TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
استراتيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــجيات
04/03/2014 - 4:00am

طلبة نيوز-د.محمد عيسى الشريفين

"المدربون: رئاسة الوزراء، وزارة التعليم العالي، لجنة التربية في مجلس النواب، لجنة التربية في مجلس الأعيان، مجالس الأمناء........المخرجات: استراتيجية،استراتيجيات، استراتيجية الاستراتيجيات، أم الاستراتيجيات؟؟؟؟؟"
يبدو أن مشهد التعليم العالي بلدنا الحبيب بات مربَـــــكا مربِـــكا، وهذه نتيجة حتمية لعاملين: أولهما :كثرة المدربين. وثانيهما: خلو أذهان المدربين من تصور حقيقي لواقع التعليم العالي، وليست المشكلة هنا إنما المشكلة بأن توصف هذه اللجلجة الفكرية بأنها استراتيجة ثم تجمع باستراتيجيات، ثم استراتيجية الاستراتيجيات، وها نحن ننتظر أم الاستراتيجيات قياسا على أم معاركنا.
أريد في هذه المقالة أن اذكر بعض الملاحظات على استخدام مصطلح استراتيجية في ميدان التعليم العالي، ولست هنا في مقام الناقد لذات النقد، ولا مستمطرا لجود أحد، إنما كأي غيور على وطنه يرى خللا فيشير إليه؛ آملا أن يسمعه من هو مثله من أصحاب القرار؛ فيكون سبيلا لتغيير أو تلافيا لخلل، وملاحظاتي هي:
أولا: مصطلح استراتيجية .
"أصل الكلمة اغريقي Strategos وتعني فن إدارة وقيادة الحرب.ثم استخدمت بمعنى : أصول القيادة التي لا اعوجاج فيها، فهي تخطيط عال المستوى، تعكس الخطط المحددة مُسبقاً لتحقيق هدف معين على المدى البعيد في ضوء الإمكانيات المتاحة، أو التي يمكن الحصول عليها"منقول بتصرف ويكيبيديا.
ثانياً: تأسيساً على ما ورد في تعريف الاستراتيجية يمكن لنا أن نتعرف على شروط الاستراتيجية ، وهي:
1- قيادة لا اعوجاج فيها، مما يعني أنها تصنع من مهنيين يصنفون على أنهم من درجة ممتازة، لا مكان "للمرضوات" ولا للمحاصصة.
2- درجة التخطيط عال المستوى، ويحتاج هذا النوع من التخطيط إلى تفرغ لأن غير المتفرغ ولو كان من درجة ممتازة لا يمكن أن ينتج تخطيط عال المستوى.
3- خطط محددة مُسبقاً، لا مكان للارتجال ولا للفزعات ولا لردود الأفعال.
4- أهداف، وهذه الأهداف تحدد بعناية، وتشتق من هوية الأمة ومرجعيتها، ومصالح الوطن العليا. والمدى الزمني لتحقيق هذه الأهداف ليس آنيا، بل بعيد المدى بمعنى: أن طبيعة هذه الأهداف تحتاج إلى فترات زمنية طويلة لتحقيقها، وهكذا الأهداف السامية المتعلقة بالهوية والمرجعية ومصالح الوطن العليا.
5- السبيل لتحقيق الأهداف السامية، الإمكانات المتاحة، والتي يمكن الحصول عليها، وهي الإمكانات البشرية والمادية .
ثالثا: بناء على ما سبق فإنه لا يمكن لنا أن نصف الجهود الحكومية -مع تقديرنا لها- بأنها استراتيجية ولا استراتيجيات ولا استراتيجية الاستراتيجيات، ولا ننصح أحدا بأن يؤمل بميلاد أم الاستراتيجيات، بل هي جهود متواضعة تثير الشفقة في نفس متابعها.
رابعا:هل تستطيع الحكومة أن تغير المسار في تعاطيها مع معضلة التعليم العالي؟ وكيف يكون ذلك؟
الجواب: نعم تستطيع ذلك. أما الكيفية فأرى أن تكون من خلال تقليل عدد المدربين في ميدان صناعة القرار ما أمكن؛ وذلك لتوفير الإمكانات لإيجاد فريق محترف يوجد لنا استراتيجيات حقيقية، للنهوض بالتعليم العالي.
إن النهوض بالتعليم العالي واجب وطني يحتاج من الجميع الدعم والمؤازرة، والعبء في ذلك لا يقع على عاتق الحكومة فحسب.
إن الأوصاف التي نسمعها من هنا وهناك بحق التعليم العالي في بلدنا الحبيب –في غرفة الإنعاش..في الرمق الأخير...- لا يمكن أن تسهم في حل مشكلة التعليم العالي، فضلا على أن مطلقيها كانت لهم سهمتهم في خلق هذه المشاكل المزمنة.
إن على كل غيور على الوطن من أصحاب لقب دولة، وأصحاب المعالي والسعادة والعطوفة وشيوخ العشائر، وأصحاب الألقاب العلمية حراس القيم، أن تكون لهؤلاء جميعا سهمتهم في حل معضلة التعليم العالي، فإن لم يستطيعوا فبكف شرورهم عن هذا الميدان.
يقول شاعر النيل:
إِنَّ الرِجالَ إِذا ما أُلجِئوا لَجَؤوا إِلى التَعاوُنِ فيما جَلَّ أَو حَزَبا
لا رَيبَ أَنَّ خُطا الآمالِ واسِعَةٌ وَأَنَّ لَيلَ سُراها صُبحُهُ اقتَرَبا
قَد فَتَّحَ اللهُ أَبوابًا لَعَلَّ لَنا وَراءَها فُسَحَ الآمالِ وَالرُحُبا
لَولا يَدُ اللهِ لَم نَدفَع مَناكِبَها وَلَم نُعالِج عَلى مِصراعِها الأَرَبا
لا تَعدَمُ الهِمَّةُ الكُبرى جَوائِزَها سِيَّانِ مَن غَلَبَ الأَيَّامَ أَو غُلِبا
وَكُلُّ سَعيٍ سَيَجزي اللهُ ساعِيَهُ هَيهاتَ يَذهَبُ سَعيَ المُحسِنينَ هَبا

د.محمد عيسى الشريفين oneyseh@yahoo.com

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)