TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الاتفاق السعودي الإيراني: هل بدأ ينعكس على أرض الواقع؟
05/05/2023 - 4:45am

د. أحمد بطَّاح
إنّ مما لا شك به فيه أن الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية كان استدارة سياسية مهمة على المستوى الإقليمي (السعودية وإيران كدولتين إقليميتين كبيرتين متنافستين)، وعلى المستوى الدولي (الولايات المتحدة كدولة نافذة تاريخياً في المنطقة والصين كدولة عظمى بازغة)، وكما كان مُنتظراً فقد بدأ هذا الاتفاق ينعكس على أرض الواقع، وفي هذا الإطار يمكننا أن نشير إلى ما يلي:
أولاً: بالنسبة لليمن قام وفد عُماني سعودي (ضم السفير السعودي لدى اليمن) بزيارة إلى صنعاء وتفاوض مبدئياً مع جماعة الحوثي وكان من نتائج ذلك تبادل صريح لسُبل حلّ المشكلة اليمنية، كما كان من نتائجه عملية تبادل واسعة للأسرى، علماً أن الحرب اليمنية متوقفة حالياً بانتظار تفاهمات شاملة بين الأطراف المعنية المؤثرة وبالذات السعودية وإيران.
ثانياً: بالنسبة للبنان قام وزير الخارجية الإيراني بزيارة إلى بيروت حاثاً الجهات المختلفة (وبالذات حلفاءَه) على التوصل لحل إشكالية انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، ورغم أن نتائج هذه الزيارة لم تتضح بعد، إلّا أن من المتوقع أن يكون للاتفاق السعودي الإيراني أثر واضح في تسهيل عملية الانتخاب هذه، الأمر الذي يقود بالضرورة إلى حلحلة كثير من المشكلات اللبنانية العالقة.
ثالثاً: بالنسبة لسوريا بدأت جهود مكثفة تقودها المملكة العربية السعودية (التي ستستضيف القمة العربية الشهر القادم) لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية، وقد كانت هناك اجتماعات سابقة في الرياض لحقتها أخرى في عمّان لوضع مبررات العودة وشروطها. صحيح أن هذا الموضوع قد يبدو شأناً عربياً خالصاً ولكن لا بدّ أن نتذكر في هذا السياق أن سوريا هي حليف مُهم لإيران في المنطقة وبالتالي فإن لإيران يداً في هذا الموضوع بدون أدنى شك.
رابعاً: بالنسبة للعراق حيث استضاف العراق ولأكثر من مرة مباحثات سعودية إيرانية لتطبيع العلاقات، ويبدو أنه مهّد بشكل أو بآخر لهذا الاتفاق الذي رعته الصين، ولعلّ من المؤكد أن عقد هذا الاتفاق سوف يضاعف من مرونة العراق في التخلص من النفوذ الإيراني واستعادة علاقاته العربية الطبيعية الأمر الذي قد يساعده أيضاً في الحد من النفوذ الأمريكي القائم حتى بعد زوال الاحتلال الفعلي.
خامساً: بالنسب لإسرائيل حيث أعاق هذا الاتفاق عجلة التطبيع مع مزيد من الدول العربية، وبخاصة بعدما عُرف "بالاتفاقات الإبراهيمية"، والواقع أن إسرائيل نجحت في تطبيع علاقاتها بشكل أو بآخر مع ست دول عربية حتى الآن، وقد كانت تطمع (كما أشار رئيس وزرائها نتنياهو أكثر من مرة) إلى تطبيع علاقاتها مع السعودية فجاء هذا الاتفاق السعودي الإيراني ليضع حداً لهذا الطموح الإسرائيلي الجامح مدعوماً بالنفوذ الأمريكي.
في المحصلة لم تتضح بعد كل انعكاسات الاتفاق السعودي الإيراني وما أشرنا إليه آنفاً هو بداية هذه الانعكاسات ومن المؤكد أنه سوف تكون هناك نتائج وارتدادات أكثر تبلوراً تؤثر على خيارات دول الإقليم، وسياساتها، وبدائلها، وإنّ غداً لناظره قريب.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)