TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الأردن سيضطر قريبا للتعامل مع داعش باعتباره أمرا واقعا
07/06/2015 - 2:00am

طلبة نيوز- الأستاذ الدكتور أنيس الخصاونة

تنظيم الدولة الإسلامية يزحف ويقضم الأراضي ويدحر القوات المجوقلة والمجحفلة على الجبهتين العراقية والسورية وبات مقاتلي التنظيم على حدود الأردن الشرقية في الوقت الذي يقتربون شيئا فشيئا من حدوده الشمالية .داعش أصبح له رقعة متواصلة جغرافيا ومترامية مساحة من الأنبار إلى تدمر والى الحدود التركية وهي أكبر من مساحة الأردن ويعيش تحت سيادته أكثر من عشرة ملايين نسمة وله مؤسساته ومحاكمه وربما قريبا نرى عملة داعش. معابر الأردن مع العراق مغلقة ويتحكم بها مقاتلو داعش وتنساب البضائع باتجاه العراق بموافقة من تنظيم الدولة ، ويتم تفتيش هذه البضائع وتقاضي الرسوم عليها بشكل يومي ويبدوا أن الأمر سيتكرر إذا ما استمر داعش في زحفه نحو جنوب سوريا وتحقيقه لمكاسب على الأرض على حساب جيش الفتح وجبهة النصرة والجيش الحر.
يا ترى ما هي خيارات الأردن الآن وقد أصبح دولة مغلقة من ثلاث جهات فحدوده الشمالية والشرقية مغلقة وحدوده الغربية مع الكيان الصهيوني شبه مغلقة بسبب رفض الأردنيين للتعامل التجاري مع اسرائيل ولم يبقى بالاضافة لخليج العقبة إلا معابر السعودية والتي لا تفي إلا بجزء بسيط من تبادلاتنا التجارية. والتساؤل الذي يطرح نفسه هل ستضطر السلطات الاردنية للتعامل مع داعش في الوقت الذي يشكل السلاح الجوي الأردني أبرز قوى التحالف التي ما زالت تقصف مواقع تنظيم الدولة بوتيرة عالية ؟وكيف سيتدبر الأردنيون أمرهم فيما يتعلق بصادراتهم ووارداتهم التي أضحت تسبب أرقا شديدا للمسؤولين الأردنيين نظرا لما تشكله من ضغط كبير على اقتصادهم المنهك والمهدد بالانهيار ؟أما من الناحية الأمنية والعسكرية فإن سيطرة داعش على حدود العراق مع الاردن واستمرار زحفه نحو الحدود السورية الجنوبية يعني بما لا يدع للشك أن الخطر يقترب وأن المواجهة العسكرية حتمية حيث لا يخفي تنظيم الدولة أن الأردن هو ضمن خططه وأهدافه خصوصا بعد انضمام المملكة للتحالف الغربي ضد داعش مما جعل الاردن هدفا لهذا التنظيم.
نعتقد بأن على المسئولين الأردنيين أن يفكروا مليا بسيناريوهات التعامل مع داعش وأن يكفوا عن الاستمرار في طمأنة أنفسهم بأنهم سيكونوا بالمرصاد لمن تسول له نفسه الاقتراب من الحدود الاردنية .تنظيم الدولة الإسلامية لن يستأذنهم عندما يقرر المواجهة العسكرية تماما مثلما لم يستأذن قوات المالكي وجحافل الأسد ،كما أن الشكوك التي تحوم حول من أسس داعش ومن يموله ومن يدعمه تجعل قضية اعتماد المملكة الأردنية على حماية ودعم الأمريكان والتحالف الغربي أمرا مشكوكا فيه حيث أن هذا التحالف لم يحمي الانبار ولا الموصل كما أنه لم يمنع داعش من السيطرة على معظم الشرق السوري. جيش داعش هو اليوم من أفضل الجيوش تسليحا بعد اسرائيل وإيران آخذين بالحسبان أن تنظيم الدولة قد استولى حديثا على أسلحة متطورة جدا لأربع فرق عسكرية من الجيش العراقي ناهيك عما يتم إسقاطه جوا لمقاتلي هذا التنظيم من قبل طائرات تزويد مجهولة الهوية؟؟
الأردن مقبل على مراحل أكثر صعوبة من الناحيتين الأمنية والاقتصادية ونعتقد بأن الاعتماد على السعودية في الجانب المتعلق بانسياب السلع لن يحل مشكلة الاردن فوجهة الأردن الاقتصادية هي شمالا نحو تركيا وأوروبا عبر سوريا وليست جنوبا ناهيك عن الشروط والكلف السياسية الباهظة لربط المصير الاقتصادي بالمتطلبات والشروط السعودية خصوصا فيما يتعلق بالعلاقات مع النظام الإنقلابي في مصر أو دعم الجيش الحر في سوريا. الأردن إن لم يخطط لمستقبله جيدا سيكون أمنه واقتصاده محل خطر كبير وستصبح شعارات "الأمن والأمان" و"الاردن واحة استقرار وسط محيط ملتهب" عبارة عن شعارات براقة يمكن أن تحمس الجماهير ولكنها بالتأكيد لن تستطيع أن تفعل شيئا لحمايتها.تنظيم الدولة الإسلامية والانتصارات التي يحققها كل يوم على الأرض ، والعقيدة القتالية العالية لمقاتليه ، وصموده الخرافي في وجه تحالف مكون من ستين دولة ،وحرصه على عدم إطلاق قذيفة واحدة تجاه اسرائيل على الرغم من اقترابه من خطوط التماس معها في سوريا ،وتراخي القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة عن الإجهاز على داعش ، والتزام اسرائيل الصمت تجاه داعش حيث كانت الطائرات الصهيونية تمر من فوق مقاتلي وتحصينات التنظيم في الرقة لقصف قوات الأسد كل ذلك يفرض على الاردن أن يعيد تقييم حساباته وافتراضاته بخصوص طريقة التعامل مع تنظيم الدولة. الأردن وبسبب موقعه وطبيعته وتكوينه الديموغرافي واقتصاده العليل ربما يكون الأكثر عرضة وهشاشة لتداعيات داعش وانتشاره السريع وعليه فإن الركون لتطمينات ووعود أمريكية بحماية المملكة ربما يشكل مغامرة سياسية وأمنية غير محسوبة خصوصا وأن الموقف الأمريكي من تنظيم الدولة وتهديداتها بالقضاء عليه أصبح موضع شك واستفهام كبيرين.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)