TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
احتمالية نشوب سباق للتسلح غير التقليدي في الشرق الأوسط.. "وارد"
03/04/2020 - 6:00pm

طلبة نيوز - عبد الله العزام

شهد الشرق الأوسط في العقود الماضية العديد من النزعات العسكرية منها الحروب بين الكيان الصهيوني والعرب والحرب الإيرانية العراقية 1980- 1988 وحرب الخليج 1991 وحرب العراق 2003 ولعل هذه المواجهات العسكرية الكبرى وغيرها من المواجهات الصغيرة أحد أسباب انعدام الأمن المتأصل وعدم الاستقرار السياسي في منطقة الشرق الأوسط في الوقت الراهن.

و بالنظر اليوم إلى حالة الصراع والعنف وعدم الثقة في المنطقة انخرطت القوى الكبرى في الشرق الأوسط في سباقات تسلح غير تقليدية وتخزين أسلحة الدمار الشامل بحسب تقارير مراكز الأبحاث الإستراتيجية سيما وأن الحكومات العربية وإيران تنظر إلى الترسانة النووية اليهودية على أنها تهديد أساسي لأمن المنطقة وعامل رئيسي في عدم استقرارها.

ولعل تآكل المعايير الدولية ضد برامج الأسلحة الكيميائية جعل العديد من الجهات الفاعلة في الشرق الأوسط التوجه نحو العمل على تطوير الأسلحة الكيميائية، فالمنطقة الممتدة من ليبيا في الغرب إلى جمهورية إيران في الشرق ومن سوريا في الشمال إلى اليمن السعيد في الجنوب تعتبر المجال الأساسي في منطقة الشرق الأوسط.

الترسانة النووية اليهودية التي تعمل خارج النظام الدولي ورفض الكيان الصهيوني الالتزام بمعاهدة عدم الانتشار أو إخضاع منشآته للوكالة الدولية للطاقة الذرية يشكل عائقا أمام السلام الدولي، وبرغم سياسة الغموض النووية اليهودية والتي تعتبر الأكثر إثارة للجدل إلا أن المعلومات المتاحة وكما نشرتها مراكز الأبحاث الدولية تقدر امتلاك الترسانة النووية اليهودية ما يقارب 100 - 200 رأس حربي مع استمرارية معالجة البلوتونيوم وامتلاك 5 غواصات صنع ألماني فئة دولفين تحمل صواريخ كروز ذات رؤوس نووية وتستند تلك الغواصات على صاروخ غابرييل المضاد للسفن وتنتشر هذه الأسلحة بين ثالوث القوات البرية والبحرية والجوية، كما أن الكيان الصهيوني يعمل على تطوير الأسلحة البيولوجية لأغراض هجومية في المراكز البحثية والمنشآت المخصصة لهذه الغاية في تل أبيب!

من جهة أخرى وبحسب بيانات منشورة فإن الجمهورية العربية السورية في الشمال التي أصبحت عضواً في اتفاقية الأسلحة الكيميائية عام 2013 تمتلك العديد من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية وخصوصاً تلك التي تم تهريبها من العراق إلى سوريا عام 2003 إذ تحتوي ترسانة الأسلحة الكيميائية في سوريا على مجموعة كبيرة من الرؤوس الحربية ووسائل التوصيل وغاز الكلور وعامل الأعصاب السارين و تعمل باستمرار على تطوير إنتاجها وصيانة قدرات الأسلحة الكيميائية التشغيلية لديها وخصوصاً في مناطق مصياف ودمر وبرزة والتي تعد من المواقع الرئيسية لتخزين الكلور والسارين، علاوة على ذلك فإن الجمهورية العربية السورية على تماس مباشر مع جمهورية روسيا الاتحادية التي تمتلك أكبر ترسانة للاسلحة النووية التكتيكية واستراتيجيات كبرى في تطوير الأسلحة وخصوصاً نظام الصواريخ البالستية الجديد العابر للقارات "سارمات" والمصمم تحديداً لاختراق أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكي؛ إضافة إلى امتلاكها صاروخ كروز طويل المدى الَذي يعمل بالطاقة الذرية ومركبة بوسيدون العابرة للمحيطات والتي تعمل بالطاقة النووية أيضاً والاسلحة الكيميائية نوفيتشوك كما أن موسكو لم تنتهي بعد من برنامج الأسلحة البيولوجية BWC، وفي ظل التقارب السياسي بين دمشق و موسكو فمن المبرر استفادة الجمهورية السورية من الإمكانيات الروسية في تعزيز قدرتها العسكرية و الدفاعية.

من ناحية أخرى تعارض جمهورية إيران في الشرق الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط وتظهر إيران قوتها العسكرية من خلال القوات النظامية والحرس الثوري الإسلامي وتعمل القوتين لغايتان رئيسيتان الأولى المحافظة على بقاء النظام والثانية تأمين مركز مهيمن في الشرق الأوسط، وتستخدم إيران الحرب غير التقليدية من خلال شركائها ووكلائها في الخارج لتعزيز نفوذها الإقليمي واستراتيجيتها الرادعة وتشكل قوة القدس التابعة للحرس الثوري أداة إيران الرئيسية للعمليات غير التقليدية من خلال شبكة واسعة من الوكلاء في الخارج وتقدم لهم الدعم السياسي والمالي والتدريبي والشبكة هي حزب الله والجماعة الشيعية في العراق والحوثية في اليمن وبعض الجماعات الفلسطينية وحركة طالبان وجماعة الشيعة في مملكة البحرين.

وفي عام 2019 بلغت ميزانية الدفاع الرسمية لإيران بحسب بيانات منشورة 20,7 مليار دولار أي 3,8 من الناتج الإجمالي وتعمل إيران على زيادة تخصيب اليورانيوم واستئناف تخصيب اليورانيوم في محطة "فوردو النووية" تحت الأرض كما أن إيران تعمل على تطوير العوامل الصيدلانية "كارفانتانيل" لأغراض هجومية ولم تتخل أيضا عن البحث والتطوير للعامل البيولوجية والسموم لأغراض هجومية.

وفي مجال الأمن السيبراني تنظر طهران إلى عمليات الفضاء الإلكتروني على أنها طريقة آمنة لجمع المعلومات والانتقام من التهديدات المتصورة ما يعني أن طهران تعمل على تطوير الأبعاد التقنية للأنشطة الكيميائية والبيولوجية والنووية؛ وعلاوة على ذلك وبحسب البيانات تمتلك إيران اكبر قوة صاروخية في الشرق الأوسط CRBMS والصواريخ البالستية SRBMS قصيرة المدى والتي يمكن أن تضرب اهدافا في جميع أنحاء المنطقة على بعد 2000 كيلو متر من حدود إيران وتعمل إيران على تطوير صواريخ كروز LACMS والتي تشكل ملفا فريداً للتهديد والهجوم البري ويمكن أن تطير على ارتفاعات منخفضة وتهاجم هدفا من اتجاهات متعددة كما تسعى إيران إلى تطوير قدراتها التقنية التي تمكنها من إنتاج صواريخ بالستية عابرة للقارات.

أما عن سباق التسلح في المنطقة الخليجية قال المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في تقريره السنوي عام 2019 أن الإنفاق العسكري أولوية لدى دول المنطقة الخليجية، وذكر التقرير أن المملكة العربية السعودية تصدرت معدلات الإنفاق الخليجي على التسلح إذ خصصت 10.1% من إجمالي الناتج المحلي خلال عام 2019 بقيمة تقدر بحوالي 78.4 مليار دولار وتبعتها سلطة عمان لتحل في المركز الثاني من حيث نفقات الدفاع الخليجية وبلغت ميزانيتها من إجمالي الناتج المحلي 13% عام 2019، فيما حلت الإمارات ثالثاً إذ بلغ انفاقها العسكري 20.3 مليار دولار خلال عام 2019، فيما ذكرت تقارير أخرى أن دولة قطر ضاعفت من انفاقها العسكري وأبرمت صفقات تسلح بالمليارات عام 2019.

وفي عام 2020 رفض مجلس الدولة البلجيكي أعلى هيئة قضائية ادارية بحسب الصحافة البلجيكية قرار إرسال صادرات أسلحة بلجيكية إلى السعودية وقالت في بيان صدر عنها أنها تتعارض مع القانون الإنساني الدولي.

وشهد عام 2019 تسابق وزيادة في ميزانيات الدفاع في دول الشرق الأوسط و أوضاع أمنية غير مستقرة خصوصا الأوضاع في ليبيا واليمن وسوريا، ما يعني أن احتمالية نشوب سلاح للتسلح غير التقليدي في الشرق الأوسط وارد في ظل عدم الاستقرار وتآكل المعايير الدولية ضد برامج الأسلحة.

*عبد الله العزام - طالب في برنامج دكتوراة العلوم السياسية - كلية الدراسات الدولية / الجامعة الأردنية.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)