سيقرر الشعب الاسكتلندي في استفتاء يوم الجمعة القادم ان كان يريد البقاء ضمن المملكة المتحدة او الانسلاخ عنها .. وهو حدث سياسي واجتماعي مفصلي هام يصل مرتبة الزلزال و سيكون له على كل الاحوال سلسلة من الهزات الارتدادية التي لا يستهان بنتائجها.. اوروبا تتململ وثمة شعوبا تميل علنا نحو الانفصال عن دول وامبراطوريات يبدو انها قد استهلكت بهيئتها الحالية. بريطانيا التي غزت العالم اجمع عدا مناطق محدودة ومعزولة تبينها الخريطة باللون الابيض يدق بها حرس بداية انفراط العقد الاوروبي .. بلجيكا ستتبع حيث الفلامنكيين الاقرب للعرق واللسان الهولندي لا يخفون صعود نجم اغلبية منهم تطلب التخلص من عبئ الوالونيين الاقل ثراء والناطقين بالفرنسية وفي اسبانيا قطعت اشواط نحو انفصال كاتالاني تخطى طور المخاض ولفرنسا مشكلاتها المشتركة مع اسبانيا فيما يخص الباسك ومشكلات كامنة في كورسيكا جنوبا وبريتاني شمالا اما المانيا فتشعر بافاريا بالغبن نتيجة تحملها اعباء قطر المانيا الاشتراكية سابقا. باختصار ثمة مكونات لخلطات سياسية واقتصادية واجتماعية قادمة تنذر بخريف اوروبي طويل بعد الربيع العربي الذي تمخض في النهاية عن تقديم السلم الاهلي العربي اضحية هي حاليا في طور التوزيع على الجار الاوروبي والجائرين الاخرين على الحائرين من امة يعرب من الداخل والخارج . الغريب انه في الحالة العربية كما في الحالة البريطانية الاسكتلندية ثمة عامل مشترك هو النفط .. يبدو ان دوره لا يقتصر على تحريك المحركات وانما تعداه الى تحفيز الحركات .. الوضع البريطاني يشكل نموذجا على امكانية نجاح الديموقراطية والممارسات الديموقراطية بانتاج ربيع اقل مأساوية من ربيع العنف العربي.
الخريطة ومصدرها عليها تبين المناطق المحدودة من العالم باللون الابيض التي لم تتعرض عبر التاريخ للاجتياح البريطاني..
ا.د. نجيب ابو كركي / استاذ الجيوفيزياء وعلم الزلازل - الجامعة الاردنية.