TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الإخوان المسلمين في الاردن ينالون من أنفسهم ما لم تنله منهم الانظمة والمؤامرات !!
15/03/2015 - 2:30am

طلبة نيوز-الأستاذ الدكتور أنيس الخصاونة

المستعرض لتاريخ الإخوان المسلمين ونشأتهم وتطور مؤسساتهم وتأثيرهم السياسي والدعوي يجد بأن هذه الجماعة واجهت تحديات كبيرة وأحيانا تصفيات وحظر لنشاطاتها في مختلف الدول ولكن تعاضد هذه الجماعة وتماسكها مكنها بدون شك من الاستمرار على مدار ثمانية عقود من الزمان. فالمجازر والتصفيات والاعتقالات التي كابدها الاخوان المسلمين في مصر إبان عهد الرئيس عبدالناصر وخلفه السادات والى حد معتبر زمن حسني مبارك وأخيرا السيسي لم تمسح هذا الكيان الذي كان وما زال يجتذب مؤيديه وأنصاره بشكل مطرد .أما الجزائر وتونس والمغرب وغزة فما زال حضور جماعة الاخوان قائما رغم العداء الرسمي الشديد لفكرهم .في سوريا ما زالت مجازر الأسد الأب والأبن ماثلة ولم تجف دماء الموحدين في حلب ودمشق وسائر البلاد السورية ومع ذلك فما زال الاخوان موجودين ويمارسون دورا في الثورة السورية .
قصة الاخوان في الاردن مع النظام السياسي تبدوا الى حد ما أقل عنفا وأكثر تناغما حيث لم يسجل على جماعة الاخوان المسلمين منذ تأسيسيها في اربعينيات القرن المنصرم انخراطها في أي أعمال عسكرية أو دموية لا بل فقد وقفت الجماعة مع النظام السياسي في مفاصل هامة من تاريخ الأردن في النصف الثاني من القرن الماضي.
واليوم تشهد جماعة الاخوان المسلمين في الاردن أزمة هي الأخطر وغير مسبوقة في تاريخها المعاصرلكون هذه الازمة من داخل الجماعة نفسها وبمعاول بعض أعضائها في حين أن الأزمات السابقة التي واجهتها الجماعة في شتى الدول كانت من خارجها وبمواجهة الأنظمة السياسية. نعم هي ازمة خطيرة حيث انفصل عن جسم الجماعة مجموعة من أعضائها وتبنوا طروحات ربما عليها طابع قطري محلي وهو ما يتناقض مع فكر الجماعة الأممي أو العالمي .وها هي تلك المجموعة تنال ترخيصا حكوميا وتعين مراقبا عاما ومكتب تنفيذي وتلجأ للقضاء للمطالبة بوضع اليد على ممتلكات جماعة الاخوان المسلمين الأصلية في الوقت الذي يشهد مسرح الاخوان انقسامات وصراعات واستقطابات تكاد تهدد تماسك الجماعة واستمرارها .موقف الحكومة الاردنية الرسمي يمكن تلخيصه بأنه مبتهج وسعيد بما آلت إليه الامور وقد أنعم على الجماعة التي تقدمت بترخيص بالموافقة خلال سويعات قليلة في الوقت الذي يتطلب ترخيص جمعية خيرية أو دعوية في قرية "بلوقس" العزيزة علينا في شمال الاردن من سنتين الى ثلاث سنوات على الأقل!!يا لها من هدية للنظام السياسي الاردني قدمت على طبق من ذهب ويا له من طعم قدم الى النسخة الجديدة من الإخوان حيث تمكن النظام من تحقيق ما عجز عن تحقيقه من إضعاف لجماعة الاخوان التاريخية ، وإضعاف للمعارضة الاردنية التي تشكل جماعة الاخوان عمودها الفقري.
أمس شاركنا في ندوة قانونية سياسية استضافها وأدارها مركز دراسات الأمة وهو أحد مؤسسات جماعة الاخوان تناولت الحيثيات القانونية والسياسية للانقسام الحاد الذي يشهده الاخوان المسلمين في الاردن والمألات التي يمكن أن يتمخض عنها هذا الصراع أو الشرخ الكبير في جسم الجماعة. أحد الاتجاهات القانونية التي تناولها المنتدون تمثل بالتأكيد على الجانب القانوني الذي تعاملت فيه الحكومة مع انقسام الاخوان نظرا للصفة العامة للترخيص القديم الذي منحته الحكومة في عام 1946 وعدلته في عام 1953 بأن أصبغ على أهداف الجماعة الصفة الشمولية(وليست الخيرية ) دون تقييد وهو أمر حسب الفقهاء القانونيين استوجب إجراء تصويب للوضع القانوني للجماعة على ضوء كافة التعديلات التشريعية والدستورية التي شهدتها المملكة لاحقا وهذا ما لم تفعله الجماعة .أما اعضاء الجماعة الذين قدموا طلب الترخيص فقد استندوا الى أمر آخر بعيد كل البعد عما نتحدث عنه هنا ألا وهو حظر جماعة الاخوان المسلمين في مصر ولكون جماعة اخوان الاردن أنشئت كفرع من جماعة إخوان مصر فإنه لا بد من تصويب وضعها وإضفاء صفة المشروعية عليها. الفقيهين القانونين راتب الجندي ومحمد الحموري أوضحا بأن جماعة الاخوان المرخصة حديثا هي جماعة جديدة "حديثة الولادة" ولا تستطيع أن تكون خلفا قانونيا لجماعة الاخوان ووضع يدها على مؤسساتهم وممتلكاتهم التي تناهز المليارين دينار أردني.
أي كان الموقف القانوني فإننا نعتقد بأن النظام السياسي الأردني واتجاهاته المناهضة لفكر الاخوان وتنظيمهم ليس في الاردن فحسب لا بل في أي قطر عربي هو المستفيد من هذا التشرذم والصراع إن لم يكن هو المحرك له أصلا وسيتعامل مع الوليد الجديد لجماعة الاخوان ويحيطه بالرعاية. بعض قيادات الاخوان الجدد تم استيعابها في مؤسسات الدولة كمجلس الأعيان والجامعات الحكومية في الوقت الذي أمضت فيه هذه القيادات أكثر من عقدين من الزمان وهي محرومة من العمل في هذه المؤسسات. بعض القيادات المتمردة على جماعة الإخوان المسلمين فتحت لها أبواب كان موصودة وأصبحنا نسمع صوتها عبر الاعلام الرسمي في مناسبات كثيرة ولا نحتاج لكثير من الشرح هنا عن دور النظام في دعم أي انفصال أو صراع داخل أحزاب المعارضة الاردنية!!
أخيرا فما من شك أن الأزمة التي تعصف بإخوان الأردن تضعهم على مفترق طرق وتهدد ليس فقط كيانهم وتضعف معاقلهم ، ولكنها تهدد استمرار الجماعة كتنظيم وربما تلحق بعض الأذى بانتشار الفكر الذي تأسست بموجبه الجماعة إذ أنه من الصعوبة بمكان أن يميز عموم الناس بين فكر الاخوان المسلمين وتنظيمهم .نعم أعتقد بأن الإخوان المسلمين في الاردن نالوا من أنفسهم ما لم تنله منهم الانظمة والمؤامرات والانقلابات وإذا لم يستدركوا أمورهم ويحسموا الجدل والانقسام عبر التوافق السياسي أو الحسم فإن القادم سيكون الأسوأ وعلى جماعة الاخوان الأصلية أن لا تعول أكثر من اللزوم على المرافعات القانونية والدعاوي القضائية فالبيئة السياسية والنظام السياسي غير آسف ولا حزين على ما يجري على المشهد الإخواني فلا تخربوا أيها الإخوان بيوتكم بأيديكم ولا تجعلوا من دماء وعذابات الالاف من شهداء الاخوان وأحرار الأمة تذهب هدرا فهل من مدكر ......

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)