TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
استقالة الخطيب
26/02/2014 - 6:00am

طلبة نيوز
فهد الخيطان

يبدو من استقالة السيدة مها الخطيب، رئيس مجلس مفوضي هيئة المناطق التنموية والحرة، أن الخلاف حول تسعير قطعة أرض رغب أحد المستثمرين في شرائها، لم يكن سوى "القشة التي قصمت ظهر البعير". ففي متن الاستقالة التي نشر موقع "المقر" الإخباري نصها أمس، صور عديدة لمعاناة الخطيب مع "السيستم". ولعل أبرز هذه الصور وأكثرها إيلاما، ما أشارت إليه من اعتداءات لمتنفذين على مصادر المياه والأراضي، وميل المسؤولين إلى استرضاء هؤلاء المعتدين على حساب القانون، وعدم إنصاف المستثمرين رغم شكاواهم المتكررة من الاعتداءات.
ما أوردته الخطيب بهذا الشأن ما هو إلا واحد من الشواهد على أننا لم نأخذ بعد على محمل الجد مسألة سيادة القانون على الجميع، واستعادة هيبة الدولة، كما تعهد المسؤولون أكثر من مرة.
لقد شهدنا في الآونة الأخيرة تحركا مبشرا لفرض سلطة القانون، تمثل في حملات على الاعتداءات على خطوط المياه، والسيارات المسروقة، والقبض على المطلوبين، ومهاجمة أوكار مروجي المخدرات وغيرها. لكن على الدوام، ظلت هذه الحملات قاصرة عن الوصول إلى المتنفذين الكبار. وتكفي الإشارة هنا إلى مشكلة الآبار الارتوازية المخالفة.
وبدرجة ثانية، تتوقف الخطيب عند تعقيدات البيروقراطية التي تحول دون تدعيم "الهيئة" بالكفاءات البشرية اللازمة للعمل، والأنظمة السارية التي "تربط" المسؤول وتجعله أسيرا للوضع القائم بكل ما فيه من تردٍ.
وفي الاستقالة عرض مستفيض لما دار من نقاش حول موضوع قطعة الأرض، وإصرار رئيس الوزراء العجيب على بيعها للمستثمر بسعر أقل من السعر المطلوب من "الهيئة". وفي غياب رد حكومي واضح على رواية الخطيب، تظل علامات السؤال مطروحة حول موقف الحكومة، وتعنت الرئيس الذي وصل حد منع أصحاب الرأي المخالف من الوزراء من طرح وجهة نظرهم.
أما فيما يتعلق بالكلام المنسوب لوزير الشؤون السياسية والبرلمانية خالد الكلالدة، فقد تبين من نص الاستقالة أن السيدة الخطيب هي التي قامت بتسريب حديث الكلالدة لوسائل الإعلام بعد جلسة مجلس الوزراء أول من أمس، بدليل الفقرة التي أفردتها لهذا الموضوع في رسالة الاستقالة.
السيدة مها الخطيب كانت وزيرة لأكثر من مرة، وتعلم من تجربتها أن الوزراء يتحدثون بحرية كاملة، أو هكذا يفترض، في جلسات المجلس، باعتبارها جلسات سرية لا يجوز تسريب محاضرها لوسائل الإعلام، ولا يمكن أخذها كبيّنة ضد الوزير أو لصالحه، إلا إذا كان الموضوع محل نزاع قضائي، وطلب القضاء محاضر الجلسات. ولذلك، لم يكن مناسبا أبدا التطرق لهذه الجزئية، خاصة وأنه لا علاقة لها بموضوع الخلاف الرئيسي الذي دفع بالخطيب إلى الاستقالة.
في كل الأحوال، ما أقدمت عليه الخطيب هو خطوة شجاعة. لكن الأهم من ذلك أنها سلطت الضوء على خلل بنيوي في مرفق استثماري مهم، ودقت جرس الإنذار محذرة من سلوك في الإدارة قد يعيدنا إلى "الأيام الخوالي" التي يعرف رئيس الورزاء وغيره مقدار الضرر الذي ألحقته بسمعة الدولة ومؤسساتها.
يقول بعض المتتبعين للقضية إن مها الخطيب تبحث عن الشعبية، ولهذا اختارت الاستقالة ونشرتها لمزيد من الإثارة. وإذا كان هذا التقدير صحيحا، وأنا أشك فيه تماما، فلماذا منحتموها إذن الفرصة لذلك؟.

fahed_khitan@

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)