
طلبة نيوز - الاستاذ الدكتور صادق الشديفات
عميد كلية الدراسات العليا/الجامعة الهاشمية
التعليم هو أحد الركائز الأساسية التي تمكّن الدولة من ترسيخ مفهوم الأمن الفكري، وتعزيز الاستقرار والسِّلم المجتمعي. ويُعَدّ الشباب في الجامعات ركيزة أساسية في العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي فهم أصحاب طاقة، متفاعلون ومتابعون، إذ تتراوح أعمارهم بين 18-24 عامًا، ويقارب عددهم 474 ألف طالب وطالبة.
وهنا يبرز السؤال: كيف تعمل الجامعات على ترسيخ مفهوم الأمن الفكري بين طلبتها؟ ذلك من خلال تعزيز تقبّل الطالب لنفسه، وتقبّله للآخر، بعيدًا عن الغلو والتطرف، ومن خلال ترسيخ مفهوم سيادة القانون، والحوار البنّاء الناضج، المنسجم مع فكر الدولة وتوجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني وسمو ولي عهده الأمير الحسين بن عبد الله، واهتمامهما بدور الشباب وهنا اقتبس من أقوال سمو الأمير الحسين: "أنا كحسين الشباب همي اليومي وضروري أن نقدم لهم الأفضل".
فالأمن، بمفهومه الشمولي، يسعد به الأفراد الأسوياء، ويتحقق من خلال تعزيز الثوابت، والقيم، والمفاهيم الصحيحة التي تدعو إلى الاعتدال والوسطية، وتحمي الفكر والعقيدة من الانحراف، كما ترسّخ مفهوم الديمقراطية والمواطنة الفاعلة.
وقد صدر قبل نحو عامين نظام ممارسة الأنشطة الحزبية في الجامعات، متضمنًا ضوابط تهدف إلى تمكين الطالب من أن يكون فاعلًا داخل حرم جامعته، ومؤثرًا إيجابيًا في عملية التغيير، عبر صقل شخصيته لا مصادرتها تحت أي مسمى أيديولوجي. إذ يُستغل أحيانًا الوازع الديني لدى الطلبة، وتُختزل النشاطات والعمل السياسي ضمن فئة محددة، تدّعي الوصاية على عقولهم، وتوجه بوصلتهم نحو أجندة لا تخدم الوطن ووحدته.
إن وحدتنا الوطنية، وقيادتنا الهاشمية، هما أساس بناء مجتمعنا الأردني القوي والمتماسك. وكم من محاولات باءت بالفشل سعت لزعزعة أمننا واستقرارنا، إلا أن التفافنا حول قيادتنا، ورايتنا، وجيشنا، وأجهزتنا الأمنية، كان دائمًا الصخرة التي تتحطم عليها تلك المحاولات. ونؤكد وقوفنا خلف قيادنا الهاشمية وأجهزتنا الأمنية صمام أمان الوطن في محاربه التطرف والارهاب بكافة أشكاله.
وتكمن خطورة بعض التيارات الهدامة في قدرتها على التستر بعباءة الدين، فتبدو في ظاهرها جميلة، ذات أهداف نبيلة، بينما تحمل في باطنها أغراضًا خفية بتقديم تفسيرات قاصرة أو مشوهة للنصوص، بهدف استغلال مشاعر الشباب الدينية. وهنا يأتي دور "العقل لا العاطفة"، في مواجهة هذه الأفكار. فالأمن الفكري هو العمود الفقري لسائر أنواع الأمن، وعلينا أن نؤمن بأن "درهم وقاية خير من قنطار علاج"، ويبرز هنا دور عمادات شؤون الطلبة، وإدارات الجامعات، وأعضاء هيئة التدريس، والمناهج الدراسية في توجيه الطلبة التوجيه الصحيح، بالاضافة الى دور المؤسسات الرسمية، مثل وزارة الشباب، ووزارة الأوقاف، ووسائل الإعلام، في حماية الشباب من الأفكار المنحرفة، والتطرف والغلو، من خلال نشر ثقافة تقبّل الآخر، والحوار، والرأي والرأي الآخر، والاحترام المتبادل.
وقد قام مركز السِّلم المجتمعي بالعديد من الأنشطة في الجامعات لتعزيز الأمن الفكري، باعتباره بوابة الأمن الشامل، وذلك من خلال التوجيه والإرشاد لضمان سلامة فكر الطلبة، وهو ما يُعدّ ضرورة من ضرورات السِّلم المجتمعي.
كما يتحمّل المركز الوطني لتطوير المناهج دورًا مهمًا في إدماج مفاهيم الأمن الفكري ضمن المناهج الدراسية لطلبة المدارس، لما لذلك من أثر كبير في استقرار المجتمع وتمكين أفراده، وصهرهم في بوتقة واحدة للانخراط في ميادين العمل، والبناء، والإبداع، والتطور المشروع.
وفي هذا السياق، نؤكد أيضًا على أهمية دور المعلم واعداده، كصاحب رسالة وناقل للقيم والأفكار الإيجابية، من خلال ما يُعرف بـ"المنهج الخفي"، بما يُسهم في الحفاظ على السِّلم المجتمعي وتماسك نسيجه الداخلي، وتحقيق الأمن الفكري، ومكافحة التطرف والارهاب والعنف بكافة أشكاله.
فبناء الوطن والمحافظة عليه مسؤوليتنا جميعًا.
اضف تعليقك