TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الأحزاب السياسية في الأردن بين التنوع والكثرة
24/05/2016 - 1:30pm

طلبة نيوز

أ.د. أمين مشاقبة
إن المطّلع على الواقع الرقمي للأحزاب السياسية في الأردن يرى أن هناك ما يزيد على 44 حزباً مسجلاً لدى وزارة التنمية السياسية وهناك طلبات لما يقارب من 30 حزباً تحت التسجيل وبالتالي فإن المجموع الكلي سيصل إلى ما يزيد على 70 حزباً سياسياً، هذا يؤشر إلى حالة التشرذم والتجزئة في الشارع السياسي الأردني..

إن الواقع السياسي يدفع نحو التعددية والتنوع في الفلسفة السياسية ولا يدفع باتجاه الكثرة والتشرذم الحاصل، هذا ناتج عن تغير قانون الأحزاب الأردني الذي قلص عدد المؤسسين إلى (150) شخصاً وكان في السابق (500) شخص علماً بأن قانون رقم 32 لسنة 1992 حدد عدد المؤسسين بـ (50) شخصاً، وناتج أيضاً عن حالة التنازع بين النخب السياسية والاتجاه الشخصي والرفض بقبول الآخر، والابتعاد عن نهج عمل الفريق الواحد من خلال التقاء عدد من الشخصيات السياسية الهادفة لخدمة المصلحة الوطنية وتعزيز دور الأحزاب لأنه لا ديمقراطية دون تنظيم، ولا ملكية دستورية دون أحزاب سياسية، وناتج أيضاً عن حالة التشرذم والتقوقع الذاتي والانقسام في المكونات الاجتماعية والأبعاد الشخصية، ناهيك عن البعد الجهوي العائلي أو العشائري أو الجغرافي..

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا متى تكثر الأحزاب في مجتمع ما، الجواب على ذلك أنه تكثر الأحزاب السياسية في مجتمع ما عندما تزداد الاختلافات والتناقضات على أساس الطائفية، والعرقية، الجغرافية والديمغرافية، فعلى سبيل المثال يوجد الآن في العراق ما يزيد على 340 حزباً سياسياً اعترف رسمياً بـ 260 حزباً وفي لبنان أبان الحرب الأهلية وصل عدد الأحزاب والتنظيمات السياسية إلى 96 حزباً وتنظيماً سياسياً، وعليه فالتساؤل المشروع هو هل المجتمع الأردني (والمكونات الاجتماعية) متناقضة إلى هذا الحد الذي يزيد فيه عدد الأحزاب إلى ما يقارب 70 حزباً؟

ونعود هنا إلى القول المشهور الذي أطلقه المغفور له الملك الحسين "بأن الازدحام يعيق الحركة"، فالدعوة بضرورة الحوار الوطني والالتقاء بين النخب السياسية والتجمع لأن الشعارات واحدة، والمضامين واحدة، والبرامج واحدة وضعيفة والشعب الأردني واحد، آخذين بعين الاعتبار ضعف الانتساب للأحزاب السياسية في الأردن التي تصل إلى ما نسبته 1.5-2% فقط، وأن هناك عزوفاً هائلاً لدى المواطن الأردني في الانتساب إلى الأحزاب السياسية أو أن هناك ما يزيد على 60% من الشعب الأردني يرفضون الانضمام للأحزاب السياسية والعشيرة إذ القبيلة هي البديل، وعليه فإن نجاج الحياة الحزبية في الحالة الأردنية يتطلب توحيد الأحزاب المتشابهة في الرؤى والأفكار لإنتاج حزب قوي ومن دون ذلك سيبقى التشرذم والانقسام حاصلاً، وهذا لا يخدم حالة التحول الديمقراطي في الدولة، ويبقي حالة الضعف والتردّي في الحياة الحزبية الأردنية إلى أمدٍ طويل. أن التعددية مطلوبة لكن ليس بهذا الكم الهائل من الأحزاب المتقاربة فكرياً والمختلفة على الصعيد الشخصي للمؤسس أو المؤسسين، إن المصلحة الوطنية تتطلب التلاقي لا الاختلاف.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)