهلة والمدربة.

القبول في الجامعات
أوضح التل أن القبول في الجامعات الحكومية بناءً على المعدل العام في التوجيهي «أمر منطقي» معمول به في العديد من الدول، مضيفاً أن المجتمعات في الدول التي تطبق هذا المبدأ «متجانسة بصورة عامة»، في حين أن التباين الذي يشهده الأردن في أنواع المدارس وفي الظروف المعيشية والثقافية، يؤثر في المعدل العام في التوجيهي.
وذكّر التل بالحقيقة العلمية التي تقول إن القدرات والقابليات والاستعدادات بين بني البشر تتوزع بالعدل، وبالتالي فإن الفروق في المعدلات تعود إلى العوامل آنفة الذكر، داعياً إلى العمل بـ»نظرية عادلة» يُلتزم بها في القبول في الجامعات الحكومية، وهي نظرية «اختبار المدرسة كوحدة للقبول في الجامعات الحكومية».

التعليم الجامعي
قال التل إن التعليم الجامعي في الأردن يعدّ في المقدمة عربياً، مضيفاً إنه يعاني رغم ذلك من مشكلتين: نوعية التعليم الجامعي، وربط هذا التعليم بحاجات المجتمع.
وأكد أن الارتقاء بنوعية التعليم الجامعي يتطلب تطوير العملية التعليمية والاستفادة من التجربة العالمية، وبخاصة ما يتعلق بأهداف التعليم الجامعي وأساليب التدريس والتقويم فيه.
ورأى أن التعليم الجامعي كان هدفه في الماضي نقل المعرفة المتقدمة والمتخصصة فقط، في حين أنه أصبح يهدف في وقتنا الحاضر بالإضافة إلى ذلك، إلى تطوير قدرات الطالب وقابليته للتفكير والبحث والإبداع. إذ إن تغير الأهداف أدى إلى تغيير أساليب التدريس والتقويم، وأصبح التدريس يقوم على الحوار والمحاضرة، ويقاس بقدرة تطور العقل في التفكير والبحث والإبداع.

البحث العلمي
أوضح التل أن تأسيس أول جامعة في العالم قبل حوالي ألف وثلاثين سنة كان بهدف التعليم، ثم أضيف إليه هدف البحث العلمي إلى أن أصبح من أهدافها خدمة المجتمع، مضيفاً أن الجامعات تلعب دوراً مهماً في خدمة المجتمع في جميع المجالات، إذ أصبحت الجامعة حاضنة القيادة الفكرية لمؤسسات الدولة ومرافقها.
وشدد التل على أهمية البحث العلمي، داعياً إلى «فرز» جامعات محددة تركز على البحث العلمي من دون أن تهمل الهدفين المتمثلين في التعليم وخدمة المجتمع، مقترحاً أن تتخصص الجامعة الأردنية وجامعة العلوم والتكنولوجيا للبحث العلمي، وأن تشتغل بقية الجامعات على هدف التعليم.

الجامعات والنشاط الحزبي
قال التل إنه ليس مع إدخال النشاط الحزبي إلى الجامعات الأردنية، لاعتقاده أن هذا النشاط سيكون على حساب العملية التعليمية، وأن الطالب قد يتعصب للحزب الذي ينضم إليه، فنتغلق نوافذ عقله في وجه الأفكار والآراء الجديدة. واستدرك التل: «هذا الموقف لا يعني أن يكون فكر الأحزاب وتوجهاتها ونشاطاتها موضع نقاش وتحليل ودراسة بين طلبة الجامعات»، مضيفاً أن الطالب بعد تخرجه يمكنه المشاركة في العمل السياسي العام، والانتماء إلى الحزب الذي يرى أنه الأنسب لفكره وتوجهاته.

إجازة التعليم
أكد التل أن التعليم مهنة لا تقل أهمية عن مهن أخرى مثل الطب والصيدلة، بمعنى أن ممارستها ينبغي أن تكون بإجازة وفق قواعد ومتطلبات تضعها وزارة التربية والتعليم. ودعا إلى منح المعلم المجاز الامتيازات التي يتمتع بها أصحاب المهن الأخرى، عادّاً ذلك من أهم الخطوات لتطوير التعليم.
وشدد التل على أن المعلم هو الأساس في العملية التعليمية، وبالتالي لا بد من توفير الظروف الاقتصادية والاجتماعية المناسبة له ليؤدي رسالته على خير وجه.

نقابة المعلمين
في حديثه عن نقابة المعلمين، قال التل إن تأسيسها يُعدّ محطة مهمة في تاريخ التربية والتعليم في الأردن، وإن على الجميع دعمها ورعايتها.
وأضاف أن من أبرز الواجبات والمسؤوليات الوطنية المناطة بالنقابة» السعي لوضع تشريع يؤكد أن التعليم مهنة، والعمل مع وزارة التربية والتعليم على تطوير المدارس الحكومية، وكذلك العمل على توحيد المناهج في جميع المدارس الحكومية والخاصة، فالمناهج الموحَّدة هي التي توحّد المواطنين وتجعل منهم شعباً متماسكاً. وأشار إلى أن النقابة مطالَبة أيضاً بالعمل مع الوزارة للارتقاء بنوعية التعليم من خلال تطوير كفايات المعلمين وفقاً لأساليب التدريس والتقويم الحديثة.

التعليم والعمل
وصف التل وضع التعليم وسوق العمل في الأردن بـ «المؤلم والمحزن»، وأوضح أن الوضع الطبيعي أن يكون هنالك اتساق بين مخرجات التعليم بجميع أنواعه ومستوياته وبين حاجات المجتمع من القوى العاملة في جميع المجالات، مشيراً إلى أن هرم القوى العاملة والهرم التعليمي في الأردن غير منسجمَين. فبحسبه، يجب ألاّ يزيد عدد طلبة الجامعات الأردنية عن 50 ألف طالب، وألاّ يقل عدد طلبة كليات المجتمع وما يناظرها عن 250 ألف طالب، مبيناً أن عدد طلبة جامعاتنا يزيد في واقع الأمر على 300 ألف طالب، وعدد طلبة كليات المجتمع لا يزيد على 40 ألف طالب.
وأضاف التل أن معظم كليات المجتمع الحكومية أصبحت جامعات صغيرة، وفقدت الهدف الذي أنشئت من أجله، ومن الأمثلة على ذلك أن كلية الحصن أُنشئت لإعداد فنيين للصناعات الغذائية، أما الآن فهي جامعة صغيرة بتخصصات لا علاقة لها بهذه الصناعات. كما تخلّت كلية الشوبك الزراعية عن الهداف الذي أُنشئت من أجله وأصبحت مجرد كلية جامعية.

نحو نظام تعليمي سليم
قال التل إن هناك أموراً ينبغي القيام بها لتحقيق نظام تعليمي سليم جيد يخدم الوطن والدولة، منها: الاهتمام بنوعية التعليم بحيث يكون التعليم في جميع المدارس والجامعات مميزاً كما أراده الملك عبدالله الثاني حين تحدث عن الأردن بوصفه «جامعة العرب»، والتركيز على فلسفة التعليم التي تشكل الإنسان وهويته، وربط التعليم بحاجات المجتمع، وتوفير مدارس لا تباين بينها من حيث المباني وهيئات التدريس والوسائل التربوية.

الراي

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)