طلبه نيوز

أ.د سامر الرجوب

إن من أحد اهم اسباب تعثر المؤسسات هو ضعف الحوكمة المؤسسية فيها والتي إن ضعفت تصدعت المؤسسة التي تقوم على إدارتها وإتجهت نحو الإفلاس الفكري والآدائي ولإداري ولإنتاجي وتبعثرت معها الأهداف حتى اصبحت بعد قوة أنكاثا.
وضعف الحوكمة المؤسسية يعتبر من الأسباب التي آدت إلى تراجع آداء بعض جامعاتنا وأضاعت معها بوصلتها لتصبح هياكل بدون مضمون وكم هو من الصعب كتابة هذه السطور لإعتزازي بمؤسساتنا التعليمية التي أنتجت المعرفة والقيادة والفكر والتحديث لكن لا بد للجرح من معالجة حتى لا يكبر ويتفاقم ويصبح معه العلاج طويل ومكلف ومؤلم.

وما اشير إليه هو منظومة الحوكمة التي تتكون من مجالس الأمناء ورؤساء الجامعات ومجالس العمداء والأقسام والرقابة والتعيين والترقية والأنظمة والقوانين التي تنظم عمل الجامعات فهي كل واحد تتكامل فيه جميع الأطراف .

وقبل أن ابدأ أود أن اوضح أن التعليم قي الأردن هو من الأمور التي تعد من عناصر قوى الإقتصاد الأردني وأفضلية نسبية وتنافسية نتمتع بها وتعثر الجامعات لا يلغي كل ما سبقه من نجاحات ولا ينكر أن مؤسساتنا التعليمية هي من مكتسبات النمو ونتاج للتنمية المستدامة في الأردن.

إن التعثر الجامعي مثله مثل التعثر المؤسسي يمكن ان يؤدي الى قوة من بعد ضعف أو يمكن أن يؤدي الى فشل من بعد قوة يفشل الجامعات ويحرمها من أن تكون منارات علم تكلمت عنها كل الدول و توجهت لها الأنظار على مدى العقود.

وحوكمة الجامعات تتكون من عدة مستويات ؛ المستوى الأول يتمثل في مجالس الأمناء التي تعتبر المراقب والمقوم لقرارات ادارة الجامعة الإستراتيجية والمستوى الثاني وهو مجلس العمداء الذي الذي ينفذ ويراقب اداء الرئيس والعمداء أنفسهموالاقسام والمستوى الثالث وهو الأقسام الأكاديمية التي هي المحور الأساسي الذي تنتج عنه القرارات الأكاديمية والذي ينفذ حوكمته من خلال الإشراف على العملية التعليمية والتفاعل السليم بين اعضاء الهيئة التدريسية وطلبة الجامعة وتصدر عنه أهم القرارات الإستراتيجية .

والدورة الصحية للقرارات الإدارية تتشكل من خليط من القرارات التي تصدر من " الأسفل الى الأعلى" أي من مجالس الأقسام الكاديمية الى مجالس الكليات الي مجالس العمداءوالقرارات التي تصدر من "الأعلى الى الأسفل " من خلال التعميمات والتوجيهات والتأكيدات التي تصدر من مجلس العمداء ومكاتب رؤساء الجامعات الى المجالس الأدنى والتي تحث على إلتزام المستويات الأدنى في الإدارة بالأنظمة والقوانين الناظمة , ولا يتوجب أن تتعارض العملية الإدارية في هذه الدورة الصحية في هذا الخليط ولا أن يلغي احدها الآخر.

لكن الحوكمة التي سنتطرق لها هنا هي حوكمة المستوى الأول والثاني وذلك لأنها هي صاحبة القرار الاخير وتستطيع أن تعدل أو ترفض ما جاء من تنسيبات او قرارات من العمادات والأقسام الأكاديمية وهنا تكمن الخطورة في الموقف وهنا تتربع الجزئية التي أساءت الى سمعة بعض جامعاتنا وشككت في حكمة قياداتها واساءات الى مصداقية تعليمات التعيين والترقية وشككت في موضوعية القرارات التي تصدر عن مجالس الأقسام والعمداء والأمناء والعملية معقدة جدا تصبح فيها الإدارات سلطة إدارية أكثر منها كفاءة إدارية , فعلى سبيل المثال إذا كان مجلس الأمناء ضعيف ضاعت معها القدرة الرقابية التوجيهية لإدارة الجامعة وإذا كانت إدارة الجامعة ضعيفة ضعفت معها القدرة التوجيهية والإشرافية والرقابية على الأقسام الأكاديمية والإدارية وهكذا دواليك.

وضعف المجالس لا يعني فقط وضع الشخص غير المناسب في المكان المناسب أو وضع الشخص المناسب في المكان غير المناسب وإنما يتعداها الى إساءة إستعمال السلطة والإستثمار الوظيفي والواسطة والمحسوبية وإساءة الأمانة فإذا إجتمع اي من هذه الأمور مع القيادات الأكاديمية ادى ذلك إلى فسادها والى ضعف حوكمتها المؤسسية وبالتالي إنعكاس ذلك على جميع النواحي الإدارية والتعليمية في الجامعات , كما أن ضعف المجالس يعني تداخل الإدارات فيما بينها وطغيان أحدها على الآخر .

أما مجالس الأمناء فهي مجالس لم تعطى حقها من خلال قانون الجامعات وكانت في كثير من الأحيان إستنساخ لمجالس العمداء وضاع معها الجوهر الحقيقي لوجودها المهم للغاية كملجأ اخير للتوجية في القرارات الإستراتيجية لمستقبل الجامعات وكونها نافذة الجامعات على العالم.

إن التعثر يمكن أن يقود الى الفشل أو يمكن أن يؤدي إلى إسترجاع القوة وإكتساب المناعة ضد الأمراض الإدارية وضياع الرؤى.