TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
إلى الدكتورة فاطمه القطاونه بمناسبة التخرج
20/08/2014 - 12:30am

طلبة نيوز-

إلى الدكتورة فاطمه القطاونه بمناسبة التخرج

بنيتي فاطمه!-
يذكر الكاتب الروسي الشهير الحائز على جائزة نوبل "ميخائيل شولخوف" ألذي كان مراسلا في الجبهة أن مجموعة من جنود روس، من وحدات مختلفة، وقعوا في أسر قوات هتلر وتم حبسهم مؤقتا في كنيسة مهدمة السقف وأرضية مبلولة في جو روسي ليلي مُعتم جليدي.
بعضهم كان مصاب بجروح بليغة، وفيهم الذي على لسانه جاءت الرواية، كان يعاني من خلع في الكتف وجروح بسيطة، فيقول: وفي جو الأسر والآلام وشكوى المثخنين جراحاً وإذا بطبيب أسير يقوم بعسي وإعادة عظم كتفي إلى مكانه فيبدأ ألمي بالتناقص في جو من الشعور بالامتنان لهذا الطبيب ألأسير، شكرته في حرارة وانصرف في الظلام وأنا أسمعه يهمس:"أما من جرحى هنا؟"...ويقول هذا الأسير ألجريح :هل تتصور ماذا يعني طبيب حقيقي في الأسر، في الليل الأسود يتابع مهنته ألجميلة؟ّ!.
هذه إشارة لما كنت قد أسلفتُ في الأيام الخوالي حينما كنت يا فاطمة تتخيرين بين الطب والتخصصات ألأخرى، وكنت أنا منحازا للطب كون صاحبه لا يفقد تخصصه في كل الظروف، في الليل وهو نائم، في الطريق أثناء سفره، في المطبخ وهو يأكل طعامه، وفي بيت الأدب حيث يقضي حاجته، بينما التخصصات الأخرى ريثما يكون الإنسان على رأس عمله فهو يُمارس مهنته، وحينما يُغادر عمله ينسى العلاقة مع تخصصه بعكس الطبيب.
الموضوعة الإنسانية الأخرى، والأهم في نظري أن كل الناس يحتاجون للطبيب من قمة الهرم وحتى حضيض القاعدة، مهنة ألطب على رأس المهن التي تشتد الحاجة لها كلما ساءت ظروف الناس واحلولكت أيام البشر، مما يجعل الطبيب شمعة تبدد الظلام وبدرا ونورا يُفتقد في ليالي العتمة، وفي هذا ثمة أنانية بسيطة ومهمة جداً، أن ألطبيب أكثر فرصا بالعمل من غيره وخصوصا في الوطن المُصاب بالقحط والفساد والمحسوبية، وحتى يجد الإنسان وظيفة لا بد من الاستجداء وأحياناً ألاستخذاء بأبواب أللئام، وسؤال اللئيم صعيب للغاية يا فاطمه لا أقدر عليه حتى لفلذة كبدي.
يا فاطمه، ويا من أظنك تربيتي على القناعة والتقوى، اعلمي أن الناس أسرار وعورات وأكثر البشر إطلاعا عليها هم الأطباء، فاتقي الله في كل خطوك وتواضعي لله وفي الله واحتسبي في سبيل الله، تكوني صدقة جارية في عنواني وعنوان والدتك، وكوني نطاسية بارعة في مهنة ألطب، فالنساء أكثر صراحة في عرض الشكوى والتاريخ المرضي على ألطبيبة ألأنثى من الذكر فكيف إذا توفرت ألطبيبة ألأنثى وتفوقت؟!، سنة الله في خلقه، ولهذا حزت على الأولوية عندي في دراسة الطب في منافسة أخويك، فكوني بقدر الحمل الإلهي والواجب الإنساني المُلقى على عاتقك.
المريض، وأي مريض، حالة بدرجات مختلفة من حالة أيوب عليه ألسلام إذ يدعو ألله :"ربي إني مسني ألضُر وأنت أرحم ألراحمين" فكوني على تواصل دائم مع ألله يهب مرضاك الشفاء على يديك، وأن من أحيا نفسا فكأنما أحيا ألناس جميعا، فتخيلي حجم الأجر ، وتخيلي كم هي محترمة روح الإنسان - أي إنسان وليس فقط العربي والمسلم ففي كل كبد رطبة أجر كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام، وكم هي الحاجة للطبيب يداوي جراح أهل غزة ولو كنت طبيبا لما قعدت عن اللحاق بمضمدي جراحهم، هل تتصوري ماذا يعني طبيب حقيقي في غزة على خط النار؟. تصوري يا رعاك ألله!، وقبل أن يفوتني، فلسوف أذكر أن البسطاء من أهلك وأبناء وطنك يسمون الطبيب حكيما والعلاج حكمة، فالطبيب قبل كل شيء هو حكيم وابعد ما يكون عن التجارة وحساب ألربح والخسارة. 
دعوة والد عسى أن تكون مُستجابة. - والدك.

التعليقات

احمد صالح الصرايرة (.) الاربعاء, 08/20/2014 - 14:08

كلمات ثمينة جدا مشكور ابو عمر ماقصرت

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)