TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الاستقرار السياسي للأنظمة الملكية
26/10/2021 - 3:00pm

اطاحت سهام  الربيع العربي في السنوات القليلة الماضية بعدد من الأنظمة الجمهورية في تونس وليبيا ومصر واليمن، فيما تشهد سورية مخاضا عسيرا، إلا أن الأنظمة الملكية العربية لم تواجه حتى الآن معارضة تهدد وجودها. فما هو السبب في استقرارها النسبي مقارنة بالجمهوريات، وهل هي محصّنة من رياح التغيير؟

الإجابة على هذا السؤال تبدو  معقدة جدا  لما لكل من الأنظمة العربية من خصوصيات، سواء كانت ملكيات أو جمهوريات، سقطت أم لم تسقط. ويعزو المحللون هذا الاستقرار النسبي للملكيات إلى أسباب تتراوح بين الرخاء الاقتصادي في بعض الدول وتوسيع المشاركة السياسية في دول أخرى، إضافة إلى الاعتماد على الإرث التاريخي والديني والشرعية الدستورية والهيبة الملكية وأسباب أخرى اجتماعية ونفسية وتعليمية.

يمكن تقسيم الأنظمة الملكية العربية إلى نوعين: النوع الأول  : 
هو بلدان ​​الخليج (السعودية والكويت والبحرين وقطر وعُمان والإمارات العربية المتحدة)، أما النوع الثاني من الملكيات العربية ففيها دولتان: الأردن والمغرب، ولكل منهما وضع خاص.

دول الخليج: رخاء لا يعوّض بثورة

أما دول الخليج فالاستقرار فيها استقرار مصالح ومنافع، نابع من محاولة إرضاء الفئات المختلفة بالمناصب و المال ، والمواطنون فيها قلة يمكن أن تصل المناصب والمكاسب إلى نسبة كبيرة منهم، فيفضلون الرضا بالواقع على أي مغامرة ثورية ربما تضيع معها مصالحهم ومكاسبهم .

" إن هذا الرخاء يجعل شعوب دول الخليج متماسكة وتدعم الدولة خوفاً من أن تمتد رياح التغيير إليها وتخسر ما أنجزته من مكتسبات، كما أن حكومات بلدان الخليج العربي تحاول تقديم خدمات اجتماعية وحوافز لشعوبها لتمتص أية نقمة على أنظمة الحكم"  . 
الى جانب الاقتصاد الريعي هو الذي تعتمد الدولة فيه على مصدر أساسي واحد للدخل (النفط الذهب الأسود ) على عكس الاقتصاد القائم على الإنتاج المتنوع الذي لا بد فيه من سياسات التشجيع والحماية الاقتصادية والتنمية المستديمة التي تبقي المواطنين يقظين يراقبون أداء الحكومة دوما  . 
الأردن: الإبقاء على شعرة معاوية مع الخصوم

في الأردن ،  هناك قدر من الاستقرار ناتج عن عدم وجود جهة تطمع في الحكم فيه، نظراً لوضعه الاقتصادي والجغرافي والديموغرافي، إضافة إلى سياسة الإصلاحات والمشاركة السياسية التي أقرها جلالة الملك عبد الله الثاني . 

إضافة لذلك  أن "النظام الملكي الأردني أجرى إصلاحات متنوعة، وهذا يؤمّن له ولو مؤقتا حالة من الرضا الشعبي، ورغم أن المعارضة وصفت هذه الإصلاحات بأنها غير كافية، لكن جاء الرد بأن عملية الإصلاح  عملية مستمرة".

فضلاً عن ذلك، هناك طبيعة الممارسة السياسية للعرش الأردني التي حافظت على "شعرة معاوية" مع الفئات التي ربما تقف موقف الخصومة السياسية مع النظام .

إضافة لذلك إن  تجربة الثورة في سورية أثرت إيجابا على استقرار الأردن "لأنها لم تكن مثالا جيدا في التغيير".

وأشار إلى أن معظم النشاط الاقتصادي في الأردن "مرتبط بالدولة وهذا عامل مهم في الاستقرار، علاوة على إنشاء هيئة مكافحة الفساد ".  

المغرب: توسيع المشاركة السياسية

أما في المغرب، فقد مارس الملك محمد السادس منذ توليه المنصب سياسة التخلي عن بعض الصلاحيات المطلقة التي كانت له، وأحدث قدراً من الانفتاح، وسمح بقدر من النزاهة، ووسع من مجال الحريات، وحوّل "شعرة معاوية" إلى حبل يمده لكل الجهات، مما جعل معظم التنظيمات الحزبية تتنافس في الحرص على النظام الملكي، الذي يرونه ليس في موقف العداء المباشر من أي منها، وهو ضمانة الاستقرار في البلاد .

"النموذج الملكي الحالي في المغرب يعمل بنجاح وليس هناك سبب كي لا يدوم، طالما أنه يواصل إدارة العلاقات الاجتماعية والسياسية بشكل جيد، ويحمي الحقوق والحريات، ويتجه بالبلد إلى الأمام".  

الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة
                                         dr. haithem142@gmail.com

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)