TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الاتجاهات الرئيسية للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط عام 2025
15/02/2025 - 2:00am

طلبة نيوز - د. عبدالله حسين العزام - تظل منطقة الشرق الأوسط تشكل محوراً مركزياً لمصالح الأمن القومي الأساسية المتعددة للولايات المتحدة الأمريكية.

المنطقة التي تمتد من شمال أفريقيا إلى بلاد الشام، ومن إيران إلى بحر العرب، تشمل خمس نقاط استراتيجية عالمية: مضيق جبل طارق، ومضيق البوسفور، وقناة السويس، وباب المندب، ومضيق هرمز. وتتدفق نسبة كبيرة من التجارة الدولية والطاقة والاتصالات والنقل عبر هذه الشرايين كل ساعة.
كما ينتقل ما بين عشرين إلى ثلاثين في المائة من التجارة العالمية عبر هذه النقاط، إضافة إلى مرور ما بين سبعة عشر إلى ثلاثين في المائة من حركة الإنترنت العالمية عبر كابلات الألياف في مصر والبحر الأحمر. ويشمل ممر الهند والشرق الأوسط وأوروبا الطموح الذي من شأنه أن يدمج اقتصادات أوروبا والشرق الأوسط وآسيا كشركاء إقليميين متعددين، في الجهة المقابلة تعتبر بكين وموسكو أيضاً أن الشرق الأوسط مهم لمصالحهما الوطنية، وترحبان بالفرص المتاحة لتقويض النفوذ الأميركي، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما هي الاتجاهات الرئيسية للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط عام 2025.

وبناءا على ما سبق و بالرغم من أن الرئيس الأمريكي صانع قرار متقلب وربما نفسه لا يعرف كيف يريد أن يتعامل مع السياسية الخارجية، إلا أن الأولويات والنوايا الأمريكية منذ آخر ثلاثة انتخابات رئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية تعمل نحو اتجاهات رئيسة في الشرق الأوسط ويمكن إيجاز الاتجاهات في الشرق الأوسط عام 2025 على النحو الآتي:
1) ضمان أمن دولة الإحتلال الإسرائيلي؛ وهذا يتطلب من الولايات المتحدة أن تجدد التزامها بحل الدولتين الذي يتطلب أيضًا إصلاحات أمنية جوهرية من قبل السلطة الفلسطينية والتزامًا من دولة الإحتلال بإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، علاوة على ضرورة تخلي إدارة ترامب وحكومة نتنياهو عن إتفاق تجاهل الحق القانوني الفلسطيني في تقرير المصير وكذلك الحقوق الإنسانية الفلسطينية، ولعل التصريحات المثيرة للجدل الأخيرة للرئيس ترمب بشأن مستقبل غزة والنزوح القسري للفلسطينيين، يؤكد أن حلقة النار في الشرق الأوسط ستتوسع لا محالة والخسائر ستطال الاقتصاد العالمي، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية ستخسر العديد من الشركاء الاقليميين مما سيقوض تحقيق توجهها في ضمان أمن دولة الإحتلال الإسرائيلي ، سيما وأن هجمات السابع من أكتوبر 2023 وسقوط نظام الأسد في سوريا في أوائل ديسمبر 2024 أدت إلى تحولات كبيرة في ديناميكيات القوة في المنطقة، وستجبر هذه التحولات دولًا مثل مصر و دولة الإحتلال وتركيا وإيران ودول الخليج بما فيها الأردن ذات الموقع الجيوسياسي المهم للأمن الإقليمي على إعادة تقييم استراتيجياتها، وربما الإتجاه نحو محور روسيا والصين، حفاظاً على مصالح دولها، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة الأمريكية مما قد يدفع بعض البلدان إلى شفا صراعات جديدة، خصوصاً وأن المنطقة متورطة في حرب بطيئة الحركة وعالية الكثافة بين دولة الإحتلال والحرب في غزة ولبنان.

2) حماية دول الخليج من التهديدات الخارجية ؛ وهنا فإن الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لمنطقة الخليج، بغرض حماية موارد الطاقة التي تضم 65% من احتياطيات النفط العالمية، وهذا واضح من مبدأ كارتر لعام 1980، الذي ينص على: "إن أي محاولة من جانب قوة خارجية للسيطرة على منطقة الخليج العربي سوف تعتبر اعتداءً على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية".

3) احتواء إيران ؛ في الواقع تنتج إيران الآن بشكل روتيني اليورانيوم المخصب بنسبة ستين في المائة، وهو ما يعتبر في العموم غير كاف لصنع قنبلة نووية، ولكنه لا يزال صالحاً للاستخدام العسكري، كما تلعب إيران دورا محورياً في عرقلة التجارة الدولية في البحر الأحمر، وفي حال الحد من قدرات الشركاء الاقليميين للولايات المتحدة الأمريكية، وتحديداً الأردن، خصوصاً وأن الأخيرة ترتبط من الشرق مع العراق بشريط حدودي، البلد الذي يضم ميليشيات كثيرة يدين معظمها بالولاء لإيران، وللأردن حدود طويلة مع إسرائيل تبلغ (308 كيلومترات) وخط ساحلي صغير على البحر الأحمر بجوار مدينة إيلات، وبالتالي فإن زعزعة استقراره أو إضعافه، ستكون الاتجاهات الرئيسية للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط عام 2025 محل فشل ذريع، باعتبار الأردن بوابة عبور للمنطقة كلها، وسيجعل الولايات المتحدة وإيران أقرب إلى الحرب من أي وقت مضى منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979، وربما ستتدخل دولا عدة في الحرب إلى جانب كلا الطرفين، الأمر الذي يتطلب من الولايات المتحدة الأمريكية اللجوء إلى التسويات الكاملة في التعامل مع القضية الفلسطينية بعيداً عن الاتفاقيات الهشة التي قد تنهار في ليلة وضحاها، حفاظاً على الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)