طلبة نيوز عن ـ ‘القدس العربي’ الإتجاه الذي برز في الساعات القليلة الماضية لترتيب مغادرة الحكومة الأردنية والبرلمان لمنطقة الحرج التي أنتجتها إسرائيل سينتهي على الأرجح بتداعيات واستحقاقات لا يمكن إسقاطها من الحسابات السياسية خصوصا وأن الرأي العام يبدو مصرا على ‘إجراءات’ مقنعة ضد الإسرائيليين بعد عملية القتل بدم بارد التي انتهت باستشهاد القاضي الدكتور رائد زعيتر.
رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة ومعه رئيس الوزراء عبدلله النسور وبينهما وزير البرلمان خالد كلالدة يسابقون الزمن لاحتواء جلسة ‘عاصفة’ مقررة اليوم الثلاثاء وكان يفترض أن تشهد طرحا للثقة بالحكومة على خلفية القصور في الإجراءات المتعلقة بملف الشهيد زعيتر.
الأجواء عموما في البلاد مشحونة والعديد من النواب لوحوا بإسقاط الحكومة إذا لم تتعامل مع ستة شروط وضعها مجلس النواب الأسبوع الماضي على أساس النقاش لطرح الثقة عن الحكومة في جلسة اليوم الثلاثاء.
في الإطار إنتقد النسور مزاودات مجلس النواب وعبر عن قناعته أن طرح الثقة بحكومته ينبغي أن يناقش على ملفات أخرى وليس على قاعدة طرد السفير الإسرائيلي رافضا تقريبا الإلتزام بأي من الشروط الستة التي وضعها النواب.
هذا الرفض دفع العلاقة بين السلطتين إلى التوتر وإنشغلت دوائر القرار ثلاثة أيام في البحث عن وسيلة للإفلات من المعركة البرلمانية المتوقعة اليوم الثلاثاء وتم التوافق على سيناريو لمغادرة المأزق يقول الخبير البرلماني وليد حسني أنه سيبدأ بتقديم بيان حكومي حول قضية زعيتر ومستجداتها وتجنب طرح الثقة بالحكومة.
المساعدات التي حظيت بها حكومة النسور بالسياق تظهر أن الفرصة غير متاحة لإسقاطها تحت ضغط شعبي حتى لو كان الأمر متعلقا بإسرائيل كما تظهر أن البديل غير متاح وقد يكون صعبا وفقا لاستنتاج يوافق عليه النائب محمد حجوج.
لكن عملية التنقيب في الخيارات البرلمانية انتهت بابتكار تقدم به بجرأة المهندس الطراونة عندما قرر عقد جلسة مشتركة لمجلس الأعيان تناقش تشريعات عالقة بين المؤسستين وهو خيار لم يكن من الممكن أن يدعمه الطراونة ‘لتنفيس′ جلسة الثلاثاء دون ضوء أخضر وإسناد من مؤسسات مرجعية في الواقع السياسي.
وفقا لتعبير الكاتب السياسي في صحيفة ‘الغد’ محمد أبو رمان السيناريوهات المقترحة تضع مجلس النواب على الشجرة وليس الحكومة فإلى حد كبير تم التعامل مع جلسة الثلاثاء المرتقبة شعبيا باعتبارها مشكلة برلمانية وليست حكومية والمطلوب من أركان النواب التصرف فيها.
من هنا تحديدا قفز سيناريو الجلسة المشتركة مع الأعيان لتفويت الفرصة على أولا طرح الثقة بالحكومة مجددا، وثانيا إتخاذ إجراءات حقيقية وجادة ضد الإسرائيليين.
عمليا سيضطر مجلس النواب لقبول ‘تهدئة’ على هذا الأساس سرعان ما ستلتهم ما تبقى من هيبته بعد أن استأنف كثيرون في الحراك الدعوات لإسقاطه أيضا مع الحكومة وهو أمر يعمل بعض خصوم النسور على استثماره في حملة معاكسة من وراء ستارة خوفا من الصدام مع جهات فوق حكومية في الدولة وليس مع الحكومة نفسها.
السيناريو المقترح وفقا لآراء المحللين لن ينتهي بوقف كامل الجدل حول ملف الشهيد زعيتر لكنه سيعفي الحكومة من مواجهة طرح الثقة بها ويعفي إسرائيل من خطوات تصعيدية يطالب بها الشارع.
يدلل ذلك على أن البوصلة الأردنية تختار الإتجاه لأداء دبلوماسي على مستوى علاقات الدول بعيدا عن ضجيج الشارع ولا تريد أن تتورط بإجراءات تصعيدية في وقت عبور خطة جون كيري ومرور الرئيس باراك أوباما في المنطقة.
عمليا أظهر بعض الأساسيين في البرلمان أنهم ‘ليسوا راضين’ عن هذه التخريجة التي تعفي المؤسسات من مواقف متشددة ضد إسرائيل وتضحي في التوقيت نفسه بسمعة ومصداقية وهيبة مؤسسة البرلمان.
تم التعبير عن ذلك على أكثر من صعيد فالنائب أمجد المجالي وجه رسالة عنيفة لرئيس الحكومة تتهمه مباشرة بالسعي للمساس بهيبة نواب الأمة والنائب عبد الكريم الدغمي صرح بأنه يحتفظ بموقفه بخصوص طرح الثقة بالحكومة ونقلت عنه تسريبات أنه يفكر في الإستقالة من مجلس النواب.
كتل البرلمان انشغلت بتدارس سيناريو جلسة اليوم التي يراد لها أن لا تكون عاصفة ولم تنتج أي مواقف جوهرية في السياق مما يؤشر على توسع مساحات’الحيرة’ ودراسة الكلف في مواقف المجلس والنواب فرديا من مجمل السيناريو الإحتوائي.